• لا تزالُ طائفةٌ من أمَّتي يقاتلونَ على الحقِّ ، ظاهرينَ إلى يومِ القيامةِ

    شرح الحديث

    الخَيرُ باقٍ في هذه الأُمَّةِ لا يَنقطِعُ حتَّى تَقومَ السَّاعةُ.
    وفي هذا الحديثِ يُخبرُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن هذه الأُمَّةِ أنَّها لا تَزالُ فيها طائفةٌ على الحقِّ، وهذه الطَّائفَةُ مُعانَةٌ مِنَ اللهِ مَنصورةٌ على مَن خَذَلها وحَاربَها، والهَزيمَةُ والخِذلانُ عَاقبةُ مَن حارَبَها أو عارَضَها، وقد بَشَّرَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّ هذه الطَّائفةَ ستَكونُ كذلِك على أمرِ اللهِ مُستمسِكين، وبه قائِمينَ حتَّى يَأتيَ أمرُ اللهِ، وهي الرِّيحُ الطَّيِّبَةُ تَكونُ قبلَ قيامِ السَّاعةِ تَقبِضُ أَرواحَ المؤمنينَ.
    وقد اختُلِفَ في المقصودِ بهذِه الطَّائفةِ، وكذلك اختُلِف في مكانها؛ فقيل: هُم العُلماءُ والفقهاء، وقيل: هُم أصحابُ الحديثِ، وقيل: هُم المُجاهِدُون في سَبيلِ اللهِ تعالى، وقد ورَدَ أنَّهم بالشَّام، وأنَّهم ببيتِ المقدسِ وأكنافِ بيتِ المقدس، وورَد أنَّ آخِرَهم بِبيتِ المقْدِسِ، والأولى الجَمْعُ بين هذه الأقوال كلِّها بأنَّ هذه الطَّائفةَ تكون مُتناثِرةً بَينَ طَوائفِ الأُمَّةِ؛ فَمنَ المُمكنِ أن يَكونوا مِنَ العُلماءِ والمُجاهِدين والفُقهاءِ والآمِرين بالمَعروفِ والنَّاهينَ عنِ المُنكرِ، وقَدْ يَكونون مُجتمِعينَ في مَكانٍ أو مُتفرِّقينَ في البُلدانِ.
    والحديثُ آيةٌ على صِدقِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؛ لأنَّه مُنذُ أخبَرَ بذلكَ وهذه الطَّائفَةُ لا تَزالُ مَوجودَةً في الأُمَّةِ لم تَنقَطِعْ في زَمانٍ منَ الأزمنَةِ.
    وفي الحديثِ: فَضلُ الثَّباتِ على الحقِّ والعملِ به.
    وفيه: فَضلُ لُزومِ هذِه الطائِفةِ؛ فإنَّهم مَنصورونَ مُعانونَ.

    صحيح مسلم

    لا تزالُ طائفةٌ من أمَّتي يقاتلونَ على الحقِّ ، ظاهرينَ إلى يومِ القيامةِ

    شرح الحديث

    الخَيرُ باقٍ في هذه الأُمَّةِ لا يَنقطِعُ حتَّى تَقومَ السَّاعةُ. وفي هذا الحديثِ يُخبرُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن هذه الأُمَّةِ أنَّها لا تَزالُ فيها طائفةٌ على الحقِّ، وهذه الطَّائفَةُ مُعانَةٌ مِنَ اللهِ مَنصورةٌ على مَن خَذَلها وحَاربَها، والهَزيمَةُ والخِذلانُ عَاقبةُ مَن حارَبَها أو عارَضَها، وقد بَشَّرَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّ هذه الطَّائفةَ ستَكونُ كذلِك على أمرِ اللهِ مُستمسِكين، وبه قائِمينَ حتَّى يَأتيَ أمرُ اللهِ، وهي الرِّيحُ الطَّيِّبَةُ تَكونُ قبلَ قيامِ السَّاعةِ تَقبِضُ أَرواحَ المؤمنينَ. وقد اختُلِفَ في المقصودِ بهذِه الطَّائفةِ، وكذلك اختُلِف في مكانها؛ فقيل: هُم العُلماءُ والفقهاء، وقيل: هُم أصحابُ الحديثِ، وقيل: هُم المُجاهِدُون في سَبيلِ اللهِ تعالى، وقد ورَدَ أنَّهم بالشَّام، وأنَّهم ببيتِ المقدسِ وأكنافِ بيتِ المقدس، وورَد أنَّ آخِرَهم بِبيتِ المقْدِسِ، والأولى الجَمْعُ بين هذه الأقوال كلِّها بأنَّ هذه الطَّائفةَ تكون مُتناثِرةً بَينَ طَوائفِ الأُمَّةِ؛ فَمنَ المُمكنِ أن يَكونوا مِنَ العُلماءِ والمُجاهِدين والفُقهاءِ والآمِرين بالمَعروفِ والنَّاهينَ عنِ المُنكرِ، وقَدْ يَكونون مُجتمِعينَ في مَكانٍ أو مُتفرِّقينَ في البُلدانِ. والحديثُ آيةٌ على صِدقِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؛ لأنَّه مُنذُ أخبَرَ بذلكَ وهذه الطَّائفَةُ لا تَزالُ مَوجودَةً في الأُمَّةِ لم تَنقَطِعْ في زَمانٍ منَ الأزمنَةِ. وفي الحديثِ: فَضلُ الثَّباتِ على الحقِّ والعملِ به. وفيه: فَضلُ لُزومِ هذِه الطائِفةِ؛ فإنَّهم مَنصورونَ مُعانونَ.

    صحيح مسلم
    0 Comments 0 Shares 39 Views 0 Reviews
  • إذا سافَرتُمْ في الخَصبِ ، فأعطوا الإبِلَ حظَّها مِنَ الأرضِ . وإذا سافَرتُمْ في السَّنةِ ، فأسرِعوا علَيها في السَّيرَ ، وإذا عرَّستُمْ باللَّيلِ ، فاجتَنِبوا الطَّريقَ ، فإنَّها مَأوى الهوامِّ باللَّيلِ

    شرح الحديث

    يَأمرُ الشَّرعُ الحَنيفُ بالرِّفقِ بالحيوانِ، وإعطائِه حقَّه منَ الرَّاحةِ والإطعامِ لِيَقوَى على السَّيرِ.
    وفي هذا الحديثِ يَأمرُ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مَن سافرَ في زَمَنِ الخِصْبِ- أي: في وقتِ كَثْرةِ العُشْبِ- أن يُعطيَ الإبلَ- ووفي حُكمِها الدَّوابُّ الَّتي يُسافرُ عليها منَ البِغالِ والحميرِ- حظَّها منَ الرَّعيِ والرَّاحةِ؛ فإنْ سَافرتُم عليها في وقتِ الخِصبِ والعُشبِ فأَبطِئوا بها السَّيرَ حتَّى تَأخذَ حظَّها منَ الرَّعي في العُشبِ.
    وإذا سافَرتُم في السَّنةِ، أي: في زَمنِ الجَدبِ، فأسْرِعوا السَّيرَ بها حتَّى تُوصِّلَكم إلى مَقاصِدِكم في وقتٍ سَريعٍ قبلَ أنْ يُصيبَها الجَهدُ، فتَصِلَ بكم حيثُ تُريدونَ وفيها بَقيَّةٌ من قُوَّة؛ فإنَّكم إنْ أبطأْتُم بها السَّيرَ رُبَّما كَلَّت في الطَّريقِ وضَعُفَتْ عن مُواصلَةِ السَّيرِ واستكمالِه.
    وكما أَرْشَدَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم المسافِرَ في دَوابِّهم، كذلك أَرشَدَهم في أَبْدانِهم وأَنْفُسِهم رحمةً بهم ورِفقًا بأُمَّتِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال: وإذا عَرَّستُم، أي: أَردتُم الرَّاحةَ والنَّومَ باللَّيلِ، فلا تَناموا على الطَّريقِ؛ لأنَّ الطريقَ المسلوكةَ مذلَّلة ومُمَهَّدَةٌ؛ فيَسهُلُ مَشيُ الهوامِّ عليها، وربما قَصدَتْها الهوامُّ لالتِقاطِ ما قدْ يَسقُطُ عليها مِنَ الأطعمَةِ أو الرُّمَّةِ، فإذا نام المسافِرُ في الطَّريقِ تَعرَّضَ لأذَى تلك الهوامِّ.
    وفي الحديثِ: حِرصُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على أُمَّتِه، وأنَّه رَحيمٌ بهم، ورَحمتُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ورفقُه بالدَّوابِّ والحيوانِ كذلك.

    صحيح مسلم

    إذا سافَرتُمْ في الخَصبِ ، فأعطوا الإبِلَ حظَّها مِنَ الأرضِ . وإذا سافَرتُمْ في السَّنةِ ، فأسرِعوا علَيها في السَّيرَ ، وإذا عرَّستُمْ باللَّيلِ ، فاجتَنِبوا الطَّريقَ ، فإنَّها مَأوى الهوامِّ باللَّيلِ

    شرح الحديث

    يَأمرُ الشَّرعُ الحَنيفُ بالرِّفقِ بالحيوانِ، وإعطائِه حقَّه منَ الرَّاحةِ والإطعامِ لِيَقوَى على السَّيرِ. وفي هذا الحديثِ يَأمرُ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مَن سافرَ في زَمَنِ الخِصْبِ- أي: في وقتِ كَثْرةِ العُشْبِ- أن يُعطيَ الإبلَ- ووفي حُكمِها الدَّوابُّ الَّتي يُسافرُ عليها منَ البِغالِ والحميرِ- حظَّها منَ الرَّعيِ والرَّاحةِ؛ فإنْ سَافرتُم عليها في وقتِ الخِصبِ والعُشبِ فأَبطِئوا بها السَّيرَ حتَّى تَأخذَ حظَّها منَ الرَّعي في العُشبِ. وإذا سافَرتُم في السَّنةِ، أي: في زَمنِ الجَدبِ، فأسْرِعوا السَّيرَ بها حتَّى تُوصِّلَكم إلى مَقاصِدِكم في وقتٍ سَريعٍ قبلَ أنْ يُصيبَها الجَهدُ، فتَصِلَ بكم حيثُ تُريدونَ وفيها بَقيَّةٌ من قُوَّة؛ فإنَّكم إنْ أبطأْتُم بها السَّيرَ رُبَّما كَلَّت في الطَّريقِ وضَعُفَتْ عن مُواصلَةِ السَّيرِ واستكمالِه. وكما أَرْشَدَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم المسافِرَ في دَوابِّهم، كذلك أَرشَدَهم في أَبْدانِهم وأَنْفُسِهم رحمةً بهم ورِفقًا بأُمَّتِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال: وإذا عَرَّستُم، أي: أَردتُم الرَّاحةَ والنَّومَ باللَّيلِ، فلا تَناموا على الطَّريقِ؛ لأنَّ الطريقَ المسلوكةَ مذلَّلة ومُمَهَّدَةٌ؛ فيَسهُلُ مَشيُ الهوامِّ عليها، وربما قَصدَتْها الهوامُّ لالتِقاطِ ما قدْ يَسقُطُ عليها مِنَ الأطعمَةِ أو الرُّمَّةِ، فإذا نام المسافِرُ في الطَّريقِ تَعرَّضَ لأذَى تلك الهوامِّ. وفي الحديثِ: حِرصُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على أُمَّتِه، وأنَّه رَحيمٌ بهم، ورَحمتُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ورفقُه بالدَّوابِّ والحيوانِ كذلك.

    صحيح مسلم
    0 Comments 0 Shares 39 Views 0 Reviews
  • يخرجُ منَ النَّارِ من قالَ : لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ ، وَكانَ في قلبِهِ منَ الخيرِ ما يَزنُ شعيرةً ، ثمَّ يخرجُ منَ النَّارِ من قالَ : لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَكانَ في قلبِهِ منَ الخيرِ ما يزنُ برَّةً ، ثمَّ يَخرجُ منَ النَّارِ من قالَ : لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَكانَ في قلبِهِ منَ الخيرِ ما يزنُ ذرَّةً زادَ ابنُ منهالٍ في روايتِهِ : قالَ : يزيدُ ، فلقيتُ شُعبةَ فحدَّثتُهُ بالحديثِ ، فقالَ شعبةُ : حدَّثَنا بِهِ قتادةُ ، عن أنسِ بنِ مالِكٍ ، عنِ النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ بالحديثِ ، إلَّا أنَّ شعبةَ جعلَ مَكانَ الذَّرَّةِ ذُرةً ، قالَ يزيدُ : صحَّفَ فيها أبو بَسطامَ .

    شرح الحديث

    شهادةُ التَّوحيدِ فضلُها عظيمٌ عند الله؛ فهي سببٌ للنَّجاة من النَّار، وهي أثقلُ في المِيزان من جميعِ الأعمال، والمؤمنُ يجب أنْ يكون حريصًا على أداءِ حقوقِ هذه الشَّهادة، والعملِ بمُقتضاها؛ ليكونَ له ذلك الفضلُ مِن الله.
    وهذا الحديثُ جزءٌ من حديثٍ طويلٍ يُوضِّح سَعَةَ رحمة الله بعبادِه، وما يَتفضَّل به على المُوحِّدين يومَ القيامة، بعدَ شَفاعةِ النَّبيِّ محمَّدٍ صلَّى الله عليه وسلَّم؛ فإنَّه سبحانه يَقضِي بأنْ "يَخرُج مِن النَّار مَن قال: لا إِلهَ إلَّا اللهُ، وكان في قَلْبِه من الخيرِ ما يَزِن شَعِيرَةً"، أي: يَخرُج من النَّار مَن شهِدَ بالتَّوحيد، وكان في قلْبه مِقدارٌ من الخير يَزِن حَبَّةَ شَعيرٍ بشفاعة النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، ثم يَشفَع النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم عند الله، فيَخرُج مَن شَهِد بالتَّوحيد "وكان في قلْبِه مِن الخيرِ ما يَزِن بُرَّةً"، والبُرَّة: هي حَبُّةُ القَمحِ، وهي أقلُّ مِن حَبَّة الشَّعير، ثمَّ يَشفَع النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم عندَ الله، فيَخرُج مَن شَهِد بالتَّوحيد "وكان في قلبِه من الخيرِ ما يَزِن ذَرَّة"، والذَّرَّة: هي النَّمْلةُ الصَّغيرة، أو هي الواحدةُ ممَّا يَظهَر في ضوءِ الشَّمس من الغُبار.
    وزادَ ابنُ مِنهال في روايتِه: قال: يَزيدُ: فلقيتُ شُعْبةَ فحدَّثتُه بالحديث، فقال شُعْبةُ: حدَّثَنا به قَتادة، عن أنسِ بنِ مالك، عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم بالحديث، إلَّا أنَّ شُعْبةَ جَعَل مكانَ الذَّرَّة: ذُرَة- بضمِّ الذَّالِ وتخفيفِ الرَّاء- قال يَزيدُ: صحَّف فيها أبو بِسْطام، وهذا يُوضِّح اهتمامَ الرُّواة بضبْط ألفاظ الأحاديثِ.
    وفي الحديث: بيانُ فَضْل شَهادةِ التَّوحيد يومَ القيامةِ.
    وفيه: إثباتُ الشَّفاعةِ للنَّبيِّ محمَّدٍ صلَّى الله عليه وسلَّم يومَ القِيامةِ، وإظهارُ مَكانتِه وكَرامتِه عندَ الله تعالى.
    وفيه: بيانُ عظيمِ فَضْلِ الله ورحمتِه بالعبادِ يومَ القيامةِ.

    صحيح مسلم

    يخرجُ منَ النَّارِ من قالَ : لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ ، وَكانَ في قلبِهِ منَ الخيرِ ما يَزنُ شعيرةً ، ثمَّ يخرجُ منَ النَّارِ من قالَ : لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَكانَ في قلبِهِ منَ الخيرِ ما يزنُ برَّةً ، ثمَّ يَخرجُ منَ النَّارِ من قالَ : لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَكانَ في قلبِهِ منَ الخيرِ ما يزنُ ذرَّةً زادَ ابنُ منهالٍ في روايتِهِ : قالَ : يزيدُ ، فلقيتُ شُعبةَ فحدَّثتُهُ بالحديثِ ، فقالَ شعبةُ : حدَّثَنا بِهِ قتادةُ ، عن أنسِ بنِ مالِكٍ ، عنِ النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ بالحديثِ ، إلَّا أنَّ شعبةَ جعلَ مَكانَ الذَّرَّةِ ذُرةً ، قالَ يزيدُ : صحَّفَ فيها أبو بَسطامَ .

    شرح الحديث

    شهادةُ التَّوحيدِ فضلُها عظيمٌ عند الله؛ فهي سببٌ للنَّجاة من النَّار، وهي أثقلُ في المِيزان من جميعِ الأعمال، والمؤمنُ يجب أنْ يكون حريصًا على أداءِ حقوقِ هذه الشَّهادة، والعملِ بمُقتضاها؛ ليكونَ له ذلك الفضلُ مِن الله. وهذا الحديثُ جزءٌ من حديثٍ طويلٍ يُوضِّح سَعَةَ رحمة الله بعبادِه، وما يَتفضَّل به على المُوحِّدين يومَ القيامة، بعدَ شَفاعةِ النَّبيِّ محمَّدٍ صلَّى الله عليه وسلَّم؛ فإنَّه سبحانه يَقضِي بأنْ "يَخرُج مِن النَّار مَن قال: لا إِلهَ إلَّا اللهُ، وكان في قَلْبِه من الخيرِ ما يَزِن شَعِيرَةً"، أي: يَخرُج من النَّار مَن شهِدَ بالتَّوحيد، وكان في قلْبه مِقدارٌ من الخير يَزِن حَبَّةَ شَعيرٍ بشفاعة النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، ثم يَشفَع النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم عند الله، فيَخرُج مَن شَهِد بالتَّوحيد "وكان في قلْبِه مِن الخيرِ ما يَزِن بُرَّةً"، والبُرَّة: هي حَبُّةُ القَمحِ، وهي أقلُّ مِن حَبَّة الشَّعير، ثمَّ يَشفَع النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم عندَ الله، فيَخرُج مَن شَهِد بالتَّوحيد "وكان في قلبِه من الخيرِ ما يَزِن ذَرَّة"، والذَّرَّة: هي النَّمْلةُ الصَّغيرة، أو هي الواحدةُ ممَّا يَظهَر في ضوءِ الشَّمس من الغُبار. وزادَ ابنُ مِنهال في روايتِه: قال: يَزيدُ: فلقيتُ شُعْبةَ فحدَّثتُه بالحديث، فقال شُعْبةُ: حدَّثَنا به قَتادة، عن أنسِ بنِ مالك، عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم بالحديث، إلَّا أنَّ شُعْبةَ جَعَل مكانَ الذَّرَّة: ذُرَة- بضمِّ الذَّالِ وتخفيفِ الرَّاء- قال يَزيدُ: صحَّف فيها أبو بِسْطام، وهذا يُوضِّح اهتمامَ الرُّواة بضبْط ألفاظ الأحاديثِ. وفي الحديث: بيانُ فَضْل شَهادةِ التَّوحيد يومَ القيامةِ. وفيه: إثباتُ الشَّفاعةِ للنَّبيِّ محمَّدٍ صلَّى الله عليه وسلَّم يومَ القِيامةِ، وإظهارُ مَكانتِه وكَرامتِه عندَ الله تعالى. وفيه: بيانُ عظيمِ فَضْلِ الله ورحمتِه بالعبادِ يومَ القيامةِ.

    صحيح مسلم
    0 Comments 0 Shares 36 Views 0 Reviews
  • يجتمعُ المؤمنونَ يومَ القيامةِ . فيَهْتمُّونَ بذلِكَ ( أو يُلهَمونَ ذلِكَ ) بمثلِ حديثِ أبي عوانةَ ، وقالَ في الحديثِ : ثمَّ آتيهِ الرَّابعةَ - أو أعودُ الرَّابعةَ - فأقولُ : يا ربِّ ، ما بقيَ إلَّا من حبسَهُ القرآنُ . وفي رواية : يجمعُ اللَّهُ المؤمنينَ يومَ القيامةِ فيُلهَمونَ لذلِكَ بمثلِ حديثِهِما ، وذَكَرَ في الرَّابعةِ : فأقولُ : يا ربِّ ، ما بقيَ في النَّارِ إلَّا من حبسَهُ القرآنُ أي وجبَ عليهِ الخلودُ

    شرح الحديث

    شَهادةُ التَّوحيدِ فَضْلُها عظيمٌ عند الله؛ فهي سببٌ للنَّجاة من النَّار، وهي أَثْقَلُ في المِيزان من جميع الأعمال، والمؤمنُ يجب أن يكونَ حريصًا على أداءِ حقوقِ هذه الشَّهادة والعملِ بمُقتضاها؛ ليكونَ له ذلك الفضلُ من الله، ومن ذلك الفضل أنَّ اللهَ تعالى يُشفِّع نبيَّه محمدًا يوم القيامة، فيَنْجو بشَفاعتِه خَلْقٌ كثيرٌ من النَّار.
    وهذا الحديثُ جزءٌ من حديثٍ طويل يُوضِّح سَعَة رحمة الله بعباده، وما يَتفضَّل به على المُوحِّدين يومَ القيامة، بعدَ شفاعةِ النَّبيِّ محمَّد صلَّى الله عليه وسلَّم، فبَعد أنْ يَحشُر اللهُ الخلائقَ، وتَظهَر أهوالُ الموقِف، و"يَجتَمِع المؤمنون يومَ القيامة، فيَهتمُّون بذلك"، أي: يُصيبهم الهَمُّ والحَزَن مِن رُؤيةِ هذه الأهوال، أو يُلهَمون ذلك، أي: إنَّ الله تعالى يُلهِمهم سؤالَ الشَّفاعة، فيجأرُ النَّاسُ إلى الأنبياء أنْ يَدْعُوا اللهَ أن يُفرِّجَ عنهم كَرْبَ يوم القيامة، فيقول كلُّ نبيٍّ: نَفْسي نَفْسي، ثمَّ يأتي النَّبيُّ محمَّدٌ صلَّى الله عليه وسلَّم، فيَسجد ويَدْعو اللهَ فيُشفِّعه، فيَخرُج من النَّارِ ما يَحُدُّه الله للنَّبيِّ محمَّد صلَّى الله عليه وسلَّم، أي: يُبيِّن الله للنَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم في كلِّ مرَّةٍ مِن مرَّاتِ الشَّفاعة حَدًّا يَقِف عنده، فالحدُّ الأوَّل: مَن كان في قلبِه مِثقالُ شَعِيرة من الإيمان، والحَدُّ الثَّاني: مَن كان في قلبِه مِثقالُ بُرَّة من الإيمان، والحدُّ الثَّالث: مَن كان في قلبِه مِثقال ذَرَّةٍ من الإيمان: "ثمَّ آتِيه الرَّابعةَ - أو أعودُ الرَّابعة - فأقول : يا رَبِّ، ما بقِي إلَّا مَن حبَسه القرآنُ"، أي:لم يَبقَ في النَّار إلَّا مَن وجَب عليه الخُلُودُ في النَّارِ كما ذكَر القرآنُ، وهم الكفَّارُ والمشرِكون.
    وفي الحديث: بيانُ فَضْل شهادةِ التَّوحيد يومَ القِيامةِ.
    وفيه: إثباتُ الشَّفاعةِ للنَّبيِّ محمَّد صلَّى الله عليه وسلَّم يومَ القيامةِ، وإظهارُ مكانتِه وكَرامتِه عند الله تعالى.
    وفيه: بيانُ عظيمِ فَضْلِ الله سبحانَه ورحمتِه بالعِبادِ يومَ القيامةِ.

    صحيح مسلم

    يجتمعُ المؤمنونَ يومَ القيامةِ . فيَهْتمُّونَ بذلِكَ ( أو يُلهَمونَ ذلِكَ ) بمثلِ حديثِ أبي عوانةَ ، وقالَ في الحديثِ : ثمَّ آتيهِ الرَّابعةَ - أو أعودُ الرَّابعةَ - فأقولُ : يا ربِّ ، ما بقيَ إلَّا من حبسَهُ القرآنُ . وفي رواية : يجمعُ اللَّهُ المؤمنينَ يومَ القيامةِ فيُلهَمونَ لذلِكَ بمثلِ حديثِهِما ، وذَكَرَ في الرَّابعةِ : فأقولُ : يا ربِّ ، ما بقيَ في النَّارِ إلَّا من حبسَهُ القرآنُ أي وجبَ عليهِ الخلودُ

    شرح الحديث

    شَهادةُ التَّوحيدِ فَضْلُها عظيمٌ عند الله؛ فهي سببٌ للنَّجاة من النَّار، وهي أَثْقَلُ في المِيزان من جميع الأعمال، والمؤمنُ يجب أن يكونَ حريصًا على أداءِ حقوقِ هذه الشَّهادة والعملِ بمُقتضاها؛ ليكونَ له ذلك الفضلُ من الله، ومن ذلك الفضل أنَّ اللهَ تعالى يُشفِّع نبيَّه محمدًا يوم القيامة، فيَنْجو بشَفاعتِه خَلْقٌ كثيرٌ من النَّار. وهذا الحديثُ جزءٌ من حديثٍ طويل يُوضِّح سَعَة رحمة الله بعباده، وما يَتفضَّل به على المُوحِّدين يومَ القيامة، بعدَ شفاعةِ النَّبيِّ محمَّد صلَّى الله عليه وسلَّم، فبَعد أنْ يَحشُر اللهُ الخلائقَ، وتَظهَر أهوالُ الموقِف، و"يَجتَمِع المؤمنون يومَ القيامة، فيَهتمُّون بذلك"، أي: يُصيبهم الهَمُّ والحَزَن مِن رُؤيةِ هذه الأهوال، أو يُلهَمون ذلك، أي: إنَّ الله تعالى يُلهِمهم سؤالَ الشَّفاعة، فيجأرُ النَّاسُ إلى الأنبياء أنْ يَدْعُوا اللهَ أن يُفرِّجَ عنهم كَرْبَ يوم القيامة، فيقول كلُّ نبيٍّ: نَفْسي نَفْسي، ثمَّ يأتي النَّبيُّ محمَّدٌ صلَّى الله عليه وسلَّم، فيَسجد ويَدْعو اللهَ فيُشفِّعه، فيَخرُج من النَّارِ ما يَحُدُّه الله للنَّبيِّ محمَّد صلَّى الله عليه وسلَّم، أي: يُبيِّن الله للنَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم في كلِّ مرَّةٍ مِن مرَّاتِ الشَّفاعة حَدًّا يَقِف عنده، فالحدُّ الأوَّل: مَن كان في قلبِه مِثقالُ شَعِيرة من الإيمان، والحَدُّ الثَّاني: مَن كان في قلبِه مِثقالُ بُرَّة من الإيمان، والحدُّ الثَّالث: مَن كان في قلبِه مِثقال ذَرَّةٍ من الإيمان: "ثمَّ آتِيه الرَّابعةَ - أو أعودُ الرَّابعة - فأقول : يا رَبِّ، ما بقِي إلَّا مَن حبَسه القرآنُ"، أي:لم يَبقَ في النَّار إلَّا مَن وجَب عليه الخُلُودُ في النَّارِ كما ذكَر القرآنُ، وهم الكفَّارُ والمشرِكون. وفي الحديث: بيانُ فَضْل شهادةِ التَّوحيد يومَ القِيامةِ. وفيه: إثباتُ الشَّفاعةِ للنَّبيِّ محمَّد صلَّى الله عليه وسلَّم يومَ القيامةِ، وإظهارُ مكانتِه وكَرامتِه عند الله تعالى. وفيه: بيانُ عظيمِ فَضْلِ الله سبحانَه ورحمتِه بالعِبادِ يومَ القيامةِ.

    صحيح مسلم
    0 Comments 0 Shares 37 Views 0 Reviews
  • كلُّ ذي نابٍ منَ السِّباعِ ، فأَكْلُهُ حَرامٌ

    شرح الحديث

    قد فَصَّلَ لنا الشَّرعُ ما حُرِّمَ علينا وبَيَّنَ ذَلك بأَوْضَحِ عِبارةٍ؛ حتَّى نَتجَنَّبَ المُحَرَّماتِ ونَأكُلَ مِنَ الطَّيِّباتِ.
    وقد نَهَى النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في هذا الحديثِ عَنْ أَكْلِ كُلِّ ذي نابٍ مِنَ السِّباعِ وأخْبَر أنَّ أكْلَه حرامٌ، والنَّابُ: السِّنُّ الَّذي خَلْفَ الرَّباعيَةِ، والمرادُ بذي النَّابِ ما يَعْدُو بِنابِه على النَّاسِ وأَموالِهم، كَالأَسَدِ والنَّمِرِ والفَهدِ والذِّئبِ، ونَحوِها.

    صحيح مسلم

    كلُّ ذي نابٍ منَ السِّباعِ ، فأَكْلُهُ حَرامٌ

    شرح الحديث

    قد فَصَّلَ لنا الشَّرعُ ما حُرِّمَ علينا وبَيَّنَ ذَلك بأَوْضَحِ عِبارةٍ؛ حتَّى نَتجَنَّبَ المُحَرَّماتِ ونَأكُلَ مِنَ الطَّيِّباتِ. وقد نَهَى النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في هذا الحديثِ عَنْ أَكْلِ كُلِّ ذي نابٍ مِنَ السِّباعِ وأخْبَر أنَّ أكْلَه حرامٌ، والنَّابُ: السِّنُّ الَّذي خَلْفَ الرَّباعيَةِ، والمرادُ بذي النَّابِ ما يَعْدُو بِنابِه على النَّاسِ وأَموالِهم، كَالأَسَدِ والنَّمِرِ والفَهدِ والذِّئبِ، ونَحوِها.

    صحيح مسلم
    0 Comments 0 Shares 37 Views 0 Reviews
  • يجمعُ اللَّهُ تبارَكَ وتعالى النَّاسَ ، فيقومُ المؤمنونَ حتَّى تُزلَفَ لَهُمُ الجنَّةُ ، فيأتونَ آدمَ ، فيقولونَ : يا أبانا ، استَفتِح لَنا الجنَّةَ ، فيقولُ : وَهَل أخرجَكُم مِنَ الجنَّةِ إلَّا خَطيئةُ أبيكُم آدمَ ، لَستُ بصاحبِ ذلِكَ ، اذهَبوا إلى ابني إبراهيمَ خليلِ اللَّهِ ، قالَ : فيقولُ إبراهيمُ : لَستُ بصاحبِ ذلِكَ ، إنَّما كنتُ خليلًا مِن وراءَ وراءَ ، اعمَدوا إلى موسَى صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ الَّذي كلَّمَهُ اللَّهُ تَكْليمًا ، فيأتونَ موسى صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ ، فيقولُ : لَستُ بصاحبِ ذلِكَ ، اذهَبوا إلى عيسَى كلمةِ اللَّهِ وروحِهِ ، فيقولُ عيسى صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ : لَستُ بصاحبِ ذلِكَ ، فيأتونَ محمَّدًا صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ ، فيقومُ فيؤذنُ لَهُ ، وتُرسَلُ الأمانةُ والرَّحمُ ، فتقومانِ جَنبتيِ الصِّراطِ يمينًا وشمالًا ، فيمرُّ أوَّلُكُم كالبرقِ قالَ : قُلتُ : بأبي أنتَ وأمِّي أيُّ شيءٍ كمرِّ البرقِ ؟ قالَ : ألم تَروا إلى البرقِ كيفَ يمرُّ ويرجعُ في طَرفةِ عينٍ ؟ ثمَّ كمرِّ الرِّيحِ ، ثمَّ كمرِّ الطَّيرِ ، وشدِّ الرِّجالِ ، تَجري بِهِم أعمالُهُم ونبيُّكم قائمٌ على الصِّراطِ يقولُ : ربِّ سلِّم سلِّم ، حتَّى تَعجزَ أعمالُ العبادِ ، حتَّى يجيءَ الرَّجلُ فلا يَستَطيعُ السَّيرَ إلَّا زَحفًا ، قالَ : وفي حافتيِ الصِّراطِ كَلاليبُ مُعلَّقةٌ مَأمورةٌ بأخذِ منِ أُمِرَتْ بِهِ ، فمَخدوشٌ ناجٍ ، ومَكْدوسٌ في النَّارِ والَّذي نَفسُ أبي هُرَيْرةَ بيدِهِ إنَّ قَعرَ جَهَنَّمَ لسبعونَ خريفًا

    شرح الحديث

    يجمَعُ اللهُ تبارَك وتعالى النَّاسَ، فيقومُ المُؤمنونَ حتَّى "تُزلَفَ" لهم الجنَّةُ، أي: تُقرَّبُ لهم وتدنو منهم، فيأتون آدَمَ فيقولون: يا أبانا، استفتِحْ لنا الجنَّةَ، أي: اطلُبْ فَتْحَ بابِها حتَّى ندخُلَها، فيقولُ: وهل أخرَجَكم مِن الجنَّةِ إلَّا خطيئةُ أبيكم آدَمَ؟! أي: وصاحبُ الخطيئةِ لا يصلُحُ للشَّفاعةِ، بل هو مُحتاجٌ بنفسِه إلى الضَّراعةِ، لستُ بصاحِبِ ذلك، أي: ذلك المَقامِ الَّذي أردتموه مِن الشَّفاعةِ الكبرى، والمرتَبةِ العَظيمةِ المُسمَّاةِ بالمَقامِ المحمودِ، المخصوصِ لصاحبِ اللِّواءِ الممدودِ، اذهَبوا إلى ابني إبراهيمَ خليلِ اللهِ، أي: فإنَّه مِن أفضلِ الرُّسلِ، وجَدُّ خاتَمِ الأنبياءِ، فتقرَّبوا إليه واعرِضوا أمرَكم عليه، فيقولُ إبراهيمُ: لستُ بصاحبِ ذلك، أي: المَقامِ الموعودِ والمَرامِ المَشهودِ، إنَّما كنتُ خليلًا مِن ورَاءَ ورَاءَ، أي: مِن خلفِ حجابٍ، اعمِدوا إلى موسى صلَّى اللهُ عليه وسلَّم الَّذي كلَّمه اللهُ تكليمًا، أي: بلا واسطةِ كتابٍ، ومِن غيرِ حجابٍ، فيأتون موسى صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فيقولُ: لستُ بصاحبِ ذلك، اذهَبوا إلى عيسى كَلمةِ اللهِ ورُوحِه، فيقولُ عيسى عليه السَّلامُ: لستُ بصاحبِ ذلك، فيأتون مُحمَّدًا صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فيقومُ فيُؤذَنُ له، أي: يقومُ عن يمينِ عرشِ الرَّحمنِ، ويستأذِنُ بالشَّفاعةِ في نوعِ الإنسانِ؛ لإزالةِ كربِ الموقفِ وعمومِ الأحزانِ، وتُرسَلُ الأمانةُ والرَّحِمُ، فتقومانِ جَنَبَتَيِ الصِّراطِ، يمينًا وشِمالًا، أي: إنَّ الأمانةَ والرَّحِمَ، لعِظَمِ شأنِهما وفخامةِ ما يلزَمُ العبادَ مِن رعايةِ حقِّهما، يُوقَفانِ هناك للأمينِ والخائنِ، والمُواصِل والقاطعِ، فيُحاجَّانِ عن المُحقِّ، ويَشهَدانِ على المُبطِل، فيمُرُّ أوَّلُكم كالبرقِ، ألم ترَوْا إلى البرقِ كيف يمُرُّ، أي: سريعًا، ويرجعُ في طرفةِ عينٍ؟ ثمَّ كمرِّ الرِّيحِ، ثمَّ كمرِّ الطَّيرِ وشَدِّ الرِّجال، أي: جريهم، تجري بهم أعمالُهم، يعني: أنَّ سرعةَ مرورِهم على الصِّراطِ بقدرِ أعمالِهم ومبادرتِهم لطاعةِ ربِّهم، ونبيُّكم قائمٌ على الصِّراطِ يقولُ: ربِّ، سلِّمْ سلِّمْ، حتَّى تَعجِزَ أعمالُ العبادِ، حتَّى يجيءَ الرَّجلُ فلا يستطيعُ السَّيرَ، أي: المرورَ على الصِّراطِ إلَّا زحفًا، أي: حَبْوًا، وفي حَافَتَي، أي: جانبي الصِّراطِ كلاليبُ معلَّقةٌ، والكلاليبُ جمعُ كَلُّوبٍ، والكَلُّوبُ هو الخُطَّافُ الَّذي يخطَفُ النَّاسَ، مأمورةٌ بأخذِ مَن أُمِرَتْ به؛ فمَخْدوشٌ ناجٍ، أي: فمنهم مجروحٌ ناجٍ مِن الوقوعِ في النَّارِ، ومكدوسٌ في النَّارِ، أي: مُلقًى فيها، ويُقسِمُ أبو هُرَيرةَ رضي الله عنه: والَّذي نفسُ أبي هُرَيرةَ بيده، إنَّ قعرَ جهنَّمَ لَسَبْعون خريفًا، أي: مسيرةُ سَبعين سنَةً في النُّزولِ والهبوطِ.
    في الحديثِ: ثبوتُ الشَّفاعةِ.
    وفيه: بيانُ عِظَمِ أمرِ الأمانةِ والرَّحِمِ.
    وفيه: شفاعةُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في أمَّتِه.
    وفيه: ثبوتُ الصِّراطِ.
    وفيه: التَّفاضُلُ في المرورِ على الصِّراطِ.
    وفيه: فضيلةُ موسى عليه السَّلامُ بتكليمِ اللهِ عزَّ وجلَّ له.

    صحيح مسلم

    يجمعُ اللَّهُ تبارَكَ وتعالى النَّاسَ ، فيقومُ المؤمنونَ حتَّى تُزلَفَ لَهُمُ الجنَّةُ ، فيأتونَ آدمَ ، فيقولونَ : يا أبانا ، استَفتِح لَنا الجنَّةَ ، فيقولُ : وَهَل أخرجَكُم مِنَ الجنَّةِ إلَّا خَطيئةُ أبيكُم آدمَ ، لَستُ بصاحبِ ذلِكَ ، اذهَبوا إلى ابني إبراهيمَ خليلِ اللَّهِ ، قالَ : فيقولُ إبراهيمُ : لَستُ بصاحبِ ذلِكَ ، إنَّما كنتُ خليلًا مِن وراءَ وراءَ ، اعمَدوا إلى موسَى صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ الَّذي كلَّمَهُ اللَّهُ تَكْليمًا ، فيأتونَ موسى صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ ، فيقولُ : لَستُ بصاحبِ ذلِكَ ، اذهَبوا إلى عيسَى كلمةِ اللَّهِ وروحِهِ ، فيقولُ عيسى صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ : لَستُ بصاحبِ ذلِكَ ، فيأتونَ محمَّدًا صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ ، فيقومُ فيؤذنُ لَهُ ، وتُرسَلُ الأمانةُ والرَّحمُ ، فتقومانِ جَنبتيِ الصِّراطِ يمينًا وشمالًا ، فيمرُّ أوَّلُكُم كالبرقِ قالَ : قُلتُ : بأبي أنتَ وأمِّي أيُّ شيءٍ كمرِّ البرقِ ؟ قالَ : ألم تَروا إلى البرقِ كيفَ يمرُّ ويرجعُ في طَرفةِ عينٍ ؟ ثمَّ كمرِّ الرِّيحِ ، ثمَّ كمرِّ الطَّيرِ ، وشدِّ الرِّجالِ ، تَجري بِهِم أعمالُهُم ونبيُّكم قائمٌ على الصِّراطِ يقولُ : ربِّ سلِّم سلِّم ، حتَّى تَعجزَ أعمالُ العبادِ ، حتَّى يجيءَ الرَّجلُ فلا يَستَطيعُ السَّيرَ إلَّا زَحفًا ، قالَ : وفي حافتيِ الصِّراطِ كَلاليبُ مُعلَّقةٌ مَأمورةٌ بأخذِ منِ أُمِرَتْ بِهِ ، فمَخدوشٌ ناجٍ ، ومَكْدوسٌ في النَّارِ والَّذي نَفسُ أبي هُرَيْرةَ بيدِهِ إنَّ قَعرَ جَهَنَّمَ لسبعونَ خريفًا

    شرح الحديث

    يجمَعُ اللهُ تبارَك وتعالى النَّاسَ، فيقومُ المُؤمنونَ حتَّى "تُزلَفَ" لهم الجنَّةُ، أي: تُقرَّبُ لهم وتدنو منهم، فيأتون آدَمَ فيقولون: يا أبانا، استفتِحْ لنا الجنَّةَ، أي: اطلُبْ فَتْحَ بابِها حتَّى ندخُلَها، فيقولُ: وهل أخرَجَكم مِن الجنَّةِ إلَّا خطيئةُ أبيكم آدَمَ؟! أي: وصاحبُ الخطيئةِ لا يصلُحُ للشَّفاعةِ، بل هو مُحتاجٌ بنفسِه إلى الضَّراعةِ، لستُ بصاحِبِ ذلك، أي: ذلك المَقامِ الَّذي أردتموه مِن الشَّفاعةِ الكبرى، والمرتَبةِ العَظيمةِ المُسمَّاةِ بالمَقامِ المحمودِ، المخصوصِ لصاحبِ اللِّواءِ الممدودِ، اذهَبوا إلى ابني إبراهيمَ خليلِ اللهِ، أي: فإنَّه مِن أفضلِ الرُّسلِ، وجَدُّ خاتَمِ الأنبياءِ، فتقرَّبوا إليه واعرِضوا أمرَكم عليه، فيقولُ إبراهيمُ: لستُ بصاحبِ ذلك، أي: المَقامِ الموعودِ والمَرامِ المَشهودِ، إنَّما كنتُ خليلًا مِن ورَاءَ ورَاءَ، أي: مِن خلفِ حجابٍ، اعمِدوا إلى موسى صلَّى اللهُ عليه وسلَّم الَّذي كلَّمه اللهُ تكليمًا، أي: بلا واسطةِ كتابٍ، ومِن غيرِ حجابٍ، فيأتون موسى صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فيقولُ: لستُ بصاحبِ ذلك، اذهَبوا إلى عيسى كَلمةِ اللهِ ورُوحِه، فيقولُ عيسى عليه السَّلامُ: لستُ بصاحبِ ذلك، فيأتون مُحمَّدًا صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فيقومُ فيُؤذَنُ له، أي: يقومُ عن يمينِ عرشِ الرَّحمنِ، ويستأذِنُ بالشَّفاعةِ في نوعِ الإنسانِ؛ لإزالةِ كربِ الموقفِ وعمومِ الأحزانِ، وتُرسَلُ الأمانةُ والرَّحِمُ، فتقومانِ جَنَبَتَيِ الصِّراطِ، يمينًا وشِمالًا، أي: إنَّ الأمانةَ والرَّحِمَ، لعِظَمِ شأنِهما وفخامةِ ما يلزَمُ العبادَ مِن رعايةِ حقِّهما، يُوقَفانِ هناك للأمينِ والخائنِ، والمُواصِل والقاطعِ، فيُحاجَّانِ عن المُحقِّ، ويَشهَدانِ على المُبطِل، فيمُرُّ أوَّلُكم كالبرقِ، ألم ترَوْا إلى البرقِ كيف يمُرُّ، أي: سريعًا، ويرجعُ في طرفةِ عينٍ؟ ثمَّ كمرِّ الرِّيحِ، ثمَّ كمرِّ الطَّيرِ وشَدِّ الرِّجال، أي: جريهم، تجري بهم أعمالُهم، يعني: أنَّ سرعةَ مرورِهم على الصِّراطِ بقدرِ أعمالِهم ومبادرتِهم لطاعةِ ربِّهم، ونبيُّكم قائمٌ على الصِّراطِ يقولُ: ربِّ، سلِّمْ سلِّمْ، حتَّى تَعجِزَ أعمالُ العبادِ، حتَّى يجيءَ الرَّجلُ فلا يستطيعُ السَّيرَ، أي: المرورَ على الصِّراطِ إلَّا زحفًا، أي: حَبْوًا، وفي حَافَتَي، أي: جانبي الصِّراطِ كلاليبُ معلَّقةٌ، والكلاليبُ جمعُ كَلُّوبٍ، والكَلُّوبُ هو الخُطَّافُ الَّذي يخطَفُ النَّاسَ، مأمورةٌ بأخذِ مَن أُمِرَتْ به؛ فمَخْدوشٌ ناجٍ، أي: فمنهم مجروحٌ ناجٍ مِن الوقوعِ في النَّارِ، ومكدوسٌ في النَّارِ، أي: مُلقًى فيها، ويُقسِمُ أبو هُرَيرةَ رضي الله عنه: والَّذي نفسُ أبي هُرَيرةَ بيده، إنَّ قعرَ جهنَّمَ لَسَبْعون خريفًا، أي: مسيرةُ سَبعين سنَةً في النُّزولِ والهبوطِ. في الحديثِ: ثبوتُ الشَّفاعةِ. وفيه: بيانُ عِظَمِ أمرِ الأمانةِ والرَّحِمِ. وفيه: شفاعةُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في أمَّتِه. وفيه: ثبوتُ الصِّراطِ. وفيه: التَّفاضُلُ في المرورِ على الصِّراطِ. وفيه: فضيلةُ موسى عليه السَّلامُ بتكليمِ اللهِ عزَّ وجلَّ له.

    صحيح مسلم
    0 Comments 0 Shares 37 Views 0 Reviews
  • كلُّ مُسكرٍ خمرٌ . وَكُلُّ مسكِرٍ حرامٌ ، ومن شربَ الخمرَ في الدُّنيا فَماتَ وَهوَ يدمنُها لم يتُبْ ، لَم يشرَبْها في الآخِرَةِ

    شرح الحديث

    لَمَّا كانت المُسْكراتُ تُذهِبُ العقلَ الَّذي هو مناطُ تكليفِ بني آدَمَ، كانت حُرمةُ المُسْكراتِ مِن أشدِّ الحرماتِ الَّتي حذَّر منها الإسلامُ.
    وفي هذا الحديث يُحذِّر النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِن تناوُلِ المُسكراتِ تحذيرًا شديدًا؛ ويُخبِرُ أنَّ كلَّ ما يُسكِرُ ويُذهِبُ العقلَ فهو خمرٌ، وأنَّ كلَّ ما يُسكِرُ ويُذهِبُ العقلَ فهو حرامٌ، وأنَّ كلَّ مَن شَرِب أيَّ نوعٍ مِن أنواع تلك المُسْكراتِ الَّتي تُذهِبُ العقلَ، وواظَب على شُربها، وحرَص عليها حتَّى أدمَنها ولم يتُبْ منها - فسوف يُعاقِبُه اللهُ بحرمانِه مِن شُربها في الجنَّة؛ حيثُ في شُربها في الجنَّةِ كمالُ اللَّذَّةِ وتمامُ النَّعيم؛ فالجزاءُ مِن جنسِ العملِ، فمَن لم يُمسِكْ نفسَه عمَّا حرَّم اللهُ، فسوف يَحرِمُه اللهُ حظَّه في الآخرةِ.
    وفي الحديثِ: التَّحذيرُ مِن تناوُلِ كلِّ أنواعِ المُسْكراتِ.

    صحيح مسلم

    كلُّ مُسكرٍ خمرٌ . وَكُلُّ مسكِرٍ حرامٌ ، ومن شربَ الخمرَ في الدُّنيا فَماتَ وَهوَ يدمنُها لم يتُبْ ، لَم يشرَبْها في الآخِرَةِ

    شرح الحديث

    لَمَّا كانت المُسْكراتُ تُذهِبُ العقلَ الَّذي هو مناطُ تكليفِ بني آدَمَ، كانت حُرمةُ المُسْكراتِ مِن أشدِّ الحرماتِ الَّتي حذَّر منها الإسلامُ. وفي هذا الحديث يُحذِّر النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِن تناوُلِ المُسكراتِ تحذيرًا شديدًا؛ ويُخبِرُ أنَّ كلَّ ما يُسكِرُ ويُذهِبُ العقلَ فهو خمرٌ، وأنَّ كلَّ ما يُسكِرُ ويُذهِبُ العقلَ فهو حرامٌ، وأنَّ كلَّ مَن شَرِب أيَّ نوعٍ مِن أنواع تلك المُسْكراتِ الَّتي تُذهِبُ العقلَ، وواظَب على شُربها، وحرَص عليها حتَّى أدمَنها ولم يتُبْ منها - فسوف يُعاقِبُه اللهُ بحرمانِه مِن شُربها في الجنَّة؛ حيثُ في شُربها في الجنَّةِ كمالُ اللَّذَّةِ وتمامُ النَّعيم؛ فالجزاءُ مِن جنسِ العملِ، فمَن لم يُمسِكْ نفسَه عمَّا حرَّم اللهُ، فسوف يَحرِمُه اللهُ حظَّه في الآخرةِ. وفي الحديثِ: التَّحذيرُ مِن تناوُلِ كلِّ أنواعِ المُسْكراتِ.

    صحيح مسلم
    0 Comments 0 Shares 35 Views 0 Reviews
  • غَطُّوا الإناءَ، وأَوْكوا السِّقاءَ، وأغلِقوا البابَ، وأطفِئوا السِّراجَ؛ فإنَّ الشَّيطانَ لا يَحُلُّ سِقاءً، ولا يَفتحُ بابًا، ولا يَكشِفُ إناءً، فإنْ لَم يجِدْ أحدُكم إلَّا أن يَعرُضَ على إنائِه عُودًا، ويَذكُرَ اسمَ اللهِ، فلْيفعَلْ؛ فإنَّ الفُوَيسِقَةَ تُضرِمُ على أهْلِ البَيتِ بيتَهم، ولَم يَذكُرْ قُتيبةُ في حديثِه: وأغلِقوا البابَ، وفي رِوايةٍ: غيرَ أنَّه قال: وأكفِئوا الإناءَ، أو خمِّروا الإناءَ.

    شرح الحديث

    كثيرًا ما كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُنَبِّهُ على أُمورِ السَّلامةِ العامَّةِ، الَّتي تَمْنَعُ ضررًا، أو تَجْلِبُ نَفْعًا؛ فَلَمْ تَكُنْ وَصايا النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِن أَجْلِ الآخِرةِ فقط؛ بل كان صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَجْمَعُ لِأمَّتِهِ خَيْرَيِ الدُّنيا والآخِرةِ.
    وفي هذا الحديثِ يقول النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ناصحًا أمَّتَه: "غَطُّوا الإناءَ"، أي: اجعلوا فَوْقَ كُلِّ إناءٍ غِطاءً، "وَأَوْكُوا السِّقاءَ"، والسِّقاءُ القِرَبُ الَّتي تَحْفَظُ الماءَ، وَأَوْكُوا، أي: ارْبِطوا، والمقصودُ: ارْبِطوا أَفْواهَ القِرَبِ بِرِباطٍ؛ مِن أَجْلِ حِفْظِ الماءِ، "وَأَغْلِقوا البابَ"، أي: وأغلِقوا أبوابَ دِيَارِكم، ولا تَدَعوهَا مفتوحةً باللَّيلِ، "وَأَطْفِئُوا السِّراجَ"، أي: وأطفئوا المصابيحَ، ولا تناموا وهي مُضيئَةٌ؛ "فإنَّ الشَّيطانَ لا يَحُلُّ سِقاءً"، أي: إنَّ الشَّيطانَ إذا وَجَدَ قِرْبَةً مَرْبوطَةً فإنَّه لا يَفُكُّ رِباطَها، "ولا يَفْتَحُ بابًا"، أي: إنَّ الشَّيطانَ إذا وجَد بابًا مُغلَقًا فإنَّه لا يفتحُهُ، "ولا يَكْشِفُ إناءً"، أي: إنَّ الشَّيطانَ إذا وجد إناءً مُغَطًّى فإنَّه لا يَكشِفُه، "فإنْ لم يَجِدْ أحدُكم إلَّا أنْ يَعْرِضَ على إنائِهِ عُودًا"، أي: إذا لم يَجِدْ أحدُكم ما يُغَطِّي به إناءَهُ فَلْيَضَعْ عليه أيَّ شيْءٍ، ولو عُودًا مِن حَصِيرٍ، أو عصًا، وما شابَهَ ذلك، "وَيَذْكُرَ اسْمَ اللهِ"، أي: وَيَذْكُرَ اسْمَ اللهِ على الإناءِ، "فَلْيَفْعَلْ"، أي: فَلْيُغَطِّ الإناءَ ولو بِعُودٍ، وَيَذْكُرِ اسْمَ اللهِ؛ "فإنَّ الفُوَيْسِقَةَ"، أي: الفَأْرَةَ، "تُضْرِمُ"، أي: تُشْعِلُ النَّارَ، "على أَهْلِ البيتِ بَيْتَهُمْ"، أي: تُحَرِّكُ المِصْباحَ المُشْتَعِلَ وَأَهْلُ البيتِ نِيَامٌ، فَتُحْرِقُ البيتَ على أهلِهِ.
    وقوله: "ولم يَذْكُرْ قُتَيْبَةُ في حديثِهِ: وأغلِقوا البابَ"، أي: ولم يَذكرِ الرَّاوي قُتَيْبَةُ في رِوايتِهِ جُمْلَةَ: وأغلِقوا البابَ. "وفي رِوايةٍ"، أي: رِوايةٍ أُخرى لِلْحديثِ: "غير أنَّه قال"، أي: الرَّاوي: "وَاكْفَؤُوا الإناءَ"، أي: اقْلِبُوا الإناءَ، واجعلوا فَتْحَتَهُ لِأَسْفَلَ، أو "خَمِّروا الإناءَ"، أي: غَطُّوا الإناءَ بشيْءٍ. وهذا مِن الاهتمامِ بحِفظِ الرِّواياتِ( ).

    صحيح مسلم

    غَطُّوا الإناءَ، وأَوْكوا السِّقاءَ، وأغلِقوا البابَ، وأطفِئوا السِّراجَ؛ فإنَّ الشَّيطانَ لا يَحُلُّ سِقاءً، ولا يَفتحُ بابًا، ولا يَكشِفُ إناءً، فإنْ لَم يجِدْ أحدُكم إلَّا أن يَعرُضَ على إنائِه عُودًا، ويَذكُرَ اسمَ اللهِ، فلْيفعَلْ؛ فإنَّ الفُوَيسِقَةَ تُضرِمُ على أهْلِ البَيتِ بيتَهم، ولَم يَذكُرْ قُتيبةُ في حديثِه: وأغلِقوا البابَ، وفي رِوايةٍ: غيرَ أنَّه قال: وأكفِئوا الإناءَ، أو خمِّروا الإناءَ.

    شرح الحديث

    كثيرًا ما كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُنَبِّهُ على أُمورِ السَّلامةِ العامَّةِ، الَّتي تَمْنَعُ ضررًا، أو تَجْلِبُ نَفْعًا؛ فَلَمْ تَكُنْ وَصايا النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِن أَجْلِ الآخِرةِ فقط؛ بل كان صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَجْمَعُ لِأمَّتِهِ خَيْرَيِ الدُّنيا والآخِرةِ. وفي هذا الحديثِ يقول النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ناصحًا أمَّتَه: "غَطُّوا الإناءَ"، أي: اجعلوا فَوْقَ كُلِّ إناءٍ غِطاءً، "وَأَوْكُوا السِّقاءَ"، والسِّقاءُ القِرَبُ الَّتي تَحْفَظُ الماءَ، وَأَوْكُوا، أي: ارْبِطوا، والمقصودُ: ارْبِطوا أَفْواهَ القِرَبِ بِرِباطٍ؛ مِن أَجْلِ حِفْظِ الماءِ، "وَأَغْلِقوا البابَ"، أي: وأغلِقوا أبوابَ دِيَارِكم، ولا تَدَعوهَا مفتوحةً باللَّيلِ، "وَأَطْفِئُوا السِّراجَ"، أي: وأطفئوا المصابيحَ، ولا تناموا وهي مُضيئَةٌ؛ "فإنَّ الشَّيطانَ لا يَحُلُّ سِقاءً"، أي: إنَّ الشَّيطانَ إذا وَجَدَ قِرْبَةً مَرْبوطَةً فإنَّه لا يَفُكُّ رِباطَها، "ولا يَفْتَحُ بابًا"، أي: إنَّ الشَّيطانَ إذا وجَد بابًا مُغلَقًا فإنَّه لا يفتحُهُ، "ولا يَكْشِفُ إناءً"، أي: إنَّ الشَّيطانَ إذا وجد إناءً مُغَطًّى فإنَّه لا يَكشِفُه، "فإنْ لم يَجِدْ أحدُكم إلَّا أنْ يَعْرِضَ على إنائِهِ عُودًا"، أي: إذا لم يَجِدْ أحدُكم ما يُغَطِّي به إناءَهُ فَلْيَضَعْ عليه أيَّ شيْءٍ، ولو عُودًا مِن حَصِيرٍ، أو عصًا، وما شابَهَ ذلك، "وَيَذْكُرَ اسْمَ اللهِ"، أي: وَيَذْكُرَ اسْمَ اللهِ على الإناءِ، "فَلْيَفْعَلْ"، أي: فَلْيُغَطِّ الإناءَ ولو بِعُودٍ، وَيَذْكُرِ اسْمَ اللهِ؛ "فإنَّ الفُوَيْسِقَةَ"، أي: الفَأْرَةَ، "تُضْرِمُ"، أي: تُشْعِلُ النَّارَ، "على أَهْلِ البيتِ بَيْتَهُمْ"، أي: تُحَرِّكُ المِصْباحَ المُشْتَعِلَ وَأَهْلُ البيتِ نِيَامٌ، فَتُحْرِقُ البيتَ على أهلِهِ. وقوله: "ولم يَذْكُرْ قُتَيْبَةُ في حديثِهِ: وأغلِقوا البابَ"، أي: ولم يَذكرِ الرَّاوي قُتَيْبَةُ في رِوايتِهِ جُمْلَةَ: وأغلِقوا البابَ. "وفي رِوايةٍ"، أي: رِوايةٍ أُخرى لِلْحديثِ: "غير أنَّه قال"، أي: الرَّاوي: "وَاكْفَؤُوا الإناءَ"، أي: اقْلِبُوا الإناءَ، واجعلوا فَتْحَتَهُ لِأَسْفَلَ، أو "خَمِّروا الإناءَ"، أي: غَطُّوا الإناءَ بشيْءٍ. وهذا مِن الاهتمامِ بحِفظِ الرِّواياتِ( ).

    صحيح مسلم
    0 Comments 0 Shares 38 Views 0 Reviews
  • غطُّوا الإناءَ . وأوكوا السِّقاءَ . فإنَّ في السَّنةِ ليلةً ينزلُ فيها وباءٌ . لا يمرُّ بإناءٍ ليسَ عليهِ غطاءٌ ، أو سقاءٍ ليسَ عليهِ وِكاءٌ ، إلَّا نزلَ فيهِ من ذلِكَ الوباءِ . وفي روايةٍ : فإنَّ في السَّنةِ يومًا ينزلُ فيهِ وباءٌ

    شرح الحديث

    في هذا الحديثِ عِدَّة آدابٍ أمَرَ بِها النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؛ لحِكمٍ جليلةٍ، ومِن أجلِ السَّلامةِ والوِقايةِ من الأَوبئةِ والأمراضِ؛ فقولِهِ: (غَطُّوا الإِنَاءَ)، أي: ضَعُوا غِطاءً علَى كلِّ إِناءٍ فيهِ طعامٌ أوْ شرابٌ، وقوله: (وَأَوْكُوا السِّقَاءَ)، وَ"الإِيكَاءُ": الشَّدُّ والرَّبْطُ، والوِكاءُ: هو ما يُشَدُّ بهِ فَمُ القِرْبةِ، والمرادُ بالسِّقاءِ: ما يُوضَعُ فيهِ الماءُ أو اللَّبِنُ ونحوُ ذَلِكَ، وتِلكَ الأَوامرُ مِن أَجْلِ أنَّ في السَّنةِ ليلةً- وقيلَ: يومًا- ينزِلُ فيها وَباءٌ، و"الوَباءُ": مَرضٌ عامٌّ يُفضي إلى الموتِ غالِبًا، وهذا المرضُ لا يَمرُّ بإِناءٍ ليسَ عليه غِطاءٌ، أوْ سِقاءٍ ليسَ عليه وِكاءٌ، إلَّا نزَلَ فيهِما وأَصابَهُما هذا المرضُ.
    وفي هذا الحديثِ: أنَّ مَنِ امتَثَلَ لهذِه الأَوامِرِ سلِمَ من الضَّررِ بِحوْلِ اللهِ وقُوَّتِهِ.
    وفيه: مَشروعيَّةُ الأخذُ بالأسبابِ مع التوكُّلِ الكاملِ على اللهِ تعالى..

    صحيح مسلم

    غطُّوا الإناءَ . وأوكوا السِّقاءَ . فإنَّ في السَّنةِ ليلةً ينزلُ فيها وباءٌ . لا يمرُّ بإناءٍ ليسَ عليهِ غطاءٌ ، أو سقاءٍ ليسَ عليهِ وِكاءٌ ، إلَّا نزلَ فيهِ من ذلِكَ الوباءِ . وفي روايةٍ : فإنَّ في السَّنةِ يومًا ينزلُ فيهِ وباءٌ

    شرح الحديث

    في هذا الحديثِ عِدَّة آدابٍ أمَرَ بِها النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؛ لحِكمٍ جليلةٍ، ومِن أجلِ السَّلامةِ والوِقايةِ من الأَوبئةِ والأمراضِ؛ فقولِهِ: (غَطُّوا الإِنَاءَ)، أي: ضَعُوا غِطاءً علَى كلِّ إِناءٍ فيهِ طعامٌ أوْ شرابٌ، وقوله: (وَأَوْكُوا السِّقَاءَ)، وَ"الإِيكَاءُ": الشَّدُّ والرَّبْطُ، والوِكاءُ: هو ما يُشَدُّ بهِ فَمُ القِرْبةِ، والمرادُ بالسِّقاءِ: ما يُوضَعُ فيهِ الماءُ أو اللَّبِنُ ونحوُ ذَلِكَ، وتِلكَ الأَوامرُ مِن أَجْلِ أنَّ في السَّنةِ ليلةً- وقيلَ: يومًا- ينزِلُ فيها وَباءٌ، و"الوَباءُ": مَرضٌ عامٌّ يُفضي إلى الموتِ غالِبًا، وهذا المرضُ لا يَمرُّ بإِناءٍ ليسَ عليه غِطاءٌ، أوْ سِقاءٍ ليسَ عليه وِكاءٌ، إلَّا نزَلَ فيهِما وأَصابَهُما هذا المرضُ. وفي هذا الحديثِ: أنَّ مَنِ امتَثَلَ لهذِه الأَوامِرِ سلِمَ من الضَّررِ بِحوْلِ اللهِ وقُوَّتِهِ. وفيه: مَشروعيَّةُ الأخذُ بالأسبابِ مع التوكُّلِ الكاملِ على اللهِ تعالى..

    صحيح مسلم
    0 Comments 0 Shares 40 Views 0 Reviews
  • لا يأكُلنَّ أحدٌ مِنكُم بشمالِهِ ولا يَشربنَّ بِها فإنَّ الشَّيطانَ يأكُلُ بشِمالِهِ ويشرَبُ بِها قالَ : وَكانَ نافعٌ يزيدُ فيها : ولا يأخذُ بِها ولا يُعطي بِها وفي روايةِ أبي الطَّاهرِ لا يأكُلنَّ أحدُكُم

    شرح الحديث

    يُعلِّمُنا الرَّسولُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم الكثيرَ والكثيرَ مِنَ الآدابِ، ومنها ما في هذا الحديثِ وهو أنْ يأكُلَ المسلمُ بِيمينِه، ويَشربَ بِيمينِه، ويأخذَ ويُعطيَ بِيَمينِه، إلَّا مِن مرَضٍ أو ما شابَهَ، لا أنْ يأكلَ ويشربَ ويأخُذَ ويُعطِيَ بِشمالِه؛ وذلك لأنَّ الشَّيطانَ يأكُلُ ويشرَبُ بها ويأخذُ ويُعطي بها.
    في الحديثِ: أنَّ مِن هدْيِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم الأكلَ والشُّربَ والأخْذَ والإعطاءَ بِيدِه اليُمنى.
    وفيه: النَّهيُ عَنِ التَّشُّبه بِالشَّيطانِ.
    وفيه: ثبوتُ أكْلِ الشَّيطانِ وشُربِه

    صحيح مسلم

    لا يأكُلنَّ أحدٌ مِنكُم بشمالِهِ ولا يَشربنَّ بِها فإنَّ الشَّيطانَ يأكُلُ بشِمالِهِ ويشرَبُ بِها قالَ : وَكانَ نافعٌ يزيدُ فيها : ولا يأخذُ بِها ولا يُعطي بِها وفي روايةِ أبي الطَّاهرِ لا يأكُلنَّ أحدُكُم

    شرح الحديث

    يُعلِّمُنا الرَّسولُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم الكثيرَ والكثيرَ مِنَ الآدابِ، ومنها ما في هذا الحديثِ وهو أنْ يأكُلَ المسلمُ بِيمينِه، ويَشربَ بِيمينِه، ويأخذَ ويُعطيَ بِيَمينِه، إلَّا مِن مرَضٍ أو ما شابَهَ، لا أنْ يأكلَ ويشربَ ويأخُذَ ويُعطِيَ بِشمالِه؛ وذلك لأنَّ الشَّيطانَ يأكُلُ ويشرَبُ بها ويأخذُ ويُعطي بها. في الحديثِ: أنَّ مِن هدْيِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم الأكلَ والشُّربَ والأخْذَ والإعطاءَ بِيدِه اليُمنى. وفيه: النَّهيُ عَنِ التَّشُّبه بِالشَّيطانِ. وفيه: ثبوتُ أكْلِ الشَّيطانِ وشُربِه

    صحيح مسلم
    0 Comments 0 Shares 37 Views 0 Reviews