• من أصبح منكم اليومَ صائمًا ؟ قال أبو بكرٍ رضي اللهُ عنه : أنا . قال : فمن تبع منكم اليومَ جنازةً ؟ قال أبو بكرٍ رضي اللهُ عنه : أنا . قال فمَن أطعم منكم اليومَ مسكينًا ؟ قال أبو بكرٍ رضي اللهُ عنه . أنا . قال : فمن عاد منكم اليومَ مريضًا . قال أبو بكرٍ رضيَ اللهُ عنه : أنا . فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ : ما اجتمَعْنَ في امرئٍ ، إلا دخل الجنَّةَ

    شرح الحديث

    يُجلِّي هذا الحديثُ بعضَ الفضائلِ التي تكونُ سببًا في دُخولِ الجنَّةِ لِمَنِ اجتَمَعَتْ فيه، وفيه توضيحٌ لفضلِ أبي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضِي اللهُ عنه، حيثُ إنَّه فعَل كلَّ هذه الأعمالِ الصالحةِ واجتمَعَتْ فيه.
    ومِن مَعالِمِ التَّوجِيهِ والتَّربِيَةِ النبويَّةِ: أنَّه يَلفِتُ العُقولَ والأنظارَ إلى مُرادِه؛ لِينتَبِهَ الحاضِرون لِأنَّ لكلِّ سُؤالٍ منه صلَّى الله عليه وسلَّم مَغْزًى وهدفًا يُعرَفُ بعدَ توضيحِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم وتَجْلِيَتِه لِمُرادِه مِنَ السؤالِ.
    فقد سأَل الرَّسولُ صلَّى الله عليه وسلَّم: "مَن أصبَحَ منكم اليومَ صائمًا؟" و(مَن) استِفهامِيَّة، أي: مَن دخَل في الصَّباحِ صائمًا؟ "قال أبو بَكْرٍ: أنا" وذَكَرَ "أنا" هنا لِلتَّعيِينِ في الإخبارِ لا للاعتِدادِ بنَفْسِه كما يُذكَرُ في مَقامِ المُفاخَرَةِ، ثُمَّ أَردَفَ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم هذا السؤالَ بأسئلةٍ أُخرَى استِكمالًا لتوضيحِ أسبابِ دُخولِ الجنَّةِ، فقال: "فمَن تَبِعَ منكم اليومَ جِنازَةً؟ قال أبو بَكْرٍ رضِي اللهُ عنه: أنا، قال: فمَن أَطْعَمَ منكم اليومَ مِسكينًا؟ قال أبو بَكْرٍ رضِي اللهُ عنه: أنا، قال: فمَن عادَ مِنكم اليومَ مريضًا؟ قال أبو بَكْرٍ رضِي اللهُ عنه: أنا"، أي: أنَّ كلَّ هذه الخِصالِ والأفعالِ التي سأَل النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم عنها كانَ قد فعَلها كلَّها أبو بَكْرٍ رضِي الله عنه؛ فقد أصبَح صائمًا مِن يومِه، وتَبِعَ جِنازَةً، وأطعَمَ مِسكينًا من مالِه، وزَارَ مريضًا، فاجتَمَعَتْ كلُّ هذه الأفعالِ الطيِّبةِ في أبي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضِي اللهُ عنه.
    فقال النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: "ما اجتَمَعْنَ"، أي: ما وُجِدَتْ هذه الخِصالُ الأربعةُ وحَصَلت في يومٍ واحدٍ "في امْرِئٍ، إلَّا دَخَل الجنَّةَ"، يُمكِن أن يكونَ المرادُ: دخَل الجنَّةَ بلا محاسبةٍ، وإلَّا فمُجرَّدُ الإيمانِ يَكفِي لِمُطلَقِ الدُّخولِ، أو مَعناهُ: دخَل الجنَّةَ مِن أيِّ بابٍ شاءَ، والله أعلَمُ.
    في هذا الحديثِ: فَضْلُ الأعمالِ الصَّالحةِ؛ مِنَ الصيامِ، والصَّدَقَةِ، وإطعامِ المساكينِ، وزيارةِ المريضِ، وأنَّها خِصالٌ وأفعالٌ تكونُ سببًا في دُخولِ الجنَّةِ.
    وفيه: بيانُ اتِّصافِ أبي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضِي اللهُ عنه بالفَضائِلِ .

    صحيح مسلم

    من أصبح منكم اليومَ صائمًا ؟ قال أبو بكرٍ رضي اللهُ عنه : أنا . قال : فمن تبع منكم اليومَ جنازةً ؟ قال أبو بكرٍ رضي اللهُ عنه : أنا . قال فمَن أطعم منكم اليومَ مسكينًا ؟ قال أبو بكرٍ رضي اللهُ عنه . أنا . قال : فمن عاد منكم اليومَ مريضًا . قال أبو بكرٍ رضيَ اللهُ عنه : أنا . فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ : ما اجتمَعْنَ في امرئٍ ، إلا دخل الجنَّةَ

    شرح الحديث

    يُجلِّي هذا الحديثُ بعضَ الفضائلِ التي تكونُ سببًا في دُخولِ الجنَّةِ لِمَنِ اجتَمَعَتْ فيه، وفيه توضيحٌ لفضلِ أبي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضِي اللهُ عنه، حيثُ إنَّه فعَل كلَّ هذه الأعمالِ الصالحةِ واجتمَعَتْ فيه. ومِن مَعالِمِ التَّوجِيهِ والتَّربِيَةِ النبويَّةِ: أنَّه يَلفِتُ العُقولَ والأنظارَ إلى مُرادِه؛ لِينتَبِهَ الحاضِرون لِأنَّ لكلِّ سُؤالٍ منه صلَّى الله عليه وسلَّم مَغْزًى وهدفًا يُعرَفُ بعدَ توضيحِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم وتَجْلِيَتِه لِمُرادِه مِنَ السؤالِ. فقد سأَل الرَّسولُ صلَّى الله عليه وسلَّم: "مَن أصبَحَ منكم اليومَ صائمًا؟" و(مَن) استِفهامِيَّة، أي: مَن دخَل في الصَّباحِ صائمًا؟ "قال أبو بَكْرٍ: أنا" وذَكَرَ "أنا" هنا لِلتَّعيِينِ في الإخبارِ لا للاعتِدادِ بنَفْسِه كما يُذكَرُ في مَقامِ المُفاخَرَةِ، ثُمَّ أَردَفَ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم هذا السؤالَ بأسئلةٍ أُخرَى استِكمالًا لتوضيحِ أسبابِ دُخولِ الجنَّةِ، فقال: "فمَن تَبِعَ منكم اليومَ جِنازَةً؟ قال أبو بَكْرٍ رضِي اللهُ عنه: أنا، قال: فمَن أَطْعَمَ منكم اليومَ مِسكينًا؟ قال أبو بَكْرٍ رضِي اللهُ عنه: أنا، قال: فمَن عادَ مِنكم اليومَ مريضًا؟ قال أبو بَكْرٍ رضِي اللهُ عنه: أنا"، أي: أنَّ كلَّ هذه الخِصالِ والأفعالِ التي سأَل النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم عنها كانَ قد فعَلها كلَّها أبو بَكْرٍ رضِي الله عنه؛ فقد أصبَح صائمًا مِن يومِه، وتَبِعَ جِنازَةً، وأطعَمَ مِسكينًا من مالِه، وزَارَ مريضًا، فاجتَمَعَتْ كلُّ هذه الأفعالِ الطيِّبةِ في أبي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضِي اللهُ عنه. فقال النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: "ما اجتَمَعْنَ"، أي: ما وُجِدَتْ هذه الخِصالُ الأربعةُ وحَصَلت في يومٍ واحدٍ "في امْرِئٍ، إلَّا دَخَل الجنَّةَ"، يُمكِن أن يكونَ المرادُ: دخَل الجنَّةَ بلا محاسبةٍ، وإلَّا فمُجرَّدُ الإيمانِ يَكفِي لِمُطلَقِ الدُّخولِ، أو مَعناهُ: دخَل الجنَّةَ مِن أيِّ بابٍ شاءَ، والله أعلَمُ. في هذا الحديثِ: فَضْلُ الأعمالِ الصَّالحةِ؛ مِنَ الصيامِ، والصَّدَقَةِ، وإطعامِ المساكينِ، وزيارةِ المريضِ، وأنَّها خِصالٌ وأفعالٌ تكونُ سببًا في دُخولِ الجنَّةِ. وفيه: بيانُ اتِّصافِ أبي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضِي اللهُ عنه بالفَضائِلِ .

    صحيح مسلم
    0 Комментарии 0 Поделились 84 Просмотры 0 предпросмотр
  • يا ابنَ آدمَ ! إنك أن تَبذُلَ الفضلَ خيرٌ لك . وأن تمسكَه شَرٌّ لك . ولا تُلامُ على كفافٍ . وابدأْ بمن تعولُ . واليدُ العُلْيا خيرٌ من اليدِ السُّفْلى

    شرح الحديث

    هذا الحديثُ فيه توجيهٌ نبويٌّ لِبَنِي آدَمَ بعدمِ إمساكِ الأموالِ واكتِنازِها، وتوجيهُ الأَنفُسِ إلى البذلِ والعطاءِ، وفيه البَدْءُ بالأهلِ والأقارِبِ في الصِّلَةِ والنَّفَقةِ، وفيه تشجيعٌ على النَّفَقَةِ والعَطاءِ والبذلِ، وإيماءٌ إلى عَدمِ سُؤالِ الناسِ؛ فاليَدُ المُعطِيَةِ خيرٌ مِنَ الآخِذَةِ.
    وقولُه: "يا ابنَ آدَمَ" نِداءٌ مِنَ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم لبني آدَمَ كلِّهم، وإنْ كان توجيهُه يَنْصَبُّ على المسلمين مِن أُمَّتِه، "إنْ تَبذُلِ الفَضْلَ"، أي: إنْ تُخرِجِ الفضلَ الزائِدَ عن حاجَتِكَ مِن مالِكَ، فذلك "خيرٌ لك"، أي: بذلُ الزِّيادةِ على قَدرِ الحاجَةِ خيرٌ لك في الدُّنيا والآخِرَةِ؛ لِبَقاءِ ثوابِه، "وإن تُمْسِكْه"، أي: إمساكُ ذلك الفضلِ ومَنْعُه "شَرٌّ لك"، أي: عندَ الله وعندَ الناسِ؛ لأنَّه إن أَمْسَكَ عن الواجِبِ استَحَقَّ العِقابَ عليه، وإن أمسَكَ عن المندوبِ فقد نَقَص ثوابَه، وفوَّت مصلحةَ نفسِه في آخِرَتِه، وهذا كلُّه شَرٌّ.
    "ولا تُلامُ على كَفَافٍ"، أي: لا تُلامُ على إمساكِ ما يَكفِيكَ أنتَ ومَن تَعُولُ، والكَفافُ مِن الرِّزق: هو القُوتُ، وما كَفَّ عن الناسِ وأغنَى عنهم مع القَناعَةِ، ولا يَزِيدُ على قَدْرِ الحاجَةِ.
    ثُمَّ وجَّهه النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم إلى كيفيَّةِ إنفاقِ الزائدِ على حاجتِه، فقال: "وابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ"، أي: ابْدَأْ بالَّذين تَمُونُهم وتلزَمُك نَفقَتُهم والقِيامُ بما يَحتاجون إليه مِن قُوتٍ وكُسْوَةٍ، ووسِّع عليهم أوَّلًا زيادةً على نَفَقَتِهم الواجِبَة، والمقصودُ: أنَّ الأهلَ والقَرابَةَ أحقُّ مِن غيرِهم، وفي هذا رِعايةٌ نبويَّةٌ لِمَا جُبِلَتْ عليه النَّفْسُ مِن حُبِّ المالِ والوَلَدِ، فتكونُ البِدايَةُ بالنَّفَقَةِ على الأهلِ والأولادِ، ثُمَّ يَنتَقِلُ منها إلى النَّفَقَةِ على كلِّ مُحتاجٍ.
    "واليَدُ العُلْيا"، أي: المُنفِقَة "خَيْرٌ مِنَ اليَدِ السُّفْلَى"، أَي: السَّائِلَة أو الآخِذَة.
    وفي الحديثِ: إنفاقُ فضلِ الأموالِ والزائدِ على الحاجةِ في وُجوهِ الخيرِ والبِرِّ.
    وفيه: الابتِداءُ في النَّفقَةِ والعَطاءِ والصدقةِ بالأهَمِّ فالمُهِمِّ

    صحيح مسلم

    يا ابنَ آدمَ ! إنك أن تَبذُلَ الفضلَ خيرٌ لك . وأن تمسكَه شَرٌّ لك . ولا تُلامُ على كفافٍ . وابدأْ بمن تعولُ . واليدُ العُلْيا خيرٌ من اليدِ السُّفْلى

    شرح الحديث

    هذا الحديثُ فيه توجيهٌ نبويٌّ لِبَنِي آدَمَ بعدمِ إمساكِ الأموالِ واكتِنازِها، وتوجيهُ الأَنفُسِ إلى البذلِ والعطاءِ، وفيه البَدْءُ بالأهلِ والأقارِبِ في الصِّلَةِ والنَّفَقةِ، وفيه تشجيعٌ على النَّفَقَةِ والعَطاءِ والبذلِ، وإيماءٌ إلى عَدمِ سُؤالِ الناسِ؛ فاليَدُ المُعطِيَةِ خيرٌ مِنَ الآخِذَةِ. وقولُه: "يا ابنَ آدَمَ" نِداءٌ مِنَ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم لبني آدَمَ كلِّهم، وإنْ كان توجيهُه يَنْصَبُّ على المسلمين مِن أُمَّتِه، "إنْ تَبذُلِ الفَضْلَ"، أي: إنْ تُخرِجِ الفضلَ الزائِدَ عن حاجَتِكَ مِن مالِكَ، فذلك "خيرٌ لك"، أي: بذلُ الزِّيادةِ على قَدرِ الحاجَةِ خيرٌ لك في الدُّنيا والآخِرَةِ؛ لِبَقاءِ ثوابِه، "وإن تُمْسِكْه"، أي: إمساكُ ذلك الفضلِ ومَنْعُه "شَرٌّ لك"، أي: عندَ الله وعندَ الناسِ؛ لأنَّه إن أَمْسَكَ عن الواجِبِ استَحَقَّ العِقابَ عليه، وإن أمسَكَ عن المندوبِ فقد نَقَص ثوابَه، وفوَّت مصلحةَ نفسِه في آخِرَتِه، وهذا كلُّه شَرٌّ. "ولا تُلامُ على كَفَافٍ"، أي: لا تُلامُ على إمساكِ ما يَكفِيكَ أنتَ ومَن تَعُولُ، والكَفافُ مِن الرِّزق: هو القُوتُ، وما كَفَّ عن الناسِ وأغنَى عنهم مع القَناعَةِ، ولا يَزِيدُ على قَدْرِ الحاجَةِ. ثُمَّ وجَّهه النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم إلى كيفيَّةِ إنفاقِ الزائدِ على حاجتِه، فقال: "وابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ"، أي: ابْدَأْ بالَّذين تَمُونُهم وتلزَمُك نَفقَتُهم والقِيامُ بما يَحتاجون إليه مِن قُوتٍ وكُسْوَةٍ، ووسِّع عليهم أوَّلًا زيادةً على نَفَقَتِهم الواجِبَة، والمقصودُ: أنَّ الأهلَ والقَرابَةَ أحقُّ مِن غيرِهم، وفي هذا رِعايةٌ نبويَّةٌ لِمَا جُبِلَتْ عليه النَّفْسُ مِن حُبِّ المالِ والوَلَدِ، فتكونُ البِدايَةُ بالنَّفَقَةِ على الأهلِ والأولادِ، ثُمَّ يَنتَقِلُ منها إلى النَّفَقَةِ على كلِّ مُحتاجٍ. "واليَدُ العُلْيا"، أي: المُنفِقَة "خَيْرٌ مِنَ اليَدِ السُّفْلَى"، أَي: السَّائِلَة أو الآخِذَة. وفي الحديثِ: إنفاقُ فضلِ الأموالِ والزائدِ على الحاجةِ في وُجوهِ الخيرِ والبِرِّ. وفيه: الابتِداءُ في النَّفقَةِ والعَطاءِ والصدقةِ بالأهَمِّ فالمُهِمِّ

    صحيح مسلم
    0 Комментарии 0 Поделились 82 Просмотры 0 предпросмотр
  • من يُرِدِ اللهُ به خيرًا يُفقِّهه في الدِّينِ . وسمعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقول : إنما أنا خازنٌ فمن أَعطيتُه عن طِيبِ نفسٍ ، فيُبارَك له فيه . ومن أعطيتُه عن مسألةٍ وشَرَهٍ ، كان كالذي يأكل ولا يَشبعُ

    شرح الحديث

    اللهُ سُبْحانَه وتعالى حليمٌ، رحيمٌ بِعِبادِهِ، يُحِبُّ لَهُمُ الْخَيْرَ، ونبيُّنا صلَّى الله عليه وسلَّم كان أَطيبَ الناسِ نفْسًا، وعلَّمَنا العَفافَ وسَخاءَ النَّفْسِ.
    وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ معاويةُ بنُ أبي سُفيانَ رضِي اللهُ عنهما أنَّه سَمِعَ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم يقولُ: "مَن يُرِدِ اللهُ به خيرًا يُفقِّهُه في الدِّين"، أي: مَنْ أراد به اللهُ خيرًا عظيمًا ونَفْعًا كثيرًا، فَقَّهَه في الدِّينِ، أي: منَحَه العِلمَ الشَّرعيَّ، الَّذي لا يُدَانِيهِ خيرٌ في هذا الوجودِ، في فَضلِهِ وشرَفِهِ، وعُلُوِّ درجتِهِ؛ لأنَّه ميراثُ الأنبياءِ، الَّذي لم يُورِّثُوا غيرَهُ.
    ثم يُخبِرُ معواية رضِي اللهُ عنه أنَّه سمِعَه صلَّى الله عليه وسلَّم يقولُ: "إنَّما أنا خازِنٌ"، أي: أمينٌ، وحافِظٌ لِمَا أعطاني اللهُ تعالى، وإنَّ الْمُعْطِيَ في الحقيقة هو اللهُ تعالى، ولستُ أنا الْمُعْطِيَ، وإنَّما أَقْسِمُ على حَسَبِ ما أَمَرني اللهُ به؛ فالأمورُ كُلُّها بمشيئتِهِ سبحانه وتقديرِهِ، والإنسانُ مُصَرَّفٌ مَرْبوبٌ. "فمَنْ أَعْطَيْتُهُ عن طِيبِ نَفْسٍ"، أي: فمَنْ أعطيتُه دُونَ مسألةٍ منه، وإنَّما عن طِيبِ نَفْسٍ منِّي، "فَيُبَارَكُ له فيه"، أي: فَيَكْثُرُ خَيْرُ هذا المالِ المأخوذِ، وَيَزِيدُ نَماؤُهُ، "ومَنْ أعطيتُهُ عن مسألةٍ وَشَرَهٍ" أي: مَنْ طَلَبَ بلسانِهِ العطاءَ، وهو راغبٌ فيه، وحَريصٌ عليه، "كان كالَّذي يَأْكُلُ، ولا يَشْبَعُ"، أي: إنَّه كُلَّما نَالَ منه شيئًا ازدادتْ رغبتُه، وَطَمِعَ واستقلَّ ما في يَدِهِ، وتطلَّعَ إلى أَكْثَرَ منه.
    وفي الحديث: فَضلُ العِلمِ والتفقُّه في الدِّينِ.
    وفيه: الحثُّ على العفافِ وسَخاوةِ النَّفسِ، والنهيُ عن السُّؤالِ لغيرِ ضَرورةٍ. .

    صحيح مسلم

    من يُرِدِ اللهُ به خيرًا يُفقِّهه في الدِّينِ . وسمعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقول : إنما أنا خازنٌ فمن أَعطيتُه عن طِيبِ نفسٍ ، فيُبارَك له فيه . ومن أعطيتُه عن مسألةٍ وشَرَهٍ ، كان كالذي يأكل ولا يَشبعُ

    شرح الحديث

    اللهُ سُبْحانَه وتعالى حليمٌ، رحيمٌ بِعِبادِهِ، يُحِبُّ لَهُمُ الْخَيْرَ، ونبيُّنا صلَّى الله عليه وسلَّم كان أَطيبَ الناسِ نفْسًا، وعلَّمَنا العَفافَ وسَخاءَ النَّفْسِ. وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ معاويةُ بنُ أبي سُفيانَ رضِي اللهُ عنهما أنَّه سَمِعَ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم يقولُ: "مَن يُرِدِ اللهُ به خيرًا يُفقِّهُه في الدِّين"، أي: مَنْ أراد به اللهُ خيرًا عظيمًا ونَفْعًا كثيرًا، فَقَّهَه في الدِّينِ، أي: منَحَه العِلمَ الشَّرعيَّ، الَّذي لا يُدَانِيهِ خيرٌ في هذا الوجودِ، في فَضلِهِ وشرَفِهِ، وعُلُوِّ درجتِهِ؛ لأنَّه ميراثُ الأنبياءِ، الَّذي لم يُورِّثُوا غيرَهُ. ثم يُخبِرُ معواية رضِي اللهُ عنه أنَّه سمِعَه صلَّى الله عليه وسلَّم يقولُ: "إنَّما أنا خازِنٌ"، أي: أمينٌ، وحافِظٌ لِمَا أعطاني اللهُ تعالى، وإنَّ الْمُعْطِيَ في الحقيقة هو اللهُ تعالى، ولستُ أنا الْمُعْطِيَ، وإنَّما أَقْسِمُ على حَسَبِ ما أَمَرني اللهُ به؛ فالأمورُ كُلُّها بمشيئتِهِ سبحانه وتقديرِهِ، والإنسانُ مُصَرَّفٌ مَرْبوبٌ. "فمَنْ أَعْطَيْتُهُ عن طِيبِ نَفْسٍ"، أي: فمَنْ أعطيتُه دُونَ مسألةٍ منه، وإنَّما عن طِيبِ نَفْسٍ منِّي، "فَيُبَارَكُ له فيه"، أي: فَيَكْثُرُ خَيْرُ هذا المالِ المأخوذِ، وَيَزِيدُ نَماؤُهُ، "ومَنْ أعطيتُهُ عن مسألةٍ وَشَرَهٍ" أي: مَنْ طَلَبَ بلسانِهِ العطاءَ، وهو راغبٌ فيه، وحَريصٌ عليه، "كان كالَّذي يَأْكُلُ، ولا يَشْبَعُ"، أي: إنَّه كُلَّما نَالَ منه شيئًا ازدادتْ رغبتُه، وَطَمِعَ واستقلَّ ما في يَدِهِ، وتطلَّعَ إلى أَكْثَرَ منه. وفي الحديث: فَضلُ العِلمِ والتفقُّه في الدِّينِ. وفيه: الحثُّ على العفافِ وسَخاوةِ النَّفسِ، والنهيُ عن السُّؤالِ لغيرِ ضَرورةٍ. .

    صحيح مسلم
    0 Комментарии 0 Поделились 91 Просмотры 0 предпросмотр
  • لا تُلحِفوا في المسألةِ . فو اللهِ ! لا يسألُني أحدٌ منكم شيئًا ، فتخرجُ له مسألتُه مني شيئًا ، وأنا له كارِهٌ ، فيبارَك له فيما أَعطيتُه

    شرح الحديث

    كان النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم حريصًا على تعليمِ المسلمين وتربِيَتِهم على حُسنِ المُعامَلَةِ وحُسنِ الطَّلَبِ بعِزَّةِ نَفْسٍ في كلِّ الأُمورِ، وفي هذا حِرْصٌ على أنْ تَظَلَّ العلاقةُ بين المسلمين علاقةً طيِّبةً ليس فيها حَزازَاتُ النُّفوسِ مِنَ الكُرهِ والغَضَبِ وما يُشبِهُ ذلك، وهو الذي يُمكِن أن يَحدُثَ نتيجةَ الإلحافِ والإلحاحِ في الطَّلَبِ.
    وفي هذا الحديثِ يُوجِّهنا النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم بقوله: "لا تُلحِفُوا في المَسأَلَةِ"، أي: لا تُبالِغُوا ولا تُلِحُّوا، والإلحافُ مِنَ: أَلْحَفَ في المسألةِ، إذا أَلَحَّ فيها، كما قال تعالى: {لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا} [البقرة: ].
    ثُمَّ بيَّن النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم سَبَبَ نَهْيِه عن الإِلْحَاحِ في الطَّلَبِ بقولِه: "فوَاللهِ لا يَسأَلُنِي"، أي: هذا قَسَمٌ مِنَ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم يُفِيدُ تَوْكِيدَ المحلوفِ عليه، والمعنى: لا يَطلُبُ منِّي "أحدٌ منكم شيئًا" مع الإلحافِ "فتُخرِجَ له مَسْألتُه منِّي شيئًا وأنا له كارِهٌ"، أي: فَيُخرِجَ له طلبُه منِّي ما أراد، وأنا كارِهٌ لإعطائِه ذلك الشَّيءَ ولكنْ أَعطيتُه لنحوِ اتِّقاءِ فُحشِه؛ "فَيُبارَكَ له فيما أعطيتُه"، أي: فلن يُبارِكَ الله له فيما أخَذَه بإلحافِه وإلحاحِه مع كراهةِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم لهذا الإلحاحِ، وهذا توضيحٌ لسُوءِ نَتِيجَةِ هذا الإلحافِ والإلحاحِ.
    وقد دلَّتِ الأحاديثُ الوارِدَةُ عن النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم على أنَّ البَرَكَةَ في المالِ المُعطَى تُوجَدُ إذا كان الإعطاءُ عن طِيبِ خاطِرٍ مِنَ المُعطِي وسَخَاوَةِ نَفْسٍ مِنَ الآخِذِ

    صحيح مسلم

    لا تُلحِفوا في المسألةِ . فو اللهِ ! لا يسألُني أحدٌ منكم شيئًا ، فتخرجُ له مسألتُه مني شيئًا ، وأنا له كارِهٌ ، فيبارَك له فيما أَعطيتُه

    شرح الحديث

    كان النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم حريصًا على تعليمِ المسلمين وتربِيَتِهم على حُسنِ المُعامَلَةِ وحُسنِ الطَّلَبِ بعِزَّةِ نَفْسٍ في كلِّ الأُمورِ، وفي هذا حِرْصٌ على أنْ تَظَلَّ العلاقةُ بين المسلمين علاقةً طيِّبةً ليس فيها حَزازَاتُ النُّفوسِ مِنَ الكُرهِ والغَضَبِ وما يُشبِهُ ذلك، وهو الذي يُمكِن أن يَحدُثَ نتيجةَ الإلحافِ والإلحاحِ في الطَّلَبِ. وفي هذا الحديثِ يُوجِّهنا النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم بقوله: "لا تُلحِفُوا في المَسأَلَةِ"، أي: لا تُبالِغُوا ولا تُلِحُّوا، والإلحافُ مِنَ: أَلْحَفَ في المسألةِ، إذا أَلَحَّ فيها، كما قال تعالى: {لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا} [البقرة: ]. ثُمَّ بيَّن النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم سَبَبَ نَهْيِه عن الإِلْحَاحِ في الطَّلَبِ بقولِه: "فوَاللهِ لا يَسأَلُنِي"، أي: هذا قَسَمٌ مِنَ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم يُفِيدُ تَوْكِيدَ المحلوفِ عليه، والمعنى: لا يَطلُبُ منِّي "أحدٌ منكم شيئًا" مع الإلحافِ "فتُخرِجَ له مَسْألتُه منِّي شيئًا وأنا له كارِهٌ"، أي: فَيُخرِجَ له طلبُه منِّي ما أراد، وأنا كارِهٌ لإعطائِه ذلك الشَّيءَ ولكنْ أَعطيتُه لنحوِ اتِّقاءِ فُحشِه؛ "فَيُبارَكَ له فيما أعطيتُه"، أي: فلن يُبارِكَ الله له فيما أخَذَه بإلحافِه وإلحاحِه مع كراهةِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم لهذا الإلحاحِ، وهذا توضيحٌ لسُوءِ نَتِيجَةِ هذا الإلحافِ والإلحاحِ. وقد دلَّتِ الأحاديثُ الوارِدَةُ عن النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم على أنَّ البَرَكَةَ في المالِ المُعطَى تُوجَدُ إذا كان الإعطاءُ عن طِيبِ خاطِرٍ مِنَ المُعطِي وسَخَاوَةِ نَفْسٍ مِنَ الآخِذِ

    صحيح مسلم
    0 Комментарии 0 Поделились 80 Просмотры 0 предпросмотр
  • من سأل الناسَ أموالَهم تكثُّرًا ، فإنما يسألُ جمرًا . فليستقِلَّ أو لِيستَكْثِرْ

    شرح الحديث

    هذا حديثٌ وارِدٌ فِيمَنْ سأَل الناسَ وهو غَنِيٌّ، وفيه تربِيَةٌ نبويَّةٌ بالتخويفِ والترهيبِ مِن سؤالِ الناسِ أموالَهم دونَ حاجةٍ مُلِحَّةٍ.
    يقولُ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: "مَن سأَل الناسَ أموالَهم تكثُّرًا"، أي: مَن طلَب مِنَ الناسِ إعطاءَه مِن أموالِهم دونَ حاجةٍ أو فَقْرٍ منه، وإنَّما يَطلُب المالَ لِزِيادَةِ مالِه وتكثيرِه، فيكونُ القصدُ من سؤالِه وطلبِه هو جَلْبَ المالِ والإكثارَ منه؛ "فإنَّما يَسأَلُ جَمْرًا"، أي: يكونُ له هذا المالُ في الآخِرَةِ جَمْرًا يُصلَى به، كما دلَّتْ روايةٌ أُخرَى: "فإنَّما يَسأَلُ جَمْرَ جَهَنَّمَ"، وسُمِّىَ التَّكَثُّرُ جَمْرًا؛ لأنَّ الجَمْرَ مُسبَّبٌ عنه.
    وبعدَ هذا الترهيبِ والتوضيحِ قال النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: "فَلْيَسْتَقِلَّ"، أي: فَلْيَأْخُذِ السائِلُ قليلًا من ذلك الجَمْرِ، "أو لِيَسْتَكْثِرْ"، أي: لِيَأْخُذِ كثيرًا، وقد فوَّض النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم أمْرَ التقليل أو الاستِزادَةِ إلى السائلِ؛ وَعِيدًا له وزَجْرًا عن ذلك؛ فإنَّ السؤالَ إذلالٌ للنَّفْسِ، والله تعالى لا يُحِبُّه للمؤمن، والمُسلِمُ يَنبغِي أنْ يكونَ عَزِيزَ النَّفْسِ.
    وفي الحديثِ: تَرهِيبُ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم من السؤالِ مع الغِنَى.
    وفيه: الترهيبُ مِن أكلِ أموالِ الناسِ بالباطِلِ .

    صحيح مسلم

    من سأل الناسَ أموالَهم تكثُّرًا ، فإنما يسألُ جمرًا . فليستقِلَّ أو لِيستَكْثِرْ

    شرح الحديث

    هذا حديثٌ وارِدٌ فِيمَنْ سأَل الناسَ وهو غَنِيٌّ، وفيه تربِيَةٌ نبويَّةٌ بالتخويفِ والترهيبِ مِن سؤالِ الناسِ أموالَهم دونَ حاجةٍ مُلِحَّةٍ. يقولُ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: "مَن سأَل الناسَ أموالَهم تكثُّرًا"، أي: مَن طلَب مِنَ الناسِ إعطاءَه مِن أموالِهم دونَ حاجةٍ أو فَقْرٍ منه، وإنَّما يَطلُب المالَ لِزِيادَةِ مالِه وتكثيرِه، فيكونُ القصدُ من سؤالِه وطلبِه هو جَلْبَ المالِ والإكثارَ منه؛ "فإنَّما يَسأَلُ جَمْرًا"، أي: يكونُ له هذا المالُ في الآخِرَةِ جَمْرًا يُصلَى به، كما دلَّتْ روايةٌ أُخرَى: "فإنَّما يَسأَلُ جَمْرَ جَهَنَّمَ"، وسُمِّىَ التَّكَثُّرُ جَمْرًا؛ لأنَّ الجَمْرَ مُسبَّبٌ عنه. وبعدَ هذا الترهيبِ والتوضيحِ قال النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: "فَلْيَسْتَقِلَّ"، أي: فَلْيَأْخُذِ السائِلُ قليلًا من ذلك الجَمْرِ، "أو لِيَسْتَكْثِرْ"، أي: لِيَأْخُذِ كثيرًا، وقد فوَّض النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم أمْرَ التقليل أو الاستِزادَةِ إلى السائلِ؛ وَعِيدًا له وزَجْرًا عن ذلك؛ فإنَّ السؤالَ إذلالٌ للنَّفْسِ، والله تعالى لا يُحِبُّه للمؤمن، والمُسلِمُ يَنبغِي أنْ يكونَ عَزِيزَ النَّفْسِ. وفي الحديثِ: تَرهِيبُ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم من السؤالِ مع الغِنَى. وفيه: الترهيبُ مِن أكلِ أموالِ الناسِ بالباطِلِ .

    صحيح مسلم
    0 Комментарии 0 Поделились 71 Просмотры 0 предпросмотр
  • لأَن يغدُوَ أحدُكم فيحطبُ على ظهرِه ، فيتصدَّقُ به ويستغْني به من الناسِ ، خيرٌ له من أن يسألَ رجلًا ، أعطاه أو منَعه ذلك . فإنَّ اليدَ العُليا أفضلُ من اليدِ السُّفْلى . وابدأْ بمن تعولُ . وفي رواية : واللهِ ! لأن يَغدُوَ أحدُكم فيحطبُ على ظهرِه فيبيعُه . ثم ذكر بمثل حديثِ بيانٍ .

    شرح الحديث

    أَفْضَلُ ما يأكُلُهُ الإنسانُ ما كان مِنْ كَسْبِ يَدِهِ، وَمَهْمَا كان العملُ شاقًّا فإنَّ ذلك أَفْضَلُ من سُؤالِ النَّاسِ، وانتظارِ مِنَنِهِم.
    وفي هذا الحديثِ يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "لَأَنْ يَغْدُوَ أحدُكم"، أي: لَأَنْ يَسِيرَ أحدُكم في أوَّلِ النَّهارِ، وَأَكْثَرُ الحَطَّابِينَ يَخرجون في هذا الوقتِ، "فَيَحْطِبَ"، أي: يَجْمَعَ الحَطَبَ، "على ظَهْرِهِ"، أي: حاملًا على ظَهْرِهِ، "فَيَتَصَدَّقَ به، وَيَسْتَغْنِيَ به"، أي: فيتصدَّق ويستغني بما حَصَّلَهُ مِنَ الاحْتِطَابِ، وإنْ كان في ذلك مَشَقَّةٌ، فهو "خيرٌ له"، أي: أَشْرَفُ وَأَكْرَمُ، وَأَرْحَمُ له "مِنْ أن يَسألَ رجُلًا" بأنْ يَمُدَّ يَدَهُ لِغَيْرِهِ، "أعطاهُ أو مَنَعَهُ"، أي: سواءٌ العطاءُ والمَنْعُ؛ فكِلاهما مُذِلٌّ، فإنْ مَنَعَهُ فَقَدْ كَسَرَ نَفْسَهُ وأَحزنه، وإنْ أعطاه فَقَدْ مَنَّ عليه.
    ثُمَّ وَيَحُضُّ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على العِفَّةِ، فيقول: "اليدُ العُلْيَا"، أي: المُنْفِقَةُ، "خيرٌ مِنَ اليدِ السُّفْلَى"، أي: السَّائِلةِ، ويُوجِّهُ إلى فِقهِ النَّفقةِ بقولِه: "وابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ"، أي: وابدأْ بمَنْ يجبُ عليك نفقتُهُمْ، وما يحتاجون إليه من أمورِ الحياةِ، مِنْ قُوتٍ، وَسَكَنٍ، وَمَلْبَسٍ.
    وفي الحديثِ: الحثُّ على الأكْلِ من عَمَلِ يَدِهِ، والاكتسابِ بالمُباحاتِ؛ كالحَطَبِ وغيرِه، والحثُّ على الصَّدقةِ.
    وفيه: أنَّ النَّفقةَ على الأهلِ ومَن تَجِبُ نَفقتُهم مُقَدَّمَةٌ على غيرِهم. .

    صحيح مسلم

    لأَن يغدُوَ أحدُكم فيحطبُ على ظهرِه ، فيتصدَّقُ به ويستغْني به من الناسِ ، خيرٌ له من أن يسألَ رجلًا ، أعطاه أو منَعه ذلك . فإنَّ اليدَ العُليا أفضلُ من اليدِ السُّفْلى . وابدأْ بمن تعولُ . وفي رواية : واللهِ ! لأن يَغدُوَ أحدُكم فيحطبُ على ظهرِه فيبيعُه . ثم ذكر بمثل حديثِ بيانٍ .

    شرح الحديث

    أَفْضَلُ ما يأكُلُهُ الإنسانُ ما كان مِنْ كَسْبِ يَدِهِ، وَمَهْمَا كان العملُ شاقًّا فإنَّ ذلك أَفْضَلُ من سُؤالِ النَّاسِ، وانتظارِ مِنَنِهِم. وفي هذا الحديثِ يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "لَأَنْ يَغْدُوَ أحدُكم"، أي: لَأَنْ يَسِيرَ أحدُكم في أوَّلِ النَّهارِ، وَأَكْثَرُ الحَطَّابِينَ يَخرجون في هذا الوقتِ، "فَيَحْطِبَ"، أي: يَجْمَعَ الحَطَبَ، "على ظَهْرِهِ"، أي: حاملًا على ظَهْرِهِ، "فَيَتَصَدَّقَ به، وَيَسْتَغْنِيَ به"، أي: فيتصدَّق ويستغني بما حَصَّلَهُ مِنَ الاحْتِطَابِ، وإنْ كان في ذلك مَشَقَّةٌ، فهو "خيرٌ له"، أي: أَشْرَفُ وَأَكْرَمُ، وَأَرْحَمُ له "مِنْ أن يَسألَ رجُلًا" بأنْ يَمُدَّ يَدَهُ لِغَيْرِهِ، "أعطاهُ أو مَنَعَهُ"، أي: سواءٌ العطاءُ والمَنْعُ؛ فكِلاهما مُذِلٌّ، فإنْ مَنَعَهُ فَقَدْ كَسَرَ نَفْسَهُ وأَحزنه، وإنْ أعطاه فَقَدْ مَنَّ عليه. ثُمَّ وَيَحُضُّ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على العِفَّةِ، فيقول: "اليدُ العُلْيَا"، أي: المُنْفِقَةُ، "خيرٌ مِنَ اليدِ السُّفْلَى"، أي: السَّائِلةِ، ويُوجِّهُ إلى فِقهِ النَّفقةِ بقولِه: "وابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ"، أي: وابدأْ بمَنْ يجبُ عليك نفقتُهُمْ، وما يحتاجون إليه من أمورِ الحياةِ، مِنْ قُوتٍ، وَسَكَنٍ، وَمَلْبَسٍ. وفي الحديثِ: الحثُّ على الأكْلِ من عَمَلِ يَدِهِ، والاكتسابِ بالمُباحاتِ؛ كالحَطَبِ وغيرِه، والحثُّ على الصَّدقةِ. وفيه: أنَّ النَّفقةَ على الأهلِ ومَن تَجِبُ نَفقتُهم مُقَدَّمَةٌ على غيرِهم. .

    صحيح مسلم
    0 Комментарии 0 Поделились 83 Просмотры 0 предпросмотр
  • ألا تُبايِعون رسولَ اللهِ ؟ وكنا حديثَ عهدٍ ببَيعةٍ . فقلنا : قد بايعناك يا رسولَ اللهِ ! ثم قال : ألا تبايعون رسولَ اللهِ ؟ فقلنا : قد بايَعْناك يا رسولَ اللهِ ! ثم قال : ألا تُبايعون رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ؟ قال : فبسطْنا أيديَنا وقلنا : قد بايَعْناك يا رسولَ اللهِ ! فعلام نُبايِعُك ؟ قال : على أن تعبدوا اللهَ ولا تشركوا به شيئًا . والصلواتِ الخمسِ . وتطيعوا ( وأسرَّ كلمةً خفيَّةً ) ولا تسألوا الناسَ شيئًا ، فلقد رأيتُ بعضَ أولئكِ النَّفَرِ يسقُطُ سوطُ أحدِهم . فما يسألُ أحدًا يناوِلُه إياه .

    شرح الحديث

    هذا الحديثُ النَّبَوِيُّ يَطلُب فيه النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم من أصحابِه أنْ يُبايِعُوه: على التوحيدِ، وإقامةِ الصَّلاةِ، وعدمِ طَلَبِ شيءٍ مِنَ العِبَادِ؛ ففِيه تربِيَةٌ رُوحِيَّةٌ بالتوحيدِ والصلاةِ، وتَهذِيبٌ نَفْسِيٌّ للمسلمين بأن يُفرِدوا ربَّهم بالسؤال، وفي ذلك عِفَّةٌ لأنفسِهم، وحَمْلٌ منه صلَّى الله عليه وسلَّم على مَكارِم الأخلاقِ والتَّرفُّعِ عن تحمُّلِ مِنَنِ الخَلْقِ، وتعليمُ الصبرِ على مَضَضِ الحاجاتِ، والاستغناءِ عن الناس، وعِزَّةِ النُّفوسِ.
    وبَدَأ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم حديثَه بِجَذْبِ الانتِباهِ وتَحفِيزِ العُقولِ بقولِه: "ألَا تُبايِعُونَ رسولَ الله؟": (ألَا) هنا للعَرْضِ والتَّحضِيضِ، ومعناها طلَبُ الشيءِ، وفيه الحثُّ على مُبايَعَتِه صلَّى الله عليه وسلَّم، وإنَّما قال: "تُبايِعون رسولَ الله" ولم يقل (تُبايِعُونني) تَنبِيهًا على أنَّ العِلَّةَ الباعِثَةَ على المُبايَعَةِ هي الرِّسالَةُ. فردَّدَ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم وكرَّر مَقالَتَه المذكورةَ: "ألَا تُبايِعون رسولَ الله" ثلاثَ مرَّاتٍ؛ تأكيدًا عليهم، قال عَوْفُ بنُ مالِكٍ راوِي الحديثِ: "فقَدَّمْنا أَيْدِيَنا"، أي: مَدَدْنا أيدِيَنا لِلمُبايَعَةِ؛ امتِثالًا لأمرِه صلَّى الله عليه وسلَّم، "فبَايَعْناه" أي أَرَدْنا مُبايَعَتَه، "فقلنا: يا رسولَ الله، قد بايَعْناك" وإنَّما قالوا ذلك لِظَنِّهم أنَّه نَسِيَ صلَّى الله عليه وسلَّم أنَّهم قد بايَعُوه قَبْلَ ذلك، حيثُ إنَّهم كانوا قَرِيبِي عهدٍ بالمُبايَعَةِ؛ ففي روايةِ أبي دَاوُدَ: "وكُنَّا حديثَ عهدٍ بِبَيْعَةٍ"، فأرادوا تذكيرَه بذلك، أو أنَّهم أرادوا أن يَستَوْضِحوا ما البَيْعَةُ المطلوبةُ منهم الآنَ؟ كما يدلُّ عليه قولُهم: "فعَلامَ؟"، أي: على أيِّ شيءٍ نُبايِعُك؟
    قال صلَّى الله عليه وسلَّم: "على أن تَعبُدوا الله"، أي: تُبايِعونني على عبادةِ الله تعالى وطاعتِه، "ولا تُشرِكوا به شيئًا"، أي: وألَّا تُشرِكوا به شيئًا مِن الأشياءِ، ولا تُشرِكوا به شيئًا مِنَ الشِّركِ الأكبرِ، والأصغرِ، والجَلِيِّ، والخَفِيِّ، والأمرُ الثاني: هو المُبايَعَةُ على إقامةِ "الصَّلوات الخَمْس"، قال عَوْفٌ رضِي اللهُ عنه: "وأَسَرَّ"، أي: أَخْفَى النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم "كَلِمَةً خَفِيَّةً"، أي: لم يَجْهَرْ بها كما جَهَرَ بما تقدَّم، وفسَّرها بقولِه: "ألَّا تَسأَلُوا الناسَ شيئًا"، أي: هذه الكلمةُ الخَفِيَّةُ هي عدمُ سؤالِ الناسِ شيئًا، وهو حثٌّ على العِفَّةِ، وإفرادِ الله بإنزالِ الحاجاتِ به، وعدمِ سؤالِ أحدٍ من العِبادِ شيئًا، ويُشبِهُ أن يكونَ صلَّى الله عليه وسلَّم أَسَرَّ النهيَ عن السؤالِ لِيَخُصَّ به بعضَهم دونَ بعضٍ ولا يَعُمَّهم بذلك؛ لأنَّه لا يُمكِنُ العُمومُ؛ إذ لا بُدَّ مِن السؤالِ ولا بُدَّ من التعفُّفِ، ولا بُدَّ مِن الغِنَى ولا بُدَّ مِن الفَقْرِ، وقد قَضَى الله تبارك وتعالى بذلك كلِّه، فلا بُدَّ أن يَنقَسِمَ الخَلْقُ إلى الوَجْهَيْنِ.
    والمرادُ بالسؤالِ المنهيِّ عنه: السؤالُ المتعلِّقُ بالأُمورِ الدُّنيوِيَّةِ، فلا يَتناوَلُ السؤالَ عن العِلْمِ وأمورِ الدِّينِ؛ لقولِه تعالى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [النحل: ].
    ثُمَّ قال عَوْفٌ راوِي الحديث: "فلقد رأيتُ بعضَ أولئك النَّفَرِ يَسقُط سَوْطُ أحدِهم، فما يَسأَلُ أحدًا يُناوِلُه إيَّاه" أي أنَّ بعضَهم حَمَل النهيَ عن السؤالِ على العُمومِ، فلم يَكُنْ يَسأَلُ أحدًا أن يُناوِلَه أيَّ شيءٍ سَقَط منه؛ امتِثالًا لِمَا بايَعَ عليه النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم.
    وفي الحديثِ: التَّنفِيرُ مِن سؤالِ الناسِ، ولو يسيرًا.
    وفيه: الأخْذُ بالعُمومِ؛ لأنَّهم نُهُوا عن السُّؤالِ، فحَمَلوه على العُمومِ.

    صحيح مسلم

    ألا تُبايِعون رسولَ اللهِ ؟ وكنا حديثَ عهدٍ ببَيعةٍ . فقلنا : قد بايعناك يا رسولَ اللهِ ! ثم قال : ألا تبايعون رسولَ اللهِ ؟ فقلنا : قد بايَعْناك يا رسولَ اللهِ ! ثم قال : ألا تُبايعون رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ؟ قال : فبسطْنا أيديَنا وقلنا : قد بايَعْناك يا رسولَ اللهِ ! فعلام نُبايِعُك ؟ قال : على أن تعبدوا اللهَ ولا تشركوا به شيئًا . والصلواتِ الخمسِ . وتطيعوا ( وأسرَّ كلمةً خفيَّةً ) ولا تسألوا الناسَ شيئًا ، فلقد رأيتُ بعضَ أولئكِ النَّفَرِ يسقُطُ سوطُ أحدِهم . فما يسألُ أحدًا يناوِلُه إياه .

    شرح الحديث

    هذا الحديثُ النَّبَوِيُّ يَطلُب فيه النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم من أصحابِه أنْ يُبايِعُوه: على التوحيدِ، وإقامةِ الصَّلاةِ، وعدمِ طَلَبِ شيءٍ مِنَ العِبَادِ؛ ففِيه تربِيَةٌ رُوحِيَّةٌ بالتوحيدِ والصلاةِ، وتَهذِيبٌ نَفْسِيٌّ للمسلمين بأن يُفرِدوا ربَّهم بالسؤال، وفي ذلك عِفَّةٌ لأنفسِهم، وحَمْلٌ منه صلَّى الله عليه وسلَّم على مَكارِم الأخلاقِ والتَّرفُّعِ عن تحمُّلِ مِنَنِ الخَلْقِ، وتعليمُ الصبرِ على مَضَضِ الحاجاتِ، والاستغناءِ عن الناس، وعِزَّةِ النُّفوسِ. وبَدَأ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم حديثَه بِجَذْبِ الانتِباهِ وتَحفِيزِ العُقولِ بقولِه: "ألَا تُبايِعُونَ رسولَ الله؟": (ألَا) هنا للعَرْضِ والتَّحضِيضِ، ومعناها طلَبُ الشيءِ، وفيه الحثُّ على مُبايَعَتِه صلَّى الله عليه وسلَّم، وإنَّما قال: "تُبايِعون رسولَ الله" ولم يقل (تُبايِعُونني) تَنبِيهًا على أنَّ العِلَّةَ الباعِثَةَ على المُبايَعَةِ هي الرِّسالَةُ. فردَّدَ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم وكرَّر مَقالَتَه المذكورةَ: "ألَا تُبايِعون رسولَ الله" ثلاثَ مرَّاتٍ؛ تأكيدًا عليهم، قال عَوْفُ بنُ مالِكٍ راوِي الحديثِ: "فقَدَّمْنا أَيْدِيَنا"، أي: مَدَدْنا أيدِيَنا لِلمُبايَعَةِ؛ امتِثالًا لأمرِه صلَّى الله عليه وسلَّم، "فبَايَعْناه" أي أَرَدْنا مُبايَعَتَه، "فقلنا: يا رسولَ الله، قد بايَعْناك" وإنَّما قالوا ذلك لِظَنِّهم أنَّه نَسِيَ صلَّى الله عليه وسلَّم أنَّهم قد بايَعُوه قَبْلَ ذلك، حيثُ إنَّهم كانوا قَرِيبِي عهدٍ بالمُبايَعَةِ؛ ففي روايةِ أبي دَاوُدَ: "وكُنَّا حديثَ عهدٍ بِبَيْعَةٍ"، فأرادوا تذكيرَه بذلك، أو أنَّهم أرادوا أن يَستَوْضِحوا ما البَيْعَةُ المطلوبةُ منهم الآنَ؟ كما يدلُّ عليه قولُهم: "فعَلامَ؟"، أي: على أيِّ شيءٍ نُبايِعُك؟ قال صلَّى الله عليه وسلَّم: "على أن تَعبُدوا الله"، أي: تُبايِعونني على عبادةِ الله تعالى وطاعتِه، "ولا تُشرِكوا به شيئًا"، أي: وألَّا تُشرِكوا به شيئًا مِن الأشياءِ، ولا تُشرِكوا به شيئًا مِنَ الشِّركِ الأكبرِ، والأصغرِ، والجَلِيِّ، والخَفِيِّ، والأمرُ الثاني: هو المُبايَعَةُ على إقامةِ "الصَّلوات الخَمْس"، قال عَوْفٌ رضِي اللهُ عنه: "وأَسَرَّ"، أي: أَخْفَى النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم "كَلِمَةً خَفِيَّةً"، أي: لم يَجْهَرْ بها كما جَهَرَ بما تقدَّم، وفسَّرها بقولِه: "ألَّا تَسأَلُوا الناسَ شيئًا"، أي: هذه الكلمةُ الخَفِيَّةُ هي عدمُ سؤالِ الناسِ شيئًا، وهو حثٌّ على العِفَّةِ، وإفرادِ الله بإنزالِ الحاجاتِ به، وعدمِ سؤالِ أحدٍ من العِبادِ شيئًا، ويُشبِهُ أن يكونَ صلَّى الله عليه وسلَّم أَسَرَّ النهيَ عن السؤالِ لِيَخُصَّ به بعضَهم دونَ بعضٍ ولا يَعُمَّهم بذلك؛ لأنَّه لا يُمكِنُ العُمومُ؛ إذ لا بُدَّ مِن السؤالِ ولا بُدَّ من التعفُّفِ، ولا بُدَّ مِن الغِنَى ولا بُدَّ مِن الفَقْرِ، وقد قَضَى الله تبارك وتعالى بذلك كلِّه، فلا بُدَّ أن يَنقَسِمَ الخَلْقُ إلى الوَجْهَيْنِ. والمرادُ بالسؤالِ المنهيِّ عنه: السؤالُ المتعلِّقُ بالأُمورِ الدُّنيوِيَّةِ، فلا يَتناوَلُ السؤالَ عن العِلْمِ وأمورِ الدِّينِ؛ لقولِه تعالى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [النحل: ]. ثُمَّ قال عَوْفٌ راوِي الحديث: "فلقد رأيتُ بعضَ أولئك النَّفَرِ يَسقُط سَوْطُ أحدِهم، فما يَسأَلُ أحدًا يُناوِلُه إيَّاه" أي أنَّ بعضَهم حَمَل النهيَ عن السؤالِ على العُمومِ، فلم يَكُنْ يَسأَلُ أحدًا أن يُناوِلَه أيَّ شيءٍ سَقَط منه؛ امتِثالًا لِمَا بايَعَ عليه النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم. وفي الحديثِ: التَّنفِيرُ مِن سؤالِ الناسِ، ولو يسيرًا. وفيه: الأخْذُ بالعُمومِ؛ لأنَّهم نُهُوا عن السُّؤالِ، فحَمَلوه على العُمومِ.

    صحيح مسلم
    0 Комментарии 0 Поделились 72 Просмотры 0 предпросмотр
  • أَقِمْ حتى تأتيَنا الصدقةُ . فنأمرُ لك بها . قال : ثم قال : يا قَبيصةُ ! إنَّ المسألةَ لا تحِلُّ إلا لأحدِ ثلاثةٍ : رجلٍ تحمَّل حمالةً فحلَّتْ له المسألةُ حتى يُصيبَها ثم يمسِك . ورجلٍ أصابته جائحةٌ اجتاحت مالَه فحلَّتْ له المسألةُ حتى يصيب قِوامًا من عيشٍ ( أو قال سِدادًا من عيشٍ ) . ورجلٍ أصابتْه فاقةٌ حتى يقومَ ثلاثةٌ من ذوي الحِجا من قومِه : لقد أصابَت فلانًا فاقةٌ . فحَلَّتْ له المسألةُ . حتى يُصيبَ قِوامًا من عيشٍ ( أو قال سِدادًا من عيشٍ ) فما سواهنَّ من المسألةِ ، ياقَبيصةُ ! سُحْتًا يأكلُها صاحبُها سُحتًا

    شرح الحديث

    هذا الحديثُ يوضِّح جانبًا عملِيًّا مِن التربِيَةِ النبويَّةِ للمسلمين على العِفَّةِ وعِزَّةِ النفسِ، وعدمِ سؤالِ الناسِ إلَّا في الحالاتِ التي بيَّنها النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم للصَّحابِيِّ الذي جاء يَستَعِينُه بعدَ أن تحمَّل على نفسِه بمالٍ لِيُصْلِحَ بينَ الناسِ، فأعانَه النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم؛ لأنَّه مِمَّن يَحِقُّ له السؤالُ ويَستَحِقُّ الصَّدقَةَ.
    وهذا الحديثُ له مقدِّمةٌ توضيحيَّةٌ تُبيِّن السببَ المُلجِئَ الذي أَجْبَرَ الصحابِيَّ على طلبِ العَوْنِ مِنَ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، فقال الصحابيُّ: "تَحمَّلْتُ حَمالَةً"، أي: تَكفَّلْتُ دَينًا، والحَمالَةُ: هي المالُ الذي يَتحمَّلُه الإنسانُ، أي: يَستَدِينُه ويَدْفَعُه في إصلاحِ ذاتِ البَيْنِ، كالإصلاحِ بينَ قَبِيلَتَيْنِ، ونحو ذلك.
    "فأَتَيْتُ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم أَسْأَلُهُ فيها، فقال: أَقِمْ حتَّى تَأتِيَنا الصَّدَقةُ، فنَأمُرَ لكَ بها"، أي: ذهَبْتُ أطلُب مِن رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم العَوْنَ على الحَمالَةِ، فقال له النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: انْتَظِرْ حتَّى تَأتِيَنا الصَّدقةُ مِن زَكَوَاتِ الناسِ فنُعْطِيَك منها، وإنَّما حلَّتْ له المسألةُ واستَحَقَّ أن يُعطَى مِن الزَّكاةِ؛ لأنَّه استَدانَ لغيرِ مَعْصِيَةٍ.
    ثُمَّ قال النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم له موضِّحًا الأصنافَ التي تَحِلُّ لها أن تسألَ الناسَ: "يا قَبِيصَةُ، إنَّ المسألةَ لا تَحِلُّ إلَّا لأحدِ ثلاثةٍ"؛ الصِّنْفُ الأوَّلُ: "رَجُلٌ تحمَّلَ حَمالَةً فحَلَّتْ له المسألةُ حتَّى يُصِيبَها ثُمَّ يُمْسِكُ"، أي: مَن تَحمَّلَ دَينًا على نفسِه لِلإصلاحِ بينَ الناسِ، فهذا يَطلُب من الناسِ مالًا، "حتَّى يُصيبَها"، أي: يُصِيبَ ويَأخُذَ ما تَحمَّلَه مِنَ الحَمالَةِ، فيَأخُذ مِن الصدقةِ بقَدْرِها، "ثُمَّ يُمسِكُ"، أي: يُمسِكُ ويَمتَنِعُ عن المسألةِ والطلَبِ.
    والصِّنفُ الثاني الذي تَحِلُّ له المسألةُ: "ورَجُلٌ أصابَتْه جَائِحَةٌ" الجائِحَةُ: الآفَةُ التي تُهلِكُ الثِّمارَ والأموالَ، وتَستأصِلُها، فمَن أصابَتْه الآفةُ السَّماوِيَّةُ، واستأصَلَتْ ثِمارَه أو أموالَه، "فحَلَّتْ له المسألةُ حتَّى يُصيبَ قِوَامًا مِن عَيْشٍ، أو قال: سِدَادًا من عَيْشٍ"، أي: حَلَّتْ له المسألةُ حتَّى يَحصُلَ على ما يقومُ بحاجتِه الضروريَّةِ، وما يتقوَّم به من العَيْشِ، والقِوَامُ والسِّدادُ: هما ما يُغنِي من الشيءِ، وما تُسَدُّ به الحاجةُ، وكلُّ شيءٍ يُسَدُّ به شيءٌ فهو سِدَادٌ.
    والصِّنفُ الثالثُ الذي تَحِلُّ له المَسْأَلةُ: "ورَجُلٌ أصابَتْه فاقَةٌ حتَّى يَقُومَ ثلاثةٌ مِن ذَوِي الحِجَا مِن قومِه: لقد أصابَتْ فُلانًا فاقةٌ، فحلَّتْ له المسألةُ حتَّى يُصِيبَ قِوَامًا مِن عَيْشٍ، أو قال: سِدَادًا مِن عَيْشٍ"، أي: أصابَه الفَقْرُ الشديدُ، واتَّضَحَ وظَهَر "حتَّى يقومَ ثلاثةٌ مِن ذَوِي الحِجَا"، أي: حتَّى يَشْهَدَ ثلاثةٌ مِن قومِه مِن ذَوِي الفَهْمِ والعَقْلِ يقولون: "لقد أصابَتْ فُلانًا فاقةٌ" وقيَّدهم بِذَوِي العُقولِ تنبيهًا على أنَّه يُشترَطُ في الشَّهادةِ: التيقُّظُ، فلا تُقبَلُ من مُغَفَّلٍ، وجعَلهم من قومِه؛ لأنَّهم أعلمُ بحالِه.
    وهؤلاءِ هم الذين تَحِلُّ لهم المسألةُ كما ورَد في الحديثِ، "فما سِوَاهُنَّ مِنَ المسألةِ -يا قَبِيصَةُ- سُحْتًا، يَأكُلُها صاحبُها سُحْتًا" السُّحْتُ: هو الحَرامُ الذي لا يَحِلُّ كَسْبُه؛ لأنَّه يُسحِتُ البَرَكَةَ، أي: يُذهِبُها.
    وقولُه: "يَأكُلها صاحبُها سُحتًا" يُفِيدُ أنَّ آكِلَ السُّحتِ لا يَجِدُ لِلسُّحتِ الذي يَأكُله شُبهةً تَجعلُها مباحةً لنفسِه، بل يَأكُلها مِن جِهَةِ السُّحتِ والحرامِ.
    وفي الحديثِ: النَّهيُ عن مسألةِ الناسِ إلَّا لِلضَّرورَةِ المُلجِئَةِ.
    وفيه: بيانُ أصنافِ مَن تَحِلُّ لهم المسألةُ مع بيانِ الأسبابِ المُلجِئَةِ لذلك.
    وفيه: أنَّ مَن أخَذَ أموالَ الناسِ بغيرِ حقٍّ فإنَّه يَأكُلُ سُحتًا وحَرامًا

    صحيح مسلم

    أَقِمْ حتى تأتيَنا الصدقةُ . فنأمرُ لك بها . قال : ثم قال : يا قَبيصةُ ! إنَّ المسألةَ لا تحِلُّ إلا لأحدِ ثلاثةٍ : رجلٍ تحمَّل حمالةً فحلَّتْ له المسألةُ حتى يُصيبَها ثم يمسِك . ورجلٍ أصابته جائحةٌ اجتاحت مالَه فحلَّتْ له المسألةُ حتى يصيب قِوامًا من عيشٍ ( أو قال سِدادًا من عيشٍ ) . ورجلٍ أصابتْه فاقةٌ حتى يقومَ ثلاثةٌ من ذوي الحِجا من قومِه : لقد أصابَت فلانًا فاقةٌ . فحَلَّتْ له المسألةُ . حتى يُصيبَ قِوامًا من عيشٍ ( أو قال سِدادًا من عيشٍ ) فما سواهنَّ من المسألةِ ، ياقَبيصةُ ! سُحْتًا يأكلُها صاحبُها سُحتًا

    شرح الحديث

    هذا الحديثُ يوضِّح جانبًا عملِيًّا مِن التربِيَةِ النبويَّةِ للمسلمين على العِفَّةِ وعِزَّةِ النفسِ، وعدمِ سؤالِ الناسِ إلَّا في الحالاتِ التي بيَّنها النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم للصَّحابِيِّ الذي جاء يَستَعِينُه بعدَ أن تحمَّل على نفسِه بمالٍ لِيُصْلِحَ بينَ الناسِ، فأعانَه النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم؛ لأنَّه مِمَّن يَحِقُّ له السؤالُ ويَستَحِقُّ الصَّدقَةَ. وهذا الحديثُ له مقدِّمةٌ توضيحيَّةٌ تُبيِّن السببَ المُلجِئَ الذي أَجْبَرَ الصحابِيَّ على طلبِ العَوْنِ مِنَ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، فقال الصحابيُّ: "تَحمَّلْتُ حَمالَةً"، أي: تَكفَّلْتُ دَينًا، والحَمالَةُ: هي المالُ الذي يَتحمَّلُه الإنسانُ، أي: يَستَدِينُه ويَدْفَعُه في إصلاحِ ذاتِ البَيْنِ، كالإصلاحِ بينَ قَبِيلَتَيْنِ، ونحو ذلك. "فأَتَيْتُ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم أَسْأَلُهُ فيها، فقال: أَقِمْ حتَّى تَأتِيَنا الصَّدَقةُ، فنَأمُرَ لكَ بها"، أي: ذهَبْتُ أطلُب مِن رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم العَوْنَ على الحَمالَةِ، فقال له النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: انْتَظِرْ حتَّى تَأتِيَنا الصَّدقةُ مِن زَكَوَاتِ الناسِ فنُعْطِيَك منها، وإنَّما حلَّتْ له المسألةُ واستَحَقَّ أن يُعطَى مِن الزَّكاةِ؛ لأنَّه استَدانَ لغيرِ مَعْصِيَةٍ. ثُمَّ قال النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم له موضِّحًا الأصنافَ التي تَحِلُّ لها أن تسألَ الناسَ: "يا قَبِيصَةُ، إنَّ المسألةَ لا تَحِلُّ إلَّا لأحدِ ثلاثةٍ"؛ الصِّنْفُ الأوَّلُ: "رَجُلٌ تحمَّلَ حَمالَةً فحَلَّتْ له المسألةُ حتَّى يُصِيبَها ثُمَّ يُمْسِكُ"، أي: مَن تَحمَّلَ دَينًا على نفسِه لِلإصلاحِ بينَ الناسِ، فهذا يَطلُب من الناسِ مالًا، "حتَّى يُصيبَها"، أي: يُصِيبَ ويَأخُذَ ما تَحمَّلَه مِنَ الحَمالَةِ، فيَأخُذ مِن الصدقةِ بقَدْرِها، "ثُمَّ يُمسِكُ"، أي: يُمسِكُ ويَمتَنِعُ عن المسألةِ والطلَبِ. والصِّنفُ الثاني الذي تَحِلُّ له المسألةُ: "ورَجُلٌ أصابَتْه جَائِحَةٌ" الجائِحَةُ: الآفَةُ التي تُهلِكُ الثِّمارَ والأموالَ، وتَستأصِلُها، فمَن أصابَتْه الآفةُ السَّماوِيَّةُ، واستأصَلَتْ ثِمارَه أو أموالَه، "فحَلَّتْ له المسألةُ حتَّى يُصيبَ قِوَامًا مِن عَيْشٍ، أو قال: سِدَادًا من عَيْشٍ"، أي: حَلَّتْ له المسألةُ حتَّى يَحصُلَ على ما يقومُ بحاجتِه الضروريَّةِ، وما يتقوَّم به من العَيْشِ، والقِوَامُ والسِّدادُ: هما ما يُغنِي من الشيءِ، وما تُسَدُّ به الحاجةُ، وكلُّ شيءٍ يُسَدُّ به شيءٌ فهو سِدَادٌ. والصِّنفُ الثالثُ الذي تَحِلُّ له المَسْأَلةُ: "ورَجُلٌ أصابَتْه فاقَةٌ حتَّى يَقُومَ ثلاثةٌ مِن ذَوِي الحِجَا مِن قومِه: لقد أصابَتْ فُلانًا فاقةٌ، فحلَّتْ له المسألةُ حتَّى يُصِيبَ قِوَامًا مِن عَيْشٍ، أو قال: سِدَادًا مِن عَيْشٍ"، أي: أصابَه الفَقْرُ الشديدُ، واتَّضَحَ وظَهَر "حتَّى يقومَ ثلاثةٌ مِن ذَوِي الحِجَا"، أي: حتَّى يَشْهَدَ ثلاثةٌ مِن قومِه مِن ذَوِي الفَهْمِ والعَقْلِ يقولون: "لقد أصابَتْ فُلانًا فاقةٌ" وقيَّدهم بِذَوِي العُقولِ تنبيهًا على أنَّه يُشترَطُ في الشَّهادةِ: التيقُّظُ، فلا تُقبَلُ من مُغَفَّلٍ، وجعَلهم من قومِه؛ لأنَّهم أعلمُ بحالِه. وهؤلاءِ هم الذين تَحِلُّ لهم المسألةُ كما ورَد في الحديثِ، "فما سِوَاهُنَّ مِنَ المسألةِ -يا قَبِيصَةُ- سُحْتًا، يَأكُلُها صاحبُها سُحْتًا" السُّحْتُ: هو الحَرامُ الذي لا يَحِلُّ كَسْبُه؛ لأنَّه يُسحِتُ البَرَكَةَ، أي: يُذهِبُها. وقولُه: "يَأكُلها صاحبُها سُحتًا" يُفِيدُ أنَّ آكِلَ السُّحتِ لا يَجِدُ لِلسُّحتِ الذي يَأكُله شُبهةً تَجعلُها مباحةً لنفسِه، بل يَأكُلها مِن جِهَةِ السُّحتِ والحرامِ. وفي الحديثِ: النَّهيُ عن مسألةِ الناسِ إلَّا لِلضَّرورَةِ المُلجِئَةِ. وفيه: بيانُ أصنافِ مَن تَحِلُّ لهم المسألةُ مع بيانِ الأسبابِ المُلجِئَةِ لذلك. وفيه: أنَّ مَن أخَذَ أموالَ الناسِ بغيرِ حقٍّ فإنَّه يَأكُلُ سُحتًا وحَرامًا

    صحيح مسلم
    0 Комментарии 0 Поделились 89 Просмотры 0 предпросмотр
  • قلبُ الشيخِ شابٌّ على حُبِّ اثنتَينِ : طولِ الحياةِ ، وحُبِّ المالِ

    شرح الحديث

    لم يزَلِ التعلُّقُ بالحياةِ وحبُّ المالِ غَريزةً في قُلوبِ الناسِ، فلا يَملُّ الإنسانُ مِن الحياةِ مَهما عاشَ من العُمرِ، ولا يَشبعُ مِن المالِ مَهما أُوتِيَ من غِنًى.
    وفي هذا الحديثِ: يقولُ النَّبي صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم: قَلبُ "الشَّيخِ"، أي: كَبيرِ السِّنِّ، "شابٌّ"، أي: يظلُّ قلبُ الكَبيرِ قويًّا كالشَّبابِ ولا يَكْبَرُ، على حُبِّ شَيئينِ اثْنينِ "طُولُ الحياةِ"، أي: التَّمسُّكُ بالحياةِ وطولُ العُمرِ، "وحُبُّ المالِ"، أي: التعلُّقُ به وطلبُ الزِّيادةِ منه.
    والمعْنى: أنَّ الإنسانَ يَكْبَرُ في السِّنِّ ويضعُفُ معه كلُّ شَيءٍ إلَّا تَمسُّكَه بِالحياةِ وتعلُّقَه بالمالِ، فحبُّهُ لهما شَديدٌ لا يضعُفُ أبدًا مَهْما طالَ به العُمر وكَبِرَ وضعُفَ جِسمُه وبدنُه، فحُبُّه الحياةَ والمالَ يظلُّ قويًّا لا يضعُفُ أبدًا.
    وفي الحديثِ: الحثُّ على الزُّهدِ في الدُّنيا والتعلُّق بالآخِرَةِ.
    وفيه: بيانُ أنَّ بعضَ الغَرائزِ مِثلَ حُبِّ الحياةِ وحبِّ المالِ تَستمِرُّ معَ الإنسانِ إلى نهايةِ عُمُرهِ، فليَحْذرِ الإنسانُ مِن ذلكَ، ولا يَشغلْهُ عن حُبِّ اللهِ وطاعتِه..

    صحيح مسلم

    قلبُ الشيخِ شابٌّ على حُبِّ اثنتَينِ : طولِ الحياةِ ، وحُبِّ المالِ

    شرح الحديث

    لم يزَلِ التعلُّقُ بالحياةِ وحبُّ المالِ غَريزةً في قُلوبِ الناسِ، فلا يَملُّ الإنسانُ مِن الحياةِ مَهما عاشَ من العُمرِ، ولا يَشبعُ مِن المالِ مَهما أُوتِيَ من غِنًى. وفي هذا الحديثِ: يقولُ النَّبي صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم: قَلبُ "الشَّيخِ"، أي: كَبيرِ السِّنِّ، "شابٌّ"، أي: يظلُّ قلبُ الكَبيرِ قويًّا كالشَّبابِ ولا يَكْبَرُ، على حُبِّ شَيئينِ اثْنينِ "طُولُ الحياةِ"، أي: التَّمسُّكُ بالحياةِ وطولُ العُمرِ، "وحُبُّ المالِ"، أي: التعلُّقُ به وطلبُ الزِّيادةِ منه. والمعْنى: أنَّ الإنسانَ يَكْبَرُ في السِّنِّ ويضعُفُ معه كلُّ شَيءٍ إلَّا تَمسُّكَه بِالحياةِ وتعلُّقَه بالمالِ، فحبُّهُ لهما شَديدٌ لا يضعُفُ أبدًا مَهْما طالَ به العُمر وكَبِرَ وضعُفَ جِسمُه وبدنُه، فحُبُّه الحياةَ والمالَ يظلُّ قويًّا لا يضعُفُ أبدًا. وفي الحديثِ: الحثُّ على الزُّهدِ في الدُّنيا والتعلُّق بالآخِرَةِ. وفيه: بيانُ أنَّ بعضَ الغَرائزِ مِثلَ حُبِّ الحياةِ وحبِّ المالِ تَستمِرُّ معَ الإنسانِ إلى نهايةِ عُمُرهِ، فليَحْذرِ الإنسانُ مِن ذلكَ، ولا يَشغلْهُ عن حُبِّ اللهِ وطاعتِه..

    صحيح مسلم
    0 Комментарии 0 Поделились 91 Просмотры 0 предпросмотр
  • ثلاثةٌ لا يُكلِّمُهمْ اللهُ يومَ القِيامةِ : المَنَّانُ الذي لا يُعطِي شيئًا إلا مِنَّةً . والمُنفِقُ سِلْعَتَهُ بِالحَلِفِ الفاجِرِ . والمُسبِلُ إزارَهُ ، وفي روايةٍ : ثلاثةٌ لا يُكلِّمُهمْ اللهُ ولا يَنظُرُ إليهِمْ ولا يُزَكِّيهِمْ ولهمْ عذابٌ ألِيمٌ

    شرح الحديث

    كانَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم كَثيرًا ما يُحذِّرُ أصْحابَهُ رضِيَ اللهُ عَنهمْ مِن سَيِّئِ الصِّفاتِ وقَبيحِ الأعْمالِ، وكانَ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم شَديدَ الحِرصِ على كلِّ ما يُقرِّبُهم مِن الآخِرةِ.
    وفي هذا الحديثِ: يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم: ثَلاثةُ أنواعٍ مِن الناسِ لا يُكلِّمُهم اللهُ يومَ القِيامةِ، وهذه عُقوبةٌ لهمْ على جُرمٍ قدْ وَقَعوا فيه، أمَّا الأوَّلُ فهو "المَنَّانُ"، أي: الذي يمُنُّ بالعَطاءِ بعدَ أن يُعطِيَه، والمنُّ هوَ التفاضُلُ والتَّعالي على الآخِذ، والنوْعُ الثاني مِن الثَّلاثةِ الذينَ لا يُكلِّمُهم اللهُ يومَ القِيامةِ فهوَ "المُنَفِّقُ"، أي: الذي يُرَوِّجُ ويَبيعُ "سِلعَتَه" أي: بِضاعَتَه وتِجارتَه، "بِالحَلفِ الفاجِرِ"، أي: يَحلِفُ على بضاعَتِه كاذِبًا ليُرَوِّجَها ويُحلِّيَها في أعينِ المشْتَرينَ بالكذبِ والخِداعِ، والنوعُ الثالثُ مِن الثلاثةِ الذينَ لا يُكلِّمُهم اللهُ يومَ القِيامةِ، هو "المُسبِلُ إِزارَهُ"، أي: الذي يُطيلُ ثِيابَهُ ويترُكها تُجَرجِرُ على الأرضِ تكبُّرًا وفخرًا، والإزارُ هو اللِّباسُ الذي يُغطي الجزءَ الأسفلَ من الجِسمِ.
    وفي رِوايةٍ أخرى للحَديثِ: أنَّ هؤلاءِ الثَّلاثةَ "لا يُكلِّمُهم اللهُ" وهذهِ عُقوبةٌ كما قَدَّمنا، "ولا يَنظُرُ إلَيهمْ"، وهذهِ مُبالَغةٌ في العُقوبةِ؛ فلا ينظرُ اللهُ إلَيهِم نَظرةَ رَحمةٍ فَيرحَمُهمْ، "ولا يُزكِّيهمْ"، أي: ولا يُطهِّرُهم ولا يَغسِلُهم مِن ذُنوبِهم ودَناءتِهم، "ولهمْ عذابٌ عَظيمٌ"، أي: فوقَ كلِّ تلكَ العُقوبات فَسوفَ يدخِّرُ اللهُ لهم عَذابًا عظيمًا فيُضاعِفُ عليهِم العقوبةُ.
    وفي الحديثِ: التَّحذيرُ من المنِّ والحلِفِ الكاذبِ والإسْبالِ، حيثُ تُوعِّدَ المنَّانُ والحالِفُ كَذِبًا والمُسْبِلُ بأشدِّ العُقوبةِ.

    صحيح مسلم

    ثلاثةٌ لا يُكلِّمُهمْ اللهُ يومَ القِيامةِ : المَنَّانُ الذي لا يُعطِي شيئًا إلا مِنَّةً . والمُنفِقُ سِلْعَتَهُ بِالحَلِفِ الفاجِرِ . والمُسبِلُ إزارَهُ ، وفي روايةٍ : ثلاثةٌ لا يُكلِّمُهمْ اللهُ ولا يَنظُرُ إليهِمْ ولا يُزَكِّيهِمْ ولهمْ عذابٌ ألِيمٌ

    شرح الحديث

    كانَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم كَثيرًا ما يُحذِّرُ أصْحابَهُ رضِيَ اللهُ عَنهمْ مِن سَيِّئِ الصِّفاتِ وقَبيحِ الأعْمالِ، وكانَ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم شَديدَ الحِرصِ على كلِّ ما يُقرِّبُهم مِن الآخِرةِ. وفي هذا الحديثِ: يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم: ثَلاثةُ أنواعٍ مِن الناسِ لا يُكلِّمُهم اللهُ يومَ القِيامةِ، وهذه عُقوبةٌ لهمْ على جُرمٍ قدْ وَقَعوا فيه، أمَّا الأوَّلُ فهو "المَنَّانُ"، أي: الذي يمُنُّ بالعَطاءِ بعدَ أن يُعطِيَه، والمنُّ هوَ التفاضُلُ والتَّعالي على الآخِذ، والنوْعُ الثاني مِن الثَّلاثةِ الذينَ لا يُكلِّمُهم اللهُ يومَ القِيامةِ فهوَ "المُنَفِّقُ"، أي: الذي يُرَوِّجُ ويَبيعُ "سِلعَتَه" أي: بِضاعَتَه وتِجارتَه، "بِالحَلفِ الفاجِرِ"، أي: يَحلِفُ على بضاعَتِه كاذِبًا ليُرَوِّجَها ويُحلِّيَها في أعينِ المشْتَرينَ بالكذبِ والخِداعِ، والنوعُ الثالثُ مِن الثلاثةِ الذينَ لا يُكلِّمُهم اللهُ يومَ القِيامةِ، هو "المُسبِلُ إِزارَهُ"، أي: الذي يُطيلُ ثِيابَهُ ويترُكها تُجَرجِرُ على الأرضِ تكبُّرًا وفخرًا، والإزارُ هو اللِّباسُ الذي يُغطي الجزءَ الأسفلَ من الجِسمِ. وفي رِوايةٍ أخرى للحَديثِ: أنَّ هؤلاءِ الثَّلاثةَ "لا يُكلِّمُهم اللهُ" وهذهِ عُقوبةٌ كما قَدَّمنا، "ولا يَنظُرُ إلَيهمْ"، وهذهِ مُبالَغةٌ في العُقوبةِ؛ فلا ينظرُ اللهُ إلَيهِم نَظرةَ رَحمةٍ فَيرحَمُهمْ، "ولا يُزكِّيهمْ"، أي: ولا يُطهِّرُهم ولا يَغسِلُهم مِن ذُنوبِهم ودَناءتِهم، "ولهمْ عذابٌ عَظيمٌ"، أي: فوقَ كلِّ تلكَ العُقوبات فَسوفَ يدخِّرُ اللهُ لهم عَذابًا عظيمًا فيُضاعِفُ عليهِم العقوبةُ. وفي الحديثِ: التَّحذيرُ من المنِّ والحلِفِ الكاذبِ والإسْبالِ، حيثُ تُوعِّدَ المنَّانُ والحالِفُ كَذِبًا والمُسْبِلُ بأشدِّ العُقوبةِ.

    صحيح مسلم
    0 Комментарии 0 Поделились 94 Просмотры 0 предпросмотр