• ولادة النبي ﷺ

    في شهر ربيع الأول على المشهور امتن الله تبارك وتعالى على البشرية بولادة سيد المرسلين وإمام المتقين وقائد الغر المحجّلين، وذلك بعد حادثة الفيل بأشهر في مكة المكرمة، وولد يتيم الأب وذلك أن أباه مات وأمه حامل به، وكانت ولادته ﷺ ولادة معتادة لم يتمكن المؤرخون كما يذكر أهل العلم من تحديد يوم مولده وشهره على وجه الدقة، أما يوم المولد من أيام الأسبوع فهو يوم الاثنين كما قال النبي ﷺ: `يوم الاثنين يوم ولدت فيه` أخرجه مسلم(1)، ولكن في أي اثنين الله أعلم.
    قيل في التاسع من ربيع الأول، وقيل في الثاني عشر وقيل غير ذلك وقيل في رمضان ولكن المشهور أنه في الثاني عشر من ربيع الأول.
    وتحديد يوم ميلاده ﷺ لا يرتبط به شيء من الناحية الشرعية وأما ما يقوم به كثير من الناس في كثير من بلاد المسلمين من الاحتفال بيوم مولد النبي ﷺ فإنه عمل غير صالح، وذلك لأمور منها:
    أولاً: إنه لا يعرف مولده على الدقة ﷺ.
    ثانياً: لم يحتفل النبي ﷺ بيوم مولده في حياته أبداً مع أنه عاش ثلاثاً وستين سنة ﷺ.
    ثالثاً: لم يحتفل الصحابة ولا التابعون ولا الأمة المتبوعون وغيرهم من العلماء بيوم مولده ولو كان خيراً لسبقونا إليه.
    رابعاً: إن النبي ﷺ لم يأمرنا بذلك مع أنه قال: `ما تركت خيراً يقربكم إلى الله والجنة إلا وقد أمرتكم به`.
    خامساً: المتفق عليه بين أهل العلم أن الثاني عشر من ربيع الأول هو يوم وفاته ﷺ فلو احتفلنا في هذا اليوم فكأننا نحتفل بيوم وفاته.
    فما لم يأمرنا به ﷺ فليس بخير فالخير كل الخير في الاتباع والشر كل الشر في الابتداع ولذلك قال النبي ﷺ: `من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد` أخرجه البخاري ومسلم(1) أي مردود على صاحبه.
    * * *

    ولادة النبي ﷺ

    في شهر ربيع الأول على المشهور امتن الله تبارك وتعالى على البشرية بولادة سيد المرسلين وإمام المتقين وقائد الغر المحجّلين، وذلك بعد حادثة الفيل بأشهر في مكة المكرمة، وولد يتيم الأب وذلك أن أباه مات وأمه حامل به، وكانت ولادته ﷺ ولادة معتادة لم يتمكن المؤرخون كما يذكر أهل العلم من تحديد يوم مولده وشهره على وجه الدقة، أما يوم المولد من أيام الأسبوع فهو يوم الاثنين كما قال النبي ﷺ: `يوم الاثنين يوم ولدت فيه` أخرجه مسلم(1)، ولكن في أي اثنين الله أعلم.
    قيل في التاسع من ربيع الأول، وقيل في الثاني عشر وقيل غير ذلك وقيل في رمضان ولكن المشهور أنه في الثاني عشر من ربيع الأول.
    وتحديد يوم ميلاده ﷺ لا يرتبط به شيء من الناحية الشرعية وأما ما يقوم به كثير من الناس في كثير من بلاد المسلمين من الاحتفال بيوم مولد النبي ﷺ فإنه عمل غير صالح، وذلك لأمور منها:
    أولاً: إنه لا يعرف مولده على الدقة ﷺ.
    ثانياً: لم يحتفل النبي ﷺ بيوم مولده في حياته أبداً مع أنه عاش ثلاثاً وستين سنة ﷺ.
    ثالثاً: لم يحتفل الصحابة ولا التابعون ولا الأمة المتبوعون وغيرهم من العلماء بيوم مولده ولو كان خيراً لسبقونا إليه.
    رابعاً: إن النبي ﷺ لم يأمرنا بذلك مع أنه قال: `ما تركت خيراً يقربكم إلى الله والجنة إلا وقد أمرتكم به`.
    خامساً: المتفق عليه بين أهل العلم أن الثاني عشر من ربيع الأول هو يوم وفاته ﷺ فلو احتفلنا في هذا اليوم فكأننا نحتفل بيوم وفاته.
    فما لم يأمرنا به ﷺ فليس بخير فالخير كل الخير في الاتباع والشر كل الشر في الابتداع ولذلك قال النبي ﷺ: `من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد` أخرجه البخاري ومسلم(1) أي مردود على صاحبه.
    * * *
    0 التعليقات 0 المشاركات 540 مشاهدة 0 معاينة
  • الهجرة إلى الحبشة

    كان من حرص النبي ﷺ على أصحابه أنه لما رأى كثرة الاضطهاد أمرهم بالهجرة إلى الحبشة، وكان ملك الحبشة حينئذ يقال له أصحمة، وقد ذُكر بالعدل، فقال النبي ﷺ لبعض المسلمين: اذهبوا إلى أصحمة فإنه ملك عادل لا يُظْلم عنده أحد(1).
    وكانت الهجرة الأولى سنة خمس من النبوة فهاجر اثنا عشر رجلاً وأربع نسوة وكان رئيسهم عثمان بن عفان رضي الله تبارك وتعالى عنهم ومعه بنت النبي ﷺ رقية رضي الله تبارك وتعالى عنها.
    وحدث في تلك السنة في رمضان أن النبي ﷺ خرج إلى الحرم، وهناك جمع كبير من قريش في نواديهم كما هي عادتهم فقام فيهم وأخذ يتلو سورة النجم {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى (1) مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى (2) وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4) عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى} [النجم: 1 - 5] هذه السورة بما احتوته من معان وألفاظ عجيبة لم يسمعوا مثلها أبداً.
    فلما وصل ﷺ إلى هذه الآية {فَاسْجُدُوا لِلَّـهِ وَاعْبُدُوا} [النجم: 62] سجد صلوات الله وسلامه عليه، فلم يتمالك أحد منهم نفسه حتى خروا ساجدين، كل أهل مكة، وذلك أن روعة هذه الآيات أخذت بألبابهم فظن بعض الناس أنهم آمنوا، وأنهم تابعوا النبي ﷺ ، ووصل الخبر إلى أهل الحبشة أن قريشاً كلها دخلت في الإسلام، فرجعوا إلى مكة في السنة نفسها في شوال، فلما وصلوا تبين لهم أن الأمر ليس كذلك، وأن ذلك السجود إنما وقع منهم اعترافاً وإقراراً من داخل نفوسهم بصحة نسبة هذا القرآن إلى الله تبارك وتعالى لا اتباعاً للنبي ﷺ.
    المهاجرون إلى الحبشة:
    جعفر بن أبي طالب، عثمان بن عفان، خالد بن سعيد بن العاص، عبد الله بن جعفر ولد بالحبشة، أبو سلمة بن عبد الأسد، حاطب بن الحارث، ابن وهب عبد الله بن شهاب بن الحارث، معمر بن عبد الله من بني عدي، المطلب بن أزهر، سفيان بن معمر، شرحبيل بن حسنة، عمرو بن سعيد بن العاص، عبيد الله بن حجش.
    المهاجرات إلى الحبشة:
    أسماء بنت عميس، رقية بنت النبي، همينة بنت خالد، أمة بنت خالد بن سعيد، أم سلمة، أم حبيبة بنت أبي سفيان.

    الهجرة إلى الحبشة

    كان من حرص النبي ﷺ على أصحابه أنه لما رأى كثرة الاضطهاد أمرهم بالهجرة إلى الحبشة، وكان ملك الحبشة حينئذ يقال له أصحمة، وقد ذُكر بالعدل، فقال النبي ﷺ لبعض المسلمين: اذهبوا إلى أصحمة فإنه ملك عادل لا يُظْلم عنده أحد(1).
    وكانت الهجرة الأولى سنة خمس من النبوة فهاجر اثنا عشر رجلاً وأربع نسوة وكان رئيسهم عثمان بن عفان رضي الله تبارك وتعالى عنهم ومعه بنت النبي ﷺ رقية رضي الله تبارك وتعالى عنها.
    وحدث في تلك السنة في رمضان أن النبي ﷺ خرج إلى الحرم، وهناك جمع كبير من قريش في نواديهم كما هي عادتهم فقام فيهم وأخذ يتلو سورة النجم {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى (1) مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى (2) وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4) عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى} [النجم: 1 - 5] هذه السورة بما احتوته من معان وألفاظ عجيبة لم يسمعوا مثلها أبداً.
    فلما وصل ﷺ إلى هذه الآية {فَاسْجُدُوا لِلَّـهِ وَاعْبُدُوا} [النجم: 62] سجد صلوات الله وسلامه عليه، فلم يتمالك أحد منهم نفسه حتى خروا ساجدين، كل أهل مكة، وذلك أن روعة هذه الآيات أخذت بألبابهم فظن بعض الناس أنهم آمنوا، وأنهم تابعوا النبي ﷺ ، ووصل الخبر إلى أهل الحبشة أن قريشاً كلها دخلت في الإسلام، فرجعوا إلى مكة في السنة نفسها في شوال، فلما وصلوا تبين لهم أن الأمر ليس كذلك، وأن ذلك السجود إنما وقع منهم اعترافاً وإقراراً من داخل نفوسهم بصحة نسبة هذا القرآن إلى الله تبارك وتعالى لا اتباعاً للنبي ﷺ.
    المهاجرون إلى الحبشة:
    جعفر بن أبي طالب، عثمان بن عفان، خالد بن سعيد بن العاص، عبد الله بن جعفر ولد بالحبشة، أبو سلمة بن عبد الأسد، حاطب بن الحارث، ابن وهب عبد الله بن شهاب بن الحارث، معمر بن عبد الله من بني عدي، المطلب بن أزهر، سفيان بن معمر، شرحبيل بن حسنة، عمرو بن سعيد بن العاص، عبيد الله بن حجش.
    المهاجرات إلى الحبشة:
    أسماء بنت عميس، رقية بنت النبي، همينة بنت خالد، أمة بنت خالد بن سعيد، أم سلمة، أم حبيبة بنت أبي سفيان.
    0 التعليقات 0 المشاركات 373 مشاهدة 0 معاينة
  • قصة طريقة نافعة

    بعث النبي ﷺ علي بن أبي طالب والزبير بن العوام وسعد بن أبي وقاص في نفر إلى ماء بدر فوجدوا غلامين يستقيان لجيش مكة فقبضوا عليهما وجاؤوا بهما إلى الرسول ﷺ وكان يصلي فسألوا الرجلين: من أنتما؟ قالا: نحن سقاة قريش بعثونا نسقي لهم من الماء. فكَرِه القوم ذلك ورجوا أن يكونا لأبي سفيان؛ لأنهم يريدون العير فضربوهما حتى يعترفا أنهما لأبي سفيان، ولما زاد الضرب قال الغلامان: نحن لأبي سفيان. فتركوهما، فلما فرغ النبي ﷺ من الصلاة التفت إلى أصحابه وقال: `إذا صدقاكم ضربتموهما وإذا كذباكم تركتموهما صدقا والله إنهما لقريش`. ثمّ التفت إلى الغلامين وقال: `أخبراني عن قريش؟` قالا: هم وراء هذا الكثيب وأشارا إلى مكان، فقال لهما النبي ﷺ: كم القوم؟ قالا: كثير. قال: `ما عدتهم؟` قالا: لا ندري. قال: `كم ينحرون كل يوم؟` قالا: يوماً تسعاً ويوماً عشراً (يعني من الإبل) فقال الرسول ﷺ: `القوم فيما بين التسعمائة إلى الألف` ثمّ قال لهما: فمن فيهم من أشراف قريش؟ قالا: فيهم عتبة وشيبة ابنا ربيعة وفيهم أبو البختري بن هشام وحكيم بن حزام ونوفل بن خويلد والحارث بن عامر وطعيمة بن عدي والنضر وزمعة وأبو جهل وأمية بن خلف. وسموا له رجالاً من مكة، فأقبل النبي ﷺ على الناس وقال: `هذه مكة قد ألقت إليكم أفلاذ كبدها`. ثمّ اقترح سعد بن معاذ على النبي ﷺ أن يكون في عريش بعيداً عن المعركة حتى يكون هذا أحفظ للنبي ﷺ ، وقال للنبي ﷺ: يا نبي الله ألا نبني لك عريشاً تكون فيه ونعدّ عندك ركائبك ثمّ نلقى عدونا، فإن أعزنا الله وأظهرنا على عدونا كان ذلك ما أحببنا، وإن كانت الأخرى جلست على ركائبك فلحقت بقومنا فإنه قد تخلف عنك أقوام يا نبي الله ما نحن بأشد لك حباً منهم، ولو ظنوا أنك تلقى حرباً ما تخلفوا عنك. فأثنى النبي ﷺ على رأيه خيراً وكان في العريش صلوات الله وسلامه عليه، ثم عبأ النبي ﷺ جيشه ومشى في موضع المعركة وجعل يشير بيده صلوات الله وسلامه عليه هذا مصرع فلان، وهذا مصرع فلان وهذا مصرع فلان يشير إلى الأماكن التي سيقتلون فيها وبات المسلمون تلك الليلة هادئي الأنفس.
    قال الله تبارك وتعالى: { إِذ يُغَشّيكُمُ النُّعاسَ أَمَنَةً مِنهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيكُم مِنَ السَّماءِ ماءً لِيُطَهِّرَكُم بِهِ وَيُذهِبَ عَنكُم رِجزَ الشَّيطانِ وَلِيَربِطَ عَلى قُلوبِكُم وَيُثَبِّتَ بِهِ الأَقدامَ} [الأنفال: 11] الأرض التي نزل بها المسلمون كانت قاسية فأنزل الله تبارك وتعالى عليها المطر فصارت لينة، والأرض التي نزل فيها المشركون كانت لينة فأنزل الله عليها المطر فأصبحت قيلة، لا يستطيعون الوقوف عليها من الزلق وكان ذلك في السابع عشر من رمضان في السنة الثانية من الهجرة.

    قصة طريقة نافعة

    بعث النبي ﷺ علي بن أبي طالب والزبير بن العوام وسعد بن أبي وقاص في نفر إلى ماء بدر فوجدوا غلامين يستقيان لجيش مكة فقبضوا عليهما وجاؤوا بهما إلى الرسول ﷺ وكان يصلي فسألوا الرجلين: من أنتما؟ قالا: نحن سقاة قريش بعثونا نسقي لهم من الماء. فكَرِه القوم ذلك ورجوا أن يكونا لأبي سفيان؛ لأنهم يريدون العير فضربوهما حتى يعترفا أنهما لأبي سفيان، ولما زاد الضرب قال الغلامان: نحن لأبي سفيان. فتركوهما، فلما فرغ النبي ﷺ من الصلاة التفت إلى أصحابه وقال: `إذا صدقاكم ضربتموهما وإذا كذباكم تركتموهما صدقا والله إنهما لقريش`. ثمّ التفت إلى الغلامين وقال: `أخبراني عن قريش؟` قالا: هم وراء هذا الكثيب وأشارا إلى مكان، فقال لهما النبي ﷺ: كم القوم؟ قالا: كثير. قال: `ما عدتهم؟` قالا: لا ندري. قال: `كم ينحرون كل يوم؟` قالا: يوماً تسعاً ويوماً عشراً (يعني من الإبل) فقال الرسول ﷺ: `القوم فيما بين التسعمائة إلى الألف` ثمّ قال لهما: فمن فيهم من أشراف قريش؟ قالا: فيهم عتبة وشيبة ابنا ربيعة وفيهم أبو البختري بن هشام وحكيم بن حزام ونوفل بن خويلد والحارث بن عامر وطعيمة بن عدي والنضر وزمعة وأبو جهل وأمية بن خلف. وسموا له رجالاً من مكة، فأقبل النبي ﷺ على الناس وقال: `هذه مكة قد ألقت إليكم أفلاذ كبدها`. ثمّ اقترح سعد بن معاذ على النبي ﷺ أن يكون في عريش بعيداً عن المعركة حتى يكون هذا أحفظ للنبي ﷺ ، وقال للنبي ﷺ: يا نبي الله ألا نبني لك عريشاً تكون فيه ونعدّ عندك ركائبك ثمّ نلقى عدونا، فإن أعزنا الله وأظهرنا على عدونا كان ذلك ما أحببنا، وإن كانت الأخرى جلست على ركائبك فلحقت بقومنا فإنه قد تخلف عنك أقوام يا نبي الله ما نحن بأشد لك حباً منهم، ولو ظنوا أنك تلقى حرباً ما تخلفوا عنك. فأثنى النبي ﷺ على رأيه خيراً وكان في العريش صلوات الله وسلامه عليه، ثم عبأ النبي ﷺ جيشه ومشى في موضع المعركة وجعل يشير بيده صلوات الله وسلامه عليه هذا مصرع فلان، وهذا مصرع فلان وهذا مصرع فلان يشير إلى الأماكن التي سيقتلون فيها وبات المسلمون تلك الليلة هادئي الأنفس.
    قال الله تبارك وتعالى: { إِذ يُغَشّيكُمُ النُّعاسَ أَمَنَةً مِنهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيكُم مِنَ السَّماءِ ماءً لِيُطَهِّرَكُم بِهِ وَيُذهِبَ عَنكُم رِجزَ الشَّيطانِ وَلِيَربِطَ عَلى قُلوبِكُم وَيُثَبِّتَ بِهِ الأَقدامَ} [الأنفال: 11] الأرض التي نزل بها المسلمون كانت قاسية فأنزل الله تبارك وتعالى عليها المطر فصارت لينة، والأرض التي نزل فيها المشركون كانت لينة فأنزل الله عليها المطر فأصبحت قيلة، لا يستطيعون الوقوف عليها من الزلق وكان ذلك في السابع عشر من رمضان في السنة الثانية من الهجرة.
    0 التعليقات 0 المشاركات 351 مشاهدة 0 معاينة
  • انطلاقة الجيش

    تحرك جيش النبي ﷺ في شهر رمضان بعد عشرة أيام منه من المدينة إلى مكة شرفها الله تبارك وتعالى ، وذلك في عشرة آلاف من أصحابه ﷺ ، وكان من بني سليم ألف ، ومن مزينة ألف، ومن غفار أربعمئة، ومن اسلم أربعمئة، وطوائف كثيرة من قيس وأسد وتميم وغيرهم والمهاجرون والأنصار من الأوس والخزرج.
    فلما وصل النبي ﷺ الجُحفة لقيه عمه العباس بن عبد المطلب وكان قد خرج مسلماً مهاجراً على الله ورسوله، فسار مع النبي ﷺ فلما بلغ الأبواء لقيه ابن عمه أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب وابن عمته عبد الله بن أبي أمية أخو هند بنت أبي أمية ( أم سلمة أم المؤمنين) (رضي الله عنها).
    وعبد الله بن أبي أمية هو الذي كان مع أبي جهل حين منعا أبي طالب أن يقول كلمة الإسلام قائلين: أتترك ملة عبد المطلب؟
    جاءا مسلمين فأعرض عنهما لما كان يلقاه منهما من شدة وأذى، اما أبو سفيان فكان يهجو النبي ﷺ في شعره فقالت له أم سلمة: يا رسول الله لا يكونا ابن عمك وابن عمتك أشقى الناس بك.
    وذهب أبو سفيان بن الحارث إلى علي بن أبي طالب وقال له : يا علي إني قد جئت مسلماً مهاجراً إلى الله ورسوله فما بال رسول الله يفعل بي هكذا؟ فقال علي: أما علمت مال فعلت برسول الله؟ تهجوه وتؤذيه.
    فقال: فما أصنع؟ هنا تنبه على (رضي الله عنه)، إلى قضية مهمة وهذا يدل على ذكائه واستحضاره فقال له: ائت رسول الله ﷺ من قِبل وجهه فقل له: تالله لقد آثرك الله علينا وإن كنا لخاطئين أي كما قال أخوة يوسف ليوسف فجاء أبو سفيان إلى النبي ﷺ فاستقبله في وجهه فقال: تالله لقد آثرك الله علينا وإن كنا لخاطئين.
    فقال رسول الله ﷺ كما قال أخوة يوسف: لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين.
    فقال أبو سفيان:
    لَعَمْرُكَ إِنِّي يَوْمَ أَحْمِلُ رَايَةً
    لِتَغْلِبَ خَيْلُ اللاَّتِ خَيْلَ مُحَمَّدِ
    لَكَالْمُدلِجِ الْحَيْرَانِ أَظْلَمَ لَيْلُهُ
    فَهَذا أَوَانِي حِينَ أُهْدَى فَأَهْتَدِي
    هَدَانِيَ هَادٍ غَيْرُ نَفْسِي وَدَلَّنِي
    عَلَى اللَّهِ مَنْ طَرَّدْتُ كُلَّ مُطَرَّدِ
    فضرب رسول الله ﷺ صدره وقال: أنت طردتني كل مطردش، وكان حسان بن ثابت شاعر الرسول ﷺ قد رد على أبي سفيان حين هجا رسول الله ﷺ ، وكان الرسول ﷺ يقول لحسان: إن روح القدس لا يزال يؤيدك ما نافحت عن الله ورسوله.
    وهذه قصيدة حسان التي رد فيها على أبي سفيان حين هجا رسول الله ﷺ :
    عَدِمْنَا خَيْلَنا، إنْ لم تَرَوْهَا تُثِيرُ النَّقْعَ، مَوْعِدُها كَدَاءُ
    يُنازِعنَ الأعنّة َ مُصْعِدَاتٍ، عَلَى أكْتافِهَا الأسَلُ الظِّماءُ
    تَظَلُّ جِيَادُنَا مُتَمَطِّرَاتٍ تلطمهنّ بالخمرِ النساءُ
    فإما تعرضوا عنا اعتمرنا، وكانَ الفَتْحُ، وانْكَشَفَ الغِطاءُ
    وإلا، فاصبروا لجلادِ يومٍ، يعزُّ اللهُ فيهِ منْ يشاءُ
    وَجِبْرِيلٌ أمِينُ اللَّهِ فِينَا، وَرُوحُ القُدْسِ لَيْسَ لَهُ كِفَاءُ
    وَقَالَ اللَّهُ: قَدْ أرْسَلْتُ عَبْداً يقولُ الحقَّ إنْ نفعَ البلاءُ
    شَهِدْتُ بِهِ، فَقُومُوا صَدِّقُوهُ! وقلتمْ: لا نقومُ ولا نشاءُ
    وَقَالَ اللَّهُ: قَدْ سّيرْتُ جُنْداً، همُ الأنصارُ، عرضتها اللقاءُ
    لنا في كلّ يومٍ منْ معدٍّ سِبابٌ،أوْ قِتَالٌ، أوْ هِجاءُ
    فنحكمُ بالقوافي منْ هجانا، ونضربُ حينَ تختلطُ الدماءُ
    ألا أبلغْ أبا سفيانَ عني، فأنتَ مجوفٌ نخبٌ هواءُ
    بأن سيوفنا تركتك عبدا وعبد الدار سادتها الإماء
    هجوتَ محمداً، فأجبتُ عنهُ، وعندَ اللهِ في ذاكَ الجزاءُ
    أتَهْجُوهُ، وَلَسْتَ لَهُ بكُفْءٍ، فَشَرُّكُما لِخَيْرِكُمَا الفِداءُ
    هجوتَ مباركاً، براً، حنيفاً، أمينَ اللهِ، شيمتهُ الوفاءُ
    فأمَنْ يَهْجُو رَسُولَ اللَّهِ مِنْكُمْ، ويمدحهُ، وينصرهُ سواءُ
    فَإنّ أبي وَوَالِدَهُ وَعِرْضي لعرضِ محمدٍ منكمْ وقاءُ
    لساني صارمٌ لا عيبَ فيهِ، وَبَحْرِي لا تُكَدِّرُهُ الّدلاءُ
    هذا شاعر سول الله ﷺ ينافح عنه فكان الرسول عليه الصلاة والسلام يقول: والله لشعر حسان اشد عليهم من وقع النبل.

    انطلاقة الجيش

    تحرك جيش النبي ﷺ في شهر رمضان بعد عشرة أيام منه من المدينة إلى مكة شرفها الله تبارك وتعالى ، وذلك في عشرة آلاف من أصحابه ﷺ ، وكان من بني سليم ألف ، ومن مزينة ألف، ومن غفار أربعمئة، ومن اسلم أربعمئة، وطوائف كثيرة من قيس وأسد وتميم وغيرهم والمهاجرون والأنصار من الأوس والخزرج.
    فلما وصل النبي ﷺ الجُحفة لقيه عمه العباس بن عبد المطلب وكان قد خرج مسلماً مهاجراً على الله ورسوله، فسار مع النبي ﷺ فلما بلغ الأبواء لقيه ابن عمه أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب وابن عمته عبد الله بن أبي أمية أخو هند بنت أبي أمية ( أم سلمة أم المؤمنين) (رضي الله عنها).
    وعبد الله بن أبي أمية هو الذي كان مع أبي جهل حين منعا أبي طالب أن يقول كلمة الإسلام قائلين: أتترك ملة عبد المطلب؟
    جاءا مسلمين فأعرض عنهما لما كان يلقاه منهما من شدة وأذى، اما أبو سفيان فكان يهجو النبي ﷺ في شعره فقالت له أم سلمة: يا رسول الله لا يكونا ابن عمك وابن عمتك أشقى الناس بك.
    وذهب أبو سفيان بن الحارث إلى علي بن أبي طالب وقال له : يا علي إني قد جئت مسلماً مهاجراً إلى الله ورسوله فما بال رسول الله يفعل بي هكذا؟ فقال علي: أما علمت مال فعلت برسول الله؟ تهجوه وتؤذيه.
    فقال: فما أصنع؟ هنا تنبه على (رضي الله عنه)، إلى قضية مهمة وهذا يدل على ذكائه واستحضاره فقال له: ائت رسول الله ﷺ من قِبل وجهه فقل له: تالله لقد آثرك الله علينا وإن كنا لخاطئين أي كما قال أخوة يوسف ليوسف فجاء أبو سفيان إلى النبي ﷺ فاستقبله في وجهه فقال: تالله لقد آثرك الله علينا وإن كنا لخاطئين.
    فقال رسول الله ﷺ كما قال أخوة يوسف: لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين.
    فقال أبو سفيان:
    لَعَمْرُكَ إِنِّي يَوْمَ أَحْمِلُ رَايَةً
    لِتَغْلِبَ خَيْلُ اللاَّتِ خَيْلَ مُحَمَّدِ
    لَكَالْمُدلِجِ الْحَيْرَانِ أَظْلَمَ لَيْلُهُ
    فَهَذا أَوَانِي حِينَ أُهْدَى فَأَهْتَدِي
    هَدَانِيَ هَادٍ غَيْرُ نَفْسِي وَدَلَّنِي
    عَلَى اللَّهِ مَنْ طَرَّدْتُ كُلَّ مُطَرَّدِ
    فضرب رسول الله ﷺ صدره وقال: أنت طردتني كل مطردش، وكان حسان بن ثابت شاعر الرسول ﷺ قد رد على أبي سفيان حين هجا رسول الله ﷺ ، وكان الرسول ﷺ يقول لحسان: إن روح القدس لا يزال يؤيدك ما نافحت عن الله ورسوله.
    وهذه قصيدة حسان التي رد فيها على أبي سفيان حين هجا رسول الله ﷺ :
    عَدِمْنَا خَيْلَنا، إنْ لم تَرَوْهَا تُثِيرُ النَّقْعَ، مَوْعِدُها كَدَاءُ
    يُنازِعنَ الأعنّة َ مُصْعِدَاتٍ، عَلَى أكْتافِهَا الأسَلُ الظِّماءُ
    تَظَلُّ جِيَادُنَا مُتَمَطِّرَاتٍ تلطمهنّ بالخمرِ النساءُ
    فإما تعرضوا عنا اعتمرنا، وكانَ الفَتْحُ، وانْكَشَفَ الغِطاءُ
    وإلا، فاصبروا لجلادِ يومٍ، يعزُّ اللهُ فيهِ منْ يشاءُ
    وَجِبْرِيلٌ أمِينُ اللَّهِ فِينَا، وَرُوحُ القُدْسِ لَيْسَ لَهُ كِفَاءُ
    وَقَالَ اللَّهُ: قَدْ أرْسَلْتُ عَبْداً يقولُ الحقَّ إنْ نفعَ البلاءُ
    شَهِدْتُ بِهِ، فَقُومُوا صَدِّقُوهُ! وقلتمْ: لا نقومُ ولا نشاءُ
    وَقَالَ اللَّهُ: قَدْ سّيرْتُ جُنْداً، همُ الأنصارُ، عرضتها اللقاءُ
    لنا في كلّ يومٍ منْ معدٍّ سِبابٌ،أوْ قِتَالٌ، أوْ هِجاءُ
    فنحكمُ بالقوافي منْ هجانا، ونضربُ حينَ تختلطُ الدماءُ
    ألا أبلغْ أبا سفيانَ عني، فأنتَ مجوفٌ نخبٌ هواءُ
    بأن سيوفنا تركتك عبدا وعبد الدار سادتها الإماء
    هجوتَ محمداً، فأجبتُ عنهُ، وعندَ اللهِ في ذاكَ الجزاءُ
    أتَهْجُوهُ، وَلَسْتَ لَهُ بكُفْءٍ، فَشَرُّكُما لِخَيْرِكُمَا الفِداءُ
    هجوتَ مباركاً، براً، حنيفاً، أمينَ اللهِ، شيمتهُ الوفاءُ
    فأمَنْ يَهْجُو رَسُولَ اللَّهِ مِنْكُمْ، ويمدحهُ، وينصرهُ سواءُ
    فَإنّ أبي وَوَالِدَهُ وَعِرْضي لعرضِ محمدٍ منكمْ وقاءُ
    لساني صارمٌ لا عيبَ فيهِ، وَبَحْرِي لا تُكَدِّرُهُ الّدلاءُ
    هذا شاعر سول الله ﷺ ينافح عنه فكان الرسول عليه الصلاة والسلام يقول: والله لشعر حسان اشد عليهم من وقع النبل.
    0 التعليقات 0 المشاركات 414 مشاهدة 0 معاينة
  • دخول مكة

    في صباح السابع عشر من رمضان، تحرك النبي ﷺ على مكة وأمر العباس أن يحبس أبا سفيان في مضيق الوادي حتى يرى الجيش وهو يمرن ففعل، فمرت القبائل فكل قبيلة معها رايتها، فكلما مرت به قبيلة يقول: يا عباس من هذه؟ فيقول: سليم.
    فيقول أبو سفيان: مالي ولسليم.
    ثم تمر به القبيلة فيقول: يا عباس من هؤلاء؟ فيقول: مزينة.
    فيقول: مالي ولمزينة.
    حتى نفدت القبائل، ما تمر به قبيلة إلا سأل العباس عنها، فإذا أخبره قال مالي ولبني فلان. ما لنا طاقة أن نقاتل كل هؤلاء، حتى مر به رسول الله ﷺ في كتيبته الخضراء، فيها المهاجرون والأنصار، لا يُرى منهم إلا الحدق من الحديد (1)، قال: سبحان الله يا عباس من هؤلاء؟ قال: هذا رسول الله ﷺ والمهاجرون والأنصار.
    قال أبو سفيان: ما لأحد بهؤلاء قبلٌ ولا طاقة.
    ثم قال: والله يا أبا الفضل لقد أصبح ملك ابن أخيك اليوم عظيما.
    قال العباس: يا أبا سفيان، إنها النبوة.
    قال: فنعم إذن إنها النبوة.
    وكانت راية الأنصار مع سعد بن عبادة (رضي الله عنه)، فمر بأبي سفيان فقال له : اليوم يوم الملحمة، اليوم تستحل الحرمة(1)، اليوم أذل الله قريشا. فلما حاذى رسول الله ﷺ أبا سفيان قال لرسول الله ﷺ : يا رسول الله أما تسمع ما قال سعد؟ قال: وما قال؟ فقال: كذا وكذا.
    فقال عثمان وعبد الرحمن بن عوف: يا رسول الله ما نأمن أن يكون له في قريش صولة (2).
    فقال رسول الله ﷺ : بل اليوم يومٌ تعظم فيه الكعبة، اليوم يومٌ أعز الله فيه قريشا، ثم أرسل إلى سعد فنزع منه اللواء، ودفعه إلى ابنه قيس.
    وقيل أن اللواء لم يخرج عن سعد. وقيل: بل دُفع إلى الزبير. والله أعلم.
    فدخل أبو سفيان وقال لقريش: قد جاءكم ما لا قبل لكم به، فمن دخل دار أبي سفيان فهو آمن.
    قالوا: قاتلك الله، وما تُغني عنّا دارك (3).
    قال: ومن أغلق عليه بابه فهو آمن، ومن دخل المسجد فهو آمن.
    فتفرق الناس إلى دورهم وإلى المسجد، وأصبحت أم القرى وقد قيد الرعب حركتها، واختفى الرجال وراء الأبواب الموصدة يرتقبون مصيرهم وهم واجمون وإن العزة لله ولرسوله وللمؤمنين.

    دخول مكة

    في صباح السابع عشر من رمضان، تحرك النبي ﷺ على مكة وأمر العباس أن يحبس أبا سفيان في مضيق الوادي حتى يرى الجيش وهو يمرن ففعل، فمرت القبائل فكل قبيلة معها رايتها، فكلما مرت به قبيلة يقول: يا عباس من هذه؟ فيقول: سليم.
    فيقول أبو سفيان: مالي ولسليم.
    ثم تمر به القبيلة فيقول: يا عباس من هؤلاء؟ فيقول: مزينة.
    فيقول: مالي ولمزينة.
    حتى نفدت القبائل، ما تمر به قبيلة إلا سأل العباس عنها، فإذا أخبره قال مالي ولبني فلان. ما لنا طاقة أن نقاتل كل هؤلاء، حتى مر به رسول الله ﷺ في كتيبته الخضراء، فيها المهاجرون والأنصار، لا يُرى منهم إلا الحدق من الحديد (1)، قال: سبحان الله يا عباس من هؤلاء؟ قال: هذا رسول الله ﷺ والمهاجرون والأنصار.
    قال أبو سفيان: ما لأحد بهؤلاء قبلٌ ولا طاقة.
    ثم قال: والله يا أبا الفضل لقد أصبح ملك ابن أخيك اليوم عظيما.
    قال العباس: يا أبا سفيان، إنها النبوة.
    قال: فنعم إذن إنها النبوة.
    وكانت راية الأنصار مع سعد بن عبادة (رضي الله عنه)، فمر بأبي سفيان فقال له : اليوم يوم الملحمة، اليوم تستحل الحرمة(1)، اليوم أذل الله قريشا. فلما حاذى رسول الله ﷺ أبا سفيان قال لرسول الله ﷺ : يا رسول الله أما تسمع ما قال سعد؟ قال: وما قال؟ فقال: كذا وكذا.
    فقال عثمان وعبد الرحمن بن عوف: يا رسول الله ما نأمن أن يكون له في قريش صولة (2).
    فقال رسول الله ﷺ : بل اليوم يومٌ تعظم فيه الكعبة، اليوم يومٌ أعز الله فيه قريشا، ثم أرسل إلى سعد فنزع منه اللواء، ودفعه إلى ابنه قيس.
    وقيل أن اللواء لم يخرج عن سعد. وقيل: بل دُفع إلى الزبير. والله أعلم.
    فدخل أبو سفيان وقال لقريش: قد جاءكم ما لا قبل لكم به، فمن دخل دار أبي سفيان فهو آمن.
    قالوا: قاتلك الله، وما تُغني عنّا دارك (3).
    قال: ومن أغلق عليه بابه فهو آمن، ومن دخل المسجد فهو آمن.
    فتفرق الناس إلى دورهم وإلى المسجد، وأصبحت أم القرى وقد قيد الرعب حركتها، واختفى الرجال وراء الأبواب الموصدة يرتقبون مصيرهم وهم واجمون وإن العزة لله ولرسوله وللمؤمنين.
    0 التعليقات 0 المشاركات 369 مشاهدة 0 معاينة
  • ـ حج أبو بكر الصديق (رضي الله عنه) بالناس

    فصل ـ حج أبو بكر الصديق (رضي الله عنه) بالناس
    رجع النبي ﷺ من تبوك وبقي في طيبة (المدينة المنورة) بقية رمضان وشوال وذي القعدة، ثم بعث النبي ﷺ أبا بكر الصديق أميراً على الحج، وذلك سنة تسع من مهاجره.
    فخرج أبو بكر حاجاً بالناس، ونزلت على النبي ﷺ أوائل سورة براءة في بيان أحكام العهود التي بينه وبين المشركين.
    قال الله تبارك وتعالى : {بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (1) فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَأَنَّ اللَّهَ مُخْزِي الْكَافِرِينَ (2) وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ فَإِنْ تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (3) إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَدًا فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ (4) فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَ خُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ } [التوبة: 1 - 5].
    لما نزلت هذه الآيات على رسول الله ﷺ أمر علي بن أبي طالب أن يخرج خلف أبي بكر بهذه الآيات، ليرد إلى المشركين عهودهم ، وكان من عادة العرب أنه إذا عاهد أحدهم عهداً لا ينقض عهده ولا يرده إلا هو أو رجل من أهل بيته، فلما وصل عليّ إلى أبي بكر قال أبو بكر: أمير أو مأمور؟ قال: بل مأمور.
    فدخل أبو بكر الصديق إلى مكة حاجاً في الناس تلك السنة، وقام عليّ (رضي الله عنه)، ينادي في الناس: أيها الناس:
    • لا يدخل الجنة كافر.
    • ولا يحج بعد العام مشرك.
    • ولا يطوف في البيت عريان.
    • ومن كان له عهد عند رسول الله فهو إلى مدته (1).
    وذلك أن المشركين انقسموا إلى ثلاثة أقسام:
    الأول: لهم عهد فهم إلى مدتهم كما قال علي (رضي الله عنه)، وينتهي بانتهاء مدته.
    الثاني: ليس لهم عهد فهؤلاء أمهلهم الله تبارك وتعالى أربعة أشهر.
    الثالث: لهم عهد ولكنه ينتهي قبل أربعة أشهر.
    فهؤلاء اختلف فيهم أهل العلم، هل مدتهم إلى أربعة أشهر أم إلى مدتهم التي هم عليها؟ والظاهر أنه إلى أربعة أشهر، والله أعلم.
    وعن يزيد بن يثيع قال: سألنا علياً: بأي سيء بُعثت في الحجة؟
    قال: بعثت بأربع: لا يدخل الجنة إلا نفس مؤمنة، ولا يطوف بالبيت عريان، ولا يجتمع مسلم وكافر في المسجد الحرام بعد عامه هذا، ومن كان بينه وبين النبي ﷺ عهد فهو إلى مدته ومن لم يكن له عهد فأجله أربعة أشهر. أخرجه أحمد والترمذي وحسنه (1).
    وفي الصحيحين عن أبي هريرة قال: بعثني أبو بكر في تلك الحجة في مؤذنين بعثهم يوم النحر يأذنون بمنى: ألا يحج بعد هذا العام مشرك ولا يطوف بالبيت، ثم أردف النبي ﷺ أبا بكر بعلي بن أبي طالب (رضي الله عنهما) فأمره أن يأذن ببراءة، قال: فأذن معنا عليّ بأهل منى يوم النحر ببراءة، وألا يحج بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان(2).

    ـ حج أبو بكر الصديق (رضي الله عنه) بالناس

    فصل ـ حج أبو بكر الصديق (رضي الله عنه) بالناس
    رجع النبي ﷺ من تبوك وبقي في طيبة (المدينة المنورة) بقية رمضان وشوال وذي القعدة، ثم بعث النبي ﷺ أبا بكر الصديق أميراً على الحج، وذلك سنة تسع من مهاجره.
    فخرج أبو بكر حاجاً بالناس، ونزلت على النبي ﷺ أوائل سورة براءة في بيان أحكام العهود التي بينه وبين المشركين.
    قال الله تبارك وتعالى : {بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (1) فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَأَنَّ اللَّهَ مُخْزِي الْكَافِرِينَ (2) وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ فَإِنْ تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (3) إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَدًا فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ (4) فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَ خُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ } [التوبة: 1 - 5].
    لما نزلت هذه الآيات على رسول الله ﷺ أمر علي بن أبي طالب أن يخرج خلف أبي بكر بهذه الآيات، ليرد إلى المشركين عهودهم ، وكان من عادة العرب أنه إذا عاهد أحدهم عهداً لا ينقض عهده ولا يرده إلا هو أو رجل من أهل بيته، فلما وصل عليّ إلى أبي بكر قال أبو بكر: أمير أو مأمور؟ قال: بل مأمور.
    فدخل أبو بكر الصديق إلى مكة حاجاً في الناس تلك السنة، وقام عليّ (رضي الله عنه)، ينادي في الناس: أيها الناس:
    • لا يدخل الجنة كافر.
    • ولا يحج بعد العام مشرك.
    • ولا يطوف في البيت عريان.
    • ومن كان له عهد عند رسول الله فهو إلى مدته (1).
    وذلك أن المشركين انقسموا إلى ثلاثة أقسام:
    الأول: لهم عهد فهم إلى مدتهم كما قال علي (رضي الله عنه)، وينتهي بانتهاء مدته.
    الثاني: ليس لهم عهد فهؤلاء أمهلهم الله تبارك وتعالى أربعة أشهر.
    الثالث: لهم عهد ولكنه ينتهي قبل أربعة أشهر.
    فهؤلاء اختلف فيهم أهل العلم، هل مدتهم إلى أربعة أشهر أم إلى مدتهم التي هم عليها؟ والظاهر أنه إلى أربعة أشهر، والله أعلم.
    وعن يزيد بن يثيع قال: سألنا علياً: بأي سيء بُعثت في الحجة؟
    قال: بعثت بأربع: لا يدخل الجنة إلا نفس مؤمنة، ولا يطوف بالبيت عريان، ولا يجتمع مسلم وكافر في المسجد الحرام بعد عامه هذا، ومن كان بينه وبين النبي ﷺ عهد فهو إلى مدته ومن لم يكن له عهد فأجله أربعة أشهر. أخرجه أحمد والترمذي وحسنه (1).
    وفي الصحيحين عن أبي هريرة قال: بعثني أبو بكر في تلك الحجة في مؤذنين بعثهم يوم النحر يأذنون بمنى: ألا يحج بعد هذا العام مشرك ولا يطوف بالبيت، ثم أردف النبي ﷺ أبا بكر بعلي بن أبي طالب (رضي الله عنهما) فأمره أن يأذن ببراءة، قال: فأذن معنا عليّ بأهل منى يوم النحر ببراءة، وألا يحج بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان(2).
    0 التعليقات 0 المشاركات 367 مشاهدة 0 معاينة
  • وفاة الرسول ﷺ سنة 11هـ.

    لما أتم النبي ﷺ الدعوة إلى الله تبارك وتعالى ونزل قوله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ } [المائدة: 3]، وعم الإسلام الجزيرة كلها، وبدأ ينتشر خارجها، بدأت طلائع توديع الحياة للنبي ﷺ ، وذلك في أمور من أبرزها:
    1) أنه صلوات الله وسلامه عليه اعتكف في رمضان من السنة العاشرة عشرين يوماً ، بينما كان لا يعتكف إلا عشرة أيام.
    2) تدارسه جبريل القرآن مرتين، وكان يتدارسه معه مرة واحدة في كل عام.
    3) وقال في حجة الوداع: لا ادري لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا.
    4) وقال صلوات الله وسلامه عليه: خذوا عني مناسككم لا أحج بعد عامي هذا.
    5) وأنزلت عليه صلوات الله وسلامه عليه سورة النصر في أواسط أيام التشريق، ونعيت له فيها نفسه، كما أخرج ذلك البخاري، عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، قال: كان عمر يجلسني مع الشيوخ فقال له عبد الرحمن بن عوف : إنك تقدم عبد الله بن عباس فقال لجمعهم: ما تقولون في قول الله تبارك وتعالى: (إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا (2) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا (3)؟ قالوا: إن الله أمر نبيه صلوات الله وسلامه عليه إذا أتم الله الفتح أن يستغفر ربه ويتوب إليه.
    فالتفت عمر إلى عبد الله بن عباس فقال: وما تقول أنت؟ فقال عبد الله: لا.
    قال عمر: فما تقول؟ قال عبد الله: هذه نفس النبي نُعيت له.
    فقال عمر: والله ما أعلم منها إلا ما قال عبد الله بن عباس (1).
    6) في صفر من السنة الحادية عشرة من الهجرة، خرج النبي ﷺ إلى أُحد، فصلى على الشهداء كالمودع للأحياء والموات، وكان النبي ﷺ لما دفن شهداء أحد كما ذكرنا في أول هذه السيرة المباركة، ولم يصل عليهم، وقال: بعض أهل العلم: إن الصلاة عليهم هنا بمعنى الدعاء.
    ثم قال النبي ﷺ عندما صعد المنبر: ` إني فرطكم (2) وإني شهيد عليكم وإني والله لنظر على حوضي الآن، وإني أعطيت مفاتيح خزائن الأرض أو مفاتيح الأرض، وإني والله ما أخاف أن تشركوا بعدي ولكني أخاف عليكم أن تنافسوا فيها`(3).
    وخرج في ليلة ما في منتصفها إلى البقيع وهي مقبرة المدينة، فاستغفر لأهل البقيع وقال: السلام عليكم يا أهل المقابر، ليهنا لكم ما أصبحتم فيه، بما أصبح الناس فيه، أقبلت الفتن كقطع الليل المظلم، يتبع آخرها أولها، الآخرة شر من الأولى، ثم بشرهم قائلاً: إنا بكم لاحقون.
    وفي آخر شهر صفر من السنة الحادية عشرة، في يوم الاثنين شهد الرسول ﷺ جنازة في البقيع، فلما رجع أخذه الصداع في رأسه واتّقدت الحرارة من فوق العصابة، واشتد به المرض.
    عن عبد الله بن مسعود قال: دخلت على النبي ﷺ وهو يوعكن فمسسته فقلت: يا رسول الله، إنك لتوعك وعكاً شديداً.
    قال: `أجل ، إني أوعك كما يوعك رجلان منكم`.
    قلت: أذلك لأن لك الأجر مرتين؟
    قال :` نعم والذي نفسي بيده ما على الأرض مسلم يصيبه أذى من مرض فما سواه، إلا حط الله عنه خطاياه كما تحط الشجرة أوراقها`. أخرجه البخاري ومسلم (1).
    وقال رسول الله ﷺ كذلك: ` أشد الناس بلاً الأنبياء ثم الصالحون ثم الأمثل فالأمثل، يبتلي الرجل على حسب دينه فإن كان في دينه صلابة شُدّد عليه في البلاء ` (2).
    وأخرج الإمام أحمد (1) عن أسامة بن زيد أنه قال: لما ثُقل رسول الله ﷺ هبطت وهبط الناس معي ]وذلك أنهم قد خرجوا ليغزوا الروم وكان قد جهزهم الرسول ﷺ فلما سمعوا عن مرض الرسول ﷺ تثاقلوا عن الخروج ليطمئنوا على حاله [ إلى المدينة فدخلت على رسول الله ﷺ وقد أُصمت فلا يتكلم، فجعل يرفع يديه إلى السماء ثم يصوبها على وجهي أعرف أنه يدعُو لي.

    وفاة الرسول ﷺ سنة 11هـ.

    لما أتم النبي ﷺ الدعوة إلى الله تبارك وتعالى ونزل قوله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ } [المائدة: 3]، وعم الإسلام الجزيرة كلها، وبدأ ينتشر خارجها، بدأت طلائع توديع الحياة للنبي ﷺ ، وذلك في أمور من أبرزها:
    1) أنه صلوات الله وسلامه عليه اعتكف في رمضان من السنة العاشرة عشرين يوماً ، بينما كان لا يعتكف إلا عشرة أيام.
    2) تدارسه جبريل القرآن مرتين، وكان يتدارسه معه مرة واحدة في كل عام.
    3) وقال في حجة الوداع: لا ادري لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا.
    4) وقال صلوات الله وسلامه عليه: خذوا عني مناسككم لا أحج بعد عامي هذا.
    5) وأنزلت عليه صلوات الله وسلامه عليه سورة النصر في أواسط أيام التشريق، ونعيت له فيها نفسه، كما أخرج ذلك البخاري، عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، قال: كان عمر يجلسني مع الشيوخ فقال له عبد الرحمن بن عوف : إنك تقدم عبد الله بن عباس فقال لجمعهم: ما تقولون في قول الله تبارك وتعالى: (إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا (2) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا (3)؟ قالوا: إن الله أمر نبيه صلوات الله وسلامه عليه إذا أتم الله الفتح أن يستغفر ربه ويتوب إليه.
    فالتفت عمر إلى عبد الله بن عباس فقال: وما تقول أنت؟ فقال عبد الله: لا.
    قال عمر: فما تقول؟ قال عبد الله: هذه نفس النبي نُعيت له.
    فقال عمر: والله ما أعلم منها إلا ما قال عبد الله بن عباس (1).
    6) في صفر من السنة الحادية عشرة من الهجرة، خرج النبي ﷺ إلى أُحد، فصلى على الشهداء كالمودع للأحياء والموات، وكان النبي ﷺ لما دفن شهداء أحد كما ذكرنا في أول هذه السيرة المباركة، ولم يصل عليهم، وقال: بعض أهل العلم: إن الصلاة عليهم هنا بمعنى الدعاء.
    ثم قال النبي ﷺ عندما صعد المنبر: ` إني فرطكم (2) وإني شهيد عليكم وإني والله لنظر على حوضي الآن، وإني أعطيت مفاتيح خزائن الأرض أو مفاتيح الأرض، وإني والله ما أخاف أن تشركوا بعدي ولكني أخاف عليكم أن تنافسوا فيها`(3).
    وخرج في ليلة ما في منتصفها إلى البقيع وهي مقبرة المدينة، فاستغفر لأهل البقيع وقال: السلام عليكم يا أهل المقابر، ليهنا لكم ما أصبحتم فيه، بما أصبح الناس فيه، أقبلت الفتن كقطع الليل المظلم، يتبع آخرها أولها، الآخرة شر من الأولى، ثم بشرهم قائلاً: إنا بكم لاحقون.
    وفي آخر شهر صفر من السنة الحادية عشرة، في يوم الاثنين شهد الرسول ﷺ جنازة في البقيع، فلما رجع أخذه الصداع في رأسه واتّقدت الحرارة من فوق العصابة، واشتد به المرض.
    عن عبد الله بن مسعود قال: دخلت على النبي ﷺ وهو يوعكن فمسسته فقلت: يا رسول الله، إنك لتوعك وعكاً شديداً.
    قال: `أجل ، إني أوعك كما يوعك رجلان منكم`.
    قلت: أذلك لأن لك الأجر مرتين؟
    قال :` نعم والذي نفسي بيده ما على الأرض مسلم يصيبه أذى من مرض فما سواه، إلا حط الله عنه خطاياه كما تحط الشجرة أوراقها`. أخرجه البخاري ومسلم (1).
    وقال رسول الله ﷺ كذلك: ` أشد الناس بلاً الأنبياء ثم الصالحون ثم الأمثل فالأمثل، يبتلي الرجل على حسب دينه فإن كان في دينه صلابة شُدّد عليه في البلاء ` (2).
    وأخرج الإمام أحمد (1) عن أسامة بن زيد أنه قال: لما ثُقل رسول الله ﷺ هبطت وهبط الناس معي ]وذلك أنهم قد خرجوا ليغزوا الروم وكان قد جهزهم الرسول ﷺ فلما سمعوا عن مرض الرسول ﷺ تثاقلوا عن الخروج ليطمئنوا على حاله [ إلى المدينة فدخلت على رسول الله ﷺ وقد أُصمت فلا يتكلم، فجعل يرفع يديه إلى السماء ثم يصوبها على وجهي أعرف أنه يدعُو لي.
    0 التعليقات 0 المشاركات 392 مشاهدة 0 معاينة
  • أخلاقه ﷺ

    قال القاضي عياض: إذا كانت خصال الكمال والجمال، ووجدنا الواحد منا يشرف بواحدة منها أو باثنتين إن اتفقت له بكل عصر، إما من نسب أو جمال، أو قوة، أو علم، أو حلم، أو شجاعة، أو سماحة، حتى يعظم قدره، ويضرب باسمه الأمثال، ويتقرر له بالوصف بذلك قي القلوب أسَرَة وعظمة، وهو منذ عصور خوال رمم بواد (أي لا أحد ينظر إليه قبل ذلك)، فما ظنك بعظيم قدر من اجتمعت فيه كل هذه الخصال إلى ما لا يأخذه عد، ولا يعبر عنه مقال، ولا ينال بكسب ولا حيلة إلا بتخصيص الكبير المتعال، من فضيلة النبوة والرسالة، والخلة والمحبة، والاصطفاء.
    كان صلوات الله وسلامه عليه خُلُقُه القرآن، عن عائشة (رضي الله عنها)، قالت: ` كان خُلُقُه القرآن`(1).
    وقال جل وعلا عنه: { وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ } [القلم: 4]
    وقال صلوات الله وسلامه عليه : بعثت لأتمم مكارم الأخلاق (2).
    وعن أنس بن مالك (رضي الله عنه)، قال: كان رسول الله ﷺ أحسنهم خلقاً، متفق عليه (1).
    وهذا عبد الله بن سلام (رضي الله عنه)، يقول: لما قدم رسول الله ﷺ المدينة جئته لأنظر إليه، لما استبنت وجهه عرفت بان وجهه ليس بوجه كذاب (2).
    وعن عائشة (رضي الله عنها)، قالت: ما خيّر رسول الله ﷺ بين أمرين إلا اخذ أيسرهما ما لم يكن إثما فإن كان إثما كان أبعد الناس منه وما انتقم رسول الله ﷺ لنفسه إلا أن تنتهك محارم الله فينتقم لله بها. أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما (3).
    وقالت ما ضرب رسول الله ﷺ بيده شيئاً قط لا امرأة ولا خادما . إلا أن يجاهد في سبيل الله . ولا نيل منه شيء قط . فينتقم من صاحبه . إلا أن ينتهك من محارم الله فينتقم منه. أخرجه الإمام مسلم في صحيحه (4).
    وعن أنس بن مالك قال (رضي الله عنه)، قال: خدمته عشر سنين فوالله ما قال لي أف قط ، وَلَا قالْ لي فيما فَعَلْتُهُ لم فعلت هذا؟ وَلا لِشَيْءٍ لَمْ أَفْعَلْهُ أَلا فَعَلْتَ كَذَا `. أخرجه الإمامان البخاري ومسلم (5).
    وعن انس بن مالك (رضي الله عنه)، قال: كان رسول الله ﷺ أحسن الناس خُلُقاً (6).
    وعن أنس قال: كان رسول الله ﷺ أجود الناس وأشجع الناس. متفق عليه (1).
    وهذا عبد الله بن عمر (رضي الله عنه)، يقول: إن رسول الله ﷺ لم يكن فاحشاً ولا متفحشاً وأنه كان يقول : خياركم أحسنكم أخلاقاً. متفق عليه(2).
    وقال أبو سعيد الخدري (رضي الله عنه)، كان رسول الله ﷺ اشد حياء من العذراء في خدرها، وكان إذا كره شيئاً عرفناه في وجهه. متفق عليه(3).
    وعن انس (رضي الله عنه)، قال: كنت امشي مع النبي ﷺ وعليه بُرد غليظ الحاشية فأدركه أعرابي فجذبه بردائه جذَباً شديداً، حتى نظرت إلى صفحة عاتقه قد أثَّرت بها حاشية البُرْد ، ثمَّ قال:يا محمَّد! مُرْ لي مِن مال الله الذي عندك.
    قال: فالتفت إليه النبي ﷺ فضحك، ثمَّ أمر له بعطاء . متفق عليه (4).
    وعن انس (رضي الله عنه) قال: كان رسول الله ﷺ إذا صافحه الرجل لا ينزع يده من يده حتى يكون الرجل ينزع يده ، وإن استقبله بوجهه لا يصرفه عنه حتى يكون الرجل ينصرف، ولم يُر مقدماً ركبته بين يدي جليس له (5).
    وعن عائشة (رضي الله عنها)، قالت: ما رأيت رسول الله ﷺ مستجمعاً ضاحكاً حتى أرى منه لهوات إنما كان يبتسم . متفق عليه.
    وقال سماك: قلت لجابر بن سمرة: أكنت تجالس النبي ﷺ ؟ قال: نعم.
    كثيراً لا يقوم من مصلاة حتى تطلع الشمس، وكانوا يتحدثون فيأخذون في أمر الجاهلية فيضحكون ويبتسم. أخرجه مسلم في صحيحه (1).
    وعن جابر (رضي الله عنه)، قال: لم يُسأل النبي ﷺ شيئاً قط فقال: لا. متفق عليه (2).
    وعن ابن عباس (رضي الله عنهما)، قال: كان رسول الله ﷺ أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان. متفق عليه (3).
    وعن عائشة (رضي الله عنها)، قالت: كان رسول الله ﷺ إذا كان في بيته يخصف نعله ويخيط ثوبه ويعمل في بيته كما يعمل أحدكم في بيته. أخرجه أحمد(4)، وصححه الألباني. فهذه بعض أخلاقه صلوات الله وسلامه عليه.

    أخلاقه ﷺ

    قال القاضي عياض: إذا كانت خصال الكمال والجمال، ووجدنا الواحد منا يشرف بواحدة منها أو باثنتين إن اتفقت له بكل عصر، إما من نسب أو جمال، أو قوة، أو علم، أو حلم، أو شجاعة، أو سماحة، حتى يعظم قدره، ويضرب باسمه الأمثال، ويتقرر له بالوصف بذلك قي القلوب أسَرَة وعظمة، وهو منذ عصور خوال رمم بواد (أي لا أحد ينظر إليه قبل ذلك)، فما ظنك بعظيم قدر من اجتمعت فيه كل هذه الخصال إلى ما لا يأخذه عد، ولا يعبر عنه مقال، ولا ينال بكسب ولا حيلة إلا بتخصيص الكبير المتعال، من فضيلة النبوة والرسالة، والخلة والمحبة، والاصطفاء.
    كان صلوات الله وسلامه عليه خُلُقُه القرآن، عن عائشة (رضي الله عنها)، قالت: ` كان خُلُقُه القرآن`(1).
    وقال جل وعلا عنه: { وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ } [القلم: 4]
    وقال صلوات الله وسلامه عليه : بعثت لأتمم مكارم الأخلاق (2).
    وعن أنس بن مالك (رضي الله عنه)، قال: كان رسول الله ﷺ أحسنهم خلقاً، متفق عليه (1).
    وهذا عبد الله بن سلام (رضي الله عنه)، يقول: لما قدم رسول الله ﷺ المدينة جئته لأنظر إليه، لما استبنت وجهه عرفت بان وجهه ليس بوجه كذاب (2).
    وعن عائشة (رضي الله عنها)، قالت: ما خيّر رسول الله ﷺ بين أمرين إلا اخذ أيسرهما ما لم يكن إثما فإن كان إثما كان أبعد الناس منه وما انتقم رسول الله ﷺ لنفسه إلا أن تنتهك محارم الله فينتقم لله بها. أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما (3).
    وقالت ما ضرب رسول الله ﷺ بيده شيئاً قط لا امرأة ولا خادما . إلا أن يجاهد في سبيل الله . ولا نيل منه شيء قط . فينتقم من صاحبه . إلا أن ينتهك من محارم الله فينتقم منه. أخرجه الإمام مسلم في صحيحه (4).
    وعن أنس بن مالك قال (رضي الله عنه)، قال: خدمته عشر سنين فوالله ما قال لي أف قط ، وَلَا قالْ لي فيما فَعَلْتُهُ لم فعلت هذا؟ وَلا لِشَيْءٍ لَمْ أَفْعَلْهُ أَلا فَعَلْتَ كَذَا `. أخرجه الإمامان البخاري ومسلم (5).
    وعن انس بن مالك (رضي الله عنه)، قال: كان رسول الله ﷺ أحسن الناس خُلُقاً (6).
    وعن أنس قال: كان رسول الله ﷺ أجود الناس وأشجع الناس. متفق عليه (1).
    وهذا عبد الله بن عمر (رضي الله عنه)، يقول: إن رسول الله ﷺ لم يكن فاحشاً ولا متفحشاً وأنه كان يقول : خياركم أحسنكم أخلاقاً. متفق عليه(2).
    وقال أبو سعيد الخدري (رضي الله عنه)، كان رسول الله ﷺ اشد حياء من العذراء في خدرها، وكان إذا كره شيئاً عرفناه في وجهه. متفق عليه(3).
    وعن انس (رضي الله عنه)، قال: كنت امشي مع النبي ﷺ وعليه بُرد غليظ الحاشية فأدركه أعرابي فجذبه بردائه جذَباً شديداً، حتى نظرت إلى صفحة عاتقه قد أثَّرت بها حاشية البُرْد ، ثمَّ قال:يا محمَّد! مُرْ لي مِن مال الله الذي عندك.
    قال: فالتفت إليه النبي ﷺ فضحك، ثمَّ أمر له بعطاء . متفق عليه (4).
    وعن انس (رضي الله عنه) قال: كان رسول الله ﷺ إذا صافحه الرجل لا ينزع يده من يده حتى يكون الرجل ينزع يده ، وإن استقبله بوجهه لا يصرفه عنه حتى يكون الرجل ينصرف، ولم يُر مقدماً ركبته بين يدي جليس له (5).
    وعن عائشة (رضي الله عنها)، قالت: ما رأيت رسول الله ﷺ مستجمعاً ضاحكاً حتى أرى منه لهوات إنما كان يبتسم . متفق عليه.
    وقال سماك: قلت لجابر بن سمرة: أكنت تجالس النبي ﷺ ؟ قال: نعم.
    كثيراً لا يقوم من مصلاة حتى تطلع الشمس، وكانوا يتحدثون فيأخذون في أمر الجاهلية فيضحكون ويبتسم. أخرجه مسلم في صحيحه (1).
    وعن جابر (رضي الله عنه)، قال: لم يُسأل النبي ﷺ شيئاً قط فقال: لا. متفق عليه (2).
    وعن ابن عباس (رضي الله عنهما)، قال: كان رسول الله ﷺ أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان. متفق عليه (3).
    وعن عائشة (رضي الله عنها)، قالت: كان رسول الله ﷺ إذا كان في بيته يخصف نعله ويخيط ثوبه ويعمل في بيته كما يعمل أحدكم في بيته. أخرجه أحمد(4)، وصححه الألباني. فهذه بعض أخلاقه صلوات الله وسلامه عليه.
    0 التعليقات 0 المشاركات 354 مشاهدة 0 معاينة
  • هيَ في العَشرِ ، هيَ في تِسعٍ يمضينَ أو في سَبعٍ يبقَينَ يعني ليلةَ القدرِ .

    شرح الحديث

    يَروي ابنُ عباسٍ رضِي اللهُ عنهما في هذا الحديثِ أنَّ النَّبِيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ذكَرَ أنَّ ليلةَ القدْرِ تكونُ في العَشْرِ الأَواخرِ من رمضانَ، وتكونُ في تِسعٍ، أي: بعد تِسعٍ مَضَوْا، فتكون في ليلةِ التَّاسعِ والعشرينَ، أو في «سَبْعٍ يَبْقَين»، أي: ويكونُ قد بَقِيَ سبعٌ، فتكونُ على ذلك ليلةَ الثالثِ والعشرينِ، وعلى كلِّ حالٍ فقد ورَدَ في تحديدِ ليلةِ القدْرِ أحاديثُ كثيرةٌ محصِّلُها أنَّها تكونُ في العَشْرِ الأَواخرِ مِن رمضانَ.

    صحيح البخاري

    هيَ في العَشرِ ، هيَ في تِسعٍ يمضينَ أو في سَبعٍ يبقَينَ يعني ليلةَ القدرِ .

    شرح الحديث

    يَروي ابنُ عباسٍ رضِي اللهُ عنهما في هذا الحديثِ أنَّ النَّبِيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ذكَرَ أنَّ ليلةَ القدْرِ تكونُ في العَشْرِ الأَواخرِ من رمضانَ، وتكونُ في تِسعٍ، أي: بعد تِسعٍ مَضَوْا، فتكون في ليلةِ التَّاسعِ والعشرينَ، أو في «سَبْعٍ يَبْقَين»، أي: ويكونُ قد بَقِيَ سبعٌ، فتكونُ على ذلك ليلةَ الثالثِ والعشرينِ، وعلى كلِّ حالٍ فقد ورَدَ في تحديدِ ليلةِ القدْرِ أحاديثُ كثيرةٌ محصِّلُها أنَّها تكونُ في العَشْرِ الأَواخرِ مِن رمضانَ.

    صحيح البخاري
    0 التعليقات 0 المشاركات 551 مشاهدة 0 معاينة
  • وكَلني رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بحفظِ زكاةِ رمضانَ، فأتاني آتٍ، فجعَل يحثو من الطعامِ، فأخذْتُه وقلتُ : واللهِ لأرفعنَّكَ إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قال : إني مُحتاجٌ وعليَّ عِيالٌ ولي حاجةٌ شديدةٌ، قال : فخلَّيتُ عنه، فأصبَحْتُ فقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : ( يا أبا هُرَيرَةَ ما فعَل أسيرُك البارِحَةَ ) . قال : قلتُ : يا رسولَ اللهِ، شَكا حاجةً شديدةً، وعِيالًا فرحِمْتُه فخلَّيْتُ سبيلَه، قال : ( أما إنه قد كذَبَك، وسيعودُ ) . فعرَفْتُ أنه سيعودُ، لقَولِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : ( إنه سيعودُ ) . فرصَدْتُه، فجاء يحثو من الطعامِ، فأخَذْتُه فقلتُ : لأرفعَنَّك إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قال : دَعني فإني مُحتاجٌ وعليَّ عِيالٌ، لا أعودُ، فرحِمْتُه فخلَّيْتُ سبيلَه، فأصبَحْتُ فقال لي رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : ( يا أباهُرَيرَةَ ما فعَل أسيرُك ) . قلتُ : يا رسولَ اللهِ شَكا حاجةً شديدةً وعِيالًا، فرحِمْتُه فخلَّيْتُ سبيلَه، قال : ( أما إنه كذَبَك، وسيعودُ ) . فرصَدْتُه الثالثةَ، فجاء يحثو من الطعامِ، فأخَذْتُه فقلتُ : لأرفعَنَّك إلى رسولِ اللهِ، وهذا آخِرُ ثلاثِ مراتٍ تزعُمُ لا تعودُ، ثم تعودُ، قال : دعني أعلِّمُك كلماتٍ ينفَعُك اللهُ بها، قلتُ ما هو ؟ قال : إذا أوَيْتَ إلى فِراشِك، فاقرَأْ آيةَ الكرسِيِّ : { اللهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} . حتى تختِمَ الآيةَ، فإنك لن يزالَ عليك من اللهَ حافِظٌ، ولا يقربَنَّك شيطانٌ حتى تُصبِحَ، فخلَّيْتُ سبيلَه فأصبَحْتُ، فقال لي رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : ( ما فعَل أسيرُك البارِحَةَ ) . قلتُ : يا رسولَ اللهِ، زعَم أنه يُعَلِّمُني كلماتٍ ينفَعُني اللهُ بها فخلَّيْتُ سبيلَه، قال : ( ما هي ) . قلتُ : قال لي : إذا أوَيْتَ إلى فِراشِكَ، فاقرَأْ آيةَ الكرسِيِّ من أولِها حتى تختِمَ : { اللهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ } . وقال لي : لن يَزالَ عليك من اللهِ حافِظٌ، ولا يقرَبُك شيطانٌ حتى تُصبِحَ - وكانوا أحرصَ شيءٍ على الخيرِ - فقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : ( أما إنه قد صدَقَك وهو كَذوبٌ، تعلَمُ من تُخاطِبُ منذُ ثلاثِ ليالٍ يا أبا هُرَيرَةَ ) . قال : لا، قال : ( ذاكَ شيطانٌ ) .

    شرح الحديث

    إنَّ آيةَ الكرسيِّ أعظمُ آيةٍ في القُرآنِ، وفي هذا الحديثِ بيانٌ لبعضِ فضلِها؛ ففيه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وكَّلَ أبا هَرَيْرَةَ رضِي اللهُ عنه بِحفظِ، أي: حراسةِ وحمايةِ زكاةِ الفِطرِ، وهي ما يُخرِجُه المسلمونَ قبْلَ عيدِ الفِطرِ، ويكونُ آخِرُ مُدَّةٍ لها قبَلَ صلاةِ العيدِ، وتكونُ مِن بُرٍّ وتمرٍ وغيرِهما مِن قوتِ أهل البلدِ، فيقولُ أبو هَرَيْرَةَ رضِي اللهُ عنه: فَأتاني آتٍ فَجَعلَ يحثو مِنَ الطَّعامِ، أي: يَأخذُ بِكفَّيْهِ مِنَ الطَّعامِ، فأخذْتُه فقلْتُ له: لأرفعنَّكَ إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، أي: لَأذهبنَّ بك إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال له: إنِّي مُحتاجٌ وعلَيَّ عِيالٌ ولي حاجةٌ شديدةٌ، قال: فخلَّيْتُ عنه، أي: فتركْتُه، فأصبحْتُ، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: يا أبا هَرَيْرَةَ، ما فعلَ أَسيرُك البارحةَ؟ فقال أبو هُرَيْرَةَ رضِي اللهُ عنه: شَكَا حاجةً شديدةً وعيالًا فرحمتُه فخلَّيتُ سبيلَه، فأخبره النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بأنَّ هذا الآتيَ كاذبٌ وسيَعودُ ثانيةً، فعرَفَ أبو هُرَيْرَةَ رضِي اللهُ عنه أنَّه سيَعودُ؛ تصديقاً لِقولِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فَرَصدَه أبو هُرَيْرَةَ رضِي اللهُ عنه، أي: فَراقبَ مكانَ حِفظِ الطَّعامِ؛ انتظارًا له، فجاءَ ثانيةً، وحدَثَ مِثلُ المرَّةِ الأولى وترَكَه أبو هُرَيْرَةَ رضِي اللهُ عنه أيضًا، ثُمَّ أخبرَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بما حدثَ فأخبرَهُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بأنَّه سيَعودُ، فَرصدَه الثَّالثةَ فجاءَ يحثو مِنَ الطَّعامِ فأخذَه فقال: لَأرفعنَّكَ إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وهذا آخرُ ثلاثِ مرَّاتٍ أنَّك تزعُمُ لا تعُودُ ثُمَّ تعودُ، قال: دَعْني أعلِّمْك كلماتٍ ينفعُك اللهُ بها، فقال: ما هي؟ فقال: إذا أَويتَ، أي: أَتيتَ، إلى فِراشِك لِلنَّومِ وأخذْتَ مَضجعَك، فاقرأْ آيةَ الكرسيِّ؛ فإنَّك لن يَزال معك مِنَ الله حافظٌ؛ ولا يَقربُك شيطانٌ حتَّى تُصبحَ، فقالَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: صدَقَك، أي: فيما قالَه في آيةِ الكرسيِّ، وهو كَذوبٌ، أي: إنَّ عادَته الكذبُ، ولكنَّه صدَقَك فِيما يتعلَّقُ بآيةِ الكرسيِّ، ثم أوْضَح النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم لأبي هُريرةَ أنَّ هذا الأسيرَ الذي يُخاطبه منذُ ثلاثِ ليالٍ شيطانٌ.

    صحيح البخاري

    وكَلني رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بحفظِ زكاةِ رمضانَ، فأتاني آتٍ، فجعَل يحثو من الطعامِ، فأخذْتُه وقلتُ : واللهِ لأرفعنَّكَ إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قال : إني مُحتاجٌ وعليَّ عِيالٌ ولي حاجةٌ شديدةٌ، قال : فخلَّيتُ عنه، فأصبَحْتُ فقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : ( يا أبا هُرَيرَةَ ما فعَل أسيرُك البارِحَةَ ) . قال : قلتُ : يا رسولَ اللهِ، شَكا حاجةً شديدةً، وعِيالًا فرحِمْتُه فخلَّيْتُ سبيلَه، قال : ( أما إنه قد كذَبَك، وسيعودُ ) . فعرَفْتُ أنه سيعودُ، لقَولِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : ( إنه سيعودُ ) . فرصَدْتُه، فجاء يحثو من الطعامِ، فأخَذْتُه فقلتُ : لأرفعَنَّك إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قال : دَعني فإني مُحتاجٌ وعليَّ عِيالٌ، لا أعودُ، فرحِمْتُه فخلَّيْتُ سبيلَه، فأصبَحْتُ فقال لي رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : ( يا أباهُرَيرَةَ ما فعَل أسيرُك ) . قلتُ : يا رسولَ اللهِ شَكا حاجةً شديدةً وعِيالًا، فرحِمْتُه فخلَّيْتُ سبيلَه، قال : ( أما إنه كذَبَك، وسيعودُ ) . فرصَدْتُه الثالثةَ، فجاء يحثو من الطعامِ، فأخَذْتُه فقلتُ : لأرفعَنَّك إلى رسولِ اللهِ، وهذا آخِرُ ثلاثِ مراتٍ تزعُمُ لا تعودُ، ثم تعودُ، قال : دعني أعلِّمُك كلماتٍ ينفَعُك اللهُ بها، قلتُ ما هو ؟ قال : إذا أوَيْتَ إلى فِراشِك، فاقرَأْ آيةَ الكرسِيِّ : { اللهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} . حتى تختِمَ الآيةَ، فإنك لن يزالَ عليك من اللهَ حافِظٌ، ولا يقربَنَّك شيطانٌ حتى تُصبِحَ، فخلَّيْتُ سبيلَه فأصبَحْتُ، فقال لي رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : ( ما فعَل أسيرُك البارِحَةَ ) . قلتُ : يا رسولَ اللهِ، زعَم أنه يُعَلِّمُني كلماتٍ ينفَعُني اللهُ بها فخلَّيْتُ سبيلَه، قال : ( ما هي ) . قلتُ : قال لي : إذا أوَيْتَ إلى فِراشِكَ، فاقرَأْ آيةَ الكرسِيِّ من أولِها حتى تختِمَ : { اللهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ } . وقال لي : لن يَزالَ عليك من اللهِ حافِظٌ، ولا يقرَبُك شيطانٌ حتى تُصبِحَ - وكانوا أحرصَ شيءٍ على الخيرِ - فقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : ( أما إنه قد صدَقَك وهو كَذوبٌ، تعلَمُ من تُخاطِبُ منذُ ثلاثِ ليالٍ يا أبا هُرَيرَةَ ) . قال : لا، قال : ( ذاكَ شيطانٌ ) .

    شرح الحديث

    إنَّ آيةَ الكرسيِّ أعظمُ آيةٍ في القُرآنِ، وفي هذا الحديثِ بيانٌ لبعضِ فضلِها؛ ففيه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وكَّلَ أبا هَرَيْرَةَ رضِي اللهُ عنه بِحفظِ، أي: حراسةِ وحمايةِ زكاةِ الفِطرِ، وهي ما يُخرِجُه المسلمونَ قبْلَ عيدِ الفِطرِ، ويكونُ آخِرُ مُدَّةٍ لها قبَلَ صلاةِ العيدِ، وتكونُ مِن بُرٍّ وتمرٍ وغيرِهما مِن قوتِ أهل البلدِ، فيقولُ أبو هَرَيْرَةَ رضِي اللهُ عنه: فَأتاني آتٍ فَجَعلَ يحثو مِنَ الطَّعامِ، أي: يَأخذُ بِكفَّيْهِ مِنَ الطَّعامِ، فأخذْتُه فقلْتُ له: لأرفعنَّكَ إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، أي: لَأذهبنَّ بك إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال له: إنِّي مُحتاجٌ وعلَيَّ عِيالٌ ولي حاجةٌ شديدةٌ، قال: فخلَّيْتُ عنه، أي: فتركْتُه، فأصبحْتُ، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: يا أبا هَرَيْرَةَ، ما فعلَ أَسيرُك البارحةَ؟ فقال أبو هُرَيْرَةَ رضِي اللهُ عنه: شَكَا حاجةً شديدةً وعيالًا فرحمتُه فخلَّيتُ سبيلَه، فأخبره النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بأنَّ هذا الآتيَ كاذبٌ وسيَعودُ ثانيةً، فعرَفَ أبو هُرَيْرَةَ رضِي اللهُ عنه أنَّه سيَعودُ؛ تصديقاً لِقولِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فَرَصدَه أبو هُرَيْرَةَ رضِي اللهُ عنه، أي: فَراقبَ مكانَ حِفظِ الطَّعامِ؛ انتظارًا له، فجاءَ ثانيةً، وحدَثَ مِثلُ المرَّةِ الأولى وترَكَه أبو هُرَيْرَةَ رضِي اللهُ عنه أيضًا، ثُمَّ أخبرَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بما حدثَ فأخبرَهُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بأنَّه سيَعودُ، فَرصدَه الثَّالثةَ فجاءَ يحثو مِنَ الطَّعامِ فأخذَه فقال: لَأرفعنَّكَ إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وهذا آخرُ ثلاثِ مرَّاتٍ أنَّك تزعُمُ لا تعُودُ ثُمَّ تعودُ، قال: دَعْني أعلِّمْك كلماتٍ ينفعُك اللهُ بها، فقال: ما هي؟ فقال: إذا أَويتَ، أي: أَتيتَ، إلى فِراشِك لِلنَّومِ وأخذْتَ مَضجعَك، فاقرأْ آيةَ الكرسيِّ؛ فإنَّك لن يَزال معك مِنَ الله حافظٌ؛ ولا يَقربُك شيطانٌ حتَّى تُصبحَ، فقالَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: صدَقَك، أي: فيما قالَه في آيةِ الكرسيِّ، وهو كَذوبٌ، أي: إنَّ عادَته الكذبُ، ولكنَّه صدَقَك فِيما يتعلَّقُ بآيةِ الكرسيِّ، ثم أوْضَح النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم لأبي هُريرةَ أنَّ هذا الأسيرَ الذي يُخاطبه منذُ ثلاثِ ليالٍ شيطانٌ.

    صحيح البخاري
    0 التعليقات 0 المشاركات 413 مشاهدة 0 معاينة
  • من آمن باللهِ وبرسولِه ، وأقام الصَّلاةَ ، وصام رمضانَ ، كان حقًّا على اللهِ أن يُدخِلَه الجنَّةَ ، جاهِدْ في سبيلِ اللهِ ، أو جلس في أرضِه الَّتي وُلِد فيها . فقالوا : يا رسولَ اللهِ ، أفلا نُبشِّرُ النَّاسَ ؟ قال : إنَّ في الجنَّةِ مائةَ درجةٍ ، أعدَّها اللهُ للمجاهدين في سبيلِ اللهِ ، ما بين الدَّرجتَيْن كما بين السَّماءِ والأرضِ ، فإذا سألتم اللهَ فاسألوه الفردوسَ ، فإنَّه أوسَطُ الجنَّةِ ، وأعلَى الجنَّةِ - أراه - فوقه عرشُ الرَّحمنِ

    شرح الحديث

    في هذا الحديثِ يُبيِّن النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم أنَّ مَن آمَن باللهِ تعالى وآمن برسولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وأقام الصَّلاةَ، وصام رَمَضانَ، استحَقَّ دُخولَ الجنَّةِ بفَضْلِ اللهِ ورحمتِه، ولم يَذكُرِ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم في هذا الحديثِ الزَّكاةَ والحَجَّ؛ قيل: لم يَذكُرهما على التسامح؛ لأنَّ الحديثَ لم يُذكَر لبيانِ الأركانِ؛ فكأنَّ الاقتصارَ على ما ذُكِر لأنَّه هو المُتكرِّرُ غالبًا؛ فالزَّكاةُ لا تجِبُ إلَّا على الغنيِّ بشَرْطِه، والحجُّ لا يجِبُ إلَّا على المستطيعِ في العُمرِ مَرَّةً واحدةً. فلمَّا قال ذلك قال بعضُ الحاضِرين: أفلا نُبَشِّرُ الناسَ؟ يعني: نُخبِرُهم بهذه البِشارة، فأَخبَر صلَّى الله عليه وسلَّم بدَرجاتِ المجاهِدين فى سبيلِه ومَنْزِلَتِهم فى الجنَّة؛ لِيُرغِّبَ أُمَّتَه فى مجاهدةِ المشركين وإعلاءِ كلمة الإسلام، فقال: «إنَّ في الجنَّةِ مئةَ درجةٍ، أعدَّها الله للمجاهِدين في سبيلِ الله، ما بينَ الدَّرجتَيْن كما بين السماءِ والأرضِ»، فهذا تَباعُدُ ما بينَ درجاتِ هذه المائةِ الَّتِي أُعِدَّتْ للمجاهِدين، ودرجاتُ الجنَّةِ كثيرةٌ لم يَرِدْ حَصْرُها في عَدَدٍ, فهذه مائةٌ أُعِدَّتْ للمجاهِدين، «فإذا سألتُم الله فاسأَلوه الفِرْدَوْسَ؛ فإنَّه أَوسَطُ الجنَّةِ، وأعلَى الجنَّةِ، فَوْقَه عَرْشُ الرَّحْمَنِ»، والمرادُ بالأوسَطِ هنا: الأَعْدَلُ، والأفضَلُ, كقولِه تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا}، فاللَّهُمَّ ارزُقْنا الفِرْدَوْسَ الأعلَى.
    وفي الحديثِ: الحَثُّ على أداءِ فَرائِضِ الله سبحانه وتعالى، والجهادِ في سبيلِه وإعلاءِ كلمتِه.
    وفيه: أنَّ الفِرْدَوْسَ فوقَ جميعِ الجِنَانِ.

    صحيح البخاري

    من آمن باللهِ وبرسولِه ، وأقام الصَّلاةَ ، وصام رمضانَ ، كان حقًّا على اللهِ أن يُدخِلَه الجنَّةَ ، جاهِدْ في سبيلِ اللهِ ، أو جلس في أرضِه الَّتي وُلِد فيها . فقالوا : يا رسولَ اللهِ ، أفلا نُبشِّرُ النَّاسَ ؟ قال : إنَّ في الجنَّةِ مائةَ درجةٍ ، أعدَّها اللهُ للمجاهدين في سبيلِ اللهِ ، ما بين الدَّرجتَيْن كما بين السَّماءِ والأرضِ ، فإذا سألتم اللهَ فاسألوه الفردوسَ ، فإنَّه أوسَطُ الجنَّةِ ، وأعلَى الجنَّةِ - أراه - فوقه عرشُ الرَّحمنِ

    شرح الحديث

    في هذا الحديثِ يُبيِّن النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم أنَّ مَن آمَن باللهِ تعالى وآمن برسولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وأقام الصَّلاةَ، وصام رَمَضانَ، استحَقَّ دُخولَ الجنَّةِ بفَضْلِ اللهِ ورحمتِه، ولم يَذكُرِ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم في هذا الحديثِ الزَّكاةَ والحَجَّ؛ قيل: لم يَذكُرهما على التسامح؛ لأنَّ الحديثَ لم يُذكَر لبيانِ الأركانِ؛ فكأنَّ الاقتصارَ على ما ذُكِر لأنَّه هو المُتكرِّرُ غالبًا؛ فالزَّكاةُ لا تجِبُ إلَّا على الغنيِّ بشَرْطِه، والحجُّ لا يجِبُ إلَّا على المستطيعِ في العُمرِ مَرَّةً واحدةً. فلمَّا قال ذلك قال بعضُ الحاضِرين: أفلا نُبَشِّرُ الناسَ؟ يعني: نُخبِرُهم بهذه البِشارة، فأَخبَر صلَّى الله عليه وسلَّم بدَرجاتِ المجاهِدين فى سبيلِه ومَنْزِلَتِهم فى الجنَّة؛ لِيُرغِّبَ أُمَّتَه فى مجاهدةِ المشركين وإعلاءِ كلمة الإسلام، فقال: «إنَّ في الجنَّةِ مئةَ درجةٍ، أعدَّها الله للمجاهِدين في سبيلِ الله، ما بينَ الدَّرجتَيْن كما بين السماءِ والأرضِ»، فهذا تَباعُدُ ما بينَ درجاتِ هذه المائةِ الَّتِي أُعِدَّتْ للمجاهِدين، ودرجاتُ الجنَّةِ كثيرةٌ لم يَرِدْ حَصْرُها في عَدَدٍ, فهذه مائةٌ أُعِدَّتْ للمجاهِدين، «فإذا سألتُم الله فاسأَلوه الفِرْدَوْسَ؛ فإنَّه أَوسَطُ الجنَّةِ، وأعلَى الجنَّةِ، فَوْقَه عَرْشُ الرَّحْمَنِ»، والمرادُ بالأوسَطِ هنا: الأَعْدَلُ، والأفضَلُ, كقولِه تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا}، فاللَّهُمَّ ارزُقْنا الفِرْدَوْسَ الأعلَى. وفي الحديثِ: الحَثُّ على أداءِ فَرائِضِ الله سبحانه وتعالى، والجهادِ في سبيلِه وإعلاءِ كلمتِه. وفيه: أنَّ الفِرْدَوْسَ فوقَ جميعِ الجِنَانِ.

    صحيح البخاري
    0 التعليقات 0 المشاركات 407 مشاهدة 0 معاينة