إنَّ أدنَى أهلِ الجنةِ منزلةً رجلٌ صرَفَ اللهُ وجْهَهُ عن النارِ قِبَلَ الجنةِ. ومُثِّلَ له شجرةٌ ذاتُ ظلٍّ. فقالَ: أيْ ربِّ ! قدِّمنِي إلى هذه الشجرةِ أكونُ في ظلِّها. وساق الحديثَ بنحو حديثِ ابنِ مسعودٍ. ولم يذكر فيقول: يا ابنَ آدمَ ! ما يُصْرِينِي منكَ... إلى آخرِ الحديثِ. وزادَ فيه ويُذَكِّرُهُ اللهُ سَلْ كذا وكذا. فإذا انقَطَعَتْ بِهِ الأمَانِيُّ قال اللهُ: هُو لَكَ وعشْرَةُ أمْثَالِهِ. قال: ثُمَّ يَدخُلُ بيتَه فتدخُلُ عليه زوجتاهُ من الحورِ العينِ. فتقولان: الحمدُ للهِ الذي أحياكَ لنَا وأحيانَا لكَ. قال فيقولُ: ما أُعطِيَ أحَدٌ مِثْلَ ما أُعْطِيتُ
شرح الحديث
مَن أنْعمَ اللهُ تعالى عليه بأنْ أَنْجاهُ من النَّارِ وأَدْخله الجَنَّةَ فقدْ فازَ، وفي هذا الحَديثِ يَقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "إنَّ أَدْنَى أهلِ الجنَّةِ مَنزِلةً"، أي: إنَّ أقلَّهم نَصيبًا فيها وعطاءً، "رَجُلٌ صرَفَ اللهُ وجهَهُ عَنِ النَّارِ قِبَلَ الجنَّةِ"، أي: بعْدَ أنْ أَخْرجَهُ اللهُ مِنَ النَّارِ صرَفَ وَجْهَهُ عَنْها ووَجَّهَهُ نَحْوَ الجنَّةِ، "ومثَّل له شَجرةً ذاتَ ظِلٍّ"، أي: أظهَرَ اللهُ له على مَرْمَى بَصَرِهِ شَجرةً لها ظِلٌّ، فقال الرَّجُلُ مُنادِيًا رَبَّه عزَّ وجلَّ: "أَيْ رَبِّ، قدِّمْني إلى هذه الشَّجرةِ أكون في ظِلِّها"، أي: قَرِّبْني منها، لِأَسْتَظِلَّ بظِلِّها، وساقَ الحديثَ بنَحْوِ حديثِ ابنِ مسعودٍ، ، وفيه: أنَّ الرَّجُلَ يسألُ اللهَ عزَّ وجلَّ أنْ يَقترِبَ مِن شجرةٍ تِلوَ الشَّجرةِ شَريطةَ إنْ ذهَب إلى إحداها ألَّا يَطمعَ في التي بَعدَها، وهي أحسنُ مِن التي يقِفُ في ظلِّها، ولشَغفِ قلبِ ابنِ آدَمَ بها، يَقبَلُ هذا الشَّرطَ مِن الله عزَّ وجلَّ، وحينما يأتي شجرةً على باب الجنة فيَسمعُ أصواتَ أهلِ الجنةِ، يطلُب ويتمنَّى على اللهِ عزَّ وجلَّ دُخولَها، فلمَّا أن يأذنَ اللهُ تعالى له بدُخولها- وزاد فيه، أي: وزاد أبو سعيدٍ الخُدْرِيُّ في رِوايتِهِ: "وَيُذَكِّرُهُ اللهُ: سَلْ كذا وكذا"، أي: يُذَكِّرُ اللهُ عزَّ وجلَّ الرَّجلَ الَّذي يكون أقلَّ أهلِ الجنَّةِ مَنزِلةً بما في الجنَّةِ من نَعيمٍ غاب عنه، ويُسمِّي له ما فيها، "فإذا انقطعَتْ به الأمانيُّ"، أي: انتهَتْ طَلَباتُهُ، ونَفِدَتْ رَغباتُه، قال الله عزَّ وجلَّ: "هو لك وعشَرةُ أمثالِهِ"، أي: عشَرةُ أضعافِ ما تمنَّيْتَ وطلَبْتَ، قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "ثمَّ يَدْخُلُ بَيْتَهَ"، أي: في الجنَّةِ، "فتدخُلُ عليه زَوْجتاهُ مِنَ الحُورِ العِينِ"، والحورُ العِينُ: نِساءُ أهلِ الجنَّةِ، والمُرادُ بالحَوْراءِ: الشَّديدَةُ بَياضِ العَيْنِ الشَّديدَةُ سَوادِها، والمُرادُ بالعِينِ: واسعةُ العَيْنِ، فتقولان: "الحمدُ للهِ الَّذي أَحْياكَ لنا وأَحْيَانَا لكَ"، أي: الَّذي خَلَقَكَ لنا وخَلَقَنَا لكَ، قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: فيقول الرَّجلُ: "ما أُعْطِيَ أَحَدٌ مِثْلَ ما أُعْطِيتُ"، أي: يَظُنُّ الرَّجُلُ بما أعطاه اللهُ من نَعيمٍ في الجنَّةِ أنَّه أخَذَ أعلى مَنزِلةً في الجنَّةِ.
وقوله: "ولم يَذْكُرْ: فيقولُ: يا ابنَ آدمَ، ما يَصْرِينِي مِنْكَ... إلى آخِرِ الحديثِ"، أي: لم يَذكُرْ أبو سعيدٍ الخدريُّ رضِيَ اللهُ عنه في رِوايتِه ما قاله اللهُ عزَّ وجلَّ لعبدِه، وفيه: أنَّه لَمَّا طلَبَ مِن الله دُخولَ الجنَّةِ، قال الله عزَّ وجلَّ: "يا ابنَ آدَمُ، ما يَصريني منك؟" أي: ما العطاءُ الذي إذا مَنحتُك وأعطيتُك إياَّه تَقْبَلُه وتَقنَعُ به؟ "أيُرضيك أنْ أُعطيَك الدُّنيا ومِثلَها معها؟ قال: يا ربِّ، أتستهزئُ منِّي وأنتَ ربُّ العالَمين؟! "، فضَحِك ابنُ مسعودٍ، فقال: ألَّا تَسألوني ممَّ أَضحَكُ؟! فقالوا: ممَّ تَضحكُ؟ قال: هكذا ضَحِكَ رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم، فقالوا: ممَّ تَضحَكُ يا رسولَ الله؟ قال: "مِن ضَحِكِ ربِّ العالَمِين حين قال: أتستهزئُ منِّي وأنتَ ربُّ العالَمِين؟! فيقول: إنِّي لا أستهزئُ منك، ولكنِّي على ما أشاءُ قادرٌ!
وفي الحديثِ: بيانٌ لسَعةِ مُلكِ اللهِ عزَّ وجلَّ، وسَعةِ الجَنِّةِ وعِظَمِ خَلقِها، مِصداقًا لقولِه تعالى: {عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ} [آل عمران: ].
وفيه: بيانُ سَعَةِ فَضلِ اللهِ سُبحانَه وجزيلِ عَطائِه لعَبدِه المؤمنِ، حيث كان هذا العطاءُ الجزيلُ لِمَن هو أقلُّ منزلةً في الجَنَّة؛ فكيف الظنُّ بمَن هو أعْلَى مَنزلةً؟! ( ).
صحيح مسلم
إنَّ أدنَى أهلِ الجنةِ منزلةً رجلٌ صرَفَ اللهُ وجْهَهُ عن النارِ قِبَلَ الجنةِ. ومُثِّلَ له شجرةٌ ذاتُ ظلٍّ. فقالَ: أيْ ربِّ ! قدِّمنِي إلى هذه الشجرةِ أكونُ في ظلِّها. وساق الحديثَ بنحو حديثِ ابنِ مسعودٍ. ولم يذكر فيقول: يا ابنَ آدمَ ! ما يُصْرِينِي منكَ... إلى آخرِ الحديثِ. وزادَ فيه ويُذَكِّرُهُ اللهُ سَلْ كذا وكذا. فإذا انقَطَعَتْ بِهِ الأمَانِيُّ قال اللهُ: هُو لَكَ وعشْرَةُ أمْثَالِهِ. قال: ثُمَّ يَدخُلُ بيتَه فتدخُلُ عليه زوجتاهُ من الحورِ العينِ. فتقولان: الحمدُ للهِ الذي أحياكَ لنَا وأحيانَا لكَ. قال فيقولُ: ما أُعطِيَ أحَدٌ مِثْلَ ما أُعْطِيتُ
شرح الحديث
مَن أنْعمَ اللهُ تعالى عليه بأنْ أَنْجاهُ من النَّارِ وأَدْخله الجَنَّةَ فقدْ فازَ، وفي هذا الحَديثِ يَقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "إنَّ أَدْنَى أهلِ الجنَّةِ مَنزِلةً"، أي: إنَّ أقلَّهم نَصيبًا فيها وعطاءً، "رَجُلٌ صرَفَ اللهُ وجهَهُ عَنِ النَّارِ قِبَلَ الجنَّةِ"، أي: بعْدَ أنْ أَخْرجَهُ اللهُ مِنَ النَّارِ صرَفَ وَجْهَهُ عَنْها ووَجَّهَهُ نَحْوَ الجنَّةِ، "ومثَّل له شَجرةً ذاتَ ظِلٍّ"، أي: أظهَرَ اللهُ له على مَرْمَى بَصَرِهِ شَجرةً لها ظِلٌّ، فقال الرَّجُلُ مُنادِيًا رَبَّه عزَّ وجلَّ: "أَيْ رَبِّ، قدِّمْني إلى هذه الشَّجرةِ أكون في ظِلِّها"، أي: قَرِّبْني منها، لِأَسْتَظِلَّ بظِلِّها، وساقَ الحديثَ بنَحْوِ حديثِ ابنِ مسعودٍ، ، وفيه: أنَّ الرَّجُلَ يسألُ اللهَ عزَّ وجلَّ أنْ يَقترِبَ مِن شجرةٍ تِلوَ الشَّجرةِ شَريطةَ إنْ ذهَب إلى إحداها ألَّا يَطمعَ في التي بَعدَها، وهي أحسنُ مِن التي يقِفُ في ظلِّها، ولشَغفِ قلبِ ابنِ آدَمَ بها، يَقبَلُ هذا الشَّرطَ مِن الله عزَّ وجلَّ، وحينما يأتي شجرةً على باب الجنة فيَسمعُ أصواتَ أهلِ الجنةِ، يطلُب ويتمنَّى على اللهِ عزَّ وجلَّ دُخولَها، فلمَّا أن يأذنَ اللهُ تعالى له بدُخولها- وزاد فيه، أي: وزاد أبو سعيدٍ الخُدْرِيُّ في رِوايتِهِ: "وَيُذَكِّرُهُ اللهُ: سَلْ كذا وكذا"، أي: يُذَكِّرُ اللهُ عزَّ وجلَّ الرَّجلَ الَّذي يكون أقلَّ أهلِ الجنَّةِ مَنزِلةً بما في الجنَّةِ من نَعيمٍ غاب عنه، ويُسمِّي له ما فيها، "فإذا انقطعَتْ به الأمانيُّ"، أي: انتهَتْ طَلَباتُهُ، ونَفِدَتْ رَغباتُه، قال الله عزَّ وجلَّ: "هو لك وعشَرةُ أمثالِهِ"، أي: عشَرةُ أضعافِ ما تمنَّيْتَ وطلَبْتَ، قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "ثمَّ يَدْخُلُ بَيْتَهَ"، أي: في الجنَّةِ، "فتدخُلُ عليه زَوْجتاهُ مِنَ الحُورِ العِينِ"، والحورُ العِينُ: نِساءُ أهلِ الجنَّةِ، والمُرادُ بالحَوْراءِ: الشَّديدَةُ بَياضِ العَيْنِ الشَّديدَةُ سَوادِها، والمُرادُ بالعِينِ: واسعةُ العَيْنِ، فتقولان: "الحمدُ للهِ الَّذي أَحْياكَ لنا وأَحْيَانَا لكَ"، أي: الَّذي خَلَقَكَ لنا وخَلَقَنَا لكَ، قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: فيقول الرَّجلُ: "ما أُعْطِيَ أَحَدٌ مِثْلَ ما أُعْطِيتُ"، أي: يَظُنُّ الرَّجُلُ بما أعطاه اللهُ من نَعيمٍ في الجنَّةِ أنَّه أخَذَ أعلى مَنزِلةً في الجنَّةِ. وقوله: "ولم يَذْكُرْ: فيقولُ: يا ابنَ آدمَ، ما يَصْرِينِي مِنْكَ... إلى آخِرِ الحديثِ"، أي: لم يَذكُرْ أبو سعيدٍ الخدريُّ رضِيَ اللهُ عنه في رِوايتِه ما قاله اللهُ عزَّ وجلَّ لعبدِه، وفيه: أنَّه لَمَّا طلَبَ مِن الله دُخولَ الجنَّةِ، قال الله عزَّ وجلَّ: "يا ابنَ آدَمُ، ما يَصريني منك؟" أي: ما العطاءُ الذي إذا مَنحتُك وأعطيتُك إياَّه تَقْبَلُه وتَقنَعُ به؟ "أيُرضيك أنْ أُعطيَك الدُّنيا ومِثلَها معها؟ قال: يا ربِّ، أتستهزئُ منِّي وأنتَ ربُّ العالَمين؟! "، فضَحِك ابنُ مسعودٍ، فقال: ألَّا تَسألوني ممَّ أَضحَكُ؟! فقالوا: ممَّ تَضحكُ؟ قال: هكذا ضَحِكَ رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم، فقالوا: ممَّ تَضحَكُ يا رسولَ الله؟ قال: "مِن ضَحِكِ ربِّ العالَمِين حين قال: أتستهزئُ منِّي وأنتَ ربُّ العالَمِين؟! فيقول: إنِّي لا أستهزئُ منك، ولكنِّي على ما أشاءُ قادرٌ! وفي الحديثِ: بيانٌ لسَعةِ مُلكِ اللهِ عزَّ وجلَّ، وسَعةِ الجَنِّةِ وعِظَمِ خَلقِها، مِصداقًا لقولِه تعالى: {عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ} [آل عمران: ]. وفيه: بيانُ سَعَةِ فَضلِ اللهِ سُبحانَه وجزيلِ عَطائِه لعَبدِه المؤمنِ، حيث كان هذا العطاءُ الجزيلُ لِمَن هو أقلُّ منزلةً في الجَنَّة؛ فكيف الظنُّ بمَن هو أعْلَى مَنزلةً؟! ( ).