أحوال العــــرب و العالم قبله

بُعِث نبي الرحمة فى عالم مفرق مشتت ، فَشَا فيه الظلم، وتعددت فيه صور الباطل، وكثرت فيه الآثام والشرور
ففي الجزيرة العربية : -..."> أحوال العــــرب و العالم قبله

بُعِث نبي الرحمة فى عالم مفرق مشتت ، فَشَا فيه الظلم، وتعددت فيه صور الباطل، وكثرت فيه الآثام والشرور
ففي الجزيرة العربية : -..." /> أحوال العــــرب و العالم قبله

بُعِث نبي الرحمة فى عالم مفرق مشتت ، فَشَا فيه الظلم، وتعددت فيه صور الباطل، وكثرت فيه الآثام والشرور
ففي الجزيرة العربية : -..." />

أحوال العــــرب و العالم قبله

بُعِث نبي الرحمة فى عالم مفرق مشتت ، فَشَا فيه الظلم، وتعددت فيه صور الباطل، وكثرت فيه الآثام والشرور


ففي الجزيرة العربية :
- عاشت الجزيرة العربية قبل البعثة حالة من الضياع فقد كان العرب يعبدون الأصنام التي يصنعونها بأيديهم من دون الله، ويقدمون لها القرابين، ويسجدون لها، ويتوسلون بها، ويسألونها أن تحجب عنهم الشر وتجلب لهم الخير وهي أحجار لا تضر ولا تنفع، وكان عدد الأصنام التي حول الكعبة المشرفة حوالي 360 صنماً


- وكان العرب يتطيرون : فإذا أراد أحدهم زواجاً ، أو سفراً ، أو تجارة : ألقى طيراً في السماء ، فإن ذهب يميناً : مضى فى أمره ، واعتقد فيه الخير والنفع ، وإن ذهب الطير شمالاً : أحجم عن أمره ، وترك المضي فيه ، واعتقد فيه الشرَّ !


وكانوا يتشاءمون : فإذا سمع أحدهم صوت بومة ، أو رأى غراباً : ضاق صدره ، واعتقد أنه سيصيبه ضرر أو أذى فى يومه ، وكانوا لا يتزوجون في شوال ؛ اعتقاداً منهم بأنه لن يكتب له النجاح


- و قد كان العرب فى الجاهلية يغزو بعضهم بعضاً ، ويقتل بعضهم بعضاً ، لأتفه الأسباب ، وتطول الحروب بينهم لأعوامٍ عديدة ، فيُقتل الرجال ، وتُسبى النساء والأطفال


- وكانوا لا يتنزهون عن الخبائث فقد كانوا يأكلون الميتة ، ويشربون الدم ، و يشربون الخمر و يتباهون فى تعتيقها و غلاء أثمانها


- و رغم تقديس العرب للكعبة واعتيادهم على الحج لها الا انهم كانوا يطوفون بالكعبة عراة نساءً ورجالاً خاصة غير القرشيين ، فقد كانوا يتحرجون أن يطوفوا بالبيت فى ثيابهم التي عصوا الله فيها ، فقد كانوا يعتقدون انه لا يصح عبادة الله في ثياب عصوا الله فيها ، لذلك كان الكثير من الحجاج يستعيرون أو يشترون ثيابا ً من الحمسيين و هم أهل الحرم ليطوفوا بالبيت بها وإن لم يمن عليهم القرشيون بثياب من عندهم كانوا يطوفون عرايا


- وانتشر الزنا فى ربوع الجزيرة حتي أصبح هناك بيوتا خاصة بذلك ترفع الرايات الحمراء إشارة وعلامة لكل راغب فى البغاء والفجور


- وكانت بعض القبائل تهين المرأة، وينظرون إليها باحتقار، فهي فى اعتقادهم عار كبير ، عليهم أن يتخلصوا منها، فقد كان الرجل منهم إذا ولدت له أنثى، حزن حزنًا شديدًا

وقد يصل به الأمر إلى أن يدفنها وهي حية خوفا من وقوعهن فى الأسر ، وجلب العار لهم ، ومنهم من كان يقتل البنات و الأولاد خشية إملاق أي الفقر


و اذا قدر للمرأة أن تحيا تذوق انواع اخري من العذاب فلم يكن لها حرية اختيار زوجها، فكان أمر زواجها يرجع إلى أمر وليها ، و لم يكن لها أي حق على زوجها، ولا ينظر إليها إلا على أنها خادمة فى بيته ، وظيفتها إنجاب الأولاد، ولم يكن هناك ما يمنع الزوج من إيذاء زوجته وإهانتها واحتقارها، بل كانت تُمسك ضِراراً للإعتداء، وكانت تلاقى من زوجها نشوزاً أو إعراضاً، وكانت تترك أحياناً كالمعلقة


بل قد يذهب بها زوجها إلى رجل عرف بالشجاعة والمروءة ليجامعها فتحمل منه، وكان هذا يعرف بنكاح الاستبضاع


وكانت الزوجة عرضة للمقامرة عليها من قبل زوجها، وكانت الزوجة ليس لها حق فى صداقها، ولم يكن عند العرب عدد معين من الزوجات، بل كان للرجل أن يتزوج ما شاء من النساء

و إذا مات زوجها أصبحت إرثا لقرابته يفعل فيها ما يشاء، فربما تزوجها لو كانت امرأة ذات حسن وجمال، أو ترد عليه الصداق الذي أخذته من زوجها الميت، أو ربما حبسها حتى الموت، إن لم يكن له حاجة فى الزواج منها


وأما المرأة المطلقة، فلم يكن من حقها أن تتزوج برجل آخر، إلا بعدما يأذن لها مطلقها، وربما أعجبه وأرضاه أن يتركها هكذا تعاني فى حياتها نكاية بها

وإذا أذن لها، فيكون ذلك مقابل أن يأخذ منها مهرها الذي يهبه لها زوجها الثاني


كذلك لم تكن المرأة تتمتع فى هذا المجتمع بأي من الحقوق المالية، فلم تكن ترث ولم يكن لها ذمة مالية مستقلة لأنها لا تذود عن الحمي فى الحرب ، وكان البعض يرغمونها على البغاء لتكسب لهم المال


- وكان الظلم ينتشر فى المجتمع؛ فالقوى لا يرحم الضعيف، والغنى لا يعطف على الفقير، بل يُسخره لخدمته، وإن أقرضه مالا؛ فإنه يقرضه بالربا، فإذا اقترض الفقير دينارًا؛ يرده دينارين، فيزداد الفقير فقرًا، ويزداد الغني ثراءً، وكانت القبائل متفرقة، لكل قبيلة رئيس، لا يخضعون لقانون منظم، و انتشر الرق و العبودية بسبب كثرة الحروب وكان استخدام الرقيق يتم بصورة وحشية غير آدمية، وكانوا يتعرضون للقَمعِ والذل والإهانة، يُضربون كالبهائم بالسوط (الكرباج) لا لشىء إلا لمجرد لذة السيادة ويتم استخدامهم فى الأعمال الشاقة والمهينة فى شدة الحر والبرد وهم مقيدون بالحديد حتى لا يهربوا وليس لهم أدنى حق حتى فى الشكوى وكان يُنظر لهم على أنهم أشياء ليسوا كبقية البشر خُلِقوا ليُستعبدوا


- و كان العرب قبل الإسلام أمة أمية، لا تعرف القراءة والكتابة إلا فى نطاق ضيق، ولم يكن الذين يعرفونها فى مكة- مثلاً- يزيدون على عشرين شخصًا


الوضع العالمي:
أما بالنسبة للوضع خارج شبه الجزيرة العربية فليس الحال بأفضل مما رأينا، فقد كانت الإمبراطوريتان السائدتان فى ذلك الوقت هما إمبراطورية الفرس وإمبراطورية الروم ، وكانت هاتان الإمبراطوريتان سيدتى العالم فى ذلك الوقت، بلا منازع أو شريك



فى بلاد الروم
- انتشر الظلم والقهر فى بلاد الروم ؛ فقد فرضت الضرائب الباهظة على الشعوب الكادحة فى حين سبحت الطبقة الحاكمة فى بحور الملذات والترف والإسراف والانشغال بالملذات عن مصالح الشعوب


- و قد كانت هذه البلاد تعيش فى ظلمات الجهل والأمية، لا تعرف عن العلم شيئا تسيطر الخرافات على تفكيرها

والمغالاة فى بعض الأفكار، ففى رومية اجتمع مجمع كبير يبحث في شئون المرأة؛ فقرر بعد عدة اجتماعات أن المرأة كائن لا نفس له، وأنها لهذا لن ترث الحياة الأخروية، وأنها رجس، ويجب ألا تأكل اللحم وألا تضحك، ومنعوها من الكلام حتى وضعوا على فمها قُفلاً من الحديد؛ فكانت المرأة من أعلى الأُسر وأدناها تروح وتغدو في الطريق أو في دارها وعلى فمها قُفلٌ


- و مزقت الخلافات العقائدية بين طوائف النصارى أواصر هذه الدولة ، فكان لكل طائفة كتابها المقدس المختلف عن الأخرى فى بعض أجزائه ، كما كان لكل طائفة كنائسها التي لا تسمح لأبناء الطائفة الأخرى بالصلاة فيها، بل كانت الطائفة القوية تمارس أشد انواع الاضطهاد و التعذيب للطوائف الضعيفة كما كان يحدث فى مصر ولهذا كله كان الفتح الإسلامي لمصر يشكل لأقباطها خلاصًا من اضطهاد وتعذيب الدولة الرومانية لهم، فقد رحمهم المسلمون من هذا الاضطهاد وتركوا من شاء منهم على دينه


و كان الناس في إيطاليا يسجدون للبابا ، ويقبلون قدمه حتى يأذن لهم بالقيام


- و نتيجة لشتي أنواع الظلم الذي كان يمارس فى الدول الرومانية أصيبت الدولة الرومانية بانحلال خلقي عظيم ، نتج عن تأخر سن الزواج بسبب تركز الثروات الضخمة فى أيدي قلّة قليلة من أولى النفوذ، بينما يعيش الشعب في فقر شديد، فلم يعد الشباب يملك ما يتزوج به، فانصرف إلى الزنا، والعلاقات المشبوهة، وفضل العزوبة على الزواج


كما أصبحت الرشوة أصلا فى التعامل مع موظفي الدولة، لإنجاز أي عمل أو الحصول على أي حق ، كما توحشت طباعهم و ظهر ذلك جليا فى لهوهم و حروبهم على السواء ، ففى اللهو كان من وسائل التسلية لديهم: صراع العبيد مع الوحوش المفترسة في أقفاص مغلقة، بينما يستمتع الأمراء والوزراء بمشاهدة الوحوش وهي تفترس العبيد، وفى حروبهم : كانوا يتعاملون مع عدوهم بهمجية ووحشية، و يذكر لنا التاريخ ما حدث فى عهد الإمبراطور (فسبسيان)، حينما حاصر الرومان اليهود فى القدس - وكان اليهود يسمونها أورشليم - لمدة خمسة أشهر، انتهت فى سبتمبر سنة(70) ميلادية، ثم سقطت المدينة فى أشد هزيمة مهينة عرفها التاريخ


فقد أمر الرومان اليهود أن يقتلوا أبناءهم ونساءهم بأيديهم وقد استجاب اليهود لهم من شدة الرعب، وطمعًا فى النجاة فهم أحرص الناس على حياة ولو كانت حياة ذليلة مهينة، ثم بدأ الرومان يجرون القرعة بين كل يهوديين، ومن يفوز بالقرعة يقوم بقتل صاحبه، حتى أبيد اليهود في القدس عن آخرهم، وسقطت دولتهم، ولم ينج منهم سوى الشريد وأولئك الذين كانوا يسكنون فى أماكن بعيدة



فى بلاد فارس

- أما فى دولة الفرس ، فقد كان الوضع على الدرجة نفسها من السوء

فقد كان هناك تمايز طبقي فهناك طبقة سبحت فى بحور الملذات و الترف والإسراف وهي الطبقة العليا ، أما الطبقة الثانية و هي بقية الشعب فقد كانت ترضخ للمعاناة والفقر والحرمان ، بل تتحمل أعباء بذخ هذه الطبقة على كاهلها

وكان الفقراء محرومين من أبسط حقوقهم الإنسانية، وكانوا يعيشون كالعبيد


- أما التعليم، فكان مقصورا على الأمراء والأثرياء فقط، وحرم باقى الشعب من حقه الطبيعي فى اكتساب العلوم والمعارف، وعاش فى أحضان الجهل


- كذلك انتشرت الإباحية والفساد وحالات هتك الأعراض و زواج المحارم


- وكان الملوك يعتبرون أنفسهم من نسل آخر مختلف عن البشر، ففيهم يجري دم الآلهة، ولهم الحرية فى أن يفعلوا فى الناس ما يشاؤون

و كانوا الناس يعظمونهم؛ فكان الرجل إذا دخل على كسرى ارتمى ساجدًا على الأرض، فلا يقوم حتى يؤذن له


- كانت الديانة السائدة فى فارس هي عبادة النار، وهي ديانة (زرادشت)، وهو الذي دعا إلى تقديس النار، وقال: إنّ نور الإله يسطع فى كل ما هو مشرق ملتهب، وحرّم الأعمال التي تتطلب نارًا، فاكتفى بالزراعة والتجارة فقط ولمّا كانت النار لا توحي إلى عبادها بشريعة، ولا تضع لهم منهاجًا، فقد شرع الناس لأنفسهم حسبما تريد أهواؤهم، وعمَّ الفساد كل شيء في فارس


وكان العالم في ذلك الوقت يعيش تحت لواء الحروب المتواصلة بين الفرس والروم، كما كانت الحروب قائمة بين القبائل العربية، وكأن الحرب هي الملاذ الوحيد آنذاك للعيش في هذه الحياة!
سنوات طويلة من الحروب المتواصلة، والفقر والظلم والاستبداد والقهر للشعوب

فكانت هذه الشعوب قد فاض بها، وأصبحت في أمس الحاجة إلى نهر طاهر ترتوي منه، وتغسل فيه همومها، وعدل صارم، لا يجامل الأثرياء على حساب الفقراء، فأرسل الله تعالي نبي الرحمة ليخرج الناس من الظلمات إلي النور


أحوال العــــرب و العالم قبله

بُعِث نبي الرحمة فى عالم مفرق مشتت ، فَشَا فيه الظلم، وتعددت فيه صور الباطل، وكثرت فيه الآثام والشرور
ففي الجزيرة العربية : - عاشت الجزيرة العربية قبل البعثة حالة من الضياع فقد كان العرب يعبدون الأصنام التي يصنعونها بأيديهم من دون الله، ويقدمون لها القرابين، ويسجدون لها، ويتوسلون بها، ويسألونها أن تحجب عنهم الشر وتجلب لهم الخير وهي أحجار لا تضر ولا تنفع، وكان عدد الأصنام التي حول الكعبة المشرفة حوالي 360 صنماً
- وكان العرب يتطيرون : فإذا أراد أحدهم زواجاً ، أو سفراً ، أو تجارة : ألقى طيراً في السماء ، فإن ذهب يميناً : مضى فى أمره ، واعتقد فيه الخير والنفع ، وإن ذهب الطير شمالاً : أحجم عن أمره ، وترك المضي فيه ، واعتقد فيه الشرَّ !
وكانوا يتشاءمون : فإذا سمع أحدهم صوت بومة ، أو رأى غراباً : ضاق صدره ، واعتقد أنه سيصيبه ضرر أو أذى فى يومه ، وكانوا لا يتزوجون في شوال ؛ اعتقاداً منهم بأنه لن يكتب له النجاح
- و قد كان العرب فى الجاهلية يغزو بعضهم بعضاً ، ويقتل بعضهم بعضاً ، لأتفه الأسباب ، وتطول الحروب بينهم لأعوامٍ عديدة ، فيُقتل الرجال ، وتُسبى النساء والأطفال
- وكانوا لا يتنزهون عن الخبائث فقد كانوا يأكلون الميتة ، ويشربون الدم ، و يشربون الخمر و يتباهون فى تعتيقها و غلاء أثمانها
- و رغم تقديس العرب للكعبة واعتيادهم على الحج لها الا انهم كانوا يطوفون بالكعبة عراة نساءً ورجالاً خاصة غير القرشيين ، فقد كانوا يتحرجون أن يطوفوا بالبيت فى ثيابهم التي عصوا الله فيها ، فقد كانوا يعتقدون انه لا يصح عبادة الله في ثياب عصوا الله فيها ، لذلك كان الكثير من الحجاج يستعيرون أو يشترون ثيابا ً من الحمسيين و هم أهل الحرم ليطوفوا بالبيت بها وإن لم يمن عليهم القرشيون بثياب من عندهم كانوا يطوفون عرايا
- وانتشر الزنا فى ربوع الجزيرة حتي أصبح هناك بيوتا خاصة بذلك ترفع الرايات الحمراء إشارة وعلامة لكل راغب فى البغاء والفجور
- وكانت بعض القبائل تهين المرأة، وينظرون إليها باحتقار، فهي فى اعتقادهم عار كبير ، عليهم أن يتخلصوا منها، فقد كان الرجل منهم إذا ولدت له أنثى، حزن حزنًا شديدًا
وقد يصل به الأمر إلى أن يدفنها وهي حية خوفا من وقوعهن فى الأسر ، وجلب العار لهم ، ومنهم من كان يقتل البنات و الأولاد خشية إملاق أي الفقر
و اذا قدر للمرأة أن تحيا تذوق انواع اخري من العذاب فلم يكن لها حرية اختيار زوجها، فكان أمر زواجها يرجع إلى أمر وليها ، و لم يكن لها أي حق على زوجها، ولا ينظر إليها إلا على أنها خادمة فى بيته ، وظيفتها إنجاب الأولاد، ولم يكن هناك ما يمنع الزوج من إيذاء زوجته وإهانتها واحتقارها، بل كانت تُمسك ضِراراً للإعتداء، وكانت تلاقى من زوجها نشوزاً أو إعراضاً، وكانت تترك أحياناً كالمعلقة
بل قد يذهب بها زوجها إلى رجل عرف بالشجاعة والمروءة ليجامعها فتحمل منه، وكان هذا يعرف بنكاح الاستبضاع
وكانت الزوجة عرضة للمقامرة عليها من قبل زوجها، وكانت الزوجة ليس لها حق فى صداقها، ولم يكن عند العرب عدد معين من الزوجات، بل كان للرجل أن يتزوج ما شاء من النساء
و إذا مات زوجها أصبحت إرثا لقرابته يفعل فيها ما يشاء، فربما تزوجها لو كانت امرأة ذات حسن وجمال، أو ترد عليه الصداق الذي أخذته من زوجها الميت، أو ربما حبسها حتى الموت، إن لم يكن له حاجة فى الزواج منها
وأما المرأة المطلقة، فلم يكن من حقها أن تتزوج برجل آخر، إلا بعدما يأذن لها مطلقها، وربما أعجبه وأرضاه أن يتركها هكذا تعاني فى حياتها نكاية بها
وإذا أذن لها، فيكون ذلك مقابل أن يأخذ منها مهرها الذي يهبه لها زوجها الثاني
كذلك لم تكن المرأة تتمتع فى هذا المجتمع بأي من الحقوق المالية، فلم تكن ترث ولم يكن لها ذمة مالية مستقلة لأنها لا تذود عن الحمي فى الحرب ، وكان البعض يرغمونها على البغاء لتكسب لهم المال
- وكان الظلم ينتشر فى المجتمع؛ فالقوى لا يرحم الضعيف، والغنى لا يعطف على الفقير، بل يُسخره لخدمته، وإن أقرضه مالا؛ فإنه يقرضه بالربا، فإذا اقترض الفقير دينارًا؛ يرده دينارين، فيزداد الفقير فقرًا، ويزداد الغني ثراءً، وكانت القبائل متفرقة، لكل قبيلة رئيس، لا يخضعون لقانون منظم، و انتشر الرق و العبودية بسبب كثرة الحروب وكان استخدام الرقيق يتم بصورة وحشية غير آدمية، وكانوا يتعرضون للقَمعِ والذل والإهانة، يُضربون كالبهائم بالسوط (الكرباج) لا لشىء إلا لمجرد لذة السيادة ويتم استخدامهم فى الأعمال الشاقة والمهينة فى شدة الحر والبرد وهم مقيدون بالحديد حتى لا يهربوا وليس لهم أدنى حق حتى فى الشكوى وكان يُنظر لهم على أنهم أشياء ليسوا كبقية البشر خُلِقوا ليُستعبدوا
- و كان العرب قبل الإسلام أمة أمية، لا تعرف القراءة والكتابة إلا فى نطاق ضيق، ولم يكن الذين يعرفونها فى مكة- مثلاً- يزيدون على عشرين شخصًا
الوضع العالمي: أما بالنسبة للوضع خارج شبه الجزيرة العربية فليس الحال بأفضل مما رأينا، فقد كانت الإمبراطوريتان السائدتان فى ذلك الوقت هما إمبراطورية الفرس وإمبراطورية الروم ، وكانت هاتان الإمبراطوريتان سيدتى العالم فى ذلك الوقت، بلا منازع أو شريك
فى بلاد الروم - انتشر الظلم والقهر فى بلاد الروم ؛ فقد فرضت الضرائب الباهظة على الشعوب الكادحة فى حين سبحت الطبقة الحاكمة فى بحور الملذات والترف والإسراف والانشغال بالملذات عن مصالح الشعوب
- و قد كانت هذه البلاد تعيش فى ظلمات الجهل والأمية، لا تعرف عن العلم شيئا تسيطر الخرافات على تفكيرها
والمغالاة فى بعض الأفكار، ففى رومية اجتمع مجمع كبير يبحث في شئون المرأة؛ فقرر بعد عدة اجتماعات أن المرأة كائن لا نفس له، وأنها لهذا لن ترث الحياة الأخروية، وأنها رجس، ويجب ألا تأكل اللحم وألا تضحك، ومنعوها من الكلام حتى وضعوا على فمها قُفلاً من الحديد؛ فكانت المرأة من أعلى الأُسر وأدناها تروح وتغدو في الطريق أو في دارها وعلى فمها قُفلٌ
- و مزقت الخلافات العقائدية بين طوائف النصارى أواصر هذه الدولة ، فكان لكل طائفة كتابها المقدس المختلف عن الأخرى فى بعض أجزائه ، كما كان لكل طائفة كنائسها التي لا تسمح لأبناء الطائفة الأخرى بالصلاة فيها، بل كانت الطائفة القوية تمارس أشد انواع الاضطهاد و التعذيب للطوائف الضعيفة كما كان يحدث فى مصر ولهذا كله كان الفتح الإسلامي لمصر يشكل لأقباطها خلاصًا من اضطهاد وتعذيب الدولة الرومانية لهم، فقد رحمهم المسلمون من هذا الاضطهاد وتركوا من شاء منهم على دينه
و كان الناس في إيطاليا يسجدون للبابا ، ويقبلون قدمه حتى يأذن لهم بالقيام
- و نتيجة لشتي أنواع الظلم الذي كان يمارس فى الدول الرومانية أصيبت الدولة الرومانية بانحلال خلقي عظيم ، نتج عن تأخر سن الزواج بسبب تركز الثروات الضخمة فى أيدي قلّة قليلة من أولى النفوذ، بينما يعيش الشعب في فقر شديد، فلم يعد الشباب يملك ما يتزوج به، فانصرف إلى الزنا، والعلاقات المشبوهة، وفضل العزوبة على الزواج
كما أصبحت الرشوة أصلا فى التعامل مع موظفي الدولة، لإنجاز أي عمل أو الحصول على أي حق ، كما توحشت طباعهم و ظهر ذلك جليا فى لهوهم و حروبهم على السواء ، ففى اللهو كان من وسائل التسلية لديهم: صراع العبيد مع الوحوش المفترسة في أقفاص مغلقة، بينما يستمتع الأمراء والوزراء بمشاهدة الوحوش وهي تفترس العبيد، وفى حروبهم : كانوا يتعاملون مع عدوهم بهمجية ووحشية، و يذكر لنا التاريخ ما حدث فى عهد الإمبراطور (فسبسيان)، حينما حاصر الرومان اليهود فى القدس - وكان اليهود يسمونها أورشليم - لمدة خمسة أشهر، انتهت فى سبتمبر سنة(70) ميلادية، ثم سقطت المدينة فى أشد هزيمة مهينة عرفها التاريخ
فقد أمر الرومان اليهود أن يقتلوا أبناءهم ونساءهم بأيديهم وقد استجاب اليهود لهم من شدة الرعب، وطمعًا فى النجاة فهم أحرص الناس على حياة ولو كانت حياة ذليلة مهينة، ثم بدأ الرومان يجرون القرعة بين كل يهوديين، ومن يفوز بالقرعة يقوم بقتل صاحبه، حتى أبيد اليهود في القدس عن آخرهم، وسقطت دولتهم، ولم ينج منهم سوى الشريد وأولئك الذين كانوا يسكنون فى أماكن بعيدة
فى بلاد فارس - أما فى دولة الفرس ، فقد كان الوضع على الدرجة نفسها من السوء
فقد كان هناك تمايز طبقي فهناك طبقة سبحت فى بحور الملذات و الترف والإسراف وهي الطبقة العليا ، أما الطبقة الثانية و هي بقية الشعب فقد كانت ترضخ للمعاناة والفقر والحرمان ، بل تتحمل أعباء بذخ هذه الطبقة على كاهلها
وكان الفقراء محرومين من أبسط حقوقهم الإنسانية، وكانوا يعيشون كالعبيد
- أما التعليم، فكان مقصورا على الأمراء والأثرياء فقط، وحرم باقى الشعب من حقه الطبيعي فى اكتساب العلوم والمعارف، وعاش فى أحضان الجهل
- كذلك انتشرت الإباحية والفساد وحالات هتك الأعراض و زواج المحارم
- وكان الملوك يعتبرون أنفسهم من نسل آخر مختلف عن البشر، ففيهم يجري دم الآلهة، ولهم الحرية فى أن يفعلوا فى الناس ما يشاؤون
و كانوا الناس يعظمونهم؛ فكان الرجل إذا دخل على كسرى ارتمى ساجدًا على الأرض، فلا يقوم حتى يؤذن له
- كانت الديانة السائدة فى فارس هي عبادة النار، وهي ديانة (زرادشت)، وهو الذي دعا إلى تقديس النار، وقال: إنّ نور الإله يسطع فى كل ما هو مشرق ملتهب، وحرّم الأعمال التي تتطلب نارًا، فاكتفى بالزراعة والتجارة فقط ولمّا كانت النار لا توحي إلى عبادها بشريعة، ولا تضع لهم منهاجًا، فقد شرع الناس لأنفسهم حسبما تريد أهواؤهم، وعمَّ الفساد كل شيء في فارس
وكان العالم في ذلك الوقت يعيش تحت لواء الحروب المتواصلة بين الفرس والروم، كما كانت الحروب قائمة بين القبائل العربية، وكأن الحرب هي الملاذ الوحيد آنذاك للعيش في هذه الحياة! سنوات طويلة من الحروب المتواصلة، والفقر والظلم والاستبداد والقهر للشعوب
فكانت هذه الشعوب قد فاض بها، وأصبحت في أمس الحاجة إلى نهر طاهر ترتوي منه، وتغسل فيه همومها، وعدل صارم، لا يجامل الأثرياء على حساب الفقراء، فأرسل الله تعالي نبي الرحمة ليخرج الناس من الظلمات إلي النور

0 Comments 0 Shares 61 Views 0 Reviews