إنَّ بَعدِي من أُمتِي ( أوْ سَيكونُ بَعدِي من أُمتِي ) قومٌ يَقرؤونَ القرآنَ . لا يُجاوزُ حلاقِيمَهمْ . يَخرجونَ من الدِّينِ كَمَا يخرجُ السَّهمُ من الرَّمِيَّةِ . ثُمَّ لا يَعودونَ فيه . هُمْ شَرُّ الخلقِ والخلِيقةِ . فقال ابنُ الصَّامِتِ : فلَقيتُ رافِعَ بنَ عمروٍ الغِفارِيِّ ، أخَا الحكَمِ الغِفارِيِّ . قلتُ : ما حدِيثٌ سمِعتُهُ من أبِي ذَرٍّ : كَذا وكَذا ؟ فذكرتُ له هذا الحدِيثَ . فقال : وأنا سَمِعتُهُ من رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ .
شرح الحديث
أنبأ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم الصَّحابةَ عن كَثيرٍ من الفِتنِ التي حَدثَتْ في قَرنِهم وما بعدَ قَرنِهم، ومِمَّا عاصَروهُ من تِلكَ الفتنِ: فتنةُ الخوارجِ.
وفي هذا الحديثِ أشارَ إلى النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم ذلكَ فذَكَر قَومًا سَيكونونَ في أمَّتِه مِن بَعدِه، "يَقْرؤونَ القُرآنَ لا يُجاوِزُ حَلاقِيمَهم"، والحَلاقيمُ جمعُ حُلْقومٍ وهوَ الحَنْجرةُ وداخِلُ الفَمِ؛ فَهم يَقرؤُونَ القرآنَ ولكِنَّهم لا يَتأثَّرونَ بهِ ولا يَفهَمونَهُ ولا يَعمَلونَ بآياتِهِ، فَلا يُؤجَرُونَ ولا يُثابونَ على ذلكَ بالحَسَناتِ ولا تَتعدَّى قراءتُهم ألسِنَتَهُم فلا يُقبَلُ لهم عَملٌ، "يَخرجونَ مِن الدِّينِ كما يَخرُجُ السَّهمُ منَ الرَّمِيَّةِ، ثمَّ لا يَعودونَ فيهِ"؛ فخُرُوجُهم مِن الدِّينِ كخُروجِ السَّهمِ السَّريعِ الذي يُصِيبُ الصَّيدَ فيدخُلُ فيهِ ويخرُجُ مِنه سَريعًا جِدًّا دونَ أن يَتعلَّقَ بهِ، أي: أثَرٍ منهُ لشِدَّةِ سُرعةِ خُروجِهِ من الهدَفِ، وهُم بعدَ ذلكَ كلِّه "لا يَعودونَ فيهِ"، أي: لا يَعودونَ إلى الدِّينِ مرَّةً أخْرى فلا يَتوبونَ ولا يُراجِعونَ أنفُسَهم، ثمَّ عقَّبَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم فقالَ: "هُم شَرُّ الخَلقِ والخَليقةِ"، أي: هُمْ أسوَأُ المخْلوقاتِ؛ فهمْ يُقاتِلونَ خيرَ الناسِ، وبذلكَ يُفسِدونَ الأرضَ بعدَ صلاحِها.
وفي الحديثِ: عَلَمٌ مِن أعْلامِ النُّبوَّةِ؛ حيثُ أخبرَ بما سَيَقعُ بعدَهُ، وقدْ وقعَ كَما أخبرَ.
وفيه: التَّحذيرُ مِن سُوءِ فَهمِ القُرآنِ وعدمُ تدبُّرِ آياتِهِ ومَراميهِ ومَقاصِدِه، وأنَّ هذا يؤدِّي إلى الفَسادِ والإفْسادِ في الأرضِ.
وفيه: أنَّ مِن عواقبِ سُوءِ التدبُّرِ لآياتِ اللهِ الخُروجَ مِن الدِّينِ.
صحيح مسلم
إنَّ بَعدِي من أُمتِي ( أوْ سَيكونُ بَعدِي من أُمتِي ) قومٌ يَقرؤونَ القرآنَ . لا يُجاوزُ حلاقِيمَهمْ . يَخرجونَ من الدِّينِ كَمَا يخرجُ السَّهمُ من الرَّمِيَّةِ . ثُمَّ لا يَعودونَ فيه . هُمْ شَرُّ الخلقِ والخلِيقةِ . فقال ابنُ الصَّامِتِ : فلَقيتُ رافِعَ بنَ عمروٍ الغِفارِيِّ ، أخَا الحكَمِ الغِفارِيِّ . قلتُ : ما حدِيثٌ سمِعتُهُ من أبِي ذَرٍّ : كَذا وكَذا ؟ فذكرتُ له هذا الحدِيثَ . فقال : وأنا سَمِعتُهُ من رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ .
شرح الحديث
أنبأ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم الصَّحابةَ عن كَثيرٍ من الفِتنِ التي حَدثَتْ في قَرنِهم وما بعدَ قَرنِهم، ومِمَّا عاصَروهُ من تِلكَ الفتنِ: فتنةُ الخوارجِ. وفي هذا الحديثِ أشارَ إلى النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم ذلكَ فذَكَر قَومًا سَيكونونَ في أمَّتِه مِن بَعدِه، "يَقْرؤونَ القُرآنَ لا يُجاوِزُ حَلاقِيمَهم"، والحَلاقيمُ جمعُ حُلْقومٍ وهوَ الحَنْجرةُ وداخِلُ الفَمِ؛ فَهم يَقرؤُونَ القرآنَ ولكِنَّهم لا يَتأثَّرونَ بهِ ولا يَفهَمونَهُ ولا يَعمَلونَ بآياتِهِ، فَلا يُؤجَرُونَ ولا يُثابونَ على ذلكَ بالحَسَناتِ ولا تَتعدَّى قراءتُهم ألسِنَتَهُم فلا يُقبَلُ لهم عَملٌ، "يَخرجونَ مِن الدِّينِ كما يَخرُجُ السَّهمُ منَ الرَّمِيَّةِ، ثمَّ لا يَعودونَ فيهِ"؛ فخُرُوجُهم مِن الدِّينِ كخُروجِ السَّهمِ السَّريعِ الذي يُصِيبُ الصَّيدَ فيدخُلُ فيهِ ويخرُجُ مِنه سَريعًا جِدًّا دونَ أن يَتعلَّقَ بهِ، أي: أثَرٍ منهُ لشِدَّةِ سُرعةِ خُروجِهِ من الهدَفِ، وهُم بعدَ ذلكَ كلِّه "لا يَعودونَ فيهِ"، أي: لا يَعودونَ إلى الدِّينِ مرَّةً أخْرى فلا يَتوبونَ ولا يُراجِعونَ أنفُسَهم، ثمَّ عقَّبَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم فقالَ: "هُم شَرُّ الخَلقِ والخَليقةِ"، أي: هُمْ أسوَأُ المخْلوقاتِ؛ فهمْ يُقاتِلونَ خيرَ الناسِ، وبذلكَ يُفسِدونَ الأرضَ بعدَ صلاحِها. وفي الحديثِ: عَلَمٌ مِن أعْلامِ النُّبوَّةِ؛ حيثُ أخبرَ بما سَيَقعُ بعدَهُ، وقدْ وقعَ كَما أخبرَ. وفيه: التَّحذيرُ مِن سُوءِ فَهمِ القُرآنِ وعدمُ تدبُّرِ آياتِهِ ومَراميهِ ومَقاصِدِه، وأنَّ هذا يؤدِّي إلى الفَسادِ والإفْسادِ في الأرضِ. وفيه: أنَّ مِن عواقبِ سُوءِ التدبُّرِ لآياتِ اللهِ الخُروجَ مِن الدِّينِ.