ألا تُبايِعون رسولَ اللهِ ؟ وكنا حديثَ عهدٍ ببَيعةٍ . فقلنا : قد بايعناك يا رسولَ اللهِ ! ثم قال : ألا تبايعون رسولَ اللهِ ؟ فقلنا : قد بايَعْناك يا رسولَ اللهِ ! ثم قال : ألا تُبايعون رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ؟ قال : فبسطْنا أيديَنا..."> ألا تُبايِعون رسولَ اللهِ ؟ وكنا حديثَ عهدٍ ببَيعةٍ . فقلنا : قد بايعناك يا رسولَ اللهِ ! ثم قال : ألا تبايعون رسولَ اللهِ ؟ فقلنا : قد بايَعْناك يا رسولَ اللهِ ! ثم قال : ألا تُبايعون رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ؟ قال : فبسطْنا أيديَنا..." /> ألا تُبايِعون رسولَ اللهِ ؟ وكنا حديثَ عهدٍ ببَيعةٍ . فقلنا : قد بايعناك يا رسولَ اللهِ ! ثم قال : ألا تبايعون رسولَ اللهِ ؟ فقلنا : قد بايَعْناك يا رسولَ اللهِ ! ثم قال : ألا تُبايعون رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ؟ قال : فبسطْنا أيديَنا..." />

ألا تُبايِعون رسولَ اللهِ ؟ وكنا حديثَ عهدٍ ببَيعةٍ . فقلنا : قد بايعناك يا رسولَ اللهِ ! ثم قال : ألا تبايعون رسولَ اللهِ ؟ فقلنا : قد بايَعْناك يا رسولَ اللهِ ! ثم قال : ألا تُبايعون رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ؟ قال : فبسطْنا أيديَنا وقلنا : قد بايَعْناك يا رسولَ اللهِ ! فعلام نُبايِعُك ؟ قال : على أن تعبدوا اللهَ ولا تشركوا به شيئًا . والصلواتِ الخمسِ . وتطيعوا ( وأسرَّ كلمةً خفيَّةً ) ولا تسألوا الناسَ شيئًا ، فلقد رأيتُ بعضَ أولئكِ النَّفَرِ يسقُطُ سوطُ أحدِهم . فما يسألُ أحدًا يناوِلُه إياه .

شرح الحديث

هذا الحديثُ النَّبَوِيُّ يَطلُب فيه النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم من أصحابِه أنْ يُبايِعُوه: على التوحيدِ، وإقامةِ الصَّلاةِ، وعدمِ طَلَبِ شيءٍ مِنَ العِبَادِ؛ ففِيه تربِيَةٌ رُوحِيَّةٌ بالتوحيدِ والصلاةِ، وتَهذِيبٌ نَفْسِيٌّ للمسلمين بأن يُفرِدوا ربَّهم بالسؤال، وفي ذلك عِفَّةٌ لأنفسِهم، وحَمْلٌ منه صلَّى الله عليه وسلَّم على مَكارِم الأخلاقِ والتَّرفُّعِ عن تحمُّلِ مِنَنِ الخَلْقِ، وتعليمُ الصبرِ على مَضَضِ الحاجاتِ، والاستغناءِ عن الناس، وعِزَّةِ النُّفوسِ.
وبَدَأ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم حديثَه بِجَذْبِ الانتِباهِ وتَحفِيزِ العُقولِ بقولِه: "ألَا تُبايِعُونَ رسولَ الله؟": (ألَا) هنا للعَرْضِ والتَّحضِيضِ، ومعناها طلَبُ الشيءِ، وفيه الحثُّ على مُبايَعَتِه صلَّى الله عليه وسلَّم، وإنَّما قال: "تُبايِعون رسولَ الله" ولم يقل (تُبايِعُونني) تَنبِيهًا على أنَّ العِلَّةَ الباعِثَةَ على المُبايَعَةِ هي الرِّسالَةُ. فردَّدَ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم وكرَّر مَقالَتَه المذكورةَ: "ألَا تُبايِعون رسولَ الله" ثلاثَ مرَّاتٍ؛ تأكيدًا عليهم، قال عَوْفُ بنُ مالِكٍ راوِي الحديثِ: "فقَدَّمْنا أَيْدِيَنا"، أي: مَدَدْنا أيدِيَنا لِلمُبايَعَةِ؛ امتِثالًا لأمرِه صلَّى الله عليه وسلَّم، "فبَايَعْناه" أي أَرَدْنا مُبايَعَتَه، "فقلنا: يا رسولَ الله، قد بايَعْناك" وإنَّما قالوا ذلك لِظَنِّهم أنَّه نَسِيَ صلَّى الله عليه وسلَّم أنَّهم قد بايَعُوه قَبْلَ ذلك، حيثُ إنَّهم كانوا قَرِيبِي عهدٍ بالمُبايَعَةِ؛ ففي روايةِ أبي دَاوُدَ: "وكُنَّا حديثَ عهدٍ بِبَيْعَةٍ"، فأرادوا تذكيرَه بذلك، أو أنَّهم أرادوا أن يَستَوْضِحوا ما البَيْعَةُ المطلوبةُ منهم الآنَ؟ كما يدلُّ عليه قولُهم: "فعَلامَ؟"، أي: على أيِّ شيءٍ نُبايِعُك؟
قال صلَّى الله عليه وسلَّم: "على أن تَعبُدوا الله"، أي: تُبايِعونني على عبادةِ الله تعالى وطاعتِه، "ولا تُشرِكوا به شيئًا"، أي: وألَّا تُشرِكوا به شيئًا مِن الأشياءِ، ولا تُشرِكوا به شيئًا مِنَ الشِّركِ الأكبرِ، والأصغرِ، والجَلِيِّ، والخَفِيِّ، والأمرُ الثاني: هو المُبايَعَةُ على إقامةِ "الصَّلوات الخَمْس"، قال عَوْفٌ رضِي اللهُ عنه: "وأَسَرَّ"، أي: أَخْفَى النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم "كَلِمَةً خَفِيَّةً"، أي: لم يَجْهَرْ بها كما جَهَرَ بما تقدَّم، وفسَّرها بقولِه: "ألَّا تَسأَلُوا الناسَ شيئًا"، أي: هذه الكلمةُ الخَفِيَّةُ هي عدمُ سؤالِ الناسِ شيئًا، وهو حثٌّ على العِفَّةِ، وإفرادِ الله بإنزالِ الحاجاتِ به، وعدمِ سؤالِ أحدٍ من العِبادِ شيئًا، ويُشبِهُ أن يكونَ صلَّى الله عليه وسلَّم أَسَرَّ النهيَ عن السؤالِ لِيَخُصَّ به بعضَهم دونَ بعضٍ ولا يَعُمَّهم بذلك؛ لأنَّه لا يُمكِنُ العُمومُ؛ إذ لا بُدَّ مِن السؤالِ ولا بُدَّ من التعفُّفِ، ولا بُدَّ مِن الغِنَى ولا بُدَّ مِن الفَقْرِ، وقد قَضَى الله تبارك وتعالى بذلك كلِّه، فلا بُدَّ أن يَنقَسِمَ الخَلْقُ إلى الوَجْهَيْنِ.
والمرادُ بالسؤالِ المنهيِّ عنه: السؤالُ المتعلِّقُ بالأُمورِ الدُّنيوِيَّةِ، فلا يَتناوَلُ السؤالَ عن العِلْمِ وأمورِ الدِّينِ؛ لقولِه تعالى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [النحل: ].
ثُمَّ قال عَوْفٌ راوِي الحديث: "فلقد رأيتُ بعضَ أولئك النَّفَرِ يَسقُط سَوْطُ أحدِهم، فما يَسأَلُ أحدًا يُناوِلُه إيَّاه" أي أنَّ بعضَهم حَمَل النهيَ عن السؤالِ على العُمومِ، فلم يَكُنْ يَسأَلُ أحدًا أن يُناوِلَه أيَّ شيءٍ سَقَط منه؛ امتِثالًا لِمَا بايَعَ عليه النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم.
وفي الحديثِ: التَّنفِيرُ مِن سؤالِ الناسِ، ولو يسيرًا.
وفيه: الأخْذُ بالعُمومِ؛ لأنَّهم نُهُوا عن السُّؤالِ، فحَمَلوه على العُمومِ.

صحيح مسلم

ألا تُبايِعون رسولَ اللهِ ؟ وكنا حديثَ عهدٍ ببَيعةٍ . فقلنا : قد بايعناك يا رسولَ اللهِ ! ثم قال : ألا تبايعون رسولَ اللهِ ؟ فقلنا : قد بايَعْناك يا رسولَ اللهِ ! ثم قال : ألا تُبايعون رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ؟ قال : فبسطْنا أيديَنا وقلنا : قد بايَعْناك يا رسولَ اللهِ ! فعلام نُبايِعُك ؟ قال : على أن تعبدوا اللهَ ولا تشركوا به شيئًا . والصلواتِ الخمسِ . وتطيعوا ( وأسرَّ كلمةً خفيَّةً ) ولا تسألوا الناسَ شيئًا ، فلقد رأيتُ بعضَ أولئكِ النَّفَرِ يسقُطُ سوطُ أحدِهم . فما يسألُ أحدًا يناوِلُه إياه .

شرح الحديث

هذا الحديثُ النَّبَوِيُّ يَطلُب فيه النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم من أصحابِه أنْ يُبايِعُوه: على التوحيدِ، وإقامةِ الصَّلاةِ، وعدمِ طَلَبِ شيءٍ مِنَ العِبَادِ؛ ففِيه تربِيَةٌ رُوحِيَّةٌ بالتوحيدِ والصلاةِ، وتَهذِيبٌ نَفْسِيٌّ للمسلمين بأن يُفرِدوا ربَّهم بالسؤال، وفي ذلك عِفَّةٌ لأنفسِهم، وحَمْلٌ منه صلَّى الله عليه وسلَّم على مَكارِم الأخلاقِ والتَّرفُّعِ عن تحمُّلِ مِنَنِ الخَلْقِ، وتعليمُ الصبرِ على مَضَضِ الحاجاتِ، والاستغناءِ عن الناس، وعِزَّةِ النُّفوسِ. وبَدَأ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم حديثَه بِجَذْبِ الانتِباهِ وتَحفِيزِ العُقولِ بقولِه: "ألَا تُبايِعُونَ رسولَ الله؟": (ألَا) هنا للعَرْضِ والتَّحضِيضِ، ومعناها طلَبُ الشيءِ، وفيه الحثُّ على مُبايَعَتِه صلَّى الله عليه وسلَّم، وإنَّما قال: "تُبايِعون رسولَ الله" ولم يقل (تُبايِعُونني) تَنبِيهًا على أنَّ العِلَّةَ الباعِثَةَ على المُبايَعَةِ هي الرِّسالَةُ. فردَّدَ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم وكرَّر مَقالَتَه المذكورةَ: "ألَا تُبايِعون رسولَ الله" ثلاثَ مرَّاتٍ؛ تأكيدًا عليهم، قال عَوْفُ بنُ مالِكٍ راوِي الحديثِ: "فقَدَّمْنا أَيْدِيَنا"، أي: مَدَدْنا أيدِيَنا لِلمُبايَعَةِ؛ امتِثالًا لأمرِه صلَّى الله عليه وسلَّم، "فبَايَعْناه" أي أَرَدْنا مُبايَعَتَه، "فقلنا: يا رسولَ الله، قد بايَعْناك" وإنَّما قالوا ذلك لِظَنِّهم أنَّه نَسِيَ صلَّى الله عليه وسلَّم أنَّهم قد بايَعُوه قَبْلَ ذلك، حيثُ إنَّهم كانوا قَرِيبِي عهدٍ بالمُبايَعَةِ؛ ففي روايةِ أبي دَاوُدَ: "وكُنَّا حديثَ عهدٍ بِبَيْعَةٍ"، فأرادوا تذكيرَه بذلك، أو أنَّهم أرادوا أن يَستَوْضِحوا ما البَيْعَةُ المطلوبةُ منهم الآنَ؟ كما يدلُّ عليه قولُهم: "فعَلامَ؟"، أي: على أيِّ شيءٍ نُبايِعُك؟ قال صلَّى الله عليه وسلَّم: "على أن تَعبُدوا الله"، أي: تُبايِعونني على عبادةِ الله تعالى وطاعتِه، "ولا تُشرِكوا به شيئًا"، أي: وألَّا تُشرِكوا به شيئًا مِن الأشياءِ، ولا تُشرِكوا به شيئًا مِنَ الشِّركِ الأكبرِ، والأصغرِ، والجَلِيِّ، والخَفِيِّ، والأمرُ الثاني: هو المُبايَعَةُ على إقامةِ "الصَّلوات الخَمْس"، قال عَوْفٌ رضِي اللهُ عنه: "وأَسَرَّ"، أي: أَخْفَى النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم "كَلِمَةً خَفِيَّةً"، أي: لم يَجْهَرْ بها كما جَهَرَ بما تقدَّم، وفسَّرها بقولِه: "ألَّا تَسأَلُوا الناسَ شيئًا"، أي: هذه الكلمةُ الخَفِيَّةُ هي عدمُ سؤالِ الناسِ شيئًا، وهو حثٌّ على العِفَّةِ، وإفرادِ الله بإنزالِ الحاجاتِ به، وعدمِ سؤالِ أحدٍ من العِبادِ شيئًا، ويُشبِهُ أن يكونَ صلَّى الله عليه وسلَّم أَسَرَّ النهيَ عن السؤالِ لِيَخُصَّ به بعضَهم دونَ بعضٍ ولا يَعُمَّهم بذلك؛ لأنَّه لا يُمكِنُ العُمومُ؛ إذ لا بُدَّ مِن السؤالِ ولا بُدَّ من التعفُّفِ، ولا بُدَّ مِن الغِنَى ولا بُدَّ مِن الفَقْرِ، وقد قَضَى الله تبارك وتعالى بذلك كلِّه، فلا بُدَّ أن يَنقَسِمَ الخَلْقُ إلى الوَجْهَيْنِ. والمرادُ بالسؤالِ المنهيِّ عنه: السؤالُ المتعلِّقُ بالأُمورِ الدُّنيوِيَّةِ، فلا يَتناوَلُ السؤالَ عن العِلْمِ وأمورِ الدِّينِ؛ لقولِه تعالى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [النحل: ]. ثُمَّ قال عَوْفٌ راوِي الحديث: "فلقد رأيتُ بعضَ أولئك النَّفَرِ يَسقُط سَوْطُ أحدِهم، فما يَسأَلُ أحدًا يُناوِلُه إيَّاه" أي أنَّ بعضَهم حَمَل النهيَ عن السؤالِ على العُمومِ، فلم يَكُنْ يَسأَلُ أحدًا أن يُناوِلَه أيَّ شيءٍ سَقَط منه؛ امتِثالًا لِمَا بايَعَ عليه النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم. وفي الحديثِ: التَّنفِيرُ مِن سؤالِ الناسِ، ولو يسيرًا. وفيه: الأخْذُ بالعُمومِ؛ لأنَّهم نُهُوا عن السُّؤالِ، فحَمَلوه على العُمومِ.

صحيح مسلم
0 Comments 0 Shares 73 Views 0 Reviews