أقبلْنا مُهلّين مع رسولِ اللهِ صلَّى الله ُعليه وسلَّمَ بحجٍّ مفردٍ . وأقبلت عائشةُ رضي اللهُ عنها بعمرةٍ . حتى إذا كنا بسَرِفٍ عَرَكتْ . حتى إذا قدمنا طفنا بالكعبةِ والصفا والمروة ِ. فأمرنا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أن يحلَّ منا من لم يكن معه هديٌ . قال فقلنا : حلَّ ماذا ؟ قال الحِلُّ كلُّه فواقعنا النساءَ . وتطيَّبْنا بالطِّيبِ . ولبسنا ثيابَنا . وليس بيننا وبين عرفةَ إلا أربعُ ليالٍ . ثم أهلَلنا يومَ الترويةِ ثم دخل رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ على عائشةَ رضي اللهُ عنها . فوجدها تبكي . فقال ما شأنُكِ ؟ قالت : شأني قد حِضتُ . وقد حلَّ الناسُ . ولم أحللْ . ولم أطفْ بالبيتِ . والناس يذهبون إلى الحجِّ الآن . فقال إنَّ هذا أمرٌ كتبه اللهُ على بناتِ آدمَ . فاغتسِلي ثم أَهلِّي بالحجِّ ففعلتْ ووقفت المواقفَ . حتى إذا طهرتْ طافت بالكعبة ِوالصفا والمروةِ . ثم قال : قد حللتِ من حجِّكِ وعمرتِك جميعًا فقالت : يا رسولَ اللهِ ! إني أجدُ في نفسي أني لم أَطُفْ بالبيتِ حتى حججتُ . قال : فاذهب بها يا عبدَالرحمنِ ! فأَعمِرْها من التَّنعيمِ وذلك ليلةَ الحصبةِ . وفي رواية : دخل النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ على عائشةَ رضي اللهُ عنها . وهي تبكي . فذكر بمثل حديث الليث إلى آخره . ولم يذكر ما قبل هذا من حديث الليث .
شرح الحديث
في هذا الحديثِ يَحكي جَابِرُ بنُ عبدِ الله رَضِيَ الله عنهما أنَّهم، أي: أغلبَهُم- أقْبلوا مُهِلِّينَ، مع النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بِحَجٍّ مُفْرَدٍ، وأقبلتْ عَائِشَةُ مُهِلَّةً بِعُمْرَةٍ وذلك باعتبارِ آخِرِ أمرِها؛ حتَّى إذا كانوا "بِسَرِفَ" وهو اسمُ بُقْعَةٍ على عشرةِ أمْيَالٍ أي ما يُقارِبُ كيلومترًا من مَكَّةَ، "عَرَكَتْ" أي: حاضَتْ عَائِشَةُ حتَّى إذا قَدِموا، طافوا بالكَعْبَةِ، وبالصَّفا والمَرْوَةِ أي: سَعَوْا بينهما؛ فأمَرَهم رَسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، أنْ يَحِلَّ منهم مَنْ لمْ يَكُنْ معه هَدْيٌ، قال: فقالوا: حِلُّ ماذا؟ أي: أيُّ نَوْعٍ منَ الحِلِّ؟ فأجابَهُم صلَّى اللهُ عليه وسلَّم الحِلُّ كُلُّهُ أي: إنَّ كُلَّ الأشياءِ الَّتي مُنِعَتْ بِسببِ الإحرامِ تَحِلُّ؛ فوَاقعُوا النِّساءَ أي: جامعُوهُمْ؛ وتَطَيَّبوا بالطِّيبِ، ولَبِسُوا الثِّيابَ أي: المَمْنُوعَ لُبْسُها في الإحرامِ؛ ولَيسَ بينهم وبين الوقوفِ بِعَرَفَةَ، إلَّا أربعُ ليالٍ؛ ثُمَّ أهَلُّوا يومَ التَّرْوِيَةِ: أي أحرَمُوا بالحَجِّ يومَ التَّرْوِيَةِ، وهو اليومُ الثَّامِنُ من ذِي الحِجَّةِ، وسُمِّيَ بذلك؛ لأنَّ الماءَ كان قَليلًا بِمِنًى، فكانوا يَرْتَوونَ منَ الماءِ ويَحْمِلونَه لِمَا بعد ذلك؛ ثُمَّ دَخَلَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على عَائِشَةَ رَضِيَ الله عنها فوجَدَها تَبْكي، فسالها: ما شأنُكِ؟ فأجابَتْ: شَأْني أنِّي قَدْ حِضْتُ، وقدْ حَلَّ النَّاسُ: أي من إحرامِهِمْ بِالحَجِّ بِعملِ العُمْرَةِ؛ ولَمْ أحْلِلْ ولَمْ أطُفْ بالبَيتِ وذلك لأنَّها حائِضٌ؛ والنَّاسُ يذهَبونَ إلى الحَجِّ الآن، فقال صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إنَّ هذا أي: الحَيْضَ أمرٌ، كتَبَهُ الله أي: قَدَّرَهُ على بَناتِ آدَمَ؛ فاغْتَسِلي، ثُمَّ أهِلِّي بالحَجِّ ففعلَتْ، ووقَفتِ المَواقِفَ أي: وقَفتْ عَرَفَةَ، وَمُزْدَلِفَةَ، وَمِنًى؛ حتَّى إذا طَهُرَتْ من حَيْضِها؛ طافَتْ بالكَعْبَةِ، وسَعَتْ بينَ الصَّفَا والمَرْوَةِ؛ وأخْبَرَها صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّها قدْ حَلَّتْ من حَجَّتِها وعُمْرَتِها جمِيعًا؛ فقالتْ عَائِشَةُ لِلنَّبِيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: إنِّي أجِدُ في نَفْسي أنِّي لَمْ أطُفْ بالبَيْتِ حتَّى حَجَجْتُ أي: حتَّى انتهيْتُ منَ الحَجِّ؛ فأمرَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عبدَ الرَّحمنِ أخَاها أنْ يَذهبَ بها لِتُحرمَ بِعُمْرَةٍ تَطْييبًا لقَلبِها وذلك ليلةَ الحَصْبَةِ أي: لَيلةَ المَبيتِ بِالمُحَصَّبِ بعدَ النَّفْرِ من مِنًى.
في الحَديثِ: أنَّ المُعتمِرَ إنْ كان مَكِّيًّا أو خارِجَ مَكَّةَ وداخِلَ المِيقاتِ فَمِيقاتُهُ الحِلُّ، وإنْ كان خارِجَ المِيقاتِ فَمِيقَاتُهُ مِيقاتُ حَجِّهِ.
وفيه: فَسْخُ الحَجِّ إلى العُمْرَةِ.
وفِيه: أنَّ الطَّوافَ الواحِدَ والسَّعْيَ الواحِدَ يُجْزِئانِ القارِنَ عن حَجِّهِ وعُمْرَتِه.
صحيح مسلم
أقبلْنا مُهلّين مع رسولِ اللهِ صلَّى الله ُعليه وسلَّمَ بحجٍّ مفردٍ . وأقبلت عائشةُ رضي اللهُ عنها بعمرةٍ . حتى إذا كنا بسَرِفٍ عَرَكتْ . حتى إذا قدمنا طفنا بالكعبةِ والصفا والمروة ِ. فأمرنا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أن يحلَّ منا من لم يكن معه هديٌ . قال فقلنا : حلَّ ماذا ؟ قال الحِلُّ كلُّه فواقعنا النساءَ . وتطيَّبْنا بالطِّيبِ . ولبسنا ثيابَنا . وليس بيننا وبين عرفةَ إلا أربعُ ليالٍ . ثم أهلَلنا يومَ الترويةِ ثم دخل رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ على عائشةَ رضي اللهُ عنها . فوجدها تبكي . فقال ما شأنُكِ ؟ قالت : شأني قد حِضتُ . وقد حلَّ الناسُ . ولم أحللْ . ولم أطفْ بالبيتِ . والناس يذهبون إلى الحجِّ الآن . فقال إنَّ هذا أمرٌ كتبه اللهُ على بناتِ آدمَ . فاغتسِلي ثم أَهلِّي بالحجِّ ففعلتْ ووقفت المواقفَ . حتى إذا طهرتْ طافت بالكعبة ِوالصفا والمروةِ . ثم قال : قد حللتِ من حجِّكِ وعمرتِك جميعًا فقالت : يا رسولَ اللهِ ! إني أجدُ في نفسي أني لم أَطُفْ بالبيتِ حتى حججتُ . قال : فاذهب بها يا عبدَالرحمنِ ! فأَعمِرْها من التَّنعيمِ وذلك ليلةَ الحصبةِ . وفي رواية : دخل النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ على عائشةَ رضي اللهُ عنها . وهي تبكي . فذكر بمثل حديث الليث إلى آخره . ولم يذكر ما قبل هذا من حديث الليث .
شرح الحديث
في هذا الحديثِ يَحكي جَابِرُ بنُ عبدِ الله رَضِيَ الله عنهما أنَّهم، أي: أغلبَهُم- أقْبلوا مُهِلِّينَ، مع النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بِحَجٍّ مُفْرَدٍ، وأقبلتْ عَائِشَةُ مُهِلَّةً بِعُمْرَةٍ وذلك باعتبارِ آخِرِ أمرِها؛ حتَّى إذا كانوا "بِسَرِفَ" وهو اسمُ بُقْعَةٍ على عشرةِ أمْيَالٍ أي ما يُقارِبُ كيلومترًا من مَكَّةَ، "عَرَكَتْ" أي: حاضَتْ عَائِشَةُ حتَّى إذا قَدِموا، طافوا بالكَعْبَةِ، وبالصَّفا والمَرْوَةِ أي: سَعَوْا بينهما؛ فأمَرَهم رَسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، أنْ يَحِلَّ منهم مَنْ لمْ يَكُنْ معه هَدْيٌ، قال: فقالوا: حِلُّ ماذا؟ أي: أيُّ نَوْعٍ منَ الحِلِّ؟ فأجابَهُم صلَّى اللهُ عليه وسلَّم الحِلُّ كُلُّهُ أي: إنَّ كُلَّ الأشياءِ الَّتي مُنِعَتْ بِسببِ الإحرامِ تَحِلُّ؛ فوَاقعُوا النِّساءَ أي: جامعُوهُمْ؛ وتَطَيَّبوا بالطِّيبِ، ولَبِسُوا الثِّيابَ أي: المَمْنُوعَ لُبْسُها في الإحرامِ؛ ولَيسَ بينهم وبين الوقوفِ بِعَرَفَةَ، إلَّا أربعُ ليالٍ؛ ثُمَّ أهَلُّوا يومَ التَّرْوِيَةِ: أي أحرَمُوا بالحَجِّ يومَ التَّرْوِيَةِ، وهو اليومُ الثَّامِنُ من ذِي الحِجَّةِ، وسُمِّيَ بذلك؛ لأنَّ الماءَ كان قَليلًا بِمِنًى، فكانوا يَرْتَوونَ منَ الماءِ ويَحْمِلونَه لِمَا بعد ذلك؛ ثُمَّ دَخَلَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على عَائِشَةَ رَضِيَ الله عنها فوجَدَها تَبْكي، فسالها: ما شأنُكِ؟ فأجابَتْ: شَأْني أنِّي قَدْ حِضْتُ، وقدْ حَلَّ النَّاسُ: أي من إحرامِهِمْ بِالحَجِّ بِعملِ العُمْرَةِ؛ ولَمْ أحْلِلْ ولَمْ أطُفْ بالبَيتِ وذلك لأنَّها حائِضٌ؛ والنَّاسُ يذهَبونَ إلى الحَجِّ الآن، فقال صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إنَّ هذا أي: الحَيْضَ أمرٌ، كتَبَهُ الله أي: قَدَّرَهُ على بَناتِ آدَمَ؛ فاغْتَسِلي، ثُمَّ أهِلِّي بالحَجِّ ففعلَتْ، ووقَفتِ المَواقِفَ أي: وقَفتْ عَرَفَةَ، وَمُزْدَلِفَةَ، وَمِنًى؛ حتَّى إذا طَهُرَتْ من حَيْضِها؛ طافَتْ بالكَعْبَةِ، وسَعَتْ بينَ الصَّفَا والمَرْوَةِ؛ وأخْبَرَها صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّها قدْ حَلَّتْ من حَجَّتِها وعُمْرَتِها جمِيعًا؛ فقالتْ عَائِشَةُ لِلنَّبِيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: إنِّي أجِدُ في نَفْسي أنِّي لَمْ أطُفْ بالبَيْتِ حتَّى حَجَجْتُ أي: حتَّى انتهيْتُ منَ الحَجِّ؛ فأمرَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عبدَ الرَّحمنِ أخَاها أنْ يَذهبَ بها لِتُحرمَ بِعُمْرَةٍ تَطْييبًا لقَلبِها وذلك ليلةَ الحَصْبَةِ أي: لَيلةَ المَبيتِ بِالمُحَصَّبِ بعدَ النَّفْرِ من مِنًى. في الحَديثِ: أنَّ المُعتمِرَ إنْ كان مَكِّيًّا أو خارِجَ مَكَّةَ وداخِلَ المِيقاتِ فَمِيقاتُهُ الحِلُّ، وإنْ كان خارِجَ المِيقاتِ فَمِيقَاتُهُ مِيقاتُ حَجِّهِ. وفيه: فَسْخُ الحَجِّ إلى العُمْرَةِ. وفِيه: أنَّ الطَّوافَ الواحِدَ والسَّعْيَ الواحِدَ يُجْزِئانِ القارِنَ عن حَجِّهِ وعُمْرَتِه.