• ميلاده صلى الله عليه وسلم وطفولته و شبابه

    ميلاده
    تزوج عبد الله بن عبد المطلب والد سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بآمنة بنت وهب وهى من أشرف بيوت قريش, ولم يكن مضى على زواجهما إلا فترة بسيطة حتى خرج عبد الله بتجارة إلى الشام ، ولكنه لم يعد إلى مكة فقد مرض في طريق عودته فذهبوا به إلى يثرب، و مات عند أخواله من بنى النجار ولم يمض على حمل زوجته أكثر من شهرين ، وظلت آمنة تعيش في مكة في كفالة عبد المطلب وبما ترك لها زوجها عبد الله من ثروة تقدر بخمسة من الإبل وقطيعا والغنم وجارية وهى أم أيمن


    ولما أتمت آمنة حملها على خير ما ينبغي ولدت محمد في فجر يوم الاثنين الثانى عشر من شهر ربيع الأول عام الفيل الذي جاء فيه أبرهه و جنوده لهدم الكعبة فأبادهم الله تعالي


    طفولته
    وكان من عادات أشراف مكة أن يعهدوا بأطفالهم إلى نساء البادية ليقمن على رضاعتهم ، لأن البادية أصلح لنمو أجسام الأطفال وأبعد عن أمراض الحضر التي كثير ما تصيب أجسامهم فضلا عن إتقان اللغة العربية وتعود النطق بالفصحى منذ نعومه أظفارهم

    وكان مقدار العناية والرعاية بالطفل يختلف من قبيلة لأخرى لذا حرص أشراف مكة على أن يكون أطفالهم عند أكثر هذه القبائل عناية ورعاية وكانت أشهر قبيلة في هذا الأمر هي قبيلة بنى سعد فاستُرضِع رسول الله عند حليمة السعدية


    و قضى محمد في حضانة ورعاية (حليمة بنت أبى ذؤيب السعدية) وزوجها (الحارث بن عبد العزى) أربع أو خمس سنوات ورجع محمد إلي رعاية أمه و كفالة جده حتى بلغ السادسة ، فذهبت به أمه لزيارة قبر زوجها في يثرب وقدر لها أن تموت في طريق عودتها وتدفن في الأبواء (على الطريق بين يثرب ومكة ) ويصبح محمد بعدها يتيما ، فكفله جده عبد المطلب فأحبه حبا شديدا عوضه عن حنان أمه وعطف أبيه ، فقد كان يوضع لعبد المطلب فراش في ظل الكعبة لا يجلس عليه أحد من أبنائه إلا محمدا ، فكان يجلسه معه ويمسح ظهره بيده ، ولكن القدر لم يمهل جده طويلا فمات بعد سنتين، فكفله عمه أبو طالب فأحبه حبا شديدا وأخذ يتعهده بعنايتة و رعايته ، ولم تقتصر حمايته له قبل البعثة بل امتدت إلى ما بعدها فكان عونا للدعوة الإسلامية وظهرا لصاحبها على الرغم من انه لم يسلم



    شبابه
    لما شب محمد وأصبح فتى أراد أن يعمل و يأكل من عمل يده ، فاشتغل برعي الغنم لأعمامه ولغيرهم ، ثم بدأ محمد في مزاولة مهنة التجارة وهو في الثانية عشرة من عمرة ، وانتهز فرصة خروج عمه أبى طالب بتجارة إلى الشام فخرج معه ، وفى الطريق قابلهما راهب مسيحي رأى في محمد علامات النبوة فنصح عمه أن يعود به إلى مكة مخافة أن يعرفه الروم ويقتلوه


    ولم تنقطع صلة محمد بالتجارة بعد عودته من الشام بل كان يتاجر بأسواق مكة و الأسواق القريبة منها كسوق عكاظ ، ومجنه، وذي المجاز لكنه لم يجعل التجارة كل همه واكتفى منها بما يوفر له حياة متزنة سعيدة ، وكان كلما تقدم به العمر ازداد تفكيرا وتأملا وقضى الكثير من وقته يتدبر هذا الكون العجيب



    الصادق الأمين
    اكتسب سيدنا محمد شهرة كبيرة لأمانته وشرفة المشهود له بهما في مجتمعه فكان الكثير من تجار مكة يعرضون عليه العمل لهم في تجارتهم مقابل أجر أكبر من أقرانه


    وكانت خديجة بنت خويلد أحد أشراف مكة ومن اكبر تجارها تستأجر الرجال ليتاجروا بما لها في أسواق الشام والحبشة مقابل أجر لهم ، ولما سمعت عن شهرة محمد تمنت أن يكون أحد رجالها –وكان يومها في الخامسة والعشرين من عمره–فعرضت عليه أن يخرج لها في تجارة إلى الشام على أن تدفع له أجر رجلين فقبل محمد وخرج في تجارتها ومعه غلامها ميسرة وابتاع واشترى وعادت تجارته رابحة بأكثر مما كانت تتوقع خديجة وأثنى خادمها على محمد ثناء مستطابا



    زواجه
    وكانت خديجة في ذلك الوقت أرملا بلا زوج وقد عرض الكثير من أشراف مكة الزواج منها فلم تقبل فقد كانوا يطمعون في ثرواتها ، ولكنها سمعت عن محمد من حلو الشمائل ، وجميل الصفات ما أغبطها وتأكدت من ذلك بعد ان عمل لها في تجارتها، ورأت عن قرب من صفاته أكثر مما سمعت ولم يك إلا رد الطرف حتى انقلبت غبطتها حبا جعلها تفكر في أن تتخذه زوجا ، وسرعان ما ظهرت الفكرة إلى حيز التنفيذ فعرضت عليه الزواج بواسطة إحدى صديقاتها فوافق وتزوج بها وفقا للعادات المتبعة في زواج الشرفاء من أهل مكة حيث تبدأ بخطبة من أهل العريس يوضحون فيها رغبة إبنهم في الزواج من العروس ويسمون المهر فيرد أهل العروس بخطبة أخرى يوافقون فيها ويباركون الزواج



    وتزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم خديجة فولدت له القاسم الذي كان يكنى به وعبد الله وهو الملقب بالطيب والطاهر وقيل أن الطيب والطاهر اسمان لولدين آخرين ولكن الأول هو الأشهر كما ولدت له زينب ورقية وأم كلثوم وفاطمة


    ميلاده صلى الله عليه وسلم وطفولته و شبابه

    ميلاده تزوج عبد الله بن عبد المطلب والد سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بآمنة بنت وهب وهى من أشرف بيوت قريش, ولم يكن مضى على زواجهما إلا فترة بسيطة حتى خرج عبد الله بتجارة إلى الشام ، ولكنه لم يعد إلى مكة فقد مرض في طريق عودته فذهبوا به إلى يثرب، و مات عند أخواله من بنى النجار ولم يمض على حمل زوجته أكثر من شهرين ، وظلت آمنة تعيش في مكة في كفالة عبد المطلب وبما ترك لها زوجها عبد الله من ثروة تقدر بخمسة من الإبل وقطيعا والغنم وجارية وهى أم أيمن
    ولما أتمت آمنة حملها على خير ما ينبغي ولدت محمد في فجر يوم الاثنين الثانى عشر من شهر ربيع الأول عام الفيل الذي جاء فيه أبرهه و جنوده لهدم الكعبة فأبادهم الله تعالي
    طفولته وكان من عادات أشراف مكة أن يعهدوا بأطفالهم إلى نساء البادية ليقمن على رضاعتهم ، لأن البادية أصلح لنمو أجسام الأطفال وأبعد عن أمراض الحضر التي كثير ما تصيب أجسامهم فضلا عن إتقان اللغة العربية وتعود النطق بالفصحى منذ نعومه أظفارهم
    وكان مقدار العناية والرعاية بالطفل يختلف من قبيلة لأخرى لذا حرص أشراف مكة على أن يكون أطفالهم عند أكثر هذه القبائل عناية ورعاية وكانت أشهر قبيلة في هذا الأمر هي قبيلة بنى سعد فاستُرضِع رسول الله عند حليمة السعدية
    و قضى محمد في حضانة ورعاية (حليمة بنت أبى ذؤيب السعدية) وزوجها (الحارث بن عبد العزى) أربع أو خمس سنوات ورجع محمد إلي رعاية أمه و كفالة جده حتى بلغ السادسة ، فذهبت به أمه لزيارة قبر زوجها في يثرب وقدر لها أن تموت في طريق عودتها وتدفن في الأبواء (على الطريق بين يثرب ومكة ) ويصبح محمد بعدها يتيما ، فكفله جده عبد المطلب فأحبه حبا شديدا عوضه عن حنان أمه وعطف أبيه ، فقد كان يوضع لعبد المطلب فراش في ظل الكعبة لا يجلس عليه أحد من أبنائه إلا محمدا ، فكان يجلسه معه ويمسح ظهره بيده ، ولكن القدر لم يمهل جده طويلا فمات بعد سنتين، فكفله عمه أبو طالب فأحبه حبا شديدا وأخذ يتعهده بعنايتة و رعايته ، ولم تقتصر حمايته له قبل البعثة بل امتدت إلى ما بعدها فكان عونا للدعوة الإسلامية وظهرا لصاحبها على الرغم من انه لم يسلم
    شبابه لما شب محمد وأصبح فتى أراد أن يعمل و يأكل من عمل يده ، فاشتغل برعي الغنم لأعمامه ولغيرهم ، ثم بدأ محمد في مزاولة مهنة التجارة وهو في الثانية عشرة من عمرة ، وانتهز فرصة خروج عمه أبى طالب بتجارة إلى الشام فخرج معه ، وفى الطريق قابلهما راهب مسيحي رأى في محمد علامات النبوة فنصح عمه أن يعود به إلى مكة مخافة أن يعرفه الروم ويقتلوه
    ولم تنقطع صلة محمد بالتجارة بعد عودته من الشام بل كان يتاجر بأسواق مكة و الأسواق القريبة منها كسوق عكاظ ، ومجنه، وذي المجاز لكنه لم يجعل التجارة كل همه واكتفى منها بما يوفر له حياة متزنة سعيدة ، وكان كلما تقدم به العمر ازداد تفكيرا وتأملا وقضى الكثير من وقته يتدبر هذا الكون العجيب
    الصادق الأمين اكتسب سيدنا محمد شهرة كبيرة لأمانته وشرفة المشهود له بهما في مجتمعه فكان الكثير من تجار مكة يعرضون عليه العمل لهم في تجارتهم مقابل أجر أكبر من أقرانه
    وكانت خديجة بنت خويلد أحد أشراف مكة ومن اكبر تجارها تستأجر الرجال ليتاجروا بما لها في أسواق الشام والحبشة مقابل أجر لهم ، ولما سمعت عن شهرة محمد تمنت أن يكون أحد رجالها –وكان يومها في الخامسة والعشرين من عمره–فعرضت عليه أن يخرج لها في تجارة إلى الشام على أن تدفع له أجر رجلين فقبل محمد وخرج في تجارتها ومعه غلامها ميسرة وابتاع واشترى وعادت تجارته رابحة بأكثر مما كانت تتوقع خديجة وأثنى خادمها على محمد ثناء مستطابا
    زواجه وكانت خديجة في ذلك الوقت أرملا بلا زوج وقد عرض الكثير من أشراف مكة الزواج منها فلم تقبل فقد كانوا يطمعون في ثرواتها ، ولكنها سمعت عن محمد من حلو الشمائل ، وجميل الصفات ما أغبطها وتأكدت من ذلك بعد ان عمل لها في تجارتها، ورأت عن قرب من صفاته أكثر مما سمعت ولم يك إلا رد الطرف حتى انقلبت غبطتها حبا جعلها تفكر في أن تتخذه زوجا ، وسرعان ما ظهرت الفكرة إلى حيز التنفيذ فعرضت عليه الزواج بواسطة إحدى صديقاتها فوافق وتزوج بها وفقا للعادات المتبعة في زواج الشرفاء من أهل مكة حيث تبدأ بخطبة من أهل العريس يوضحون فيها رغبة إبنهم في الزواج من العروس ويسمون المهر فيرد أهل العروس بخطبة أخرى يوافقون فيها ويباركون الزواج
    وتزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم خديجة فولدت له القاسم الذي كان يكنى به وعبد الله وهو الملقب بالطيب والطاهر وقيل أن الطيب والطاهر اسمان لولدين آخرين ولكن الأول هو الأشهر كما ولدت له زينب ورقية وأم كلثوم وفاطمة

    0 Комментарии 0 Поделились 147 Просмотры 0 предпросмотр
  • نسبه صلى الله عليه وسلم

    أفضل أهل الأرض نسباً

    يعدّ نسبه -صلى الله عليه وسلم- فى الناس من خيرِ أهلِ الأرضِ نَسَبَاً على الإطلاقِ، فنسبُهُ من الشَّرفِ فى أعلى ذروةٍ، وأعداؤه كانوا يشهدون له بذلك، ولهذا شهد له به عدوه إذْ ذاك أبو سفيان بين يدي ملكِ الروم


    فالنَّبيّ - صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ- ولد فى أشرف بيت من بيوت العرب، فهو من أشرف فروع قريش وهم بنو هاشم، وقريش أشرف قبيلة فى العرب، وأزكاها نسباً، وأعلاها مكانة، ففى مسلم: أن النَّبيّ صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ قال: (إن الله عَزَّوجَلَّ- اصطفى مِنْ ولدِ إبراهيمَ إسماعيلَ، واصطفى مِن بنى إسماعيلَ كنانةَ، واصطفى من كنانة قريش/ واصطفى من قريش بنى هاشم، واصطفاني مِن بنى هاشمٍ)(3)


    ولمكانة هذا النسب الكريم فى قريش لم نجدها فيما طعنت به على النَّبيِّ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-؛ لاتضاح نسبه بينهم، ولقد طعنت فيه بأشياء كثيرة مفتراة إلا الطعن فى نسبه -عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ-



    نَسَبُ النَّبيِّ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-المُتفقُ عليهِ بينَ النَّسَّابين وأهلِ السِّيَرِ:
    محمد بن عبد الله بن عبد المطلب واسمه شَيبة بن هاشم واسمه عمرو بن عبد مناف واسمه المغيرة بن قصي واسمه زيد بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر وهو الملقب بقريش- وإليه تنسب القبيلة بن مالك بن النضر واسمه قيس بن كنانة بن خزيمة بن مدركة واسمه عامر بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان



    وأما أمه-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-: فهي آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرة بن كعب

    أي أنها تلتقي مع نسب أبيه فى كلاب بن مرة بن كعب


    نسبه صلى الله عليه وسلم

    أفضل أهل الأرض نسباً يعدّ نسبه -صلى الله عليه وسلم- فى الناس من خيرِ أهلِ الأرضِ نَسَبَاً على الإطلاقِ، فنسبُهُ من الشَّرفِ فى أعلى ذروةٍ، وأعداؤه كانوا يشهدون له بذلك، ولهذا شهد له به عدوه إذْ ذاك أبو سفيان بين يدي ملكِ الروم
    فالنَّبيّ - صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ- ولد فى أشرف بيت من بيوت العرب، فهو من أشرف فروع قريش وهم بنو هاشم، وقريش أشرف قبيلة فى العرب، وأزكاها نسباً، وأعلاها مكانة، ففى مسلم: أن النَّبيّ صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ قال: (إن الله عَزَّوجَلَّ- اصطفى مِنْ ولدِ إبراهيمَ إسماعيلَ، واصطفى مِن بنى إسماعيلَ كنانةَ، واصطفى من كنانة قريش/ واصطفى من قريش بنى هاشم، واصطفاني مِن بنى هاشمٍ)(3)
    ولمكانة هذا النسب الكريم فى قريش لم نجدها فيما طعنت به على النَّبيِّ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-؛ لاتضاح نسبه بينهم، ولقد طعنت فيه بأشياء كثيرة مفتراة إلا الطعن فى نسبه -عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ-
    نَسَبُ النَّبيِّ-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-المُتفقُ عليهِ بينَ النَّسَّابين وأهلِ السِّيَرِ: محمد بن عبد الله بن عبد المطلب واسمه شَيبة بن هاشم واسمه عمرو بن عبد مناف واسمه المغيرة بن قصي واسمه زيد بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر وهو الملقب بقريش- وإليه تنسب القبيلة بن مالك بن النضر واسمه قيس بن كنانة بن خزيمة بن مدركة واسمه عامر بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان
    وأما أمه-صَلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ-: فهي آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرة بن كعب
    أي أنها تلتقي مع نسب أبيه فى كلاب بن مرة بن كعب

    0 Комментарии 0 Поделились 52 Просмотры 0 предпросмотр
  • أحوال العــــرب و العالم قبله

    بُعِث نبي الرحمة فى عالم مفرق مشتت ، فَشَا فيه الظلم، وتعددت فيه صور الباطل، وكثرت فيه الآثام والشرور


    ففي الجزيرة العربية :
    - عاشت الجزيرة العربية قبل البعثة حالة من الضياع فقد كان العرب يعبدون الأصنام التي يصنعونها بأيديهم من دون الله، ويقدمون لها القرابين، ويسجدون لها، ويتوسلون بها، ويسألونها أن تحجب عنهم الشر وتجلب لهم الخير وهي أحجار لا تضر ولا تنفع، وكان عدد الأصنام التي حول الكعبة المشرفة حوالي 360 صنماً


    - وكان العرب يتطيرون : فإذا أراد أحدهم زواجاً ، أو سفراً ، أو تجارة : ألقى طيراً في السماء ، فإن ذهب يميناً : مضى فى أمره ، واعتقد فيه الخير والنفع ، وإن ذهب الطير شمالاً : أحجم عن أمره ، وترك المضي فيه ، واعتقد فيه الشرَّ !


    وكانوا يتشاءمون : فإذا سمع أحدهم صوت بومة ، أو رأى غراباً : ضاق صدره ، واعتقد أنه سيصيبه ضرر أو أذى فى يومه ، وكانوا لا يتزوجون في شوال ؛ اعتقاداً منهم بأنه لن يكتب له النجاح


    - و قد كان العرب فى الجاهلية يغزو بعضهم بعضاً ، ويقتل بعضهم بعضاً ، لأتفه الأسباب ، وتطول الحروب بينهم لأعوامٍ عديدة ، فيُقتل الرجال ، وتُسبى النساء والأطفال


    - وكانوا لا يتنزهون عن الخبائث فقد كانوا يأكلون الميتة ، ويشربون الدم ، و يشربون الخمر و يتباهون فى تعتيقها و غلاء أثمانها


    - و رغم تقديس العرب للكعبة واعتيادهم على الحج لها الا انهم كانوا يطوفون بالكعبة عراة نساءً ورجالاً خاصة غير القرشيين ، فقد كانوا يتحرجون أن يطوفوا بالبيت فى ثيابهم التي عصوا الله فيها ، فقد كانوا يعتقدون انه لا يصح عبادة الله في ثياب عصوا الله فيها ، لذلك كان الكثير من الحجاج يستعيرون أو يشترون ثيابا ً من الحمسيين و هم أهل الحرم ليطوفوا بالبيت بها وإن لم يمن عليهم القرشيون بثياب من عندهم كانوا يطوفون عرايا


    - وانتشر الزنا فى ربوع الجزيرة حتي أصبح هناك بيوتا خاصة بذلك ترفع الرايات الحمراء إشارة وعلامة لكل راغب فى البغاء والفجور


    - وكانت بعض القبائل تهين المرأة، وينظرون إليها باحتقار، فهي فى اعتقادهم عار كبير ، عليهم أن يتخلصوا منها، فقد كان الرجل منهم إذا ولدت له أنثى، حزن حزنًا شديدًا

    وقد يصل به الأمر إلى أن يدفنها وهي حية خوفا من وقوعهن فى الأسر ، وجلب العار لهم ، ومنهم من كان يقتل البنات و الأولاد خشية إملاق أي الفقر


    و اذا قدر للمرأة أن تحيا تذوق انواع اخري من العذاب فلم يكن لها حرية اختيار زوجها، فكان أمر زواجها يرجع إلى أمر وليها ، و لم يكن لها أي حق على زوجها، ولا ينظر إليها إلا على أنها خادمة فى بيته ، وظيفتها إنجاب الأولاد، ولم يكن هناك ما يمنع الزوج من إيذاء زوجته وإهانتها واحتقارها، بل كانت تُمسك ضِراراً للإعتداء، وكانت تلاقى من زوجها نشوزاً أو إعراضاً، وكانت تترك أحياناً كالمعلقة


    بل قد يذهب بها زوجها إلى رجل عرف بالشجاعة والمروءة ليجامعها فتحمل منه، وكان هذا يعرف بنكاح الاستبضاع


    وكانت الزوجة عرضة للمقامرة عليها من قبل زوجها، وكانت الزوجة ليس لها حق فى صداقها، ولم يكن عند العرب عدد معين من الزوجات، بل كان للرجل أن يتزوج ما شاء من النساء

    و إذا مات زوجها أصبحت إرثا لقرابته يفعل فيها ما يشاء، فربما تزوجها لو كانت امرأة ذات حسن وجمال، أو ترد عليه الصداق الذي أخذته من زوجها الميت، أو ربما حبسها حتى الموت، إن لم يكن له حاجة فى الزواج منها


    وأما المرأة المطلقة، فلم يكن من حقها أن تتزوج برجل آخر، إلا بعدما يأذن لها مطلقها، وربما أعجبه وأرضاه أن يتركها هكذا تعاني فى حياتها نكاية بها

    وإذا أذن لها، فيكون ذلك مقابل أن يأخذ منها مهرها الذي يهبه لها زوجها الثاني


    كذلك لم تكن المرأة تتمتع فى هذا المجتمع بأي من الحقوق المالية، فلم تكن ترث ولم يكن لها ذمة مالية مستقلة لأنها لا تذود عن الحمي فى الحرب ، وكان البعض يرغمونها على البغاء لتكسب لهم المال


    - وكان الظلم ينتشر فى المجتمع؛ فالقوى لا يرحم الضعيف، والغنى لا يعطف على الفقير، بل يُسخره لخدمته، وإن أقرضه مالا؛ فإنه يقرضه بالربا، فإذا اقترض الفقير دينارًا؛ يرده دينارين، فيزداد الفقير فقرًا، ويزداد الغني ثراءً، وكانت القبائل متفرقة، لكل قبيلة رئيس، لا يخضعون لقانون منظم، و انتشر الرق و العبودية بسبب كثرة الحروب وكان استخدام الرقيق يتم بصورة وحشية غير آدمية، وكانوا يتعرضون للقَمعِ والذل والإهانة، يُضربون كالبهائم بالسوط (الكرباج) لا لشىء إلا لمجرد لذة السيادة ويتم استخدامهم فى الأعمال الشاقة والمهينة فى شدة الحر والبرد وهم مقيدون بالحديد حتى لا يهربوا وليس لهم أدنى حق حتى فى الشكوى وكان يُنظر لهم على أنهم أشياء ليسوا كبقية البشر خُلِقوا ليُستعبدوا


    - و كان العرب قبل الإسلام أمة أمية، لا تعرف القراءة والكتابة إلا فى نطاق ضيق، ولم يكن الذين يعرفونها فى مكة- مثلاً- يزيدون على عشرين شخصًا


    الوضع العالمي:
    أما بالنسبة للوضع خارج شبه الجزيرة العربية فليس الحال بأفضل مما رأينا، فقد كانت الإمبراطوريتان السائدتان فى ذلك الوقت هما إمبراطورية الفرس وإمبراطورية الروم ، وكانت هاتان الإمبراطوريتان سيدتى العالم فى ذلك الوقت، بلا منازع أو شريك



    فى بلاد الروم
    - انتشر الظلم والقهر فى بلاد الروم ؛ فقد فرضت الضرائب الباهظة على الشعوب الكادحة فى حين سبحت الطبقة الحاكمة فى بحور الملذات والترف والإسراف والانشغال بالملذات عن مصالح الشعوب


    - و قد كانت هذه البلاد تعيش فى ظلمات الجهل والأمية، لا تعرف عن العلم شيئا تسيطر الخرافات على تفكيرها

    والمغالاة فى بعض الأفكار، ففى رومية اجتمع مجمع كبير يبحث في شئون المرأة؛ فقرر بعد عدة اجتماعات أن المرأة كائن لا نفس له، وأنها لهذا لن ترث الحياة الأخروية، وأنها رجس، ويجب ألا تأكل اللحم وألا تضحك، ومنعوها من الكلام حتى وضعوا على فمها قُفلاً من الحديد؛ فكانت المرأة من أعلى الأُسر وأدناها تروح وتغدو في الطريق أو في دارها وعلى فمها قُفلٌ


    - و مزقت الخلافات العقائدية بين طوائف النصارى أواصر هذه الدولة ، فكان لكل طائفة كتابها المقدس المختلف عن الأخرى فى بعض أجزائه ، كما كان لكل طائفة كنائسها التي لا تسمح لأبناء الطائفة الأخرى بالصلاة فيها، بل كانت الطائفة القوية تمارس أشد انواع الاضطهاد و التعذيب للطوائف الضعيفة كما كان يحدث فى مصر ولهذا كله كان الفتح الإسلامي لمصر يشكل لأقباطها خلاصًا من اضطهاد وتعذيب الدولة الرومانية لهم، فقد رحمهم المسلمون من هذا الاضطهاد وتركوا من شاء منهم على دينه


    و كان الناس في إيطاليا يسجدون للبابا ، ويقبلون قدمه حتى يأذن لهم بالقيام


    - و نتيجة لشتي أنواع الظلم الذي كان يمارس فى الدول الرومانية أصيبت الدولة الرومانية بانحلال خلقي عظيم ، نتج عن تأخر سن الزواج بسبب تركز الثروات الضخمة فى أيدي قلّة قليلة من أولى النفوذ، بينما يعيش الشعب في فقر شديد، فلم يعد الشباب يملك ما يتزوج به، فانصرف إلى الزنا، والعلاقات المشبوهة، وفضل العزوبة على الزواج


    كما أصبحت الرشوة أصلا فى التعامل مع موظفي الدولة، لإنجاز أي عمل أو الحصول على أي حق ، كما توحشت طباعهم و ظهر ذلك جليا فى لهوهم و حروبهم على السواء ، ففى اللهو كان من وسائل التسلية لديهم: صراع العبيد مع الوحوش المفترسة في أقفاص مغلقة، بينما يستمتع الأمراء والوزراء بمشاهدة الوحوش وهي تفترس العبيد، وفى حروبهم : كانوا يتعاملون مع عدوهم بهمجية ووحشية، و يذكر لنا التاريخ ما حدث فى عهد الإمبراطور (فسبسيان)، حينما حاصر الرومان اليهود فى القدس - وكان اليهود يسمونها أورشليم - لمدة خمسة أشهر، انتهت فى سبتمبر سنة(70) ميلادية، ثم سقطت المدينة فى أشد هزيمة مهينة عرفها التاريخ


    فقد أمر الرومان اليهود أن يقتلوا أبناءهم ونساءهم بأيديهم وقد استجاب اليهود لهم من شدة الرعب، وطمعًا فى النجاة فهم أحرص الناس على حياة ولو كانت حياة ذليلة مهينة، ثم بدأ الرومان يجرون القرعة بين كل يهوديين، ومن يفوز بالقرعة يقوم بقتل صاحبه، حتى أبيد اليهود في القدس عن آخرهم، وسقطت دولتهم، ولم ينج منهم سوى الشريد وأولئك الذين كانوا يسكنون فى أماكن بعيدة



    فى بلاد فارس

    - أما فى دولة الفرس ، فقد كان الوضع على الدرجة نفسها من السوء

    فقد كان هناك تمايز طبقي فهناك طبقة سبحت فى بحور الملذات و الترف والإسراف وهي الطبقة العليا ، أما الطبقة الثانية و هي بقية الشعب فقد كانت ترضخ للمعاناة والفقر والحرمان ، بل تتحمل أعباء بذخ هذه الطبقة على كاهلها

    وكان الفقراء محرومين من أبسط حقوقهم الإنسانية، وكانوا يعيشون كالعبيد


    - أما التعليم، فكان مقصورا على الأمراء والأثرياء فقط، وحرم باقى الشعب من حقه الطبيعي فى اكتساب العلوم والمعارف، وعاش فى أحضان الجهل


    - كذلك انتشرت الإباحية والفساد وحالات هتك الأعراض و زواج المحارم


    - وكان الملوك يعتبرون أنفسهم من نسل آخر مختلف عن البشر، ففيهم يجري دم الآلهة، ولهم الحرية فى أن يفعلوا فى الناس ما يشاؤون

    و كانوا الناس يعظمونهم؛ فكان الرجل إذا دخل على كسرى ارتمى ساجدًا على الأرض، فلا يقوم حتى يؤذن له


    - كانت الديانة السائدة فى فارس هي عبادة النار، وهي ديانة (زرادشت)، وهو الذي دعا إلى تقديس النار، وقال: إنّ نور الإله يسطع فى كل ما هو مشرق ملتهب، وحرّم الأعمال التي تتطلب نارًا، فاكتفى بالزراعة والتجارة فقط ولمّا كانت النار لا توحي إلى عبادها بشريعة، ولا تضع لهم منهاجًا، فقد شرع الناس لأنفسهم حسبما تريد أهواؤهم، وعمَّ الفساد كل شيء في فارس


    وكان العالم في ذلك الوقت يعيش تحت لواء الحروب المتواصلة بين الفرس والروم، كما كانت الحروب قائمة بين القبائل العربية، وكأن الحرب هي الملاذ الوحيد آنذاك للعيش في هذه الحياة!
    سنوات طويلة من الحروب المتواصلة، والفقر والظلم والاستبداد والقهر للشعوب

    فكانت هذه الشعوب قد فاض بها، وأصبحت في أمس الحاجة إلى نهر طاهر ترتوي منه، وتغسل فيه همومها، وعدل صارم، لا يجامل الأثرياء على حساب الفقراء، فأرسل الله تعالي نبي الرحمة ليخرج الناس من الظلمات إلي النور


    أحوال العــــرب و العالم قبله

    بُعِث نبي الرحمة فى عالم مفرق مشتت ، فَشَا فيه الظلم، وتعددت فيه صور الباطل، وكثرت فيه الآثام والشرور
    ففي الجزيرة العربية : - عاشت الجزيرة العربية قبل البعثة حالة من الضياع فقد كان العرب يعبدون الأصنام التي يصنعونها بأيديهم من دون الله، ويقدمون لها القرابين، ويسجدون لها، ويتوسلون بها، ويسألونها أن تحجب عنهم الشر وتجلب لهم الخير وهي أحجار لا تضر ولا تنفع، وكان عدد الأصنام التي حول الكعبة المشرفة حوالي 360 صنماً
    - وكان العرب يتطيرون : فإذا أراد أحدهم زواجاً ، أو سفراً ، أو تجارة : ألقى طيراً في السماء ، فإن ذهب يميناً : مضى فى أمره ، واعتقد فيه الخير والنفع ، وإن ذهب الطير شمالاً : أحجم عن أمره ، وترك المضي فيه ، واعتقد فيه الشرَّ !
    وكانوا يتشاءمون : فإذا سمع أحدهم صوت بومة ، أو رأى غراباً : ضاق صدره ، واعتقد أنه سيصيبه ضرر أو أذى فى يومه ، وكانوا لا يتزوجون في شوال ؛ اعتقاداً منهم بأنه لن يكتب له النجاح
    - و قد كان العرب فى الجاهلية يغزو بعضهم بعضاً ، ويقتل بعضهم بعضاً ، لأتفه الأسباب ، وتطول الحروب بينهم لأعوامٍ عديدة ، فيُقتل الرجال ، وتُسبى النساء والأطفال
    - وكانوا لا يتنزهون عن الخبائث فقد كانوا يأكلون الميتة ، ويشربون الدم ، و يشربون الخمر و يتباهون فى تعتيقها و غلاء أثمانها
    - و رغم تقديس العرب للكعبة واعتيادهم على الحج لها الا انهم كانوا يطوفون بالكعبة عراة نساءً ورجالاً خاصة غير القرشيين ، فقد كانوا يتحرجون أن يطوفوا بالبيت فى ثيابهم التي عصوا الله فيها ، فقد كانوا يعتقدون انه لا يصح عبادة الله في ثياب عصوا الله فيها ، لذلك كان الكثير من الحجاج يستعيرون أو يشترون ثيابا ً من الحمسيين و هم أهل الحرم ليطوفوا بالبيت بها وإن لم يمن عليهم القرشيون بثياب من عندهم كانوا يطوفون عرايا
    - وانتشر الزنا فى ربوع الجزيرة حتي أصبح هناك بيوتا خاصة بذلك ترفع الرايات الحمراء إشارة وعلامة لكل راغب فى البغاء والفجور
    - وكانت بعض القبائل تهين المرأة، وينظرون إليها باحتقار، فهي فى اعتقادهم عار كبير ، عليهم أن يتخلصوا منها، فقد كان الرجل منهم إذا ولدت له أنثى، حزن حزنًا شديدًا
    وقد يصل به الأمر إلى أن يدفنها وهي حية خوفا من وقوعهن فى الأسر ، وجلب العار لهم ، ومنهم من كان يقتل البنات و الأولاد خشية إملاق أي الفقر
    و اذا قدر للمرأة أن تحيا تذوق انواع اخري من العذاب فلم يكن لها حرية اختيار زوجها، فكان أمر زواجها يرجع إلى أمر وليها ، و لم يكن لها أي حق على زوجها، ولا ينظر إليها إلا على أنها خادمة فى بيته ، وظيفتها إنجاب الأولاد، ولم يكن هناك ما يمنع الزوج من إيذاء زوجته وإهانتها واحتقارها، بل كانت تُمسك ضِراراً للإعتداء، وكانت تلاقى من زوجها نشوزاً أو إعراضاً، وكانت تترك أحياناً كالمعلقة
    بل قد يذهب بها زوجها إلى رجل عرف بالشجاعة والمروءة ليجامعها فتحمل منه، وكان هذا يعرف بنكاح الاستبضاع
    وكانت الزوجة عرضة للمقامرة عليها من قبل زوجها، وكانت الزوجة ليس لها حق فى صداقها، ولم يكن عند العرب عدد معين من الزوجات، بل كان للرجل أن يتزوج ما شاء من النساء
    و إذا مات زوجها أصبحت إرثا لقرابته يفعل فيها ما يشاء، فربما تزوجها لو كانت امرأة ذات حسن وجمال، أو ترد عليه الصداق الذي أخذته من زوجها الميت، أو ربما حبسها حتى الموت، إن لم يكن له حاجة فى الزواج منها
    وأما المرأة المطلقة، فلم يكن من حقها أن تتزوج برجل آخر، إلا بعدما يأذن لها مطلقها، وربما أعجبه وأرضاه أن يتركها هكذا تعاني فى حياتها نكاية بها
    وإذا أذن لها، فيكون ذلك مقابل أن يأخذ منها مهرها الذي يهبه لها زوجها الثاني
    كذلك لم تكن المرأة تتمتع فى هذا المجتمع بأي من الحقوق المالية، فلم تكن ترث ولم يكن لها ذمة مالية مستقلة لأنها لا تذود عن الحمي فى الحرب ، وكان البعض يرغمونها على البغاء لتكسب لهم المال
    - وكان الظلم ينتشر فى المجتمع؛ فالقوى لا يرحم الضعيف، والغنى لا يعطف على الفقير، بل يُسخره لخدمته، وإن أقرضه مالا؛ فإنه يقرضه بالربا، فإذا اقترض الفقير دينارًا؛ يرده دينارين، فيزداد الفقير فقرًا، ويزداد الغني ثراءً، وكانت القبائل متفرقة، لكل قبيلة رئيس، لا يخضعون لقانون منظم، و انتشر الرق و العبودية بسبب كثرة الحروب وكان استخدام الرقيق يتم بصورة وحشية غير آدمية، وكانوا يتعرضون للقَمعِ والذل والإهانة، يُضربون كالبهائم بالسوط (الكرباج) لا لشىء إلا لمجرد لذة السيادة ويتم استخدامهم فى الأعمال الشاقة والمهينة فى شدة الحر والبرد وهم مقيدون بالحديد حتى لا يهربوا وليس لهم أدنى حق حتى فى الشكوى وكان يُنظر لهم على أنهم أشياء ليسوا كبقية البشر خُلِقوا ليُستعبدوا
    - و كان العرب قبل الإسلام أمة أمية، لا تعرف القراءة والكتابة إلا فى نطاق ضيق، ولم يكن الذين يعرفونها فى مكة- مثلاً- يزيدون على عشرين شخصًا
    الوضع العالمي: أما بالنسبة للوضع خارج شبه الجزيرة العربية فليس الحال بأفضل مما رأينا، فقد كانت الإمبراطوريتان السائدتان فى ذلك الوقت هما إمبراطورية الفرس وإمبراطورية الروم ، وكانت هاتان الإمبراطوريتان سيدتى العالم فى ذلك الوقت، بلا منازع أو شريك
    فى بلاد الروم - انتشر الظلم والقهر فى بلاد الروم ؛ فقد فرضت الضرائب الباهظة على الشعوب الكادحة فى حين سبحت الطبقة الحاكمة فى بحور الملذات والترف والإسراف والانشغال بالملذات عن مصالح الشعوب
    - و قد كانت هذه البلاد تعيش فى ظلمات الجهل والأمية، لا تعرف عن العلم شيئا تسيطر الخرافات على تفكيرها
    والمغالاة فى بعض الأفكار، ففى رومية اجتمع مجمع كبير يبحث في شئون المرأة؛ فقرر بعد عدة اجتماعات أن المرأة كائن لا نفس له، وأنها لهذا لن ترث الحياة الأخروية، وأنها رجس، ويجب ألا تأكل اللحم وألا تضحك، ومنعوها من الكلام حتى وضعوا على فمها قُفلاً من الحديد؛ فكانت المرأة من أعلى الأُسر وأدناها تروح وتغدو في الطريق أو في دارها وعلى فمها قُفلٌ
    - و مزقت الخلافات العقائدية بين طوائف النصارى أواصر هذه الدولة ، فكان لكل طائفة كتابها المقدس المختلف عن الأخرى فى بعض أجزائه ، كما كان لكل طائفة كنائسها التي لا تسمح لأبناء الطائفة الأخرى بالصلاة فيها، بل كانت الطائفة القوية تمارس أشد انواع الاضطهاد و التعذيب للطوائف الضعيفة كما كان يحدث فى مصر ولهذا كله كان الفتح الإسلامي لمصر يشكل لأقباطها خلاصًا من اضطهاد وتعذيب الدولة الرومانية لهم، فقد رحمهم المسلمون من هذا الاضطهاد وتركوا من شاء منهم على دينه
    و كان الناس في إيطاليا يسجدون للبابا ، ويقبلون قدمه حتى يأذن لهم بالقيام
    - و نتيجة لشتي أنواع الظلم الذي كان يمارس فى الدول الرومانية أصيبت الدولة الرومانية بانحلال خلقي عظيم ، نتج عن تأخر سن الزواج بسبب تركز الثروات الضخمة فى أيدي قلّة قليلة من أولى النفوذ، بينما يعيش الشعب في فقر شديد، فلم يعد الشباب يملك ما يتزوج به، فانصرف إلى الزنا، والعلاقات المشبوهة، وفضل العزوبة على الزواج
    كما أصبحت الرشوة أصلا فى التعامل مع موظفي الدولة، لإنجاز أي عمل أو الحصول على أي حق ، كما توحشت طباعهم و ظهر ذلك جليا فى لهوهم و حروبهم على السواء ، ففى اللهو كان من وسائل التسلية لديهم: صراع العبيد مع الوحوش المفترسة في أقفاص مغلقة، بينما يستمتع الأمراء والوزراء بمشاهدة الوحوش وهي تفترس العبيد، وفى حروبهم : كانوا يتعاملون مع عدوهم بهمجية ووحشية، و يذكر لنا التاريخ ما حدث فى عهد الإمبراطور (فسبسيان)، حينما حاصر الرومان اليهود فى القدس - وكان اليهود يسمونها أورشليم - لمدة خمسة أشهر، انتهت فى سبتمبر سنة(70) ميلادية، ثم سقطت المدينة فى أشد هزيمة مهينة عرفها التاريخ
    فقد أمر الرومان اليهود أن يقتلوا أبناءهم ونساءهم بأيديهم وقد استجاب اليهود لهم من شدة الرعب، وطمعًا فى النجاة فهم أحرص الناس على حياة ولو كانت حياة ذليلة مهينة، ثم بدأ الرومان يجرون القرعة بين كل يهوديين، ومن يفوز بالقرعة يقوم بقتل صاحبه، حتى أبيد اليهود في القدس عن آخرهم، وسقطت دولتهم، ولم ينج منهم سوى الشريد وأولئك الذين كانوا يسكنون فى أماكن بعيدة
    فى بلاد فارس - أما فى دولة الفرس ، فقد كان الوضع على الدرجة نفسها من السوء
    فقد كان هناك تمايز طبقي فهناك طبقة سبحت فى بحور الملذات و الترف والإسراف وهي الطبقة العليا ، أما الطبقة الثانية و هي بقية الشعب فقد كانت ترضخ للمعاناة والفقر والحرمان ، بل تتحمل أعباء بذخ هذه الطبقة على كاهلها
    وكان الفقراء محرومين من أبسط حقوقهم الإنسانية، وكانوا يعيشون كالعبيد
    - أما التعليم، فكان مقصورا على الأمراء والأثرياء فقط، وحرم باقى الشعب من حقه الطبيعي فى اكتساب العلوم والمعارف، وعاش فى أحضان الجهل
    - كذلك انتشرت الإباحية والفساد وحالات هتك الأعراض و زواج المحارم
    - وكان الملوك يعتبرون أنفسهم من نسل آخر مختلف عن البشر، ففيهم يجري دم الآلهة، ولهم الحرية فى أن يفعلوا فى الناس ما يشاؤون
    و كانوا الناس يعظمونهم؛ فكان الرجل إذا دخل على كسرى ارتمى ساجدًا على الأرض، فلا يقوم حتى يؤذن له
    - كانت الديانة السائدة فى فارس هي عبادة النار، وهي ديانة (زرادشت)، وهو الذي دعا إلى تقديس النار، وقال: إنّ نور الإله يسطع فى كل ما هو مشرق ملتهب، وحرّم الأعمال التي تتطلب نارًا، فاكتفى بالزراعة والتجارة فقط ولمّا كانت النار لا توحي إلى عبادها بشريعة، ولا تضع لهم منهاجًا، فقد شرع الناس لأنفسهم حسبما تريد أهواؤهم، وعمَّ الفساد كل شيء في فارس
    وكان العالم في ذلك الوقت يعيش تحت لواء الحروب المتواصلة بين الفرس والروم، كما كانت الحروب قائمة بين القبائل العربية، وكأن الحرب هي الملاذ الوحيد آنذاك للعيش في هذه الحياة! سنوات طويلة من الحروب المتواصلة، والفقر والظلم والاستبداد والقهر للشعوب
    فكانت هذه الشعوب قد فاض بها، وأصبحت في أمس الحاجة إلى نهر طاهر ترتوي منه، وتغسل فيه همومها، وعدل صارم، لا يجامل الأثرياء على حساب الفقراء، فأرسل الله تعالي نبي الرحمة ليخرج الناس من الظلمات إلي النور

    0 Комментарии 0 Поделились 56 Просмотры 0 предпросмотр
  • غزوة حنين

    ما بعد الفتح
    دخل رسول الله مكة فى اليوم العشرين من رمضان سنة ثمان من الهجرة ، و ظل بها قرابة عشرين يوما يرتب شئونها و يصلح أحوالها و يخرج بها من جو الشرك و الوثنية إلى جو الإسلام و التوحيد ، فأمر بلالا أن يؤذن فوق الكعبة ، فصعد بلال على ظهرها و جعل يؤذن

    ثم أقيمت الصلاة فقام رسول الله يصلى بالناس فى حرم البيت ، و قام معه الناس فى صفوفهم ، يركعون بركوعه و يسجدون بسجوده و يقومون كلما قام و يجلسون كلما جلس


    و كان لهذا المنظر الجليل أثره الفعال فى نفوس المشركين من أهل مكة فأقبلوا على الإسلام طائعين و اجتمعوا على رسول الله يبايعونه على الإسلام , و كان مما دفع بأهل مكة إلى الإسلام أن رسول الله لم يُرغم أحدا منهم على الدخول فى الإسلام ، كذلك عفوه عن قريش و عمن أهدر دمائهم ، و أمر رسول الله بهدم ما كان حول الكعبة من أصنام ثم بعث السرايا فى قبائل العرب حول مكة ليهدموا ما بها من أصنام ونشر الإسلام



    أسبابها
    كان لهذا الفتح الأعظم رد فعل معاكس لدى القبائل العربية الكبيرة القريبة من مكة، وفى مقدمتها قبيلتا ( هوزان ) و( ثقيف )

    فقدعز علي هوازن و ثقيف أن تدور عليهم الدائرة ، و ان ينالهم ما نال قريشا من تبديل دينها و تهديم أصنامها و من خضوعها لسلطان محمد


    لذلك فقد اجتمع رؤساء هذه القبائل، وسلموا قيادة أمرهم، إلى مالك بن عوف سيد ( هوزان )

    وأجمعوا أمرهم على المسير لقتال المسلمين، قبل أن تتوطد دعائم نصرهم، وتنتشر طلائع فتحهم


    وكان مالك بن عوف رجلاً شجاعًا ومقدامًا، إلا أنه كان سقيم الرأي، وسيء المشورة؛ فقد خرج بقومه أجمعين، رجالاً ونساء وأطفالاً وأموالاً؛ ليُشعر كل رجل وهو يقاتل أن ثروته وحرمته وراءه فلا يفر عنها

    وقد اعترضه فى موقفه هذا دريد بن الصمة - وكان فارسًا مجربًا محنكًا، قد صقلته السنون، وخبرته الأحداث - قائلاً له: وهل يرد المنهزم شيء؟ إن كانت الدائرة لك، لم ينفعك إلا رجل بسيفه ورمحه، وإن كانت عليك: فضُحْتَ فى أهلك ومالك

    فسفَّه مالك رأيه، وركب رأسه، وأصر على المضي فى خطته، لا يثنيه عن ذلك شيء ، وانتهى خبر مالك وما عزم عليه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخذ يجهز جيشه، ويعد عدته لمواجهة هذا الموقف



    أحداث الغزوة


    خرج رسول الله فى اثني عشر ألفاً من المسلمين ؛ عشرة آلاف ممن كانوا خرجوا معه لفتح مكة، وألفان من أهل مكة‏

    ‏ وأكثرهم حديثو عهد بالإسلام واستعار من صفوان بن أمية مائة درع بأداتها، واستعمل على مكة عَتَّاب بن أسيد‏


    ولما كان عشية جاء فارس، فقال‏:‏ إنى طلعت جبل كذا وكذا، فإذا أنا بهوازن على بكرة آبائهم بِظُعُنِهم ونَعَمِهم وشائهم اجتمعوا إلى حنين، فتبسم رسول اللّه وقال‏:‏ تلك غنيمة المسلمين غدًا - إن شاء اللّه-


    انتهى الجيش الإسلامي إلى حنين، وكان مالك بن عوف قد سبقهم، فأدخل جيشه بالليل فى ذلك الوادى، وفرق كُمَنَاءه فى الطرق والمداخل والشعاب والأخباء والمضايق، وأصدر إليهم أمره بأن يرشقوا المسلمين أول ما طلعوا، ثم يشدوا شدة رجل واحد‏


    وبالسَّحَر عبأ رسول اللّه جيشه، وعقد الألوية والرايات، وفرقها على الناس، وفى عَمَاية الصبح استقبل المسلمون وادى حنين، وشرعوا ينحدرون فيه، وهم لا يدرون بوجود كمناء العدو فى مضايق هذا الوادى، فبينا هم ينحطون إذا تمطر عليهم النبال، وإذا كتائب العدو قد شدت عليهم شدة رجل واحد، فانشمر المسلمون راجعين، لا يلوى أحد على أحد، وكانت هزيمة منكرة


    وانحاز رسول اللّه جهة اليمين وهو يقول‏:‏ ‏ هَلُمُّوا إليَّ أيها الناس، أنا رسول الله، أنا محمد بن عبد اللّه

    ولم يبق معه فى موقفه إلا عدد قليل من المهاجرين والأنصار‏



    رجوع المسلمين واحتدام المعركة:‏
    أمر رسول اللّه عمه العباس-وكان جَهِيَر الصوت-أن ينادى الصحابة، قال العباس‏:‏ فقلت بأعلى صوتى‏:‏ أين أصحاب السَّمُرَة‏؟‏ قال‏:‏ فو الله لكأن عَطْفَتَهُم حين سمعوا صوتى عَطْفَة البقر على أولادها، فقالوا‏:‏ يا لبيك، يا لبيك

    ‏ ويذهب الرجل ليثنى بعيره فلا يقدر عليه، فيأخذ درعه، فيقذفها فى عنقه، ويأخذ سيفه وترسه، ويقتحم عن بعيره، ويخلى سبيله، فيؤم الصوت، حتى إذا اجتمع إليه منهم مائة استقبلوا الناس واقتتلوا‏


    وصرفت الدعوة إلى الأنصار‏:‏ يا معشر الأنصار، يا معشر الأنصار، ثم قصرت الدعوة فى بنى الحارث بن الخزرج، وتلاحقت كتائب المسلمين واحدة تلو الأخرى كما كانوا تركوا الموقعة، وتجالد الفريقان مجالدة شديدة، ونظر رسول اللّه إلى ساحة القتال، وقد استحر واحتدم، فقال‏: الآن حَمِي الوَطِيسُ

    ثم أخذ رسول اللّه قبضة من تراب الأرض، فرمى بها في وجوه القوم وقال‏:‏ شاهت الوجوه ، فما خلق اللّه إنساناً إلا ملأ عينيه تراباً من تلك القبضة، فلم يزل حَدُّهُم كَلِيلاً وأمرهم مُدْبِرًا‏



    انكسار حدة العدو وهزيمته الساحقة:‏
    وما هي إلا ساعات قلائل بعد رمي القبضة حتى انهزم العدو هزيمة منكرة، وقتل من ثَقِيف وحدهم نحو السبعين، وحاز المسلمون ما كان مع العدو من مال وسلاح وظُعُن‏


    وقد فرَّمالك بن عوف ومن معه من رجالات قومه، والتجؤوا إلى الطائف، وتحصنوا بها



    وفائه صلي الله عليه وسلم
    لما فرغ رسول الله من تقسيم السبي و الأموال جاءه وفد هوازن وأعلنوا إسلامهم أمام النبي وقالوا: يا رسول الله، إنا أهل وعشيرة، وقد أصابنا من البلاء ما لا يخفى عليك، فامنن علينا مَنّ الله عليك


    ثم قام زهير بن صرد من بنى سعد بن بكر، وهم الذين أرضعوا رسول الله ، فقال: يا رسول الله، إنما فى الحظائر عماتك وخالاتك وحواضنك، ولو أنا أرضعنا الحارث بن أبى شمر الغساني، أو النعمان بن المنذر لرجونا عطفه، وأنت خير المكفولين


    فخيرهم رسول الله بين السبى و الأموال فاختاروا أبنائهم و نسائهم

    فقال صلى الله عليه وسلم لأصحابه إن هؤلاء القوم جاءوا مسلمين ، وقد كنت استأنيت بسبيهم ، و خيرتهم فلم يعدلوا بالأبناء و النساء شيئا ، فمن كان عنده من سبيهم شيئ ، فطابت نفسه أن يرده ، فسبيل ذلك ، و من أبى فليرد عليهم ، و ليكن ذلك فرضا علينا ، فله بكل إنسان ست فرائض من أول ما يفئ الله علينا

    قالوا: رضينا و سلمنا فردوا عليهم نسائهم و أبنائهم


    غزوة حنين

    ما بعد الفتح دخل رسول الله مكة فى اليوم العشرين من رمضان سنة ثمان من الهجرة ، و ظل بها قرابة عشرين يوما يرتب شئونها و يصلح أحوالها و يخرج بها من جو الشرك و الوثنية إلى جو الإسلام و التوحيد ، فأمر بلالا أن يؤذن فوق الكعبة ، فصعد بلال على ظهرها و جعل يؤذن
    ثم أقيمت الصلاة فقام رسول الله يصلى بالناس فى حرم البيت ، و قام معه الناس فى صفوفهم ، يركعون بركوعه و يسجدون بسجوده و يقومون كلما قام و يجلسون كلما جلس
    و كان لهذا المنظر الجليل أثره الفعال فى نفوس المشركين من أهل مكة فأقبلوا على الإسلام طائعين و اجتمعوا على رسول الله يبايعونه على الإسلام , و كان مما دفع بأهل مكة إلى الإسلام أن رسول الله لم يُرغم أحدا منهم على الدخول فى الإسلام ، كذلك عفوه عن قريش و عمن أهدر دمائهم ، و أمر رسول الله بهدم ما كان حول الكعبة من أصنام ثم بعث السرايا فى قبائل العرب حول مكة ليهدموا ما بها من أصنام ونشر الإسلام
    أسبابها كان لهذا الفتح الأعظم رد فعل معاكس لدى القبائل العربية الكبيرة القريبة من مكة، وفى مقدمتها قبيلتا ( هوزان ) و( ثقيف )
    فقدعز علي هوازن و ثقيف أن تدور عليهم الدائرة ، و ان ينالهم ما نال قريشا من تبديل دينها و تهديم أصنامها و من خضوعها لسلطان محمد
    لذلك فقد اجتمع رؤساء هذه القبائل، وسلموا قيادة أمرهم، إلى مالك بن عوف سيد ( هوزان )
    وأجمعوا أمرهم على المسير لقتال المسلمين، قبل أن تتوطد دعائم نصرهم، وتنتشر طلائع فتحهم
    وكان مالك بن عوف رجلاً شجاعًا ومقدامًا، إلا أنه كان سقيم الرأي، وسيء المشورة؛ فقد خرج بقومه أجمعين، رجالاً ونساء وأطفالاً وأموالاً؛ ليُشعر كل رجل وهو يقاتل أن ثروته وحرمته وراءه فلا يفر عنها
    وقد اعترضه فى موقفه هذا دريد بن الصمة - وكان فارسًا مجربًا محنكًا، قد صقلته السنون، وخبرته الأحداث - قائلاً له: وهل يرد المنهزم شيء؟ إن كانت الدائرة لك، لم ينفعك إلا رجل بسيفه ورمحه، وإن كانت عليك: فضُحْتَ فى أهلك ومالك
    فسفَّه مالك رأيه، وركب رأسه، وأصر على المضي فى خطته، لا يثنيه عن ذلك شيء ، وانتهى خبر مالك وما عزم عليه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخذ يجهز جيشه، ويعد عدته لمواجهة هذا الموقف

    أحداث الغزوة

    خرج رسول الله فى اثني عشر ألفاً من المسلمين ؛ عشرة آلاف ممن كانوا خرجوا معه لفتح مكة، وألفان من أهل مكة‏
    ‏ وأكثرهم حديثو عهد بالإسلام واستعار من صفوان بن أمية مائة درع بأداتها، واستعمل على مكة عَتَّاب بن أسيد‏
    ‏ ولما كان عشية جاء فارس، فقال‏:‏ إنى طلعت جبل كذا وكذا، فإذا أنا بهوازن على بكرة آبائهم بِظُعُنِهم ونَعَمِهم وشائهم اجتمعوا إلى حنين، فتبسم رسول اللّه وقال‏:‏ تلك غنيمة المسلمين غدًا - إن شاء اللّه-
    انتهى الجيش الإسلامي إلى حنين، وكان مالك بن عوف قد سبقهم، فأدخل جيشه بالليل فى ذلك الوادى، وفرق كُمَنَاءه فى الطرق والمداخل والشعاب والأخباء والمضايق، وأصدر إليهم أمره بأن يرشقوا المسلمين أول ما طلعوا، ثم يشدوا شدة رجل واحد‏
    ‏ وبالسَّحَر عبأ رسول اللّه جيشه، وعقد الألوية والرايات، وفرقها على الناس، وفى عَمَاية الصبح استقبل المسلمون وادى حنين، وشرعوا ينحدرون فيه، وهم لا يدرون بوجود كمناء العدو فى مضايق هذا الوادى، فبينا هم ينحطون إذا تمطر عليهم النبال، وإذا كتائب العدو قد شدت عليهم شدة رجل واحد، فانشمر المسلمون راجعين، لا يلوى أحد على أحد، وكانت هزيمة منكرة
    وانحاز رسول اللّه جهة اليمين وهو يقول‏:‏ ‏ هَلُمُّوا إليَّ أيها الناس، أنا رسول الله، أنا محمد بن عبد اللّه
    ولم يبق معه فى موقفه إلا عدد قليل من المهاجرين والأنصار‏
    ‏ رجوع المسلمين واحتدام المعركة:‏ أمر رسول اللّه عمه العباس-وكان جَهِيَر الصوت-أن ينادى الصحابة، قال العباس‏:‏ فقلت بأعلى صوتى‏:‏ أين أصحاب السَّمُرَة‏؟‏ قال‏:‏ فو الله لكأن عَطْفَتَهُم حين سمعوا صوتى عَطْفَة البقر على أولادها، فقالوا‏:‏ يا لبيك، يا لبيك
    ‏ ويذهب الرجل ليثنى بعيره فلا يقدر عليه، فيأخذ درعه، فيقذفها فى عنقه، ويأخذ سيفه وترسه، ويقتحم عن بعيره، ويخلى سبيله، فيؤم الصوت، حتى إذا اجتمع إليه منهم مائة استقبلوا الناس واقتتلوا‏
    ‏ وصرفت الدعوة إلى الأنصار‏:‏ يا معشر الأنصار، يا معشر الأنصار، ثم قصرت الدعوة فى بنى الحارث بن الخزرج، وتلاحقت كتائب المسلمين واحدة تلو الأخرى كما كانوا تركوا الموقعة، وتجالد الفريقان مجالدة شديدة، ونظر رسول اللّه إلى ساحة القتال، وقد استحر واحتدم، فقال‏: الآن حَمِي الوَطِيسُ
    ثم أخذ رسول اللّه قبضة من تراب الأرض، فرمى بها في وجوه القوم وقال‏:‏ شاهت الوجوه ، فما خلق اللّه إنساناً إلا ملأ عينيه تراباً من تلك القبضة، فلم يزل حَدُّهُم كَلِيلاً وأمرهم مُدْبِرًا‏
    انكسار حدة العدو وهزيمته الساحقة:‏ وما هي إلا ساعات قلائل بعد رمي القبضة حتى انهزم العدو هزيمة منكرة، وقتل من ثَقِيف وحدهم نحو السبعين، وحاز المسلمون ما كان مع العدو من مال وسلاح وظُعُن‏
    وقد فرَّمالك بن عوف ومن معه من رجالات قومه، والتجؤوا إلى الطائف، وتحصنوا بها
    وفائه صلي الله عليه وسلم لما فرغ رسول الله من تقسيم السبي و الأموال جاءه وفد هوازن وأعلنوا إسلامهم أمام النبي وقالوا: يا رسول الله، إنا أهل وعشيرة، وقد أصابنا من البلاء ما لا يخفى عليك، فامنن علينا مَنّ الله عليك
    ثم قام زهير بن صرد من بنى سعد بن بكر، وهم الذين أرضعوا رسول الله ، فقال: يا رسول الله، إنما فى الحظائر عماتك وخالاتك وحواضنك، ولو أنا أرضعنا الحارث بن أبى شمر الغساني، أو النعمان بن المنذر لرجونا عطفه، وأنت خير المكفولين
    فخيرهم رسول الله بين السبى و الأموال فاختاروا أبنائهم و نسائهم
    فقال صلى الله عليه وسلم لأصحابه إن هؤلاء القوم جاءوا مسلمين ، وقد كنت استأنيت بسبيهم ، و خيرتهم فلم يعدلوا بالأبناء و النساء شيئا ، فمن كان عنده من سبيهم شيئ ، فطابت نفسه أن يرده ، فسبيل ذلك ، و من أبى فليرد عليهم ، و ليكن ذلك فرضا علينا ، فله بكل إنسان ست فرائض من أول ما يفئ الله علينا
    قالوا: رضينا و سلمنا فردوا عليهم نسائهم و أبنائهم

    0 Комментарии 0 Поделились 47 Просмотры 0 предпросмотр
  • فتح مكة

    أسبابها
    كان بين قبيلتي بكر و خزاعة دماء ، و ترات فى الجاهلية ، فلما كان صلح الحديبية و دخلت خزاعة فى عهد الرسول ، و دخلت بكر فى عهد قريش ، هدات الحرب بين القبيلتين ، و أمن كل فريق جانب عدوه ، ثم حدث أن رجلا من قبيلة بكر وقف ذات يوم يهجو رسول الله على مسمع من رجل خزاعي ، فقام إليه الخزاعي فضربه ، فحرك ذلك ما بين القبيلتين من عداوة قديمة ، و اخذت قبيلة بكر تعد عدتها للإنتقام من خزاعة واعانهم على ذلك رجال من قريش

    و ذات ليلة كانت خزاعة على ماء لها يسمى الوتير فباغتها رجال بكر و مالأهم من رجال قريش ، فلجأت خزاعة إلى الحرم لتحتمى به و لكن ذلك لم يمنع رجال بكر من متابعتها حتى قتلوا منهم نحو عشرين رجلا ، فاستنصرت خزاعة رسول الله ، وأقبل عمرو بن سالم الخزاعي يشكو لرسول الله الغدر والخيانة، فوعده الرسول بالانتصار لهم


    نـــدم قريش
    وفى مكة ندمت قريش على خيانتهم للعهد، وشعروا بفداحة جُرمهم، وأدركوا أنهم أصبحوا مهددين، فأوفدت إلى المدينة زعيمها أبا سفيان ليقابل رسول الله ( ويعتذر ويؤكد استمرار المعاهدة بين قريش والمسلمين)



    كان أبو سفيان يحس خطورة الأمر الذى هو مقدم عليه ، فلم يشأ أن يذهب توا إلى رسول الله حتى يمهد الطريق للقائه ، فذهب إلى ابنته أم حبيبة، زوجة رسول الله ، لتشفع له عند رسول الله ، فلما أراد أن يجلس على فراش رسول الله ، فرفعت السيدة أم حبيبة الفراش من أمامه حتى لا يجلس عليه، وقالت له: أنت رجل مشرك نجس، فلم أحب أن تجلس على فراش رسول الله

    [ابن إسحاق]
    ثم خرج أبو سفيان فكلَّم رسول الله فلم يرد عليه، وذهب إلى أبى بكر ليكلم له رسول الله فرفض أبو بكر، فذهب أبو سفيان إلى عمر بن الخطاب فرد عليه عمر ردًّا غليظًا، فلجأ إلى عليّ بن أبى طالب، فنصحه عليٌّ بأن يعود إلى مكة من حيث جاء، فرجع أبو سفيان إلى مكة خائبًا، وظل المشركون ينتظرون قدوم المسلمين إليهم فى رعب وخوف وقلق


    خروج الجيش إلي مكة
    أمر الرسول صلى الله عليه وسلم أصحابه بالاستعداد للخروج، واستنفر القبائل التى حول المدينة، وبلغ عدد جيش المسلمين عشرة آلاف مقاتل وخرجوا فى رمضان سنة ثمان من الهجرة، ولم يُعلم الناس بمقصده، وقال: اللهمَّ خذ العيون والأخبار عن قريش حتى نبغتها فى بلدها ، وقدم العباس بن عبد المطلب مهاجراًمن مكة إلى المدينة ، والتقى بالرسول صلى الله عليه وسلم (بالجحفة) فأرسل أهله إلى المدينة و رجع عائدا مع النبي ، ثم سار المسلمون حتى نزلوا فى مر الظهران قبل دخولهم مكة



    خروج أبي سفيان وإسلامه
    خرج أبو سفيان (صخر بن حرب) من مكة يتحسَّس الأخبار فالتقاه العباس عم الرسول وسار به إلى الرسول وطلب له الأمان فأمنه ودعاه إلى الإِسلام فأسلم، ثم قال: العباس للنبي إن أبا سفيان رجل يحب الفخر فاجعل له شيئاً فقال من دخل دار أبى سفيان فهو آمن، ومن دخل المسجد الحرام فهو آمن، ومن أغلق عليه بابه فهو آمن ولم يسمح الرسول لأبى سفيان بالعودة إلى مكة حتى يرى جيش المسلمين، ولما رجع أخبر قريشاً أن محمداً قد جاءهم بما لا قدرة لهم على مقاومته



    دخول مكة
    قسم النبي صلى الله عليه وسلم الجيش إلى ميمنة وميسرة وقلب فكان خالـد بن الوليد- رضي اللّه عنه- على المجنبة اليمنى وأمره بالدخول من أسفل مكـة، والزبير بن العوام- رضي اللّه عنه- على المجنبة اليسرى من شمال مكة، وأبو عبيدة- رضي اللّه عنـه- على الرجّالة، وأمرهم جميعاً أن لا يقاتلوا إلا من قاتلهم، وأهدر دماء بعض المشركين الذين ألحقوا الأذى الشديد بالمسلمين

    ودخلت جيوش المسلمين إلى مكة ولم تجد مقاومة ماعدا جيش خالد- رضي اللّه عنه-، فقد جمعت قريش جموعاً لقتال المسلمين فتصدى لهم وفرقهم وشتتهم

    ودخل الرسول من أعلى مكة، وكان خاشعاً يردد سورة الفتح، شاكراً لأنعم اللّه بعد أن عاد عزيزاً منتصراً إلى البلد الذى أخرج منه ، وطاف بالكعبة سبعة أشواط واستلم الركن بمِحْجَنِه كراهة أن يزاحم الطائفين وتعليماً لأمته

    وأخذ يكسر الأصنام وكان عددها ثلاثمائة وستون صنماً وهو يتلو قوله تعالى } وَقُلْ جَاءَ الْحقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إنّ الْبَاطِلَ كانَ زَهُوقاً{ ، ثم دخل الكعبة وصلى بها


    العفو الجميل
    بعد أن صلى الرسول بالكعبة وقف على بابها وقريش صفوف فى المسجد ينتظرونه، ثم قال يا معشر قريش ما تظنون إنى فاعل بكم قالوا: خيراً

    أخ كريم وابن أخ كريم، فقال: اذهبوا فأنتم الطلقاء


    وبقى صلى الله عليه وسلم بمكة قرابة عشرين يوما، بعث خلالها السرايا لتحطيم الأصنام ونشر الإسلام وكان لفتح مكة أثر كبير فى نفوس العرب فقد شرح اللّه صدر كثير منهم للإِسلام وصاروا يدخلون فى دين اللّه أفواجا

    قال تعالى إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللّه والفَتْحُ

    وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِين اللّه أَفْوَاجا

    فَسَبحْ بِحَمْدِ رَبكَ واسْتَغْفرْه إِنَّهُ كَانَ تَوابا



    فتح مكة

    أسبابها كان بين قبيلتي بكر و خزاعة دماء ، و ترات فى الجاهلية ، فلما كان صلح الحديبية و دخلت خزاعة فى عهد الرسول ، و دخلت بكر فى عهد قريش ، هدات الحرب بين القبيلتين ، و أمن كل فريق جانب عدوه ، ثم حدث أن رجلا من قبيلة بكر وقف ذات يوم يهجو رسول الله على مسمع من رجل خزاعي ، فقام إليه الخزاعي فضربه ، فحرك ذلك ما بين القبيلتين من عداوة قديمة ، و اخذت قبيلة بكر تعد عدتها للإنتقام من خزاعة واعانهم على ذلك رجال من قريش
    و ذات ليلة كانت خزاعة على ماء لها يسمى الوتير فباغتها رجال بكر و مالأهم من رجال قريش ، فلجأت خزاعة إلى الحرم لتحتمى به و لكن ذلك لم يمنع رجال بكر من متابعتها حتى قتلوا منهم نحو عشرين رجلا ، فاستنصرت خزاعة رسول الله ، وأقبل عمرو بن سالم الخزاعي يشكو لرسول الله الغدر والخيانة، فوعده الرسول بالانتصار لهم
    نـــدم قريش وفى مكة ندمت قريش على خيانتهم للعهد، وشعروا بفداحة جُرمهم، وأدركوا أنهم أصبحوا مهددين، فأوفدت إلى المدينة زعيمها أبا سفيان ليقابل رسول الله ( ويعتذر ويؤكد استمرار المعاهدة بين قريش والمسلمين)
    كان أبو سفيان يحس خطورة الأمر الذى هو مقدم عليه ، فلم يشأ أن يذهب توا إلى رسول الله حتى يمهد الطريق للقائه ، فذهب إلى ابنته أم حبيبة، زوجة رسول الله ، لتشفع له عند رسول الله ، فلما أراد أن يجلس على فراش رسول الله ، فرفعت السيدة أم حبيبة الفراش من أمامه حتى لا يجلس عليه، وقالت له: أنت رجل مشرك نجس، فلم أحب أن تجلس على فراش رسول الله
    [ابن إسحاق] ثم خرج أبو سفيان فكلَّم رسول الله فلم يرد عليه، وذهب إلى أبى بكر ليكلم له رسول الله فرفض أبو بكر، فذهب أبو سفيان إلى عمر بن الخطاب فرد عليه عمر ردًّا غليظًا، فلجأ إلى عليّ بن أبى طالب، فنصحه عليٌّ بأن يعود إلى مكة من حيث جاء، فرجع أبو سفيان إلى مكة خائبًا، وظل المشركون ينتظرون قدوم المسلمين إليهم فى رعب وخوف وقلق
    خروج الجيش إلي مكة أمر الرسول صلى الله عليه وسلم أصحابه بالاستعداد للخروج، واستنفر القبائل التى حول المدينة، وبلغ عدد جيش المسلمين عشرة آلاف مقاتل وخرجوا فى رمضان سنة ثمان من الهجرة، ولم يُعلم الناس بمقصده، وقال: اللهمَّ خذ العيون والأخبار عن قريش حتى نبغتها فى بلدها ، وقدم العباس بن عبد المطلب مهاجراًمن مكة إلى المدينة ، والتقى بالرسول صلى الله عليه وسلم (بالجحفة) فأرسل أهله إلى المدينة و رجع عائدا مع النبي ، ثم سار المسلمون حتى نزلوا فى مر الظهران قبل دخولهم مكة
    خروج أبي سفيان وإسلامه خرج أبو سفيان (صخر بن حرب) من مكة يتحسَّس الأخبار فالتقاه العباس عم الرسول وسار به إلى الرسول وطلب له الأمان فأمنه ودعاه إلى الإِسلام فأسلم، ثم قال: العباس للنبي إن أبا سفيان رجل يحب الفخر فاجعل له شيئاً فقال من دخل دار أبى سفيان فهو آمن، ومن دخل المسجد الحرام فهو آمن، ومن أغلق عليه بابه فهو آمن ولم يسمح الرسول لأبى سفيان بالعودة إلى مكة حتى يرى جيش المسلمين، ولما رجع أخبر قريشاً أن محمداً قد جاءهم بما لا قدرة لهم على مقاومته
    دخول مكة قسم النبي صلى الله عليه وسلم الجيش إلى ميمنة وميسرة وقلب فكان خالـد بن الوليد- رضي اللّه عنه- على المجنبة اليمنى وأمره بالدخول من أسفل مكـة، والزبير بن العوام- رضي اللّه عنه- على المجنبة اليسرى من شمال مكة، وأبو عبيدة- رضي اللّه عنـه- على الرجّالة، وأمرهم جميعاً أن لا يقاتلوا إلا من قاتلهم، وأهدر دماء بعض المشركين الذين ألحقوا الأذى الشديد بالمسلمين
    ودخلت جيوش المسلمين إلى مكة ولم تجد مقاومة ماعدا جيش خالد- رضي اللّه عنه-، فقد جمعت قريش جموعاً لقتال المسلمين فتصدى لهم وفرقهم وشتتهم
    ودخل الرسول من أعلى مكة، وكان خاشعاً يردد سورة الفتح، شاكراً لأنعم اللّه بعد أن عاد عزيزاً منتصراً إلى البلد الذى أخرج منه ، وطاف بالكعبة سبعة أشواط واستلم الركن بمِحْجَنِه كراهة أن يزاحم الطائفين وتعليماً لأمته
    وأخذ يكسر الأصنام وكان عددها ثلاثمائة وستون صنماً وهو يتلو قوله تعالى } وَقُلْ جَاءَ الْحقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إنّ الْبَاطِلَ كانَ زَهُوقاً{ ، ثم دخل الكعبة وصلى بها
    العفو الجميل بعد أن صلى الرسول بالكعبة وقف على بابها وقريش صفوف فى المسجد ينتظرونه، ثم قال يا معشر قريش ما تظنون إنى فاعل بكم قالوا: خيراً
    أخ كريم وابن أخ كريم، فقال: اذهبوا فأنتم الطلقاء
    وبقى صلى الله عليه وسلم بمكة قرابة عشرين يوما، بعث خلالها السرايا لتحطيم الأصنام ونشر الإسلام وكان لفتح مكة أثر كبير فى نفوس العرب فقد شرح اللّه صدر كثير منهم للإِسلام وصاروا يدخلون فى دين اللّه أفواجا
    قال تعالى إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللّه والفَتْحُ
    وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِين اللّه أَفْوَاجا
    فَسَبحْ بِحَمْدِ رَبكَ واسْتَغْفرْه إِنَّهُ كَانَ تَوابا

    0 Комментарии 0 Поделились 46 Просмотры 0 предпросмотр
  • سرية مؤته

    أسبابها
    كانت هذه السرية أثرا من آثار الدعوة التى وجهها رسول الله إلى الملوك و العظماء فى أطراف الجزيرة العربية و فيما حولها ، فمنهم من تلقى الدعوة بالقبول فأسلم و منهم من حالت ظروفه دون أن يستجيب لها ، فلم يمنعه ذلك من أن يحسن لقاء الرسول و يكرم وفادته ، ومنهم من تلقاها بغلظة و جفاء ، و لكنه لم يهن الرسول و لم يمسه بأذي ، فقد كان العرف السياسي انذاك بين الدول يقضى باكرام الضيف على كل حال

    و على هذه القاعدة بعث رسول الله إلى الملوك و العظماء من حوله فكلهم اكرم الرسل و لم يهنهم غير أن شرحبيل بن عمرو الغساني أحد عمال الروم على الشام شذ عن الأصول فى هذه القاعدة ، و كان شذوذه جافيا خشنا ، فقد لقى الحارث بن عمير رسول النبي إلى أمير بُصرى فسأله عن وجهته ، فما عرف أنه من رسل محمد أمر به فأوثق رباطا ثم قدمه فضرب عنقه


    فساء ذلك رسول الله و اشتد عليه ، و اعتبره تحديا صريحا و أمرا لا يحسن السكوت عليه ، لا سيما و الإسلام لا يزال يركز دعائمه فى أنحاء الجزيرة و لا يزال فى أشد الحاجة إلى الإحتفاظ بكل ما له من هيبة ، لذلك كان لابد من عمل يحفظ للإسلام هيبته و يشعر الناس فى داخل الجزيرة و خارجها أن الإسلام قوة لا يستهان بها لذلك قرر رسول الله أن يبعث سرية إلى الشام حيث قتل الحارث بن عمير لتأديب ذلك المعتدى



    تجهيز الجيش
    جهز رسول الله صلى الله عليه وسلم جيشًا قوامه ثلاثة آلاف مقاتل ، وأمرَّ رسول الله على هذا الجيش زيد بن حارثة، وقال: ((إن قتل زيد فجعفر، وإن قتل جعفر فعبد الله بن رواحة)) وعقد لهم لواءً أبيض ودفعه إلى زيد بن حارثة، وأوصاهم أن يأتوا مقتل الحارث بن عمير، وأن يدعوا من هناك إلى الإسلام، فإن أجابوا وإلا استعانوا بالله عليهم وقاتلوهم، وقال لهم: ((اغزوا بسم الله فى سبيل الله من كفر بالله، ولا تغدروا، ولا تغيروا، ولا تقتلوا وليدًا ولا امرأة، ولا كبيرًا فانيًا، ولا منعزلاً بصومعة، ولا تقطعوا نخلاً ولا شجرة، ولا تهدموا بناءً))


    أحداث السرية
    وتحرك الجيش فى اتجاه الشام حتى نزل بمعان من أرض الشام مما يلى الحجاز، عندها نقلت إليهم الأخبار بأن هرقل نازل بماب من أرض البلقاء فى مائة ألف من الروم، وانضم إليهم من لخم وجذام وبلقين وبهراء وبلى مائة ألف


    حينها وقف المسلمون مندهشين ، لم يكن فى حسابهم لقاء مثل هذا الجيش العرمرم الذى لقوه بغتة فى أرض غريبة بعيدة، وهل يهجم جيش صغير قوامه ثلاثة آلاف مقاتل، على جيش كبير كالبحر الخضم قوامه مائتا ألف مقاتل، بعددهم وعتادهم، حار المسلمون وأقاموا فى معان ليلتين يفكرون فى أمرهم، وينظرون ويتشاورون، ثم قالوا: نكتب إلى رسول الله فنخبره بعدد العدو، فإما أن يمدنا بالرجال، وإما أن يأمرنا بأمره فنمضى له، ولكن عبد الله بن رواحة عارض هذا الرأي، وقال: يا قوم والله إن التي تكرهون للتي خرجتم تطلبون، الشهادة، وما نقاتل الناس بعدد ولا قوة ولا كثرة، ما نقاتلهم إلا بهذا الدين الذي أكرمنا الله به، فانطلقوا، فإنما هي إحدى الحسنيين، إما ظهور وإما شهادة


    وأخيرًا استقر الرأي على ما دعا إليه البطل ابن رواحة رضي الله عنه وأرضاه، وبعد أن قضى الجيش الإسلامي ليلتين فى معان تحركوا إلى أرض العدو، حتى لقيتهم جموع هرقل بقرية مشارف من قرى البلقاء، ثم دنا العدو، وانحاز المسلمون إلى مؤتة، فعسكروا هناك، وتعبأ للقتال فجعلوا على ميمنتهم قطبة بن قتادة الغدري، وعلى الميسرة عبادة بن مالك الأنصاري رضي الله عنهم أجمعين


    وفى مؤتة التقى الفريقان، وبدأ القتال المرير ثلاثة آلاف رجل يواجهون هجمات مائتي ألف مقاتل، و أخذ الراية زيد بن حارثة حِبُّ رسول الله وجعل يقاتل بضراوة بالغة ، وبسالة لا تحق إلا لمثل زيد، فلم يزل يقاتل ويقاتل ويخترق الصفوف صفًا صفًا، والقوم أمامه بين صريع وقتيل، إذ شاط فى رماح العدو، حتى خرَّ صريعًا


    وحينئذ أخذ الراية جعفر بن أبى طالب، وطفق يقاتل قتالاً منقطع النظير، حتى إذا أرهقه القتال نزل عن فرسه الشقراء ، ثم قاتل فقطعت يمينه، فأخذ الراية بشماله، ولم يزل بها حتى قطعت شماله، فاحتضنها بعضديه رافعًا إياها حتى قتل بضربة روميّ قطعته نصفين، فأبدله الله بهما جناحين يطير بهما في الجنة، فكان يسمى بعد ذلك جعفر الطيار


    ثم أخذ الراية عبد الله بن رواحة وتقدم وهو على فرسه فقاتل حتى قتل


    عندها تقدم رجل من بنى عجلان يقال له ثابت بن أرقم فأخذ الراية وقال: يا معشر المسلمين، اصطلحوا على رجل منكم، قالوا: أنت

    قال: ما أنا بفاعل ، فاصطلح الناس على خالد بن الوليد، فلما أخذ الراية قاتل قتالاً مريرًا


    وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم مؤتة كما أخرج البخاري فى صحيحه، مخبرًا بالوحي، قبل أن يأتى إلى الناس الخبر من ساحة القتال: ((أخذ الراية زيد فأصيب، ثم أخذ جعفر فأصيب، ثم أخذ ابن رواحة فأصيب وعيناه تذرفان حتى أخذ الراية سيف من سيوف الله، حتى فتح الله عليهم))
    ونجح خالدٌ رضي الله عنه فى الصمود بجيشه أمام جيش الرومان طوال النهار، وكان لابدَّ من مكيدة حربية، تُلْقِى الرعب فى قلوب الرومان، حتى ينجح فى الانحياز بالمسلمين وينجو من مطاردة الرومان لجيشه، وقبل أن ينكشف المسلمون

    ولما أصبح فى اليوم الثاني، غيَّر أوضاع الجيش، وعبأه من جديد، فجعل مقدمة الجيش ساقته وميمنته ميسرة، والعكس، فلما رآهم الأعداء أنكروا حالهم

    وقالوا: جاءهم مدد فرعبوا، وصار خالدٌ بعد أن ترآى الجيشان، وتناوشا ساعة يتأخر بالمسلمين قليلاً قليلاً، محافظًا على نظام الجيش فلم يتبعهم الرومان خوفًا من مكيدة يدبرها المسلمون فحافظ على جيشه وعاد الرومان إلى بلادهم خائبين


    انتشرت أخبار السرية فى أنحاء شبه الجزيرة و دهش العرب كلهم فقد كانت الروم أكبر وأعظم قوة على وجه الأرض لا يستطيع أحدٌ الصمود أمامها، كيف وقد عاد جيش صغير بدون خسائر تذكر، فأحدث هذا سمعة للمسلمين بلغت المشرق والمغرب ، و كانت هذه السرية الخطوات الأولى لفتح بلاد الروم وفتح المسلمين أقاصى الأرض




    سرية مؤته

    أسبابها كانت هذه السرية أثرا من آثار الدعوة التى وجهها رسول الله إلى الملوك و العظماء فى أطراف الجزيرة العربية و فيما حولها ، فمنهم من تلقى الدعوة بالقبول فأسلم و منهم من حالت ظروفه دون أن يستجيب لها ، فلم يمنعه ذلك من أن يحسن لقاء الرسول و يكرم وفادته ، ومنهم من تلقاها بغلظة و جفاء ، و لكنه لم يهن الرسول و لم يمسه بأذي ، فقد كان العرف السياسي انذاك بين الدول يقضى باكرام الضيف على كل حال
    و على هذه القاعدة بعث رسول الله إلى الملوك و العظماء من حوله فكلهم اكرم الرسل و لم يهنهم غير أن شرحبيل بن عمرو الغساني أحد عمال الروم على الشام شذ عن الأصول فى هذه القاعدة ، و كان شذوذه جافيا خشنا ، فقد لقى الحارث بن عمير رسول النبي إلى أمير بُصرى فسأله عن وجهته ، فما عرف أنه من رسل محمد أمر به فأوثق رباطا ثم قدمه فضرب عنقه
    فساء ذلك رسول الله و اشتد عليه ، و اعتبره تحديا صريحا و أمرا لا يحسن السكوت عليه ، لا سيما و الإسلام لا يزال يركز دعائمه فى أنحاء الجزيرة و لا يزال فى أشد الحاجة إلى الإحتفاظ بكل ما له من هيبة ، لذلك كان لابد من عمل يحفظ للإسلام هيبته و يشعر الناس فى داخل الجزيرة و خارجها أن الإسلام قوة لا يستهان بها لذلك قرر رسول الله أن يبعث سرية إلى الشام حيث قتل الحارث بن عمير لتأديب ذلك المعتدى
    تجهيز الجيش جهز رسول الله صلى الله عليه وسلم جيشًا قوامه ثلاثة آلاف مقاتل ، وأمرَّ رسول الله على هذا الجيش زيد بن حارثة، وقال: ((إن قتل زيد فجعفر، وإن قتل جعفر فعبد الله بن رواحة)) وعقد لهم لواءً أبيض ودفعه إلى زيد بن حارثة، وأوصاهم أن يأتوا مقتل الحارث بن عمير، وأن يدعوا من هناك إلى الإسلام، فإن أجابوا وإلا استعانوا بالله عليهم وقاتلوهم، وقال لهم: ((اغزوا بسم الله فى سبيل الله من كفر بالله، ولا تغدروا، ولا تغيروا، ولا تقتلوا وليدًا ولا امرأة، ولا كبيرًا فانيًا، ولا منعزلاً بصومعة، ولا تقطعوا نخلاً ولا شجرة، ولا تهدموا بناءً))
    أحداث السرية وتحرك الجيش فى اتجاه الشام حتى نزل بمعان من أرض الشام مما يلى الحجاز، عندها نقلت إليهم الأخبار بأن هرقل نازل بماب من أرض البلقاء فى مائة ألف من الروم، وانضم إليهم من لخم وجذام وبلقين وبهراء وبلى مائة ألف
    حينها وقف المسلمون مندهشين ، لم يكن فى حسابهم لقاء مثل هذا الجيش العرمرم الذى لقوه بغتة فى أرض غريبة بعيدة، وهل يهجم جيش صغير قوامه ثلاثة آلاف مقاتل، على جيش كبير كالبحر الخضم قوامه مائتا ألف مقاتل، بعددهم وعتادهم، حار المسلمون وأقاموا فى معان ليلتين يفكرون فى أمرهم، وينظرون ويتشاورون، ثم قالوا: نكتب إلى رسول الله فنخبره بعدد العدو، فإما أن يمدنا بالرجال، وإما أن يأمرنا بأمره فنمضى له، ولكن عبد الله بن رواحة عارض هذا الرأي، وقال: يا قوم والله إن التي تكرهون للتي خرجتم تطلبون، الشهادة، وما نقاتل الناس بعدد ولا قوة ولا كثرة، ما نقاتلهم إلا بهذا الدين الذي أكرمنا الله به، فانطلقوا، فإنما هي إحدى الحسنيين، إما ظهور وإما شهادة
    وأخيرًا استقر الرأي على ما دعا إليه البطل ابن رواحة رضي الله عنه وأرضاه، وبعد أن قضى الجيش الإسلامي ليلتين فى معان تحركوا إلى أرض العدو، حتى لقيتهم جموع هرقل بقرية مشارف من قرى البلقاء، ثم دنا العدو، وانحاز المسلمون إلى مؤتة، فعسكروا هناك، وتعبأ للقتال فجعلوا على ميمنتهم قطبة بن قتادة الغدري، وعلى الميسرة عبادة بن مالك الأنصاري رضي الله عنهم أجمعين
    وفى مؤتة التقى الفريقان، وبدأ القتال المرير ثلاثة آلاف رجل يواجهون هجمات مائتي ألف مقاتل، و أخذ الراية زيد بن حارثة حِبُّ رسول الله وجعل يقاتل بضراوة بالغة ، وبسالة لا تحق إلا لمثل زيد، فلم يزل يقاتل ويقاتل ويخترق الصفوف صفًا صفًا، والقوم أمامه بين صريع وقتيل، إذ شاط فى رماح العدو، حتى خرَّ صريعًا
    وحينئذ أخذ الراية جعفر بن أبى طالب، وطفق يقاتل قتالاً منقطع النظير، حتى إذا أرهقه القتال نزل عن فرسه الشقراء ، ثم قاتل فقطعت يمينه، فأخذ الراية بشماله، ولم يزل بها حتى قطعت شماله، فاحتضنها بعضديه رافعًا إياها حتى قتل بضربة روميّ قطعته نصفين، فأبدله الله بهما جناحين يطير بهما في الجنة، فكان يسمى بعد ذلك جعفر الطيار
    ثم أخذ الراية عبد الله بن رواحة وتقدم وهو على فرسه فقاتل حتى قتل
    عندها تقدم رجل من بنى عجلان يقال له ثابت بن أرقم فأخذ الراية وقال: يا معشر المسلمين، اصطلحوا على رجل منكم، قالوا: أنت
    قال: ما أنا بفاعل ، فاصطلح الناس على خالد بن الوليد، فلما أخذ الراية قاتل قتالاً مريرًا
    وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم مؤتة كما أخرج البخاري فى صحيحه، مخبرًا بالوحي، قبل أن يأتى إلى الناس الخبر من ساحة القتال: ((أخذ الراية زيد فأصيب، ثم أخذ جعفر فأصيب، ثم أخذ ابن رواحة فأصيب وعيناه تذرفان حتى أخذ الراية سيف من سيوف الله، حتى فتح الله عليهم)) ونجح خالدٌ رضي الله عنه فى الصمود بجيشه أمام جيش الرومان طوال النهار، وكان لابدَّ من مكيدة حربية، تُلْقِى الرعب فى قلوب الرومان، حتى ينجح فى الانحياز بالمسلمين وينجو من مطاردة الرومان لجيشه، وقبل أن ينكشف المسلمون
    ولما أصبح فى اليوم الثاني، غيَّر أوضاع الجيش، وعبأه من جديد، فجعل مقدمة الجيش ساقته وميمنته ميسرة، والعكس، فلما رآهم الأعداء أنكروا حالهم
    وقالوا: جاءهم مدد فرعبوا، وصار خالدٌ بعد أن ترآى الجيشان، وتناوشا ساعة يتأخر بالمسلمين قليلاً قليلاً، محافظًا على نظام الجيش فلم يتبعهم الرومان خوفًا من مكيدة يدبرها المسلمون فحافظ على جيشه وعاد الرومان إلى بلادهم خائبين
    انتشرت أخبار السرية فى أنحاء شبه الجزيرة و دهش العرب كلهم فقد كانت الروم أكبر وأعظم قوة على وجه الأرض لا يستطيع أحدٌ الصمود أمامها، كيف وقد عاد جيش صغير بدون خسائر تذكر، فأحدث هذا سمعة للمسلمين بلغت المشرق والمغرب ، و كانت هذه السرية الخطوات الأولى لفتح بلاد الروم وفتح المسلمين أقاصى الأرض

    0 Комментарии 0 Поделились 58 Просмотры 0 предпросмотр
  • غزوة خيبر

    أسباب الغزوة

    تركت واقعة بنى قريظة فى نفوس اليهود نارا مستعرة فى صدورهم من الألم و الغيظ و البغض و العداوة و الرغبة فى الانتقام و التشفى على الرغم من أنهم دائما كانوا هم البادئين بالشر ، و كانت الدائرة فى كل مرة تدور عليهم ، إلا انهم لم يعووا و لم يزدجروا ، ولم يأخذوا من الماضي عبرة للحاضر ، و لم يحاولوا قط أن يعيشوا مع المسلمين فى سلام و وئام بل هي فكرة واحدة تملكتهم و سيطرت على رؤوسهم و تواصى بها زعماؤهم و ساداتهم هي القضاء على الإسلام و أهله ، و لما قام سلام بن مشكم زعيما على يهود خيبر بعد أسير بن رِزَام كان رأيه فى محاربة المسليمن كرأي من سبقه من زعماء اليهود ، فلما تم الصلح بين رسول الله و قريش فى الحديبة يئس اليهود من معاونة العرب لهم ، فاتفق اليهود بقيادة سلام بن مشكم على أن يبادروا إلى تأليف كتلة منهم و من يهود وادي القري و تيماء ثم يزحفوا على يثرب دون أن يعتمدوا على البطون العربية


    خروج الرسول الي خيبر
    علم الرسول صلى الله عليه وسلم بما يدور فى خلد يهود خيبر فأراد أن يفاجئهم قبل أن يفاجئوه ، و لكن عبد الله بن ابي بن سلول أرسل إليهم يقول لهم إن محمدا سائرا إليكم فخذوا حذركم ، فلما جائهم الخبر اخذوا يعدون العدة ، فكانوا يخرجون كل يوم فى عشرة آلاف مقاتل متسلحين مستعدين ، و أدخلوا أموالهم و عيالهم فى حصون الكتيبة ، و جمعوا المقاتلة فى حصون النطاه


    أحداث الغزوة

    :
    سار جيش المسلمون إلى خبير بروح إيمانية عالية على الرغم من علمهم بمنعة حصون خيبر وشدة وبأس رجالها وعتادهم الحربى

    وكانوا يكبرون ويهللون ، و عمى الله أهل خيبر ما كان من أمر خروج رسول الله و جيشه


    نزل المسلمون بساحة اليهود قبل بزوغ الفجر ، و خرج اليهود كعادتهم كل صباح إلى أعمالهم ففوجؤا بالمسلمين ، فرجعوا إلى أهلهم هاربين ينذرونهم بمجئ محمد و جيشه ،فقالوا : محمد والخميس !! فقال الرسول : { الله أكبر خربت خيبر ، إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين}



    و اختبأ اليهود فى حصونهم وحاصرهم المسلمون

    وقد حاولت غطفان نجدة حلفائهم يهود خيبر ، ولكنهم بعد ما خرجوا سمعوا صياحا فى ديارهم فظنوا أن المسلمين قد خالفوا إليهم فرجعوا ، وخلوا بين رسول الله وبين خيبر ، فأخذ المسلمون فى افتتاح حصونهم واحداً تلو الآخر


    ولقد أوصى الرسول علياً بأن يدعو اليهود إلى الإسلام قبل أن يداهمهم ، وقال له : { فوالله لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من أن يكون لك حمر النعم}

    وعندما سأله علي : يا رسول الله ، على ماذا أقاتل الناس ؟ قال : { قاتلهم حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ، فإذا فعلوا ذلك منعوا منك دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله}


    رحمة رسول الله
    و لما تم الصلح بين رسول الله و أهل خيبر ، رغبت نفوسهم عن الهجرة من بلادهم ، فسألوا رسول الله أن يتركهم ليعملوا فى الأرض و يعطوه نصف ثمارها و قالوا له : نحن أعلم بها منكم و اعمر لها

    فأبقاهم فى الأرض يعملون بها ، و صالحهم على النصف على أنه إذا شاء أن يخرجهم أخرجهم


    و لما سمع يهود فدك بما كان من الصلح بين رسول الله و أهل خيبر ، رغبوا عن الحرب و جنحوا للسلم ، و بعثوا إلى رسول الله أن يصالحوه على ما صالحه عليه أهل خيبر ، فأجابهم و تم الصلح بينهم و بين رسول الله دون قتال ، و لما فرغ رسول الله من أهل خيبر انصرف إلى وادى القرى فحاصر أهلها ليالى حتى سلموا و أذعنو للصلح ، فصالحهم الرسول على ما صالح عليه أهل خيبر

    أما يهود تيماء فقبلوا الجزية من غير حرب و لا قتال

    و بذلك دانت اليهود كلها لسلطان النبي صلى الله عليه وسلم، و انتهي كل ما كان لهم من سلطان فى بلاد العرب


    و بذلك أصبح المسلمون بمأمن من ناحية الشمال إلى الشام ، كما صاروا بعد صلح الحديبية بمأمن من ناحية الجنوب


    غزوة خيبر

    أسباب الغزوة

    خروج الرسول الي خيبر علم الرسول صلى الله عليه وسلم بما يدور فى خلد يهود خيبر فأراد أن يفاجئهم قبل أن يفاجئوه ، و لكن عبد الله بن ابي بن سلول أرسل إليهم يقول لهم إن محمدا سائرا إليكم فخذوا حذركم ، فلما جائهم الخبر اخذوا يعدون العدة ، فكانوا يخرجون كل يوم فى عشرة آلاف مقاتل متسلحين مستعدين ، و أدخلوا أموالهم و عيالهم فى حصون الكتيبة ، و جمعوا المقاتلة فى حصون النطاه

    أحداث الغزوة

    : سار جيش المسلمون إلى خبير بروح إيمانية عالية على الرغم من علمهم بمنعة حصون خيبر وشدة وبأس رجالها وعتادهم الحربى
    وكانوا يكبرون ويهللون ، و عمى الله أهل خيبر ما كان من أمر خروج رسول الله و جيشه
    نزل المسلمون بساحة اليهود قبل بزوغ الفجر ، و خرج اليهود كعادتهم كل صباح إلى أعمالهم ففوجؤا بالمسلمين ، فرجعوا إلى أهلهم هاربين ينذرونهم بمجئ محمد و جيشه ،فقالوا : محمد والخميس !! فقال الرسول : { الله أكبر خربت خيبر ، إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين}
    و اختبأ اليهود فى حصونهم وحاصرهم المسلمون
    وقد حاولت غطفان نجدة حلفائهم يهود خيبر ، ولكنهم بعد ما خرجوا سمعوا صياحا فى ديارهم فظنوا أن المسلمين قد خالفوا إليهم فرجعوا ، وخلوا بين رسول الله وبين خيبر ، فأخذ المسلمون فى افتتاح حصونهم واحداً تلو الآخر
    ولقد أوصى الرسول علياً بأن يدعو اليهود إلى الإسلام قبل أن يداهمهم ، وقال له : { فوالله لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من أن يكون لك حمر النعم}
    وعندما سأله علي : يا رسول الله ، على ماذا أقاتل الناس ؟ قال : { قاتلهم حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ، فإذا فعلوا ذلك منعوا منك دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله}
    رحمة رسول الله و لما تم الصلح بين رسول الله و أهل خيبر ، رغبت نفوسهم عن الهجرة من بلادهم ، فسألوا رسول الله أن يتركهم ليعملوا فى الأرض و يعطوه نصف ثمارها و قالوا له : نحن أعلم بها منكم و اعمر لها
    فأبقاهم فى الأرض يعملون بها ، و صالحهم على النصف على أنه إذا شاء أن يخرجهم أخرجهم
    و لما سمع يهود فدك بما كان من الصلح بين رسول الله و أهل خيبر ، رغبوا عن الحرب و جنحوا للسلم ، و بعثوا إلى رسول الله أن يصالحوه على ما صالحه عليه أهل خيبر ، فأجابهم و تم الصلح بينهم و بين رسول الله دون قتال ، و لما فرغ رسول الله من أهل خيبر انصرف إلى وادى القرى فحاصر أهلها ليالى حتى سلموا و أذعنو للصلح ، فصالحهم الرسول على ما صالح عليه أهل خيبر
    أما يهود تيماء فقبلوا الجزية من غير حرب و لا قتال
    و بذلك دانت اليهود كلها لسلطان النبي صلى الله عليه وسلم، و انتهي كل ما كان لهم من سلطان فى بلاد العرب
    و بذلك أصبح المسلمون بمأمن من ناحية الشمال إلى الشام ، كما صاروا بعد صلح الحديبية بمأمن من ناحية الجنوب

    0 Комментарии 0 Поделились 48 Просмотры 0 предпросмотр
  • صلح الحديبية

    رؤيا رسول الله
    رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم فى منامه ذات ليلة أنه دخل المسجد الحرام فى أصحابه آمنين محلقين رؤسهم و مقصرين ،لا يخافون عدوا يصدهم و لا مانعا يمنعهم ، فاستبشر بذلك و قص ما رأى على أصحابه فاستبشروا و فرحوا و استيقنوها حقيقة واقعة لا شك فيها ، فإن رويا الانبياء حق ، و إلهام من الله لهم بما سيكون من قابل أمرهم ، و كان رسول الله و المؤمنون فى أشد الشوق إلى زيارة البيت الحرام فحركت هذه الرؤيا كوامن الشوق و الحنين فى نفوسهم و عزم صلى الله عليه وسلم أن يزور البيت فى عامه هذا



    خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم للعمرة
    خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فى ذي القعدة معتمرا لا يريد حربا و معه المهاجرين و الأنصار و من لحق بهم من العرب و ساق معه الهدي سبعين بدنة و أحرم بالعمرة ليأمن الناس من حربه و ليعلموا أنه إنما خرج زائرا للبيت و معظما له


    ووصل الخبر بمسير رسول الله إلى مكة، فإذا بقريش تفور من الغضب والغيظ، فكيف يتجرأ المسلمون على المجيء إليهم، ودخول مكة بهذه السهولة؟! فلا بد من صدِّهم ومنعهم من دخولها، وتعاهدوا على ألا يدخلها رسول الله والذين معه، وخرجت خيلهم يقودها خالد بن الوليد؛ لمنع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه من دخول مكة


    وتعجب رسول الله صلى الله عليه وسلم من وقوف قريش فى وجهه من قصد زيارة الكعبة، فقال: (أشيروا علي أيها الناس) فقال أبو بكر: يا رسول الله خرجت عامدًا لهذا البيت لا تريد قتل أحد ولا حرب أحد، فتوجه له، فمن صدنا عنه قاتلناه

    فقال : (امضوا على اسم الله) وعقد العزم على الجهاد، ولكنه لم يرد الصدام مع قريش، فقال صلى الله عليه وسلم : (من رجل يخرج بنا على طريق غير طريقهم التى هم بها) فقال رجل: أنا يا رسول الله


    فسلك بالمسلمين طريقًا غير الذي خرجت إليه جيوش المشركين ، وبينما رَكْبُ رسول الله وأصحابه يسير بأمر الله تعالى بركت الناقة التى كان يركبها رسول الله فى مكان قريب من مكة يسمى الحديبية، فقال الصحابة: خلأت القصواء (اسم ناقة الرسول ) خلأت القصواء



    فقال : (ما خلأت القصواء وما ذلك لها بخلق، لكن حبسها حابس الفيل) ، وعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الله تعالى لا يريد له دخول مكة، ولا الصدام مع قريش في ذلك الوقت، فقرر التفاوض مع قريش فى شأن دخول المسلمين مكة لزيارة البيت الحرام، وقال: (والذى نفسى بيده لا يسألوننى خطة يعظمون فيها حرمات الله إلا أعطيتهم إياها)



    موقف قريش
    أصاب قريش الفزع بعدما تأكدوا أن رسول الله عازم على دخول مكة، فأرسلوا إليه رسلا يستوضحون الأمر، وكان أول الرسل بديل بن ورقاء الخزاعي، فقال له رسول الله : (إنا لم نجئ لقتال أحد ولكن جئنا معتمرين



    يا ويح قريش، لقد أكلتهم الحرب، ماذا عليهم لو خلوا بينى وبين سائر العرب، فإن هم أصابونى كان ذلك الذى أرادوا، وإن أظهرنى الله عليهم دخلوا فى الإسلام وافرين، وإن لم يفعلوا قاتلوا وبهم قوة، فما تظن قريش، فوالله لا أزال أجاهد على الذى بعثني الله به حتى يظهره الله أو تنفرد هذه السالفة (يقصد: الموت)) _[ابن إسحاق]



    و توافد الرسل و كان آخرهم عروة بن مسعود الثقفي عم الصحابي المغيرة ابن شعبة، وإذا به يقف مبهورًا من طاعة المسلمين لرسول الله وتماسكهم وقوة إيمانهم، فعاد إلى قومه يقول لهم: أي قوم، والله لقد وفدت على الملوك، على كسرى وقيصر والنجاشي، وإنى والله ما رأيت ملكًا يعظمه أصحابه ما يعظم أصحاب محمد محمدًا، والله ما تَنخَّم (بصق) نخامة إلا وقعت فى كف رجل منهم فدلَّك بها وجهه وجلده، وإذا أمرهم ابتدروا أمره، وما يحدُّون النظر إليه تعظيمًا له، وقد عرض عليكم خطة رشد فاقبلوها


    وأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم عثمان بن عفان -رضي الله عنه- ليشرح لقريش ما يريده المسلمون، وإذا بالمشركين يعرضون على عثمان أن يطوف وحده بالبيت، ولكنه رفض أن يطوف وحده دون المسلمين، فاحتبسته قريش عندها، فلما طالت غيبته ظن المسلمون أن الكفار قتلوه، فاجتمعوا حول رسول الله صلى الله عليه وسلم وبايعوه على القتال حتى الاستشهاد فى سبيل الله، وفيهم نزل قوله تعالى: {لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما فى قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحًا قريبًا}



    شروط الصلح:
    وعلمت قريش بهذه النية، فخافت وأطلقت عثمان على الفور، وأرسلت سهيل بن عمرو، وكان رجلا فصيحًا عاقلا يجيد التفاوض، فلما رآه رسول الله قال: قد أراد القوم الصلح حين بعثوا هذا الرجل، فلما جاء سهيل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تكلما طويلا ثم جرى بينهما
    الصلح، فاتفق مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على:
    - أن يرجع المسلمون هذا العام ويعودوا فى العام القادم


    -وأن تتوقف الحرب بينهما لمدة عشر سنوات


    -وأن من أراد أن يتحالف مع المسلمين فله ذلك، ومن أراد التحالف مع قريش فله ذلك


    -وأن يرد الرسول من جاء إليه من قريش دون إذن وليه، ولا ترد قريش من يأتيها من المسلمين



    موقف الصحابة من الصلح
    وعند سماع عمر بهذه الشروط أتى أبا بكر فقال: يا أبا بكر أليس برسول الله؟ قال: بلى

    قال: أو لسنا بالمسلمين؟ قال: بلى

    قال: أو ليسوا بالمشركين؟ قال: بلى

    قال: فعلام نعطى الدنية فى ديننا؟ قال أبو بكر: يا عمر الزم غرزه، فإنى أشهد أنه رسول الله

    قال عمر: وأنا أشهد أنه رسول الله



    كتابة الصلح
    دعا النبي صلى الله عليه وسلم علي بن أبى طالب وقال له اكتب: بسم الله الرحمن الرحيم

    فقال سهيل: لا أعرف هذا، ولكن اكتب: باسمك اللهم

    فقال الرسول : اكتب باسمك اللهم

    فكتبها، ثم قال: اكتب: هذا ما صالح عليه محمد رسول الله سهيل بن عمرو

    فقال سهيل : لو شهدت أنك رسول الله لم أقاتلك، ولكن اكتب اسمك واسم أبيك

    فقال صلى الله عليه وسلم: اكتب

    هذا ما صالح عليه محمدُ بن عبدالله، سهيلَ بن عمرو

    فرفض على أن يمحو كلمة رسول الله بعد ما كتبها، فمحاها الرسول بنفسه

    [متفق عليه[
    مشورة أم سلمة رضي الله عنها
    غضب المسلمون من هذا الصلح، فقد بَدَت الشروط فى أعينهم ظالمة، فقال لهم الرسول : (أنا عبد الله ورسوله، لن أخالف أمره، ولن يُضَيِّعنى)


    فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من كتابة المعاهدة، قال للمسلمين: (قوموا، فانحروا) وقالها ثلاثًا، فلم يقم أحد، فغضب الرسول ، ودخل على أم سلمة فذكر لها ما لقى من الناس، فقالت: يا رسول الله أتحب ذلك؟ اخرج، ثم لا تكلم أحدًا كلمة حتى تنحر بُدْنَكَ، وتدعو حالقك فيحلقك

    فقام الرسول وخرج فلم يكلم أحدًا حتى نحر بدنه، ودعا حالقه فحلقه، فلما رأى الناس ذلك قاموا فنحروا إبلهم، وجعل بعضهم يحلق لبعض



    صلح الحديبية

    رؤيا رسول الله رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم فى منامه ذات ليلة أنه دخل المسجد الحرام فى أصحابه آمنين محلقين رؤسهم و مقصرين ،لا يخافون عدوا يصدهم و لا مانعا يمنعهم ، فاستبشر بذلك و قص ما رأى على أصحابه فاستبشروا و فرحوا و استيقنوها حقيقة واقعة لا شك فيها ، فإن رويا الانبياء حق ، و إلهام من الله لهم بما سيكون من قابل أمرهم ، و كان رسول الله و المؤمنون فى أشد الشوق إلى زيارة البيت الحرام فحركت هذه الرؤيا كوامن الشوق و الحنين فى نفوسهم و عزم صلى الله عليه وسلم أن يزور البيت فى عامه هذا
    خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم للعمرة خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فى ذي القعدة معتمرا لا يريد حربا و معه المهاجرين و الأنصار و من لحق بهم من العرب و ساق معه الهدي سبعين بدنة و أحرم بالعمرة ليأمن الناس من حربه و ليعلموا أنه إنما خرج زائرا للبيت و معظما له
    ووصل الخبر بمسير رسول الله إلى مكة، فإذا بقريش تفور من الغضب والغيظ، فكيف يتجرأ المسلمون على المجيء إليهم، ودخول مكة بهذه السهولة؟! فلا بد من صدِّهم ومنعهم من دخولها، وتعاهدوا على ألا يدخلها رسول الله والذين معه، وخرجت خيلهم يقودها خالد بن الوليد؛ لمنع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه من دخول مكة
    وتعجب رسول الله صلى الله عليه وسلم من وقوف قريش فى وجهه من قصد زيارة الكعبة، فقال: (أشيروا علي أيها الناس) فقال أبو بكر: يا رسول الله خرجت عامدًا لهذا البيت لا تريد قتل أحد ولا حرب أحد، فتوجه له، فمن صدنا عنه قاتلناه
    فقال : (امضوا على اسم الله) وعقد العزم على الجهاد، ولكنه لم يرد الصدام مع قريش، فقال صلى الله عليه وسلم : (من رجل يخرج بنا على طريق غير طريقهم التى هم بها) فقال رجل: أنا يا رسول الله
    فسلك بالمسلمين طريقًا غير الذي خرجت إليه جيوش المشركين ، وبينما رَكْبُ رسول الله وأصحابه يسير بأمر الله تعالى بركت الناقة التى كان يركبها رسول الله فى مكان قريب من مكة يسمى الحديبية، فقال الصحابة: خلأت القصواء (اسم ناقة الرسول ) خلأت القصواء

    فقال : (ما خلأت القصواء وما ذلك لها بخلق، لكن حبسها حابس الفيل) ، وعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الله تعالى لا يريد له دخول مكة، ولا الصدام مع قريش في ذلك الوقت، فقرر التفاوض مع قريش فى شأن دخول المسلمين مكة لزيارة البيت الحرام، وقال: (والذى نفسى بيده لا يسألوننى خطة يعظمون فيها حرمات الله إلا أعطيتهم إياها)
    موقف قريش أصاب قريش الفزع بعدما تأكدوا أن رسول الله عازم على دخول مكة، فأرسلوا إليه رسلا يستوضحون الأمر، وكان أول الرسل بديل بن ورقاء الخزاعي، فقال له رسول الله : (إنا لم نجئ لقتال أحد ولكن جئنا معتمرين

    يا ويح قريش، لقد أكلتهم الحرب، ماذا عليهم لو خلوا بينى وبين سائر العرب، فإن هم أصابونى كان ذلك الذى أرادوا، وإن أظهرنى الله عليهم دخلوا فى الإسلام وافرين، وإن لم يفعلوا قاتلوا وبهم قوة، فما تظن قريش، فوالله لا أزال أجاهد على الذى بعثني الله به حتى يظهره الله أو تنفرد هذه السالفة (يقصد: الموت)) _[ابن إسحاق]
    و توافد الرسل و كان آخرهم عروة بن مسعود الثقفي عم الصحابي المغيرة ابن شعبة، وإذا به يقف مبهورًا من طاعة المسلمين لرسول الله وتماسكهم وقوة إيمانهم، فعاد إلى قومه يقول لهم: أي قوم، والله لقد وفدت على الملوك، على كسرى وقيصر والنجاشي، وإنى والله ما رأيت ملكًا يعظمه أصحابه ما يعظم أصحاب محمد محمدًا، والله ما تَنخَّم (بصق) نخامة إلا وقعت فى كف رجل منهم فدلَّك بها وجهه وجلده، وإذا أمرهم ابتدروا أمره، وما يحدُّون النظر إليه تعظيمًا له، وقد عرض عليكم خطة رشد فاقبلوها
    وأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم عثمان بن عفان -رضي الله عنه- ليشرح لقريش ما يريده المسلمون، وإذا بالمشركين يعرضون على عثمان أن يطوف وحده بالبيت، ولكنه رفض أن يطوف وحده دون المسلمين، فاحتبسته قريش عندها، فلما طالت غيبته ظن المسلمون أن الكفار قتلوه، فاجتمعوا حول رسول الله صلى الله عليه وسلم وبايعوه على القتال حتى الاستشهاد فى سبيل الله، وفيهم نزل قوله تعالى: {لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما فى قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحًا قريبًا}
    شروط الصلح: وعلمت قريش بهذه النية، فخافت وأطلقت عثمان على الفور، وأرسلت سهيل بن عمرو، وكان رجلا فصيحًا عاقلا يجيد التفاوض، فلما رآه رسول الله قال: قد أراد القوم الصلح حين بعثوا هذا الرجل، فلما جاء سهيل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تكلما طويلا ثم جرى بينهما الصلح، فاتفق مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على: - أن يرجع المسلمون هذا العام ويعودوا فى العام القادم
    -وأن تتوقف الحرب بينهما لمدة عشر سنوات
    -وأن من أراد أن يتحالف مع المسلمين فله ذلك، ومن أراد التحالف مع قريش فله ذلك
    -وأن يرد الرسول من جاء إليه من قريش دون إذن وليه، ولا ترد قريش من يأتيها من المسلمين
    موقف الصحابة من الصلح وعند سماع عمر بهذه الشروط أتى أبا بكر فقال: يا أبا بكر أليس برسول الله؟ قال: بلى
    قال: أو لسنا بالمسلمين؟ قال: بلى
    قال: أو ليسوا بالمشركين؟ قال: بلى
    قال: فعلام نعطى الدنية فى ديننا؟ قال أبو بكر: يا عمر الزم غرزه، فإنى أشهد أنه رسول الله
    قال عمر: وأنا أشهد أنه رسول الله
    كتابة الصلح دعا النبي صلى الله عليه وسلم علي بن أبى طالب وقال له اكتب: بسم الله الرحمن الرحيم
    فقال سهيل: لا أعرف هذا، ولكن اكتب: باسمك اللهم
    فقال الرسول : اكتب باسمك اللهم
    فكتبها، ثم قال: اكتب: هذا ما صالح عليه محمد رسول الله سهيل بن عمرو
    فقال سهيل : لو شهدت أنك رسول الله لم أقاتلك، ولكن اكتب اسمك واسم أبيك
    فقال صلى الله عليه وسلم: اكتب
    هذا ما صالح عليه محمدُ بن عبدالله، سهيلَ بن عمرو
    فرفض على أن يمحو كلمة رسول الله بعد ما كتبها، فمحاها الرسول بنفسه
    [متفق عليه[ مشورة أم سلمة رضي الله عنها غضب المسلمون من هذا الصلح، فقد بَدَت الشروط فى أعينهم ظالمة، فقال لهم الرسول : (أنا عبد الله ورسوله، لن أخالف أمره، ولن يُضَيِّعنى)
    فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من كتابة المعاهدة، قال للمسلمين: (قوموا، فانحروا) وقالها ثلاثًا، فلم يقم أحد، فغضب الرسول ، ودخل على أم سلمة فذكر لها ما لقى من الناس، فقالت: يا رسول الله أتحب ذلك؟ اخرج، ثم لا تكلم أحدًا كلمة حتى تنحر بُدْنَكَ، وتدعو حالقك فيحلقك
    فقام الرسول وخرج فلم يكلم أحدًا حتى نحر بدنه، ودعا حالقه فحلقه، فلما رأى الناس ذلك قاموا فنحروا إبلهم، وجعل بعضهم يحلق لبعض

    0 Комментарии 0 Поделились 46 Просмотры 0 предпросмотр
  • غزوة بنى قريظة

    أسباب الغزوة

    هو ما وقع من بنى قريظة من نقض للعهد الذى أبرمه معهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وممالأتهم لقريش وغطفان على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم من يتأكد من خيانتهم ، فوجه إليهم سعد بن معاذ، وعبد الله بن رواحة ، وخوّات بن جبير، فذكروهم بالعهد وأساءوا الإجابة

    فلما كانت الظهر بعد أن عاد –عليه الصلاة والسلام - من غزوة الأحزاب أتى جبريلُ رسول الله صلي الله عليه وسلم فقال: (أوَقَدْ وضعت السلاح يا رسول الله؟ قال: نعم

    فقال جبريل: فما وضعت الملائكةُ السلاحَ بعد، وما رجعتُ الآن إلا من طلب القوم ، إن الله - عز وجل - يأمرك يا محمد بالمسير إلى بنى قريظة، فإنى عامد إليهم فمزلزل بهم )، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بلالاً - رضي الله عنه فأذن بالناس‏:‏ من كان سامعاً مطيعاً فلا يصَلِّينَّ العصر إلا ببنى قريظة، واستعمل رسول الله على المدينة ابن أم مكتوم، وأعطى الراية علي بن أبي طالب ‏


    أحداث الغزوة


    خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فى موكبه من المهاجرين والأنصار، حتى نزل على بئر من آبار قريظة يقال لها‏:‏ بئر أنَّا‏

    ‏ وبادر المسلمون إلى امتثال أمره، ونهضوا من فورهم، وتحركوا نحو قريظة، وهم ثلاثة آلاف، والخيل ثلاثون فرساً، فنازلوا حصون بنى قريظة، وفرضوا عليهم الحصار‏


    موقف اليهود
    لما اشتد عليهم الحصار عرض عليهم رئيسهم كعب بن أسد ثلاث خصال‏:‏
    - إما أن يسلموا ويدخلوا مع محمد صلى الله عليه وسلم فى دينه، فيأمنوا على دمائهم وأموالهم وأبنائهم ونسائهم ـ وقد قال لهم‏:‏ والله، لقد تبين لكم أنه لنبي مرسل، وأنه الذي تجدونه فى كتابكم ـ
    - وإما أن يقتلوا ذراريهم ونساءهم بأيديهم، ويخرجوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسيوف مُصْلِتِين، يناجزونه حتى يظفروا بهم، أو يقتلوا عن آخرهم،
    - وإما أن يهجموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، ويكبسوهم يوم السبت ؛ لأنهم قد أمنوا أن يقاتلوهم فيه، فأبوا أن يجيبوه إلى واحدة من هذه الخصال الثلاث، وحينئذ قال سيدهم كعب بن أسد ـ في انزعاج وغضب‏:‏ ما بات رجل منكم منذ ولدته أمه ليلة واحدة من الدهر حازماً‏


    التحكيم
    ولم يبق لقريظة بعد رد هذه الخصال الثلاث إلا أن ينزلوا على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم باعتقال الرجال، فوضعت القيود فى أيديهم تحت إشراف محمد بن مسلمة الأنصاري، وجعلت النساء والذراري بمعزل عن الرجال فى ناحية، وقامت الأوس إلى رسول الله فقالوا‏:‏ يا رسول الله، قد فعلت فى بنى قينقاع ما قد علمت، وهم حلفاء إخواننا الخزرج، وهؤلاء موالينا، فأحسن فيهم، فقال‏:‏ ‏‏ألا ترضون أن يحكم فيهم رجل منكم‏؟‏‏ قالوا‏:‏ بلى

    ‏ قال‏:‏ فذاك إلى سعد بن معاذ

    قالوا‏:‏ قد رضينا‏


    فأرسل إلى سعد بن معاذ، وكان فى المدينة لم يخرج معهم للجرح الذى كان قد أصاب أكْحُلَه فى معركة الأحزاب‏

    ‏ فأُركب حماراً، وجاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فجعلوا يقولون، وهم كَنَفَيْهِ‏:‏ يا سعد، أجمل فى مواليك، فأحسن فيهم، فإن رسول الله قد حكمك لتحسن فيهم، وهو ساكت لا يرجع إليهم شيئاً، فلما أكثروا عليه قال‏:‏ لقد آن لسعد ألا تأخذه فى الله لومة لائم، فلما سمعوا ذلك منه رجع بعضهم إلى المدينة فنعى إليهم القوم‏


    ولما انتهى سعد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للصحابة‏:‏ ‏قوموا إلى سيدكم‏‏، فلما أنزلوه قالوا‏:‏ يا سعد، إن هؤلاء قد نزلوا على حكمك‏

    ‏ قال‏:‏ وحكمى نافذ عليهم‏؟‏ قالوا‏:‏ نعم‏

    ‏ قال‏:‏ وعلى المسلمين‏؟‏ قالوا‏:‏ نعم، قال‏:‏ وعلى من هاهنا‏؟‏ وأعرض بوجهه وأشار إلى ناحية رسول الله صلى الله عليه وسلم إجلالاً له وتعظيمًا‏

    ‏ قال‏:‏ نعم، وعلي‏

    ‏ قال‏:‏ فإنى أحكم فيهم أن يقتل الرجال، وتسبى الذرية، وتقسم الأموال، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏:‏ لقد حكمت فيهم بحكم الله من فوق سبع سموات


    وكان حكم سعد فى غاية العدل والإنصاف، فإن بنى قريظة، بالإضافة إلى ما ارتكبوا من الغدر الشنيع، كانوا قد جمعوا لإبادة المسلمين ألفاً وخمسمائة سيف، وألفين من الرماح، وثلاثمائة درع، وخمسمائة ترس، وحَجَفَة ، حصل عليها المسلمون بعد فتح ديارهم‏


    وهكذا تم استئصال أفاعي الغدر والخيانة، الذين كانوا قد نقضوا الميثاق المؤكد، وعاونوا الأحزاب على إبادة المسلمين فى أحرج ساعة كانوا يمرون بها فى حياتهم، وكانوا قد صاروا بعملهم هذا من أكابر مجرمى الحروب الذين يستحقون المحاكمة والإعدام‏


    غزوة بنى قريظة

    أسباب الغزوة

    فلما كانت الظهر بعد أن عاد –عليه الصلاة والسلام - من غزوة الأحزاب أتى جبريلُ رسول الله صلي الله عليه وسلم فقال: (أوَقَدْ وضعت السلاح يا رسول الله؟ قال: نعم
    فقال جبريل: فما وضعت الملائكةُ السلاحَ بعد، وما رجعتُ الآن إلا من طلب القوم ، إن الله - عز وجل - يأمرك يا محمد بالمسير إلى بنى قريظة، فإنى عامد إليهم فمزلزل بهم )، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بلالاً - رضي الله عنه فأذن بالناس‏:‏ من كان سامعاً مطيعاً فلا يصَلِّينَّ العصر إلا ببنى قريظة، واستعمل رسول الله على المدينة ابن أم مكتوم، وأعطى الراية علي بن أبي طالب ‏

    أحداث الغزوة

    خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فى موكبه من المهاجرين والأنصار، حتى نزل على بئر من آبار قريظة يقال لها‏:‏ بئر أنَّا‏
    ‏ وبادر المسلمون إلى امتثال أمره، ونهضوا من فورهم، وتحركوا نحو قريظة، وهم ثلاثة آلاف، والخيل ثلاثون فرساً، فنازلوا حصون بنى قريظة، وفرضوا عليهم الحصار‏
    ‏ موقف اليهود لما اشتد عليهم الحصار عرض عليهم رئيسهم كعب بن أسد ثلاث خصال‏:‏ - إما أن يسلموا ويدخلوا مع محمد صلى الله عليه وسلم فى دينه، فيأمنوا على دمائهم وأموالهم وأبنائهم ونسائهم ـ وقد قال لهم‏:‏ والله، لقد تبين لكم أنه لنبي مرسل، وأنه الذي تجدونه فى كتابكم ـ - وإما أن يقتلوا ذراريهم ونساءهم بأيديهم، ويخرجوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسيوف مُصْلِتِين، يناجزونه حتى يظفروا بهم، أو يقتلوا عن آخرهم، - وإما أن يهجموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، ويكبسوهم يوم السبت ؛ لأنهم قد أمنوا أن يقاتلوهم فيه، فأبوا أن يجيبوه إلى واحدة من هذه الخصال الثلاث، وحينئذ قال سيدهم كعب بن أسد ـ في انزعاج وغضب‏:‏ ما بات رجل منكم منذ ولدته أمه ليلة واحدة من الدهر حازماً‏
    ‏ التحكيم ولم يبق لقريظة بعد رد هذه الخصال الثلاث إلا أن ينزلوا على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم باعتقال الرجال، فوضعت القيود فى أيديهم تحت إشراف محمد بن مسلمة الأنصاري، وجعلت النساء والذراري بمعزل عن الرجال فى ناحية، وقامت الأوس إلى رسول الله فقالوا‏:‏ يا رسول الله، قد فعلت فى بنى قينقاع ما قد علمت، وهم حلفاء إخواننا الخزرج، وهؤلاء موالينا، فأحسن فيهم، فقال‏:‏ ‏‏ألا ترضون أن يحكم فيهم رجل منكم‏؟‏‏ قالوا‏:‏ بلى
    ‏ قال‏:‏ فذاك إلى سعد بن معاذ
    قالوا‏:‏ قد رضينا‏
    ‏ فأرسل إلى سعد بن معاذ، وكان فى المدينة لم يخرج معهم للجرح الذى كان قد أصاب أكْحُلَه فى معركة الأحزاب‏
    ‏ فأُركب حماراً، وجاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فجعلوا يقولون، وهم كَنَفَيْهِ‏:‏ يا سعد، أجمل فى مواليك، فأحسن فيهم، فإن رسول الله قد حكمك لتحسن فيهم، وهو ساكت لا يرجع إليهم شيئاً، فلما أكثروا عليه قال‏:‏ لقد آن لسعد ألا تأخذه فى الله لومة لائم، فلما سمعوا ذلك منه رجع بعضهم إلى المدينة فنعى إليهم القوم‏
    ‏ ولما انتهى سعد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للصحابة‏:‏ ‏قوموا إلى سيدكم‏‏، فلما أنزلوه قالوا‏:‏ يا سعد، إن هؤلاء قد نزلوا على حكمك‏
    ‏ قال‏:‏ وحكمى نافذ عليهم‏؟‏ قالوا‏:‏ نعم‏
    ‏ قال‏:‏ وعلى المسلمين‏؟‏ قالوا‏:‏ نعم، قال‏:‏ وعلى من هاهنا‏؟‏ وأعرض بوجهه وأشار إلى ناحية رسول الله صلى الله عليه وسلم إجلالاً له وتعظيمًا‏
    ‏ قال‏:‏ نعم، وعلي‏
    ‏ قال‏:‏ فإنى أحكم فيهم أن يقتل الرجال، وتسبى الذرية، وتقسم الأموال، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏:‏ لقد حكمت فيهم بحكم الله من فوق سبع سموات
    وكان حكم سعد فى غاية العدل والإنصاف، فإن بنى قريظة، بالإضافة إلى ما ارتكبوا من الغدر الشنيع، كانوا قد جمعوا لإبادة المسلمين ألفاً وخمسمائة سيف، وألفين من الرماح، وثلاثمائة درع، وخمسمائة ترس، وحَجَفَة ، حصل عليها المسلمون بعد فتح ديارهم‏
    ‏ وهكذا تم استئصال أفاعي الغدر والخيانة، الذين كانوا قد نقضوا الميثاق المؤكد، وعاونوا الأحزاب على إبادة المسلمين فى أحرج ساعة كانوا يمرون بها فى حياتهم، وكانوا قد صاروا بعملهم هذا من أكابر مجرمى الحروب الذين يستحقون المحاكمة والإعدام‏

    0 Комментарии 0 Поделились 46 Просмотры 0 предпросмотр
  • غزوة الأحزاب

    أسباب الغزوة

    لم يكن خروج بنى النضير من المدينة بالأمر الهين على نفوسهم و لا بالأمر الذى تنتهي آثاره بمجرد انتهائه ، فقد كانت المدينة موطنهم و موطن آبائهم و أجدادهم منذ عهود بعيدة ، و كان الأنصار من الأوس و الخزرج هم الطارئين عليهم فى عهود الآباء و الاجداد ، كما كان المهاجرين من قريش هم الطارئين عليهم فى ايامهم الحاضرة


    هذا إلي جانب ما كان يملأ قلوبهم من الحسد و البغضاء لذلك الرسول الذى جاء بدعوته إلى مدينتهم فانتزع منهم تلك المكانة الدينية التى كانوا يستمتعون بها و التى كانوا يدلون بها على العرب المشركين فى المدينة و فى غيرها من بلاد العرب و قبائلها


    فكان كل ما يفكرون فيه أن ينتقموا من المسلمين و أن يمكنوا لهم ضربة قاصمة يستطيعون بها القضاء عليهم أو يستطيعون بها على الأقل أن يخرجوهم من حيث أخرجوهم


    و كانوا يعلمون أن قريشا و من حولهم من الأعراب كانوا كارهون لرسول الله و صحبه و دعوته و ليس منهم إلا من يناوئها و يود القضاء عليهم ، فجعل بنو النضير يؤلفوا الأحزاب و يكونوا منهم كتلة واحدة ينقضون بها علي رسول الله و صحبه فيضربونهم ضربة رجل واحد فيقضون عليهم فى ساعة من نهار ثم يفرغون من أمرهم و بذلك يستريح العرب و اليهود منهم جميعا


    فانطلق وفدٌ منهم بقيادة سلام بن أبي الحقيق ، وحييّ بن أخطب ، وغيرهم من قيادات اليهود ، وقاموا بتحريض قريشٍ على قتال رسول الله ، ووعدوهم بالنصرة والمساندة ، وبالغوا فى مدحهم ومجاملتهم على حساب الدين حتى شهدوا بأنّ ما عليه قريش من الشرك والضلال خيرٌ وأهدى سبيلاً مما عليه المؤمنون ، فنزل القرآن مبيّناً أمرهم فى قوله سبحانه : { ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت ويقولون للذين كفروا هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلا } ( النساء : 51 )


    ووافق تحريض اليهود هوىً فى نفوس أهل مكّة ، ورغبةً فى القضاء على الوجود الإسلاميّ فى المدينة ، والخروج من الضائقة الاقتصاديّة التى أصابتهم بفعل التعرّض المستمرّ لقوافلهم التجاريّة على يد الصحابة ، إضافةً إلى أنهم وجدوا فى ذلك فرصةً للإيفاء بالوعد الذى قطعوه يوم أحدٍ بالعودة لقتال رسول الله


    وهكذا التقت مصالح الفريقين ، وقامت قريش بمراسلة حلفائها من بنى أسد وبنى سليم وكنانة وغطفان وغيرها ، فاجتمع جيشٌ قوامه عشرة آلاف مقاتل ، وعاد الوفد اليهوديّ مسروراً بهذه الأعداد الهائلة التى سارت متّجهةً صوب المدينة


    موقف الرسول من الأحزاب
    جاءت الأخبار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم باقتراب الأحزاب من المدينة ، فعقد اجتماعاً عاجلاً مع كبار المهاجرين والأنصار لمناقشة ما ينبغى فعله لصدّ العدوان ، فاتفقت آراؤهم على ضرورة الخروج إلى تلك القوّات ومنعها من الوصول ، لكنّ سلمان الفارسيّ رضي الله عنه كان له رأيٌ آخر ، حيث أشار على النبي – صلى الله عليه وسلم – بحفر خندقٍ كبير كما كانوا يفعلونه فى أرض فارس ، فأُعجب النبي – صلى الله عليه وسلم – بفكرته ، وأمر بحفر الخندق فى شمال المدينة ، وذلك لأنّ بقيّة الجهات كانت محصّنةً بالبيوت المتقاربة والأشجار المتشابكة ، والأراضي الصخريّة ، التي تحول دون دخول المشركين وتقدّمهم


    وتمّ تقسيم المسؤولية بين الصحابة ، واكتمل بناء الخندق خلال عشرين يوماً ، فجعل النبي - صلى الله عليه وسلم – النساء والصبيان فى إحدى حصون بنى حارثة لحمايتهم , ثم أمر بتنظيم دوريّاتٍ لحراسة المدينة من جميع الجهات


    غدر يهود بني قريظة
    وفى تلك الأثناء ذهب حيي بن أخطب إلى بنى قريظة ليضمّهم إلى معسكره ضدّ المسلمين ، مستفيداً من موقعهم المتميّز فى جنوب المدينة ، واستطاع بعد محاولات كثيرة إقناعهم فى نقض عهدهم مع النبي – صلى الله عليه وسلم - ، بعد أن أغراهم بكثرة الأحزاب وقوّتها ، ووعدهم بالحماية بعد انتهاء الحرب ورحيل الجيوش


    ولما وصلت الأخبار إلى النبي - صلى الله عليه وسلم – بنقض بنى قريظة للعهد ، أرسل سعد بن معاذ و سعد بن عبادة ومعهما عبدالله بن رواحة و خوات بن جبير رضي الله عنهم للوقوف على حقيقة الأمر ، والتأكّد من صحّة الخبر ، ولما دنوا منهم وجدوا أنّهم قد نقضوا العهد ومزّقوا الوثيقة ، وجاهروا بالسبّ والعداوة ، وأظهروا استعدادهم للحرب ، فعاد الصحابة إلى رسول الله مؤكّدين له غدرهم وخيانتهم


    وانتشر الخبر بين المسلمين فعظم عليهم البلاء ، وأصابهم الكرب الشديد ، فقد كانت المدينة مكشوفةً من الجنوب على بني قريظة ، وزاد من خوفهم وجود بعض النساء والذرارى فى حصون اليهود ، وقد وصف الله تعالى تلك اللحظات العصيبة بقوله : { إذ جاءوكم من فوقكم ومن أسفل منكم وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا ، هنالك ابتلي المؤمنون وزلزلوا زلزالا شديدا } ( الأحزاب : 10 – 11 )


    المنافقين
    وكان للمنافقين دورٌ في زيادة المحنة ، وذلك بالسخرية من المؤمنين وبثّ روح الهزمية والتخذيل فيهم ، كما قال تعالى : { وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا } ( الأحزاب : 12 ) ، واستأذن كثير منهم النبيَّ – صلى الله عليه وسلم – فى العودة إلى ديارهم بحجّة أنها مكشوفة للأعداء ، وغرضهم فى الحقيقة إنما هو الفرار من أرض المعركة


    وصول الأحزاب
    ووصلت جموع الأحزاب إلى المدينة ، ليفاجؤوا بوجود خندقٍ يحول بينهم وبين اقتحامها ، فلم يكن أمامهم سوى ضرب الحصارعلى المسلمين ، والبحث عن فرجةٍ تمكنهم من الدخول، لكنّ المسلمين كانوا يقظين لمحاولاتهم ، فكانوا يرمونهم بالسهام لمنعهم من الاقتراب


    واستمرّت المناوشات بين الفريقين طيلة أيام الحصار ، وطال الحصار ، واشتدّ البلاء ، فرفع النبي – صلى الله عليه وسلم - يديه إلى السماء وقال : ( اللهم منزل الكتاب ، سريع الحساب ، اهزم الأحزاب ، اللهم اهزمهم وزلزلهم ) ، فاستجاب الله دعاء نبيّه ، وساق له الفرج من حيث لا يحتسب ، فأقبل نعيم بن مسعود الغطفاني معلناً إسلامه واستعداده لخدمة المسلمين ، وقال له رسول الله : ( إنما أنت فينا رجل واحد ، فخذّل عنّا إن استطعت ؛ فإن الحرب خدعة ) ، فذهب نعيم إلى بنى قريظة واستطاع إقناعهم بضرورة أخذ رهائن من قريشِ وحلفائها تحسّباً لأي انسحابٍ مفاجيءٍ منهم ، وبذلك يضمنون استمرار الحرب ، ثم ذهب إلى قريشٍ وغطفان وأظهر لهم إخلاصه ونصحه ، وأخبرهم بندم اليهود على ما كان منهم من نقض للعهد ، وإبلاغهم النبي – صلى الله عليه وسلم – بالعزم على أخذ رهائن من قريشٍ ودفعها إليه إظهاراً لحسن نيّتهم ، وهكذا استطاع أن يزرع الشكوك بين الأطراف المتحالفة ، مما أدّى إلى تفرّق كلمتهم ، وضعف عزيمتهم


    وتم النصر للمؤمنين عندما هبّت عواصفُ شديدة اقتلعت خيام الكفّار وأطفأت نيرانهم وقلبت قدورهم ، وأنزل الله الملائكة تزلزلهم ، وتُلقي الرعب فى قلوبهم ، كما قال تعالى : { يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنود فأرسلنا عليهم ريحا وجنودا لم تروها وكان الله بما تعملون بصيرا } ( الأحزاب : 9 )


    وأرسل رسول الله صلي الله عليه وسلم حذيفة بن اليمان رضي الله عنه يستطلع الأخبار، فرأى أبا سفيان وهو ينادى الناس بالرحيل ، فعاد حذيفة يُبشّر رسول الله بانسحاب الكفّار ، ففرح المسلمون بذلك فرحاً عظيماً ، وحمد رسول الله ربّه وقال : ( لا إله إلا الله وحده أعز جنده ، ونصر عبده ، وهزم الأحزاب وحده )


    وانتهت المعركة بانتصار المسلمين على الرغم من كثرة عدوّهم ، ودخل اليأس فى قلوب كفّار مكّة من القضاء على دولة الإسلام ، وكشفت الغزوة عن حقيقة اليهود وحقدهم ، ومكر المنافقين وخبثهم ، وكانت سبباً فى تحوّل موقف المسلمين من الدفاع إلى الهجوم حتى استطاعوا خلال سنين قليلة من فتح مكة ، وتوحيد العرب تحت راية الإسلام


    غزوة الأحزاب

    أسباب الغزوة

    هذا إلي جانب ما كان يملأ قلوبهم من الحسد و البغضاء لذلك الرسول الذى جاء بدعوته إلى مدينتهم فانتزع منهم تلك المكانة الدينية التى كانوا يستمتعون بها و التى كانوا يدلون بها على العرب المشركين فى المدينة و فى غيرها من بلاد العرب و قبائلها
    فكان كل ما يفكرون فيه أن ينتقموا من المسلمين و أن يمكنوا لهم ضربة قاصمة يستطيعون بها القضاء عليهم أو يستطيعون بها على الأقل أن يخرجوهم من حيث أخرجوهم
    و كانوا يعلمون أن قريشا و من حولهم من الأعراب كانوا كارهون لرسول الله و صحبه و دعوته و ليس منهم إلا من يناوئها و يود القضاء عليهم ، فجعل بنو النضير يؤلفوا الأحزاب و يكونوا منهم كتلة واحدة ينقضون بها علي رسول الله و صحبه فيضربونهم ضربة رجل واحد فيقضون عليهم فى ساعة من نهار ثم يفرغون من أمرهم و بذلك يستريح العرب و اليهود منهم جميعا
    فانطلق وفدٌ منهم بقيادة سلام بن أبي الحقيق ، وحييّ بن أخطب ، وغيرهم من قيادات اليهود ، وقاموا بتحريض قريشٍ على قتال رسول الله ، ووعدوهم بالنصرة والمساندة ، وبالغوا فى مدحهم ومجاملتهم على حساب الدين حتى شهدوا بأنّ ما عليه قريش من الشرك والضلال خيرٌ وأهدى سبيلاً مما عليه المؤمنون ، فنزل القرآن مبيّناً أمرهم فى قوله سبحانه : { ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت ويقولون للذين كفروا هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلا } ( النساء : 51 )
    ووافق تحريض اليهود هوىً فى نفوس أهل مكّة ، ورغبةً فى القضاء على الوجود الإسلاميّ فى المدينة ، والخروج من الضائقة الاقتصاديّة التى أصابتهم بفعل التعرّض المستمرّ لقوافلهم التجاريّة على يد الصحابة ، إضافةً إلى أنهم وجدوا فى ذلك فرصةً للإيفاء بالوعد الذى قطعوه يوم أحدٍ بالعودة لقتال رسول الله
    وهكذا التقت مصالح الفريقين ، وقامت قريش بمراسلة حلفائها من بنى أسد وبنى سليم وكنانة وغطفان وغيرها ، فاجتمع جيشٌ قوامه عشرة آلاف مقاتل ، وعاد الوفد اليهوديّ مسروراً بهذه الأعداد الهائلة التى سارت متّجهةً صوب المدينة
    موقف الرسول من الأحزاب جاءت الأخبار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم باقتراب الأحزاب من المدينة ، فعقد اجتماعاً عاجلاً مع كبار المهاجرين والأنصار لمناقشة ما ينبغى فعله لصدّ العدوان ، فاتفقت آراؤهم على ضرورة الخروج إلى تلك القوّات ومنعها من الوصول ، لكنّ سلمان الفارسيّ رضي الله عنه كان له رأيٌ آخر ، حيث أشار على النبي – صلى الله عليه وسلم – بحفر خندقٍ كبير كما كانوا يفعلونه فى أرض فارس ، فأُعجب النبي – صلى الله عليه وسلم – بفكرته ، وأمر بحفر الخندق فى شمال المدينة ، وذلك لأنّ بقيّة الجهات كانت محصّنةً بالبيوت المتقاربة والأشجار المتشابكة ، والأراضي الصخريّة ، التي تحول دون دخول المشركين وتقدّمهم
    وتمّ تقسيم المسؤولية بين الصحابة ، واكتمل بناء الخندق خلال عشرين يوماً ، فجعل النبي - صلى الله عليه وسلم – النساء والصبيان فى إحدى حصون بنى حارثة لحمايتهم , ثم أمر بتنظيم دوريّاتٍ لحراسة المدينة من جميع الجهات
    غدر يهود بني قريظة وفى تلك الأثناء ذهب حيي بن أخطب إلى بنى قريظة ليضمّهم إلى معسكره ضدّ المسلمين ، مستفيداً من موقعهم المتميّز فى جنوب المدينة ، واستطاع بعد محاولات كثيرة إقناعهم فى نقض عهدهم مع النبي – صلى الله عليه وسلم - ، بعد أن أغراهم بكثرة الأحزاب وقوّتها ، ووعدهم بالحماية بعد انتهاء الحرب ورحيل الجيوش
    ولما وصلت الأخبار إلى النبي - صلى الله عليه وسلم – بنقض بنى قريظة للعهد ، أرسل سعد بن معاذ و سعد بن عبادة ومعهما عبدالله بن رواحة و خوات بن جبير رضي الله عنهم للوقوف على حقيقة الأمر ، والتأكّد من صحّة الخبر ، ولما دنوا منهم وجدوا أنّهم قد نقضوا العهد ومزّقوا الوثيقة ، وجاهروا بالسبّ والعداوة ، وأظهروا استعدادهم للحرب ، فعاد الصحابة إلى رسول الله مؤكّدين له غدرهم وخيانتهم
    وانتشر الخبر بين المسلمين فعظم عليهم البلاء ، وأصابهم الكرب الشديد ، فقد كانت المدينة مكشوفةً من الجنوب على بني قريظة ، وزاد من خوفهم وجود بعض النساء والذرارى فى حصون اليهود ، وقد وصف الله تعالى تلك اللحظات العصيبة بقوله : { إذ جاءوكم من فوقكم ومن أسفل منكم وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا ، هنالك ابتلي المؤمنون وزلزلوا زلزالا شديدا } ( الأحزاب : 10 – 11 )
    المنافقين وكان للمنافقين دورٌ في زيادة المحنة ، وذلك بالسخرية من المؤمنين وبثّ روح الهزمية والتخذيل فيهم ، كما قال تعالى : { وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا } ( الأحزاب : 12 ) ، واستأذن كثير منهم النبيَّ – صلى الله عليه وسلم – فى العودة إلى ديارهم بحجّة أنها مكشوفة للأعداء ، وغرضهم فى الحقيقة إنما هو الفرار من أرض المعركة
    وصول الأحزاب ووصلت جموع الأحزاب إلى المدينة ، ليفاجؤوا بوجود خندقٍ يحول بينهم وبين اقتحامها ، فلم يكن أمامهم سوى ضرب الحصارعلى المسلمين ، والبحث عن فرجةٍ تمكنهم من الدخول، لكنّ المسلمين كانوا يقظين لمحاولاتهم ، فكانوا يرمونهم بالسهام لمنعهم من الاقتراب
    واستمرّت المناوشات بين الفريقين طيلة أيام الحصار ، وطال الحصار ، واشتدّ البلاء ، فرفع النبي – صلى الله عليه وسلم - يديه إلى السماء وقال : ( اللهم منزل الكتاب ، سريع الحساب ، اهزم الأحزاب ، اللهم اهزمهم وزلزلهم ) ، فاستجاب الله دعاء نبيّه ، وساق له الفرج من حيث لا يحتسب ، فأقبل نعيم بن مسعود الغطفاني معلناً إسلامه واستعداده لخدمة المسلمين ، وقال له رسول الله : ( إنما أنت فينا رجل واحد ، فخذّل عنّا إن استطعت ؛ فإن الحرب خدعة ) ، فذهب نعيم إلى بنى قريظة واستطاع إقناعهم بضرورة أخذ رهائن من قريشِ وحلفائها تحسّباً لأي انسحابٍ مفاجيءٍ منهم ، وبذلك يضمنون استمرار الحرب ، ثم ذهب إلى قريشٍ وغطفان وأظهر لهم إخلاصه ونصحه ، وأخبرهم بندم اليهود على ما كان منهم من نقض للعهد ، وإبلاغهم النبي – صلى الله عليه وسلم – بالعزم على أخذ رهائن من قريشٍ ودفعها إليه إظهاراً لحسن نيّتهم ، وهكذا استطاع أن يزرع الشكوك بين الأطراف المتحالفة ، مما أدّى إلى تفرّق كلمتهم ، وضعف عزيمتهم
    وتم النصر للمؤمنين عندما هبّت عواصفُ شديدة اقتلعت خيام الكفّار وأطفأت نيرانهم وقلبت قدورهم ، وأنزل الله الملائكة تزلزلهم ، وتُلقي الرعب فى قلوبهم ، كما قال تعالى : { يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنود فأرسلنا عليهم ريحا وجنودا لم تروها وكان الله بما تعملون بصيرا } ( الأحزاب : 9 )
    وأرسل رسول الله صلي الله عليه وسلم حذيفة بن اليمان رضي الله عنه يستطلع الأخبار، فرأى أبا سفيان وهو ينادى الناس بالرحيل ، فعاد حذيفة يُبشّر رسول الله بانسحاب الكفّار ، ففرح المسلمون بذلك فرحاً عظيماً ، وحمد رسول الله ربّه وقال : ( لا إله إلا الله وحده أعز جنده ، ونصر عبده ، وهزم الأحزاب وحده )
    وانتهت المعركة بانتصار المسلمين على الرغم من كثرة عدوّهم ، ودخل اليأس فى قلوب كفّار مكّة من القضاء على دولة الإسلام ، وكشفت الغزوة عن حقيقة اليهود وحقدهم ، ومكر المنافقين وخبثهم ، وكانت سبباً فى تحوّل موقف المسلمين من الدفاع إلى الهجوم حتى استطاعوا خلال سنين قليلة من فتح مكة ، وتوحيد العرب تحت راية الإسلام

    0 Комментарии 0 Поделились 49 Просмотры 0 предпросмотр