لقد رأيتني في الحجْرِ . وقريشٌ تسألُنِي عن مسرايَ . فسألتني عن أشياءَ من بيتِ المقدسِ لم أثبتها . فكُرِبتُ كربةً ما كُربتُ مثلهً قط . قال فرفعهُ اللهُ لي أنظرُ إليهِ . ما يسألوني عن شيءٍ إلا أنبأْتهُم بهِ . وقد رأيتنِي في جماعةٍ من الأنبياءِ ...."> لقد رأيتني في الحجْرِ . وقريشٌ تسألُنِي عن مسرايَ . فسألتني عن أشياءَ من بيتِ المقدسِ لم أثبتها . فكُرِبتُ كربةً ما كُربتُ مثلهً قط . قال فرفعهُ اللهُ لي أنظرُ إليهِ . ما يسألوني عن شيءٍ إلا أنبأْتهُم بهِ . وقد رأيتنِي في جماعةٍ من الأنبياءِ ...." /> لقد رأيتني في الحجْرِ . وقريشٌ تسألُنِي عن مسرايَ . فسألتني عن أشياءَ من بيتِ المقدسِ لم أثبتها . فكُرِبتُ كربةً ما كُربتُ مثلهً قط . قال فرفعهُ اللهُ لي أنظرُ إليهِ . ما يسألوني عن شيءٍ إلا أنبأْتهُم بهِ . وقد رأيتنِي في جماعةٍ من الأنبياءِ ...." />

لقد رأيتني في الحجْرِ . وقريشٌ تسألُنِي عن مسرايَ . فسألتني عن أشياءَ من بيتِ المقدسِ لم أثبتها . فكُرِبتُ كربةً ما كُربتُ مثلهً قط . قال فرفعهُ اللهُ لي أنظرُ إليهِ . ما يسألوني عن شيءٍ إلا أنبأْتهُم بهِ . وقد رأيتنِي في جماعةٍ من الأنبياءِ . فإذا موسى قائمٌ يصلي . فإذا رجلٌ ضربٌ جعْدٌ كأنه من رجالِ شنوءةٍ . وإذا عيسى بن مريم عليهِ السلامُ قائمٌ يصلي . أقربُ الناسِ بهِ شبها عروةُ بن مسعودٍ الثقفيّ . وإذا إبراهيمُ عليهِ السلامُ قائمٌ يصلي . أشبهُ الناسِ بهِ صاحبكُم ( يعني نفْسهُ ) فحانتِ الصلاةُ فأممتهُم . فلما فرغتُ من الصلاةِ قال قائل : يا محمدُ ! هذا مالكُ صاحبُ النارِ فسلّمَ عليهِ . فالتفتُّ إليهِ فبدأَنِي بالسلامِ

شرح الحديث

هذا الحديثُ في بيانِ بَعضِ أحداث رِحلةِ الإسراءِ والمِعراجِ، وهي مِن مُعجزاتِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم ودَلائِلِ نُبُوَّتِهِ، وفيه يقولُ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: لقد رَأَيْتُنِي في الحِجْرِ، أي: حِجْرِ إِسْماعيلَ المُلاصِقِ للكعبةِ، وكان مُجتمعًا لِساداتِ قُريشٍ، وقُريشٌ تَسألُني عن مَسْرايَ، أي: عن رحلةِ الإسراءِ الَّتي كانتْ مِن المسجدِ الحرامِ إلى المسجدِ الأقصى؛ فسَألَتْني عن أشياءَ من بيتِ المَقْدِسِ، أي: مَعالِمِهِ وما يُعْرَفُ به؛ وذلك لأنَّهم يُريدونَ أنْ يَتَثَبَّتُوا من صِدْقِ ما يقولُ النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم في أنَّه سافرَ إليه في لَيلتهِ، وعِلْمُهُمْ أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم لَمْ يُسافرْ إليه قَطُّ مُدَّةَ وُجودِهِ فيهم، لم أُثْبِتْها، أي: لم أحفَظْها؛ لكثرةِ ما انْشغلْتُ به وما كان في الرِّحلةِ ما هو أهَمُّ منها؛ فَكُرِبْتُ كُرْبَةً ما كُرِبْتُ مِثْلَهُ قَطُّ، أي: أصابني غَمٌّ وهَمٌّ لِمَا لم أَحفَظْ ما يَسألوني عنه. فَرفعهُ اللهُ لي، أي: جَسَّدَ الله عزَّ وجلَّ له بيتَ المَقْدِسِ ورَفعهُ أمامه ينظرُ فيه، ما يَسألوني عن شيءٍ، أي: عن مَعالِمِهِ وأَوصافِهِ، إلَّا أَنْبَأْتُهم به، أي: ذَكَرْتُهُ وأَخبَرتُهم به، ثُمَّ يُخبرُ النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم بعضَ ما كان في مِعْراجِهِ، يقولُ صلَّى الله عليه وسلَّم: وقد رَأَيْتُني في جَماعةٍ منَ الأنبياءِ، أي: أنَّه لمَّا صَعِدَ إلى السَّماءِ وَجَدَ بعضَ إِخوانهِ منَ الأنبياءِ، فإذا مُوسَى قائِمٌ يُصلِّي، أي: يَتَعَبَّدُ للهِ عزَّ وجلَّ، فإذا رجلٌ، أي: مُوسَى عليه السَّلامُ، ضَرْبٌ، أي: جَسدُه نَحيفٌ خَفيفُ اللَّحْمِ، جَعْدٌ، أي: وشَعرُه ليسَ ناعِمًا مُسْتَرْسِلًا، كأنَّه من رجالِ شَنُوءَةَ، أي: في طولِهِ وسُمْرَتِه، و"شَنُوءَةَ": قَبيلةٌ من قَحْطانَ مَعْروفونَ بالطُّولِ. وإذا عِيسَى ابنُ مَرْيَمَ عليه السَّلامُ قائِمٌ يُصلِّي، أي: يَتَعَبَّدُ للَّهِ عزَّ وجلَّ، أَقربُ النَّاسِ به شَبَهًا عُرْوَةُ بنُ مَسْعُودٍ الثَّقَفِيُّ، أي: في هَيئتِهِ وملامِحِهِ. وإذا إبْراهيمُ عليه السَّلامُ قائِمٌ يُصلِّي، أي: يَتَعَبَّدُ للهِ عزَّ وجلَّ، أَشْبَهُ النَّاسِ به، أي: في هَيئتِهِ وملامِحِهِ، صاحِبُكُم، يعني: نَفْسَهُ، أي: النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم؛ فَحانَتِ الصَّلاةُ، أي: دخلَ وقتُ الصَّلاةِ وهو معهم. فَأَمَمْتُهُمْ، أي: صلَّيتُ بالأنبياءِ عليهِمُ السَّلامُ إِمامًا. قال النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: فلمَّا فَرَغْتُ، أي: انْتَهيتُ، منَ الصَّلاةِ، قال قائِلٌ، أي: منَ الحاضِرينَ مع النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم: يا مُحَمَّدُ، هذا مالِكٌ صاحِبُ النَّارِ، أي: حارِسُ النَّارِ، وهو أحدُ المَلائِكةِ؛ فسلِّمْ عليه، أي: يَطلُبُ المُنادي من رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم أنْ يُسَلِّمَ على مالِكٍ، فَالْتَفَتُّ إليه، أي: لِيَرى النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم مالِكًا ويُسلِّمَ عليه، فَبَدَأَنِي بالسَّلامِ، أي: فكان مالِكٌ هو الَّذي بدأَ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم بالسَّلامِ.

صحيح مسلم

لقد رأيتني في الحجْرِ . وقريشٌ تسألُنِي عن مسرايَ . فسألتني عن أشياءَ من بيتِ المقدسِ لم أثبتها . فكُرِبتُ كربةً ما كُربتُ مثلهً قط . قال فرفعهُ اللهُ لي أنظرُ إليهِ . ما يسألوني عن شيءٍ إلا أنبأْتهُم بهِ . وقد رأيتنِي في جماعةٍ من الأنبياءِ . فإذا موسى قائمٌ يصلي . فإذا رجلٌ ضربٌ جعْدٌ كأنه من رجالِ شنوءةٍ . وإذا عيسى بن مريم عليهِ السلامُ قائمٌ يصلي . أقربُ الناسِ بهِ شبها عروةُ بن مسعودٍ الثقفيّ . وإذا إبراهيمُ عليهِ السلامُ قائمٌ يصلي . أشبهُ الناسِ بهِ صاحبكُم ( يعني نفْسهُ ) فحانتِ الصلاةُ فأممتهُم . فلما فرغتُ من الصلاةِ قال قائل : يا محمدُ ! هذا مالكُ صاحبُ النارِ فسلّمَ عليهِ . فالتفتُّ إليهِ فبدأَنِي بالسلامِ

شرح الحديث

هذا الحديثُ في بيانِ بَعضِ أحداث رِحلةِ الإسراءِ والمِعراجِ، وهي مِن مُعجزاتِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم ودَلائِلِ نُبُوَّتِهِ، وفيه يقولُ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: لقد رَأَيْتُنِي في الحِجْرِ، أي: حِجْرِ إِسْماعيلَ المُلاصِقِ للكعبةِ، وكان مُجتمعًا لِساداتِ قُريشٍ، وقُريشٌ تَسألُني عن مَسْرايَ، أي: عن رحلةِ الإسراءِ الَّتي كانتْ مِن المسجدِ الحرامِ إلى المسجدِ الأقصى؛ فسَألَتْني عن أشياءَ من بيتِ المَقْدِسِ، أي: مَعالِمِهِ وما يُعْرَفُ به؛ وذلك لأنَّهم يُريدونَ أنْ يَتَثَبَّتُوا من صِدْقِ ما يقولُ النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم في أنَّه سافرَ إليه في لَيلتهِ، وعِلْمُهُمْ أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم لَمْ يُسافرْ إليه قَطُّ مُدَّةَ وُجودِهِ فيهم، لم أُثْبِتْها، أي: لم أحفَظْها؛ لكثرةِ ما انْشغلْتُ به وما كان في الرِّحلةِ ما هو أهَمُّ منها؛ فَكُرِبْتُ كُرْبَةً ما كُرِبْتُ مِثْلَهُ قَطُّ، أي: أصابني غَمٌّ وهَمٌّ لِمَا لم أَحفَظْ ما يَسألوني عنه. فَرفعهُ اللهُ لي، أي: جَسَّدَ الله عزَّ وجلَّ له بيتَ المَقْدِسِ ورَفعهُ أمامه ينظرُ فيه، ما يَسألوني عن شيءٍ، أي: عن مَعالِمِهِ وأَوصافِهِ، إلَّا أَنْبَأْتُهم به، أي: ذَكَرْتُهُ وأَخبَرتُهم به، ثُمَّ يُخبرُ النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم بعضَ ما كان في مِعْراجِهِ، يقولُ صلَّى الله عليه وسلَّم: وقد رَأَيْتُني في جَماعةٍ منَ الأنبياءِ، أي: أنَّه لمَّا صَعِدَ إلى السَّماءِ وَجَدَ بعضَ إِخوانهِ منَ الأنبياءِ، فإذا مُوسَى قائِمٌ يُصلِّي، أي: يَتَعَبَّدُ للهِ عزَّ وجلَّ، فإذا رجلٌ، أي: مُوسَى عليه السَّلامُ، ضَرْبٌ، أي: جَسدُه نَحيفٌ خَفيفُ اللَّحْمِ، جَعْدٌ، أي: وشَعرُه ليسَ ناعِمًا مُسْتَرْسِلًا، كأنَّه من رجالِ شَنُوءَةَ، أي: في طولِهِ وسُمْرَتِه، و"شَنُوءَةَ": قَبيلةٌ من قَحْطانَ مَعْروفونَ بالطُّولِ. وإذا عِيسَى ابنُ مَرْيَمَ عليه السَّلامُ قائِمٌ يُصلِّي، أي: يَتَعَبَّدُ للَّهِ عزَّ وجلَّ، أَقربُ النَّاسِ به شَبَهًا عُرْوَةُ بنُ مَسْعُودٍ الثَّقَفِيُّ، أي: في هَيئتِهِ وملامِحِهِ. وإذا إبْراهيمُ عليه السَّلامُ قائِمٌ يُصلِّي، أي: يَتَعَبَّدُ للهِ عزَّ وجلَّ، أَشْبَهُ النَّاسِ به، أي: في هَيئتِهِ وملامِحِهِ، صاحِبُكُم، يعني: نَفْسَهُ، أي: النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم؛ فَحانَتِ الصَّلاةُ، أي: دخلَ وقتُ الصَّلاةِ وهو معهم. فَأَمَمْتُهُمْ، أي: صلَّيتُ بالأنبياءِ عليهِمُ السَّلامُ إِمامًا. قال النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: فلمَّا فَرَغْتُ، أي: انْتَهيتُ، منَ الصَّلاةِ، قال قائِلٌ، أي: منَ الحاضِرينَ مع النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم: يا مُحَمَّدُ، هذا مالِكٌ صاحِبُ النَّارِ، أي: حارِسُ النَّارِ، وهو أحدُ المَلائِكةِ؛ فسلِّمْ عليه، أي: يَطلُبُ المُنادي من رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم أنْ يُسَلِّمَ على مالِكٍ، فَالْتَفَتُّ إليه، أي: لِيَرى النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم مالِكًا ويُسلِّمَ عليه، فَبَدَأَنِي بالسَّلامِ، أي: فكان مالِكٌ هو الَّذي بدأَ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم بالسَّلامِ.

صحيح مسلم
0 التعليقات 0 المشاركات 75 مشاهدة 0 معاينة