• إنَّ بَعدِي من أُمتِي ( أوْ سَيكونُ بَعدِي من أُمتِي ) قومٌ يَقرؤونَ القرآنَ . لا يُجاوزُ حلاقِيمَهمْ . يَخرجونَ من الدِّينِ كَمَا يخرجُ السَّهمُ من الرَّمِيَّةِ . ثُمَّ لا يَعودونَ فيه . هُمْ شَرُّ الخلقِ والخلِيقةِ . فقال ابنُ الصَّامِتِ : فلَقيتُ رافِعَ بنَ عمروٍ الغِفارِيِّ ، أخَا الحكَمِ الغِفارِيِّ . قلتُ : ما حدِيثٌ سمِعتُهُ من أبِي ذَرٍّ : كَذا وكَذا ؟ فذكرتُ له هذا الحدِيثَ . فقال : وأنا سَمِعتُهُ من رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ .

    شرح الحديث

    أنبأ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم الصَّحابةَ عن كَثيرٍ من الفِتنِ التي حَدثَتْ في قَرنِهم وما بعدَ قَرنِهم، ومِمَّا عاصَروهُ من تِلكَ الفتنِ: فتنةُ الخوارجِ.
    وفي هذا الحديثِ أشارَ إلى النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم ذلكَ فذَكَر قَومًا سَيكونونَ في أمَّتِه مِن بَعدِه، "يَقْرؤونَ القُرآنَ لا يُجاوِزُ حَلاقِيمَهم"، والحَلاقيمُ جمعُ حُلْقومٍ وهوَ الحَنْجرةُ وداخِلُ الفَمِ؛ فَهم يَقرؤُونَ القرآنَ ولكِنَّهم لا يَتأثَّرونَ بهِ ولا يَفهَمونَهُ ولا يَعمَلونَ بآياتِهِ، فَلا يُؤجَرُونَ ولا يُثابونَ على ذلكَ بالحَسَناتِ ولا تَتعدَّى قراءتُهم ألسِنَتَهُم فلا يُقبَلُ لهم عَملٌ، "يَخرجونَ مِن الدِّينِ كما يَخرُجُ السَّهمُ منَ الرَّمِيَّةِ، ثمَّ لا يَعودونَ فيهِ"؛ فخُرُوجُهم مِن الدِّينِ كخُروجِ السَّهمِ السَّريعِ الذي يُصِيبُ الصَّيدَ فيدخُلُ فيهِ ويخرُجُ مِنه سَريعًا جِدًّا دونَ أن يَتعلَّقَ بهِ، أي: أثَرٍ منهُ لشِدَّةِ سُرعةِ خُروجِهِ من الهدَفِ، وهُم بعدَ ذلكَ كلِّه "لا يَعودونَ فيهِ"، أي: لا يَعودونَ إلى الدِّينِ مرَّةً أخْرى فلا يَتوبونَ ولا يُراجِعونَ أنفُسَهم، ثمَّ عقَّبَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم فقالَ: "هُم شَرُّ الخَلقِ والخَليقةِ"، أي: هُمْ أسوَأُ المخْلوقاتِ؛ فهمْ يُقاتِلونَ خيرَ الناسِ، وبذلكَ يُفسِدونَ الأرضَ بعدَ صلاحِها.
    وفي الحديثِ: عَلَمٌ مِن أعْلامِ النُّبوَّةِ؛ حيثُ أخبرَ بما سَيَقعُ بعدَهُ، وقدْ وقعَ كَما أخبرَ.
    وفيه: التَّحذيرُ مِن سُوءِ فَهمِ القُرآنِ وعدمُ تدبُّرِ آياتِهِ ومَراميهِ ومَقاصِدِه، وأنَّ هذا يؤدِّي إلى الفَسادِ والإفْسادِ في الأرضِ.
    وفيه: أنَّ مِن عواقبِ سُوءِ التدبُّرِ لآياتِ اللهِ الخُروجَ مِن الدِّينِ.

    صحيح مسلم

    إنَّ بَعدِي من أُمتِي ( أوْ سَيكونُ بَعدِي من أُمتِي ) قومٌ يَقرؤونَ القرآنَ . لا يُجاوزُ حلاقِيمَهمْ . يَخرجونَ من الدِّينِ كَمَا يخرجُ السَّهمُ من الرَّمِيَّةِ . ثُمَّ لا يَعودونَ فيه . هُمْ شَرُّ الخلقِ والخلِيقةِ . فقال ابنُ الصَّامِتِ : فلَقيتُ رافِعَ بنَ عمروٍ الغِفارِيِّ ، أخَا الحكَمِ الغِفارِيِّ . قلتُ : ما حدِيثٌ سمِعتُهُ من أبِي ذَرٍّ : كَذا وكَذا ؟ فذكرتُ له هذا الحدِيثَ . فقال : وأنا سَمِعتُهُ من رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ .

    شرح الحديث

    أنبأ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم الصَّحابةَ عن كَثيرٍ من الفِتنِ التي حَدثَتْ في قَرنِهم وما بعدَ قَرنِهم، ومِمَّا عاصَروهُ من تِلكَ الفتنِ: فتنةُ الخوارجِ. وفي هذا الحديثِ أشارَ إلى النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم ذلكَ فذَكَر قَومًا سَيكونونَ في أمَّتِه مِن بَعدِه، "يَقْرؤونَ القُرآنَ لا يُجاوِزُ حَلاقِيمَهم"، والحَلاقيمُ جمعُ حُلْقومٍ وهوَ الحَنْجرةُ وداخِلُ الفَمِ؛ فَهم يَقرؤُونَ القرآنَ ولكِنَّهم لا يَتأثَّرونَ بهِ ولا يَفهَمونَهُ ولا يَعمَلونَ بآياتِهِ، فَلا يُؤجَرُونَ ولا يُثابونَ على ذلكَ بالحَسَناتِ ولا تَتعدَّى قراءتُهم ألسِنَتَهُم فلا يُقبَلُ لهم عَملٌ، "يَخرجونَ مِن الدِّينِ كما يَخرُجُ السَّهمُ منَ الرَّمِيَّةِ، ثمَّ لا يَعودونَ فيهِ"؛ فخُرُوجُهم مِن الدِّينِ كخُروجِ السَّهمِ السَّريعِ الذي يُصِيبُ الصَّيدَ فيدخُلُ فيهِ ويخرُجُ مِنه سَريعًا جِدًّا دونَ أن يَتعلَّقَ بهِ، أي: أثَرٍ منهُ لشِدَّةِ سُرعةِ خُروجِهِ من الهدَفِ، وهُم بعدَ ذلكَ كلِّه "لا يَعودونَ فيهِ"، أي: لا يَعودونَ إلى الدِّينِ مرَّةً أخْرى فلا يَتوبونَ ولا يُراجِعونَ أنفُسَهم، ثمَّ عقَّبَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم فقالَ: "هُم شَرُّ الخَلقِ والخَليقةِ"، أي: هُمْ أسوَأُ المخْلوقاتِ؛ فهمْ يُقاتِلونَ خيرَ الناسِ، وبذلكَ يُفسِدونَ الأرضَ بعدَ صلاحِها. وفي الحديثِ: عَلَمٌ مِن أعْلامِ النُّبوَّةِ؛ حيثُ أخبرَ بما سَيَقعُ بعدَهُ، وقدْ وقعَ كَما أخبرَ. وفيه: التَّحذيرُ مِن سُوءِ فَهمِ القُرآنِ وعدمُ تدبُّرِ آياتِهِ ومَراميهِ ومَقاصِدِه، وأنَّ هذا يؤدِّي إلى الفَسادِ والإفْسادِ في الأرضِ. وفيه: أنَّ مِن عواقبِ سُوءِ التدبُّرِ لآياتِ اللهِ الخُروجَ مِن الدِّينِ.

    صحيح مسلم
    0 Comments 0 Shares 73 Views 0 Reviews
  • يَتِيهُ قومٌ قِبَلَ المشرِقِ محلَّقَةٌ رؤسُهُمْ

    شرح الحديث

    كانَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم حريصًا على تَعليمِ أُمَّتِه وتحْذيرِها مِن الفِتنِ، فالمُسلمُ الحقُّ يتدبَّرُ أقوالَ النَّبيِّ وتعاليمَه، ويُحاوِلُ قدرَ استِطاعَتِه أنْ يَنجو بِنفسِه ويَنجو بِمُجتمعِه المسلمِ من الوُقوعِ في مُضِلِّاتِ الفتنِ.
    وفي هذا الحديثِ يقولُ النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم: "يَتيهُ قَومٌ"، أي: يَحيدونَ عنْ طريقِ الحَقِّ والصَّوابِ ويَتيهونَ في ظَلامِ البِدعِ والضَّلالِ ولا يَهتدونَ للحَقِّ أبدًا، "قِبلَ المَشْرِقِ"، أي: مِن ناحِيةِ المشرِقِ، والمقْصودُ بها جِهةُ مَشرِقِ الشَّمسِ، "مُحلَّقةٌ رُؤوسُهمْ"، أي: صِفةُ هَؤلاءِ القَومِ الذينَ يَتِيهونَ عن طَريقِ الحَقِّ أنَّهمْ يُحلِّقونَ رُؤوسَهمْ؛ لِلدَّلالةِ على رَفضِهم الدُّنيا وأنَّهم زاهِدونَ فيها، والمقْصودُ أنَّ حَلْقَ الرأسِ يَصيرُ صِفةً لهمْ يُداوِمونَ عَليها ويُعرَفونَ بها، وهَذهِ صِفةٌ ذُكِرتْ في الخوارجِ أنَّ علامَتهُم الحَلقُ.
    وفي الحديثِ: تَحذيرُ النَّبي لأمَّتِه مِن فِتنةِ التِّيهِ في الضَّلالِ، وإعْلامُه بِعلاماتِ الزَّيْغِ.
    وفيه: أنَّ مِن عَلاماتِ الزَّيغِ والضَّلالِ الزُّهدَ الكاذِبَ في الدُّنيا.

    صحيح مسلم

    يَتِيهُ قومٌ قِبَلَ المشرِقِ محلَّقَةٌ رؤسُهُمْ

    شرح الحديث

    كانَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم حريصًا على تَعليمِ أُمَّتِه وتحْذيرِها مِن الفِتنِ، فالمُسلمُ الحقُّ يتدبَّرُ أقوالَ النَّبيِّ وتعاليمَه، ويُحاوِلُ قدرَ استِطاعَتِه أنْ يَنجو بِنفسِه ويَنجو بِمُجتمعِه المسلمِ من الوُقوعِ في مُضِلِّاتِ الفتنِ. وفي هذا الحديثِ يقولُ النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم: "يَتيهُ قَومٌ"، أي: يَحيدونَ عنْ طريقِ الحَقِّ والصَّوابِ ويَتيهونَ في ظَلامِ البِدعِ والضَّلالِ ولا يَهتدونَ للحَقِّ أبدًا، "قِبلَ المَشْرِقِ"، أي: مِن ناحِيةِ المشرِقِ، والمقْصودُ بها جِهةُ مَشرِقِ الشَّمسِ، "مُحلَّقةٌ رُؤوسُهمْ"، أي: صِفةُ هَؤلاءِ القَومِ الذينَ يَتِيهونَ عن طَريقِ الحَقِّ أنَّهمْ يُحلِّقونَ رُؤوسَهمْ؛ لِلدَّلالةِ على رَفضِهم الدُّنيا وأنَّهم زاهِدونَ فيها، والمقْصودُ أنَّ حَلْقَ الرأسِ يَصيرُ صِفةً لهمْ يُداوِمونَ عَليها ويُعرَفونَ بها، وهَذهِ صِفةٌ ذُكِرتْ في الخوارجِ أنَّ علامَتهُم الحَلقُ. وفي الحديثِ: تَحذيرُ النَّبي لأمَّتِه مِن فِتنةِ التِّيهِ في الضَّلالِ، وإعْلامُه بِعلاماتِ الزَّيْغِ. وفيه: أنَّ مِن عَلاماتِ الزَّيغِ والضَّلالِ الزُّهدَ الكاذِبَ في الدُّنيا.

    صحيح مسلم
    0 Comments 0 Shares 46 Views 0 Reviews
  • ثلاثةٌ لا يُكلِّمُهمْ اللهُ يومَ القِيامةِ ولا يُزَكِّيهِمْ ( قال أبُو مُعاوِيَةَ : ولا يَنظُرُ إليهِمْ ) ولَهُمْ عذابٌ ألِيمٌ : شَيْخٌ زانٍ . ومَلِكٌ كذَّابٌ . وعائِلٌ مُستَكْبِرٌ

    شرح الحديث

    كانَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم كَثيرًا ما يُحذِّرُ أصْحابَهُ رضِيَ اللهُ عَنهمْ مِن سَيِّئِ الصِّفاتِ وقَبيحِ الأعْمالِ، وكانَ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم شَديدَ الحِرصِ على كلِّ ما يُقرِّبُهم مِن الآخِرةِ.
    وفي هذا الحديثِ يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم: ثَلاثةُ أنْواعٍ مِن النَّاسِ "لا يُكلِّمُهمُ اللهُ" وهذِهِ عُقوبةٌ لهمْ على جُرمٍ قدْ وقَعوا فيهِ، "وَلا يَنظُرُ إلَيهمْ"، وهذِه مُبالَغةٌ في العُقوبةِ؛ فلا ينظُرُ اللهُ إلَيهِم نَظرةَ رَحمةٍ فيَرحمَهُم، "وَلا يُزَكِّيهمْ"، أي: وَلا يُطهِّرُهم مِن ذُنوبِهم ولا يَغسِلُهم مِن دَناءتِهم ولا يَغفِرُ لهمْ، "وَلهُمْ عَذابٌ عظيمٌ"، أي: فَوقَ كلِّ تلكَ العُقوباتِ فَسوفَ يدخِّرُ اللهُ لهمْ عذابًا عَظِيمًا في الآخِرةِ فيُضاعِفُ علَيهم العُقوبةَ.
    أمَّا الأوَّلُ فهوَ "شَيخٌ زانٍ"، أي: رَجلٌ كَبيرُ السِّنِّ قد وقَعَ في فاحِشةِ الزِّنا، معَ أنَّهُ قدْ بلغَ مِن الرُّشدِ والعَقلِ وذَهابِ الشَّهوةِ ما يَردعُُ عَن ذلكَ، ولكِنَّه فَعلَ الفاحِشةَ.
    والنَّوعُ الثاني المُستحِقُّ لكلِّ تِلكَ العُقوبةِ هوَ "مَلِكٌ كذَّابٌ"، أي: مَلِكٌ يَكذِبُ على رَعيَّتِه؛ لأنَّهُ توفَّرتْ لهُ أسبابُ القُوَّةِ والتَّمكينِ فَليسَ بِحاجةٍ إلى الكذِبِ.
    والنوْعُ الثالِثُ المستَحِقُّ لكلِّ تلكَ العُقوبةِ هوَ "عائِلٌ مُستَكبِرٌ"، أي: فَقيرٌ مُتكبِّرٌ مُختالٌ مُتغطرِسٌ يتكبَّرُ على الخَلقِ بلا داعٍ ولا رادِعٍ؛ لأنَّ الإنسانَ قدْ يتكَبَّرُ بمالِهِ أو جاهِهِ وسُلطانِهِ وقوَّتِه، أمَّا الفَقيرُ الذي هو عالةٌ على غَيرِهِ فلا سببَ يجعلُهُ يتكَبَّرُ، بل كانَ الأَحْرى بهِ التواضُعُ للهِ وبينَ الناسِ.
    وفي الحديثِ: التَّحذيرُ مِن الزِّنا والكذِبِ والتكبُّرِ.
    وفيه: تَوعُّدُ الشَّيخِ الزَّاني والملِكِ الكذَّابِ والفَقيرِ المتكبِّرِ بأشدِّ العُقوبةِ؛ لأنَّ كلَّ واحدٍ مِنهم فعَلَ المعْصيةَ التي فعَلَها معَ بُعدِها مِنه وضَعفِ دَواعيها عِندَه..

    صحيح مسلم

    ثلاثةٌ لا يُكلِّمُهمْ اللهُ يومَ القِيامةِ ولا يُزَكِّيهِمْ ( قال أبُو مُعاوِيَةَ : ولا يَنظُرُ إليهِمْ ) ولَهُمْ عذابٌ ألِيمٌ : شَيْخٌ زانٍ . ومَلِكٌ كذَّابٌ . وعائِلٌ مُستَكْبِرٌ

    شرح الحديث

    كانَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم كَثيرًا ما يُحذِّرُ أصْحابَهُ رضِيَ اللهُ عَنهمْ مِن سَيِّئِ الصِّفاتِ وقَبيحِ الأعْمالِ، وكانَ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم شَديدَ الحِرصِ على كلِّ ما يُقرِّبُهم مِن الآخِرةِ. وفي هذا الحديثِ يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم: ثَلاثةُ أنْواعٍ مِن النَّاسِ "لا يُكلِّمُهمُ اللهُ" وهذِهِ عُقوبةٌ لهمْ على جُرمٍ قدْ وقَعوا فيهِ، "وَلا يَنظُرُ إلَيهمْ"، وهذِه مُبالَغةٌ في العُقوبةِ؛ فلا ينظُرُ اللهُ إلَيهِم نَظرةَ رَحمةٍ فيَرحمَهُم، "وَلا يُزَكِّيهمْ"، أي: وَلا يُطهِّرُهم مِن ذُنوبِهم ولا يَغسِلُهم مِن دَناءتِهم ولا يَغفِرُ لهمْ، "وَلهُمْ عَذابٌ عظيمٌ"، أي: فَوقَ كلِّ تلكَ العُقوباتِ فَسوفَ يدخِّرُ اللهُ لهمْ عذابًا عَظِيمًا في الآخِرةِ فيُضاعِفُ علَيهم العُقوبةَ. أمَّا الأوَّلُ فهوَ "شَيخٌ زانٍ"، أي: رَجلٌ كَبيرُ السِّنِّ قد وقَعَ في فاحِشةِ الزِّنا، معَ أنَّهُ قدْ بلغَ مِن الرُّشدِ والعَقلِ وذَهابِ الشَّهوةِ ما يَردعُُ عَن ذلكَ، ولكِنَّه فَعلَ الفاحِشةَ. والنَّوعُ الثاني المُستحِقُّ لكلِّ تِلكَ العُقوبةِ هوَ "مَلِكٌ كذَّابٌ"، أي: مَلِكٌ يَكذِبُ على رَعيَّتِه؛ لأنَّهُ توفَّرتْ لهُ أسبابُ القُوَّةِ والتَّمكينِ فَليسَ بِحاجةٍ إلى الكذِبِ. والنوْعُ الثالِثُ المستَحِقُّ لكلِّ تلكَ العُقوبةِ هوَ "عائِلٌ مُستَكبِرٌ"، أي: فَقيرٌ مُتكبِّرٌ مُختالٌ مُتغطرِسٌ يتكبَّرُ على الخَلقِ بلا داعٍ ولا رادِعٍ؛ لأنَّ الإنسانَ قدْ يتكَبَّرُ بمالِهِ أو جاهِهِ وسُلطانِهِ وقوَّتِه، أمَّا الفَقيرُ الذي هو عالةٌ على غَيرِهِ فلا سببَ يجعلُهُ يتكَبَّرُ، بل كانَ الأَحْرى بهِ التواضُعُ للهِ وبينَ الناسِ. وفي الحديثِ: التَّحذيرُ مِن الزِّنا والكذِبِ والتكبُّرِ. وفيه: تَوعُّدُ الشَّيخِ الزَّاني والملِكِ الكذَّابِ والفَقيرِ المتكبِّرِ بأشدِّ العُقوبةِ؛ لأنَّ كلَّ واحدٍ مِنهم فعَلَ المعْصيةَ التي فعَلَها معَ بُعدِها مِنه وضَعفِ دَواعيها عِندَه..

    صحيح مسلم
    0 Comments 0 Shares 46 Views 0 Reviews
  • مَنْ صامَ رمضانَ . ثُمَّ أَتْبَعَهُ ستًّا مِنْ شوَّالٍ . كانَ كصيامِ الدَّهْرِ

    شرح الحديث

    الصِّيامُ مِن أَركانِ الإِسلامِ، وقدْ حَدَّد اللهُ فَريضتَه بِصيامِ شهرِ رَمضانَ، والنَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم كانَ يَصومُ مِن كلِّ شهرٍ أيَّامًا نافلةً، لكنَّه أَرشدَ المُسلمينَ إلى صِيامِ ستَّةِ أيَّامٍ مِن شوَّالٍ بعدَ رَمضانَ فيَكونُ ذلكَ كصِيامِ العامِ كلِّه، فَقال:"مَن صامَ رَمضانَ، ثُمَّ أَتبعَه ستًّا مِن شوَّالٍ، كانَ كَصيامِ الدَّهرِ"، أي: مَن صامَ شهرَ رَمضانَ كاملًا، "ثُمَّ أَتبعَه ستًّا مِن شوَّالٍ"، أي: ثُمَّ صامَ بعدَ رَمضانَ ستَّةَ أيَّامٍ مِن شوَّالٍ مُتوالياتٍ أو مُتفرِّقاتٍ؛ لأنَّ الإِتباعَ يَصدُق عَلى التَّوالي وعَلى التَّفرُّقِ، فمَن فَعل ذلكَ، "كانَ كصِيامِ الدَّهرِ"، أي: كانَ لَه مِن الأَجرِ مثلُ ما يُعادلُ صِيامَ العامِ كلِّه، وهذا مِن عَظيمِ فَضلِ اللهِ عَلى عِبادةِ المُسلمينَ بمُضاعفةِ الأَجرِ لَهم.
    ويُفسِّرُ هذا قولُه تَعالى: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} [الأنعام: ]، وشهرُ رَمضانَ بمَنزلةِ عَشرةِ أَشهُرٍ، وصِيامُ ستَّةِ أيَّامٍ بعدَ الفِطرِ تَمامُ السَّنةِ.
    وَفي الحَديثِ: بيانُ أنَّ الفَريضةَ مُقدَّمةٌ عَلى النَّافلةِ وأَنَّهما معًا يَزيدانِ الأَجرَ والفَضلَ.
    وفيه: فَضيلةُ صيامِ ستَّةِ أيَّامٍ مِن شهرِ شوَّالٍ.

    صحيح مسلم

    مَنْ صامَ رمضانَ . ثُمَّ أَتْبَعَهُ ستًّا مِنْ شوَّالٍ . كانَ كصيامِ الدَّهْرِ

    شرح الحديث

    الصِّيامُ مِن أَركانِ الإِسلامِ، وقدْ حَدَّد اللهُ فَريضتَه بِصيامِ شهرِ رَمضانَ، والنَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم كانَ يَصومُ مِن كلِّ شهرٍ أيَّامًا نافلةً، لكنَّه أَرشدَ المُسلمينَ إلى صِيامِ ستَّةِ أيَّامٍ مِن شوَّالٍ بعدَ رَمضانَ فيَكونُ ذلكَ كصِيامِ العامِ كلِّه، فَقال:"مَن صامَ رَمضانَ، ثُمَّ أَتبعَه ستًّا مِن شوَّالٍ، كانَ كَصيامِ الدَّهرِ"، أي: مَن صامَ شهرَ رَمضانَ كاملًا، "ثُمَّ أَتبعَه ستًّا مِن شوَّالٍ"، أي: ثُمَّ صامَ بعدَ رَمضانَ ستَّةَ أيَّامٍ مِن شوَّالٍ مُتوالياتٍ أو مُتفرِّقاتٍ؛ لأنَّ الإِتباعَ يَصدُق عَلى التَّوالي وعَلى التَّفرُّقِ، فمَن فَعل ذلكَ، "كانَ كصِيامِ الدَّهرِ"، أي: كانَ لَه مِن الأَجرِ مثلُ ما يُعادلُ صِيامَ العامِ كلِّه، وهذا مِن عَظيمِ فَضلِ اللهِ عَلى عِبادةِ المُسلمينَ بمُضاعفةِ الأَجرِ لَهم. ويُفسِّرُ هذا قولُه تَعالى: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} [الأنعام: ]، وشهرُ رَمضانَ بمَنزلةِ عَشرةِ أَشهُرٍ، وصِيامُ ستَّةِ أيَّامٍ بعدَ الفِطرِ تَمامُ السَّنةِ. وَفي الحَديثِ: بيانُ أنَّ الفَريضةَ مُقدَّمةٌ عَلى النَّافلةِ وأَنَّهما معًا يَزيدانِ الأَجرَ والفَضلَ. وفيه: فَضيلةُ صيامِ ستَّةِ أيَّامٍ مِن شهرِ شوَّالٍ.

    صحيح مسلم
    0 Comments 0 Shares 51 Views 0 Reviews
  • أُريتُ ليلَةَ القدْرِ . ثُمَّ أيقظَنِي بعضُ أهلِي . فنسيتُها . فالتمِسوها في العشرِ الغوابِرِ . وقال حرملَةُ : فنسيتُها

    شرح الحديث

    ليلةُ القَدرِ ليلةٌ عَظيمةٌ أَوضحَ اللهُ قَدْرَها في سورَةِ القَدرِ؛ فَفيها أُنزِلَ القُرآنُ، والعبادةُ فيها خيرٌ مِن العِبادةِ في أَلفِ شهرٍ، وَفيها تَتنزَّلُ المَلائكةُ بإِذنِ اللهِ، وَفيها الأَمنُ والأَمانُ والسَّلامُ، وَمعَ ذلكَ فهيَ مَعلومةُ الوُقوعِ ولكنَّها مَجهولةُ الوَقتِ، وقدْ وَردَت رِواياتٌ عَديدةٌ عنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم في تَحديدِ لَيلةِ القَدرِ، وهذا الحَديثُ إحدى هَذه الرِّواياتِ، وفيه قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم: "أُريتُ ليلةَ القَدرِ، ثُمَّ أَيقظَني بعضُ أَهلِي، فَنُسِّيتُها". وَقالَ حَرملةُ: فَنَسيتُها"، أي: أُعلِمتُ بتَحديدِ ليلةِ القَدرِ وَفي أيِّ ليلةٍ هيَ، "أَيقظَني بعضُ أَهلي"، وهذا القولُ يدُلُّ عَلى أنَّ رُؤيتَه لَها صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم كانت مَنامًا، إلَّا أنَّ مَنامَه صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم ومَنامَ الأَنبياءِ عليهِمُ السَّلامُ وحيٌ، ولَيس هذا ممَّا يدُلُّ عَلى امتِناعِ العِلمِ بِها في اليَقظةِ.
    فلمَّا أُنسيها النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم قالَ: "فالتَمِسوها في العَشرِ الغَوابرِ"، أيِ: اطلُبُوها في العَشرِ الباقيَةِ، وهيَ العَشرُ الأَواخرُ مِن شهرِ رَمضانَ عَلى العُمومِ، وقدْ حَدَّدت رِوايةٌ أُخرى أنَّها في الوِترِ منَ العَشرِ الأَواخرِ مِن رَمضانَ.
    وقَولُه صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم: "التَمِسوها"، فيه الحثُّ عَلى طَلبِها ويَكونُ ذَلك بالعِبادةِ والدُّعاءِ وصالحِ الأَعمالِ.
    وَفي الحَديثِ: جَريانُ النِّسيانِ عَلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم فِيما أَرادَه اللهُ.
    وَفيه: أنَّ ليلةَ القَدْرِ في العَشرِ الأَواخرِ مِن رَمضانَ.
    وَفيه: الحثُّ عَلى تَحرِّي ليلةِ القَدرِ.

    صحيح مسلم

    أُريتُ ليلَةَ القدْرِ . ثُمَّ أيقظَنِي بعضُ أهلِي . فنسيتُها . فالتمِسوها في العشرِ الغوابِرِ . وقال حرملَةُ : فنسيتُها

    شرح الحديث

    ليلةُ القَدرِ ليلةٌ عَظيمةٌ أَوضحَ اللهُ قَدْرَها في سورَةِ القَدرِ؛ فَفيها أُنزِلَ القُرآنُ، والعبادةُ فيها خيرٌ مِن العِبادةِ في أَلفِ شهرٍ، وَفيها تَتنزَّلُ المَلائكةُ بإِذنِ اللهِ، وَفيها الأَمنُ والأَمانُ والسَّلامُ، وَمعَ ذلكَ فهيَ مَعلومةُ الوُقوعِ ولكنَّها مَجهولةُ الوَقتِ، وقدْ وَردَت رِواياتٌ عَديدةٌ عنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم في تَحديدِ لَيلةِ القَدرِ، وهذا الحَديثُ إحدى هَذه الرِّواياتِ، وفيه قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم: "أُريتُ ليلةَ القَدرِ، ثُمَّ أَيقظَني بعضُ أَهلِي، فَنُسِّيتُها". وَقالَ حَرملةُ: فَنَسيتُها"، أي: أُعلِمتُ بتَحديدِ ليلةِ القَدرِ وَفي أيِّ ليلةٍ هيَ، "أَيقظَني بعضُ أَهلي"، وهذا القولُ يدُلُّ عَلى أنَّ رُؤيتَه لَها صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم كانت مَنامًا، إلَّا أنَّ مَنامَه صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم ومَنامَ الأَنبياءِ عليهِمُ السَّلامُ وحيٌ، ولَيس هذا ممَّا يدُلُّ عَلى امتِناعِ العِلمِ بِها في اليَقظةِ. فلمَّا أُنسيها النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم قالَ: "فالتَمِسوها في العَشرِ الغَوابرِ"، أيِ: اطلُبُوها في العَشرِ الباقيَةِ، وهيَ العَشرُ الأَواخرُ مِن شهرِ رَمضانَ عَلى العُمومِ، وقدْ حَدَّدت رِوايةٌ أُخرى أنَّها في الوِترِ منَ العَشرِ الأَواخرِ مِن رَمضانَ. وقَولُه صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم: "التَمِسوها"، فيه الحثُّ عَلى طَلبِها ويَكونُ ذَلك بالعِبادةِ والدُّعاءِ وصالحِ الأَعمالِ. وَفي الحَديثِ: جَريانُ النِّسيانِ عَلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم فِيما أَرادَه اللهُ. وَفيه: أنَّ ليلةَ القَدْرِ في العَشرِ الأَواخرِ مِن رَمضانَ. وَفيه: الحثُّ عَلى تَحرِّي ليلةِ القَدرِ.

    صحيح مسلم
    0 Comments 0 Shares 41 Views 0 Reviews
  • عليكم بالسكينَةِ . وهُوَ كافٌّ ناقَتَهُ . حتى دخل مُحّسِّرًا ( وَهُوَ مِنْ مِنًى ) ، قَالَ : عَلَيْكُمْ بِحَصَى الْخَذْفِ الَّذِي يُرْمَى بِهِ الْجَمْرَةُ. وقال : لم يزلْ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُلَبِّي حتَّى رمَى الجمرةَ . وفِي روايَةِ : غيرَ أنَّهُ لم يذكَرْ في الحديثِ : ولم يزلْ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُلَبِّي حتَّى رمَى بالجمْرَةِ . وزادَ في حديثِهِ : والنبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُشيرُ بيدِهِ كما يخذِفُ الإِنسانُ .

    شرح الحديث

    السَّكينةُ والوقارُ، والتوسُّطُ وعدمُ الغُلوِّ مِن الصِّفاتِ الحَميدةِ التي حَثَّ عليها الشَّرعُ، خُصوصًا في العِباداتِ ومواطنِ الزِّحامِ كالحجِّ.
    وفي هذا الحَديثِ يَذْكُرُ الفَضْلُ بْنُ عَبَّاسٍ رضيَ اللهُ عنه- وكان رَدِيفَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- أنَّ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال في عَشِيَّةِ عَرَفَةَ، وغَدَاةَ جَمْعِ النَّاسِ في مُزدلِفةَ: "عليكم بالسَّكينةِ"، وهذا إرشادٌ نبويٌّ إلى الأدبِ والسُّنَّةِ في السَّيْرِ من عَرَفةَ، ومن مزدلفةَ، وَيَلْحَقُ بذلك سائرُ مواضعِ الزِّحامِ. قال: "وهو"، أي: النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، "كافٌّ ناقَتَهُ"، أي: مانِعُهَا مِنَ الإسراعِ في الزِّحامِ ويُحرِّك دابَّتَهُ بِبُطْءٍ، "حتَّى دَخَلَ مُحِسِّرًا"، أي: وادي مُحَسِّرٍ، وهو موضِعٌ آخِرِ المزدلِفةِ، فلمَّا دخل النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم وادِيَ مُحَسِّرٍ قال للناس مُرْشِدًا: "عليكم بحَصَى الخَذْفِ"، أي: عليكم بصِغارها، نَحْوَ حَبَّةِ الْبَاقِلَاءِ، وقولُهُ: "الَّذي يُرْمَى به الجَمْرَةُ" إيضاحٌ وبيانٌ لِحَصَى الخَذْفِ، وليس المقصودُ أنَّ الرَّمْيَ يكون على هيئةِ الخَذْفِ.
    "وقال"، أي: الفَضْلُ رضِي اللهُ عنه: "لم يَزَلْ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُلَبِّي حتَّى رَمَى الجمرةَ"، أي: لم يزلْ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُلبِّي حتَّى شَرَع في رَمْيِ جَمْرَةِ العَقَبَةِ يومَ النَّحرِ، وعِنْدَ ذلك قَطَعَ التَّلبيةَ. وهناك رِوايةٌ أُخرى، ليس فيها قولُهُ: "ولم يزلْ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُلبِّي حتَّى رَمَى الجَمْرةَ"، وفيها زيادةُ: "والنَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُشيرُ بيدِهِ كما يَخْذِفُ الإنسانُ"، والمقصودُ الإيضاحُ، وزيادةُ بيانِ حَجْمِ الحَصَى الَّذي يُرْمَى به في الجَمَراتِ، وأنَّه يكونُ صغيرًا، مِثْلَ حَصَى الخَذْفِ، وليس المقصودُ أنَّ الرَّميَ يكون على هيئةِ الخَذْفِ.

    صحيح مسلم

    عليكم بالسكينَةِ . وهُوَ كافٌّ ناقَتَهُ . حتى دخل مُحّسِّرًا ( وَهُوَ مِنْ مِنًى ) ، قَالَ : عَلَيْكُمْ بِحَصَى الْخَذْفِ الَّذِي يُرْمَى بِهِ الْجَمْرَةُ. وقال : لم يزلْ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُلَبِّي حتَّى رمَى الجمرةَ . وفِي روايَةِ : غيرَ أنَّهُ لم يذكَرْ في الحديثِ : ولم يزلْ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُلَبِّي حتَّى رمَى بالجمْرَةِ . وزادَ في حديثِهِ : والنبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُشيرُ بيدِهِ كما يخذِفُ الإِنسانُ .

    شرح الحديث

    السَّكينةُ والوقارُ، والتوسُّطُ وعدمُ الغُلوِّ مِن الصِّفاتِ الحَميدةِ التي حَثَّ عليها الشَّرعُ، خُصوصًا في العِباداتِ ومواطنِ الزِّحامِ كالحجِّ. وفي هذا الحَديثِ يَذْكُرُ الفَضْلُ بْنُ عَبَّاسٍ رضيَ اللهُ عنه- وكان رَدِيفَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- أنَّ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال في عَشِيَّةِ عَرَفَةَ، وغَدَاةَ جَمْعِ النَّاسِ في مُزدلِفةَ: "عليكم بالسَّكينةِ"، وهذا إرشادٌ نبويٌّ إلى الأدبِ والسُّنَّةِ في السَّيْرِ من عَرَفةَ، ومن مزدلفةَ، وَيَلْحَقُ بذلك سائرُ مواضعِ الزِّحامِ. قال: "وهو"، أي: النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، "كافٌّ ناقَتَهُ"، أي: مانِعُهَا مِنَ الإسراعِ في الزِّحامِ ويُحرِّك دابَّتَهُ بِبُطْءٍ، "حتَّى دَخَلَ مُحِسِّرًا"، أي: وادي مُحَسِّرٍ، وهو موضِعٌ آخِرِ المزدلِفةِ، فلمَّا دخل النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم وادِيَ مُحَسِّرٍ قال للناس مُرْشِدًا: "عليكم بحَصَى الخَذْفِ"، أي: عليكم بصِغارها، نَحْوَ حَبَّةِ الْبَاقِلَاءِ، وقولُهُ: "الَّذي يُرْمَى به الجَمْرَةُ" إيضاحٌ وبيانٌ لِحَصَى الخَذْفِ، وليس المقصودُ أنَّ الرَّمْيَ يكون على هيئةِ الخَذْفِ. "وقال"، أي: الفَضْلُ رضِي اللهُ عنه: "لم يَزَلْ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُلَبِّي حتَّى رَمَى الجمرةَ"، أي: لم يزلْ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُلبِّي حتَّى شَرَع في رَمْيِ جَمْرَةِ العَقَبَةِ يومَ النَّحرِ، وعِنْدَ ذلك قَطَعَ التَّلبيةَ. وهناك رِوايةٌ أُخرى، ليس فيها قولُهُ: "ولم يزلْ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُلبِّي حتَّى رَمَى الجَمْرةَ"، وفيها زيادةُ: "والنَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُشيرُ بيدِهِ كما يَخْذِفُ الإنسانُ"، والمقصودُ الإيضاحُ، وزيادةُ بيانِ حَجْمِ الحَصَى الَّذي يُرْمَى به في الجَمَراتِ، وأنَّه يكونُ صغيرًا، مِثْلَ حَصَى الخَذْفِ، وليس المقصودُ أنَّ الرَّميَ يكون على هيئةِ الخَذْفِ.

    صحيح مسلم
    0 Comments 0 Shares 42 Views 0 Reviews
  • قال اللهُ عزَّ وجلَّ : إذا تحدَّثَ عبدِي بأنْ يعملَ حسنَةً فأنا أكتُبُها لَهُ حسنَةً ما لم يعملْ . فإذا عمِلَها فأنا أكتُبُها بعشْرِ أمثالِها . وإذا تحدَّثَ بأنْ يعملَ سيئَةً فأنا أغفرُها له ما لم يعمَلْها . فإذا عمِلَها فأنَا أكتُبُها لَهُ بمثلِها . وقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ : قالتْ الملائِكَةُ : ربِّ ذاكَ عبدُكَ يُريدُ أنْ يعملَ سيِّئَةً ( وهوَ أبصرُ بِهِ ) فقال : ارقُبُوهُ . فإِنَّ عمِلَها فاكتُبوها لَهُ بمثلِها . وإِنْ تركَها فاكتُبُوها لَهُ حسنةً . إِنَّما تركَها من جرَّايْ . وقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ : إذا أحسَنَ أحدُكُمْ إسلامَهُ فكُلُّ حسنَةٍ يعملُها تُكْتَبُ بعشْرِ أمثالِها إلى سبْعِمِائَةِ ضِعْفِ . وكُلُّ سيئَةٍ تُكْتَبُ بِمثْلِها حتى يلَقَى اللهَ

    شرح الحديث

    هذا حديثٌ قدسيٌّ جليلٌ، وفيه يُخبرُ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم عن ربِّ العِزَّةِ جلَّ جلالُه أنه قال: "إذا تَحدَّث عَبْدي"، أي: إذا تحدَّث الإنسانُ في نَفْسِهِ، وهَمَّ، "بأنْ يعمَلَ حسنةً، ولم يعمَلْها، فأنا أكتُبُها له حسنةً"، أي: ولم يعمَلْ هذه الحَسنةَ، كَتَبَهَا اللهُ له حسنةً واحدةً، "فإذا عَمِلَهَا"، أي: أَتَمَّ عمَلَها، ضاعَفَ اللهُ هذه الحسنةَ عَشَرَةَ أمثالٍ، "وإذا تحدَّث"، أي: ومتى تحدَّث الإنسانُ في نَفْسِهِ، وهَمَّ "بأنْ يعمَلَ سيِّئَةً"، ولم يعمَلْها؛ بل تَرَكَهَا، "فأنا أَغْفِرُهَا له، ما لم يعمَلْها"، غَفَرَهَا اللهُ له، وأجرى ذلك له في دِيوانِ فَضْلِهِ، فإنَّ تَرْكَهُ للسَّيِّئةِ له مَقامُ الفِعلِ الحَسَنِ، فإذا عَمِلَهَا فأنا أكتُبُها له بِمِثْلِهَا، أي: وإذا عَمِلَهَا كُتِبَتْ سيِّئةً واحدةً؛ رحمةً منه سبحانه وتعالى.
    "وقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: قالتِ الملائكةُ: ربِّ، ذاك عبدُكَ، يُريدُ أنْ يعمَلَ سيِّئةً"، أي: إنَّ عبدَكَ هذا هَمَّ بسيِّئةٍ، "وهو أَبْصَرُ به، فقال: ارْقُبُوهُ"، أي: لاحِظُوهُ، وهو سُبحانه يَعلمُ حالَ عبدِهِ، "فإنْ عمِلَها فاكتُبُوها له بِمِثْلِهَا"، أي: إنْ فَعَلَ هذه السَّيِّئةَ فاكتُبُوها واحدةً فقط.
    وَيُحْمَلُ ما وَقَعَ في هذا الحديثِ وأمثالِهِ على أنَّ ذلك فِيمَنْ لم يُوَطِّنْ نفْسَهُ على المعصيةِ، وإنَّما مَرَّ ذلك بِفِكْرِهِ من غير استقرارٍ، ويُفَرَّقُ بين الْهَمِّ والعَزْمِ، فيكون قولُهُ: "وإذا تحدَّث بأنْ يعمَلَ سيِّئةً فأنا أَغفِرُها له ما لم يعمَلْها"، فيما لا يَستقِرُّ مِنَ الخواطرِ، ولا يَقْتَرِنُ به عَزْمٌ مُصَمَّمٌ، فإنْ عَزَمَ على ذلك عزمًا مُصَمَّمًا كُتِبَ هذا العزمُ سيِّئةً، وليستِ السيِّئةَ الَّتي هَمَّ بها؛ لِكَوْنِهِ لم يعمَلْها، وقَطَعَهُ عنها قاطعٌ غيرُ خوفِ اللهِ تعالى، والأمانةِ، لكنَّ نَفْسَ الإصرارِ والعزمِ معصيةٌ، فَيُكْتَبُ معصيةً، فإذا عَمِلَهَا كُتِبَتْ معصيةً ثانيةً، فإنْ تَرَكَهَا خشيةَ اللهِ كُتِبَتْ حسنةً، على ما جاءَ: "إنَّما تَرَكَهَا مِنْ جَرَّائِي"، أي: مِن أَجْلي، فصار تركُهُ لها- خوفًا مِنَ اللهِ، ومُجاهَدةً لِنفسِهِ الأمَّارةِ بالسُّوء، وعِصيانًا لِهَوَاهُ- حسنةً.
    وقولُهُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "إذا أَحْسَنَ أحدُكم إسلامَهُ"، أي: أَسْلَمَ إسلامًا حقيقيًّا، وليس كإسلامِ المنافقين، "فكُلُّ حسنةٍ يعمَلُها تُكْتَبُ بِعَشْرِ أمثالِها، إلى سَبْعِ مِئَةِ ضِعْفٍ"؛ فإنَّ الهِمَّةَ إذا انْتَقَلَتْ عَنِ العزمِ إلى الفِعْلِ ظَهَرَ نُورُهَا، وإذا كانتِ النِّيَّةُ خالصةً، والإيمانُ راسخًا، كان تَضْعِيفُ الأَجْرِ، فكان أَجْرُ الحسنةِ الواحدةِ ما بَيْنَ العَشْرَةِ إلى السَّبْعِ مِئَةٍ، وهذا التَّحديدُ "سبع مئة ضِعْف" لا يَدُلُّ على أنَّه لا يُضَاعَفُ أَكْثَرَ مِنْ ذلِك؛ بل يُضَاعِفُ اللهُ أكثرَ منه، قال تعالى: {وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ} [البقرة: ]، "وَكُلُّ سيِّئةٍ تُكْتَبُ بمثْلِها، حتَّى يَلْقَى اللهَ"، أي: وكُلُّ سيِّئةٍ تُكْتَبُ سيِّئةً واحدةً، حتَّى يَلْقَى ربَّهُ عزَّ وجلَّ.
    وفي الحديثِ: عَظيمُ فَضلِ اللهِ تعالى على عِبادِه، ورحمتِه بهم. .

    صحيح مسلم

    قال اللهُ عزَّ وجلَّ : إذا تحدَّثَ عبدِي بأنْ يعملَ حسنَةً فأنا أكتُبُها لَهُ حسنَةً ما لم يعملْ . فإذا عمِلَها فأنا أكتُبُها بعشْرِ أمثالِها . وإذا تحدَّثَ بأنْ يعملَ سيئَةً فأنا أغفرُها له ما لم يعمَلْها . فإذا عمِلَها فأنَا أكتُبُها لَهُ بمثلِها . وقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ : قالتْ الملائِكَةُ : ربِّ ذاكَ عبدُكَ يُريدُ أنْ يعملَ سيِّئَةً ( وهوَ أبصرُ بِهِ ) فقال : ارقُبُوهُ . فإِنَّ عمِلَها فاكتُبوها لَهُ بمثلِها . وإِنْ تركَها فاكتُبُوها لَهُ حسنةً . إِنَّما تركَها من جرَّايْ . وقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ : إذا أحسَنَ أحدُكُمْ إسلامَهُ فكُلُّ حسنَةٍ يعملُها تُكْتَبُ بعشْرِ أمثالِها إلى سبْعِمِائَةِ ضِعْفِ . وكُلُّ سيئَةٍ تُكْتَبُ بِمثْلِها حتى يلَقَى اللهَ

    شرح الحديث

    هذا حديثٌ قدسيٌّ جليلٌ، وفيه يُخبرُ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم عن ربِّ العِزَّةِ جلَّ جلالُه أنه قال: "إذا تَحدَّث عَبْدي"، أي: إذا تحدَّث الإنسانُ في نَفْسِهِ، وهَمَّ، "بأنْ يعمَلَ حسنةً، ولم يعمَلْها، فأنا أكتُبُها له حسنةً"، أي: ولم يعمَلْ هذه الحَسنةَ، كَتَبَهَا اللهُ له حسنةً واحدةً، "فإذا عَمِلَهَا"، أي: أَتَمَّ عمَلَها، ضاعَفَ اللهُ هذه الحسنةَ عَشَرَةَ أمثالٍ، "وإذا تحدَّث"، أي: ومتى تحدَّث الإنسانُ في نَفْسِهِ، وهَمَّ "بأنْ يعمَلَ سيِّئَةً"، ولم يعمَلْها؛ بل تَرَكَهَا، "فأنا أَغْفِرُهَا له، ما لم يعمَلْها"، غَفَرَهَا اللهُ له، وأجرى ذلك له في دِيوانِ فَضْلِهِ، فإنَّ تَرْكَهُ للسَّيِّئةِ له مَقامُ الفِعلِ الحَسَنِ، فإذا عَمِلَهَا فأنا أكتُبُها له بِمِثْلِهَا، أي: وإذا عَمِلَهَا كُتِبَتْ سيِّئةً واحدةً؛ رحمةً منه سبحانه وتعالى. "وقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: قالتِ الملائكةُ: ربِّ، ذاك عبدُكَ، يُريدُ أنْ يعمَلَ سيِّئةً"، أي: إنَّ عبدَكَ هذا هَمَّ بسيِّئةٍ، "وهو أَبْصَرُ به، فقال: ارْقُبُوهُ"، أي: لاحِظُوهُ، وهو سُبحانه يَعلمُ حالَ عبدِهِ، "فإنْ عمِلَها فاكتُبُوها له بِمِثْلِهَا"، أي: إنْ فَعَلَ هذه السَّيِّئةَ فاكتُبُوها واحدةً فقط. وَيُحْمَلُ ما وَقَعَ في هذا الحديثِ وأمثالِهِ على أنَّ ذلك فِيمَنْ لم يُوَطِّنْ نفْسَهُ على المعصيةِ، وإنَّما مَرَّ ذلك بِفِكْرِهِ من غير استقرارٍ، ويُفَرَّقُ بين الْهَمِّ والعَزْمِ، فيكون قولُهُ: "وإذا تحدَّث بأنْ يعمَلَ سيِّئةً فأنا أَغفِرُها له ما لم يعمَلْها"، فيما لا يَستقِرُّ مِنَ الخواطرِ، ولا يَقْتَرِنُ به عَزْمٌ مُصَمَّمٌ، فإنْ عَزَمَ على ذلك عزمًا مُصَمَّمًا كُتِبَ هذا العزمُ سيِّئةً، وليستِ السيِّئةَ الَّتي هَمَّ بها؛ لِكَوْنِهِ لم يعمَلْها، وقَطَعَهُ عنها قاطعٌ غيرُ خوفِ اللهِ تعالى، والأمانةِ، لكنَّ نَفْسَ الإصرارِ والعزمِ معصيةٌ، فَيُكْتَبُ معصيةً، فإذا عَمِلَهَا كُتِبَتْ معصيةً ثانيةً، فإنْ تَرَكَهَا خشيةَ اللهِ كُتِبَتْ حسنةً، على ما جاءَ: "إنَّما تَرَكَهَا مِنْ جَرَّائِي"، أي: مِن أَجْلي، فصار تركُهُ لها- خوفًا مِنَ اللهِ، ومُجاهَدةً لِنفسِهِ الأمَّارةِ بالسُّوء، وعِصيانًا لِهَوَاهُ- حسنةً. وقولُهُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "إذا أَحْسَنَ أحدُكم إسلامَهُ"، أي: أَسْلَمَ إسلامًا حقيقيًّا، وليس كإسلامِ المنافقين، "فكُلُّ حسنةٍ يعمَلُها تُكْتَبُ بِعَشْرِ أمثالِها، إلى سَبْعِ مِئَةِ ضِعْفٍ"؛ فإنَّ الهِمَّةَ إذا انْتَقَلَتْ عَنِ العزمِ إلى الفِعْلِ ظَهَرَ نُورُهَا، وإذا كانتِ النِّيَّةُ خالصةً، والإيمانُ راسخًا، كان تَضْعِيفُ الأَجْرِ، فكان أَجْرُ الحسنةِ الواحدةِ ما بَيْنَ العَشْرَةِ إلى السَّبْعِ مِئَةٍ، وهذا التَّحديدُ "سبع مئة ضِعْف" لا يَدُلُّ على أنَّه لا يُضَاعَفُ أَكْثَرَ مِنْ ذلِك؛ بل يُضَاعِفُ اللهُ أكثرَ منه، قال تعالى: {وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ} [البقرة: ]، "وَكُلُّ سيِّئةٍ تُكْتَبُ بمثْلِها، حتَّى يَلْقَى اللهَ"، أي: وكُلُّ سيِّئةٍ تُكْتَبُ سيِّئةً واحدةً، حتَّى يَلْقَى ربَّهُ عزَّ وجلَّ. وفي الحديثِ: عَظيمُ فَضلِ اللهِ تعالى على عِبادِه، ورحمتِه بهم. .

    صحيح مسلم
    0 Comments 0 Shares 41 Views 0 Reviews
  • إِنْ عطَبَ منها شيءٌ ، فخشيتَ عليه موتًا ، فانحرْها . ثُمَّ اغمِسْ نعْلَها في دَمِها . ثُمَّ اضرِبْ بِهِ صفْحَتَها . ولَا تَطَعَمْها أنتَ ولَا أحدٌ منْ أهلِ رِفْقَتِكَ

    شرح الحديث

    في هذا الحَديثِ أنَّ ذُؤيبًا أبا قَبيصَةَ، حدَّثَ ابنَ عبَّاس أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم كان يَبعثُ مَعه بالبُدْنِ، ثُمَّ يقولُ لَه: إنْ عَطِبَ مِنها شيءٌ، أي: هَلَكَ من الهَديِ، أو تَعيَّبَ بفاحشٍ، فانْحَرْها، ثُمَّ اغمِسْ نَعلَها المُقلَّدَةَ بها، ثُمَّ اضرِب به صَفحتَها، أي: اجعَلْها على صَفحتِها؛ ليَحترزَ عنْ أَكْلِها الغَنيُّ وَيَرى أنَّها هَديٌ، وَلا تَطعَمْها أنت ولا أَحدٌ مِن أهلِ رِفقتِك، سواءٌ كان فَقيرًا أو غنيًّا؛ ولعلَّهُم مُنعوا ذلك قَطعًا لأَطماعِهم لئَلَّا يَنحرَها أحدٌ ويتعلَّلَ بالعَطَبِ.

    صحيح مسلم

    إِنْ عطَبَ منها شيءٌ ، فخشيتَ عليه موتًا ، فانحرْها . ثُمَّ اغمِسْ نعْلَها في دَمِها . ثُمَّ اضرِبْ بِهِ صفْحَتَها . ولَا تَطَعَمْها أنتَ ولَا أحدٌ منْ أهلِ رِفْقَتِكَ

    شرح الحديث

    في هذا الحَديثِ أنَّ ذُؤيبًا أبا قَبيصَةَ، حدَّثَ ابنَ عبَّاس أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم كان يَبعثُ مَعه بالبُدْنِ، ثُمَّ يقولُ لَه: إنْ عَطِبَ مِنها شيءٌ، أي: هَلَكَ من الهَديِ، أو تَعيَّبَ بفاحشٍ، فانْحَرْها، ثُمَّ اغمِسْ نَعلَها المُقلَّدَةَ بها، ثُمَّ اضرِب به صَفحتَها، أي: اجعَلْها على صَفحتِها؛ ليَحترزَ عنْ أَكْلِها الغَنيُّ وَيَرى أنَّها هَديٌ، وَلا تَطعَمْها أنت ولا أَحدٌ مِن أهلِ رِفقتِك، سواءٌ كان فَقيرًا أو غنيًّا؛ ولعلَّهُم مُنعوا ذلك قَطعًا لأَطماعِهم لئَلَّا يَنحرَها أحدٌ ويتعلَّلَ بالعَطَبِ.

    صحيح مسلم
    0 Comments 0 Shares 73 Views 0 Reviews
  • لا يزالُ الناسُ يتساءلونَ حتى يقالَ : هذا ، خلقَ اللهُ الخلقَ ، فمَنْ خلَقَ اللهَ ؟ فمن وجَدَ مِن ذلِكَ شيئًا فلْيِقُلْ : آمنتُ باللهِ . وفي روايَةٍ : يأتي الشيطانُ أحدَكم فيقولُ : مَنْ خلَقَ السماءَ ؟ مَنْ خلَقَ الأرْضَ ؟ فيقولُ : اللهُ ثُمَّ ذَكَرَ بمثلِهِ . وزادَ : ورسلِهِ

    شرح الحديث

    لا يَأْلُو الشَّيْطانُ جُهْدًا في غَوايةِ الإنسانِ وإضلالِهِ، فَيَدْخُلُ عليه من كلِّ باب: الشَّهواتِ، والشُّبهاتِ والوساوسِ.
    وفي هذا الحَديثِ يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "لا يَزالُ النَّاسُ يَتَسَاءَلُونَ"، أي: لا يَنقَطِعون عن سُؤالِ بعضِهم بعضًا في أشياءَ، والتَّساؤُلُ: حِكايةُ النَّفْسِ، وحديثُها، ووسوستُها، "حتَّى"، أي: حتَّى يبلُغَ السُّؤالُ إلى أنْ "يُقَالَ: هذا خَلَقَ اللهُ الخَلْقَ؛ فَمَنْ خَلَقَ اللهَ؟"، أي: هذا القولُ، أو قولُكَ: هذا خَلَقَ اللهُ الخَلْقَ معلومٌ مشهورٌ، "فَمَنْ خَلَقَ اللهَ؟!" أي: فما القُوَّةُ الكُبرى التي خَلَقَتِ اللهَ، وَأَوْجَدَتْهُ؟! تَعالَى اللهُ عن ذلِك عُلُوًّا كبيرًا، "فمَنْ وجَد مِن ذلك شيئًا"، أي: مَنْ صادَف شيئًا من ذلك القولِ والسُّؤالِ، أو وجَد في خاطِرِهِ شيئًا مِن جِنْسِ ذلك الحديثِ، "فَلْيَقُلْ: آمنتُ باللهِ ورُسُلِهِ"، أي: آمنتُ بالَّذي قاله اللهُ تعالى ورُسلُه عليهم السَّلامُ مِنْ وَصْفِهِ تعالى بالتَّوحيدِ والقِدَمِ. وقولُهُ سبحانه وإجماعُ الرُّسُلِ هو الصِّدقُ والحقُّ؛ فماذا بَعْدَ الحقِّ إلا الضَّلالُ؟!
    وفي رِوايةٍ: "يأتي الشَّيطانُ أحدَكم"، أي: يُوَسْوِسُ إبليسُ، أو أَحَدُ أعوانِهِ، من شَياطينِ الإنسِ والجنِّ، في صَدرِ المِرْءِ، والشَّيطانُ: هو أَعْدَى أعداءِ البَشَرِ على الإطلاقِ؛ إذ لا هَمَّ ولا عَمَلَ له أبدًا إلَّا غَوايةُ الإنسانِ، وإضلالُهُ، حتَّى يَهْلِكَ، فَيُوَسْوِسُ إليه بشَتَّى الوساوِسِ، ويأتيه من كلِّ طريقٍ وشُبْهَةٍ، وَهَمُّهُ الأوَّلُ أنْ يأتيَهُ من جِهةِ العقيدةِ؛ لأنَّها أساسُ الدِّينِ والإيمانِ، وعليها تتوقَّفُ نجاةُ الإنسانِ، وسعادتُهُ في الدَّارِ الآخِرَةِ، فَيَبْعَثُ في نَفْسِهِ الشُّبُهَاتِ حَوْلَهَا، وَيُثِيرُ فيه التَّساؤلاتِ العديدةَ عن حُدُوثِ الأشياءِ، وَمَنْ أَحْدَثَهَا، فيقول: "مَنْ خَلَقَ السَّماءَ؟ مَنْ خَلَقَ الأرضَ"، وَغَرَضُهُ أنْ يُوقِعَهُ في الغَلَطِ، والكُفرِ.
    وفي الحديث: الاستعانةُ باللهِ على قَطْعِ وساوسِ الشَّيطانِ.
    وفيه: الحثُّ على دَفْعِ الخَواطِرِ غيرِ المستقرَّةِ بالإِعراض عنها والردِّ لها مِن
    غيرِ استدلالٍ ولا نَظرٍ في إبطالِها، وهذا مِن أعظمِ أسباب السَّلامةِ. .

    صحيح مسلم

    لا يزالُ الناسُ يتساءلونَ حتى يقالَ : هذا ، خلقَ اللهُ الخلقَ ، فمَنْ خلَقَ اللهَ ؟ فمن وجَدَ مِن ذلِكَ شيئًا فلْيِقُلْ : آمنتُ باللهِ . وفي روايَةٍ : يأتي الشيطانُ أحدَكم فيقولُ : مَنْ خلَقَ السماءَ ؟ مَنْ خلَقَ الأرْضَ ؟ فيقولُ : اللهُ ثُمَّ ذَكَرَ بمثلِهِ . وزادَ : ورسلِهِ

    شرح الحديث

    لا يَأْلُو الشَّيْطانُ جُهْدًا في غَوايةِ الإنسانِ وإضلالِهِ، فَيَدْخُلُ عليه من كلِّ باب: الشَّهواتِ، والشُّبهاتِ والوساوسِ. وفي هذا الحَديثِ يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "لا يَزالُ النَّاسُ يَتَسَاءَلُونَ"، أي: لا يَنقَطِعون عن سُؤالِ بعضِهم بعضًا في أشياءَ، والتَّساؤُلُ: حِكايةُ النَّفْسِ، وحديثُها، ووسوستُها، "حتَّى"، أي: حتَّى يبلُغَ السُّؤالُ إلى أنْ "يُقَالَ: هذا خَلَقَ اللهُ الخَلْقَ؛ فَمَنْ خَلَقَ اللهَ؟"، أي: هذا القولُ، أو قولُكَ: هذا خَلَقَ اللهُ الخَلْقَ معلومٌ مشهورٌ، "فَمَنْ خَلَقَ اللهَ؟!" أي: فما القُوَّةُ الكُبرى التي خَلَقَتِ اللهَ، وَأَوْجَدَتْهُ؟! تَعالَى اللهُ عن ذلِك عُلُوًّا كبيرًا، "فمَنْ وجَد مِن ذلك شيئًا"، أي: مَنْ صادَف شيئًا من ذلك القولِ والسُّؤالِ، أو وجَد في خاطِرِهِ شيئًا مِن جِنْسِ ذلك الحديثِ، "فَلْيَقُلْ: آمنتُ باللهِ ورُسُلِهِ"، أي: آمنتُ بالَّذي قاله اللهُ تعالى ورُسلُه عليهم السَّلامُ مِنْ وَصْفِهِ تعالى بالتَّوحيدِ والقِدَمِ. وقولُهُ سبحانه وإجماعُ الرُّسُلِ هو الصِّدقُ والحقُّ؛ فماذا بَعْدَ الحقِّ إلا الضَّلالُ؟! وفي رِوايةٍ: "يأتي الشَّيطانُ أحدَكم"، أي: يُوَسْوِسُ إبليسُ، أو أَحَدُ أعوانِهِ، من شَياطينِ الإنسِ والجنِّ، في صَدرِ المِرْءِ، والشَّيطانُ: هو أَعْدَى أعداءِ البَشَرِ على الإطلاقِ؛ إذ لا هَمَّ ولا عَمَلَ له أبدًا إلَّا غَوايةُ الإنسانِ، وإضلالُهُ، حتَّى يَهْلِكَ، فَيُوَسْوِسُ إليه بشَتَّى الوساوِسِ، ويأتيه من كلِّ طريقٍ وشُبْهَةٍ، وَهَمُّهُ الأوَّلُ أنْ يأتيَهُ من جِهةِ العقيدةِ؛ لأنَّها أساسُ الدِّينِ والإيمانِ، وعليها تتوقَّفُ نجاةُ الإنسانِ، وسعادتُهُ في الدَّارِ الآخِرَةِ، فَيَبْعَثُ في نَفْسِهِ الشُّبُهَاتِ حَوْلَهَا، وَيُثِيرُ فيه التَّساؤلاتِ العديدةَ عن حُدُوثِ الأشياءِ، وَمَنْ أَحْدَثَهَا، فيقول: "مَنْ خَلَقَ السَّماءَ؟ مَنْ خَلَقَ الأرضَ"، وَغَرَضُهُ أنْ يُوقِعَهُ في الغَلَطِ، والكُفرِ. وفي الحديث: الاستعانةُ باللهِ على قَطْعِ وساوسِ الشَّيطانِ. وفيه: الحثُّ على دَفْعِ الخَواطِرِ غيرِ المستقرَّةِ بالإِعراض عنها والردِّ لها مِن غيرِ استدلالٍ ولا نَظرٍ في إبطالِها، وهذا مِن أعظمِ أسباب السَّلامةِ. .

    صحيح مسلم
    0 Comments 0 Shares 40 Views 0 Reviews
  • لا يَحِلُّ لِأَحَدِكُم أنْ يَحْمِلَ بِمكةَ السلاحَ

    شرح الحديث

    في هَذا الحَديثِ النَّهيُ عَن حَملِ السِّلاحِ بمكَّةَ، ولعلَّ ذلكَ حتَّى لا يَكونَ سببًا لرُعبِ مُسلمٍ أو أَذى أَحدٍ؛ فَلا يَخفَى ما في ذلِك مِن زِيادةِ الأَمنِ في مَكانٍ بِه شَعائرُ الإِسلامِ كَمكَّةَ .

    صحيح مسلم

    لا يَحِلُّ لِأَحَدِكُم أنْ يَحْمِلَ بِمكةَ السلاحَ

    شرح الحديث

    في هَذا الحَديثِ النَّهيُ عَن حَملِ السِّلاحِ بمكَّةَ، ولعلَّ ذلكَ حتَّى لا يَكونَ سببًا لرُعبِ مُسلمٍ أو أَذى أَحدٍ؛ فَلا يَخفَى ما في ذلِك مِن زِيادةِ الأَمنِ في مَكانٍ بِه شَعائرُ الإِسلامِ كَمكَّةَ .

    صحيح مسلم
    0 Comments 0 Shares 40 Views 0 Reviews